توفى أمس الأول واحد من أهم أدباء القارة الأفريقية التى ننتمى إليها والتى لا نتذكرها إلا حين تقع مشكلة تتعلق بالمياه أو ما إلى ذلك، توفى الأديب النيجيرى تشنوا أتشيبى الذى قالت لى ذات مرة أديبة جنوب أفريقيا البيضاء نادين جورديمر الحائزة على جائزة نوبل إنه فى رأيها أهم أدباء القارة الأفريقية، حيث وصفته بأنه «زعيم قبيلة الأدباء الأفارقة جميعاً». ولقد قابلت «أتشيبى» منذ سنوات بعيدة فى لندن وقت كان يشرف على سلسلة «الكُتاب الأفريقيين» التى كانت تصدرها دار «بنجوين» البريطانية. كان رجلاً فى منتصف العمر متحمساً لكل ما هو أفريقى، وكان يعرف أدب نجيب محفوظ الذى لم يكن قد حاز نوبل بعد، وقد علمت منه يومها أن روايته الأولى Things Fall Apart أو «الأشياء تتداعى» التى أصدرها عام 1958 وهو فى عامه ال28 والتى وضعته على الفور فى مصاف كبار كتاب أفريقيا، كانت فى الحقيقة نصف رواية لأنه كتبها مع روايته الثانية No longer at eose «لم أعد مرتاحاً» كرواية واحدة، فقلت له إن ذلك هو حال «ثلاثية» نجيب محفوظ، فقد كتبها هى الأخرى كرواية واحدة ولكنها نشرت فى ثلاثة مجلدات باعتبار كل منها رواية قائمة بذاتها. وقد اتسم أدب «أتشيبى» بتجسيد الهوية الأفريقية. فأضاف للرواية العالمية بعداً خاصاً، ليس فقط من حيث المضمون وإنما أيضاً من حيث الشكل الفنى، حيث جاءت رواياته مختلفة عن مثيلاتها الأوروبية بإصرارها على استلهام الثقافة المحلية لنيجيريا والمعروفة باسم Igbo، كما نزعت رواياته إلى المنحى الوطنى بحكم انتمائه إلى جيل الخمسينيات والستينيات الماضية، وكان له تقدير خاص لمصر عبدالناصر ودورها فى أفريقيا، وقد خجلت وقت أن قابلته أن رواياته لم تكن قد ترجمت إلى العربية. وفى مجال المقارنة بين «أتشيبى» وابن بلده الآخر وولى سوينكا يقول بعض النقاد إن «أتشيبى» هو الروائى الأكبر، ف«سوينكا» شاعر يكتب الرواية أحياناً، أما «أتشيبى» فهو صاحب بصمة على الرواية العالمية لا ينكرها أحد. ولقد توفى «أتشيبى» عن عمر «82 عاماً» وقضى سنواته الأخيرة مقعداً بعد أن تعرض لحادث سيارة مروع عام 1990 تسبب فى إصابته بشلل كامل بنصفه السفلى، لكنى لم أقرأ خبر رحيل هذا العملاق الأفريقى فى أى من صحفنا أو أجهزة إعلامنا التى تتحدث ليل نهار عن ضرورة الاهتمام بأفريقيا التى نفقدها يوماً بعد يوم ونفقد معها بعض مصالحنا الحيوية. نقلا عن صحيفة المصري اليوم