أكد البابا تواضروس الثاني - بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية - على أهمية مؤتمر مجلس الكنائس المصرية الذي أنهى جلساته الإثنين الماضي بالتوقيع على إنشاء مجلس كنائس مصر، ووصفه بأنه خطوة من خطوات التقارب باعتبار أن هذه الكنائس مُشاركة في مجالس إقليمية وعالمية. وأكد البابا تواضروس على أن عمل المجلس يقوم أساسًا على خدمة الشعوب بمسئولية، ومُساندة أي عمل يكون مصدرًا لخير مصر، خاصة جهود التنمية في الوطن والجهود الاجتماعية، ومؤكدًا على أن العمل الكنسي روحي احتماعي وهو بعيدًا عن أي عمل سياسي. جاء هذا على هامش مُحاضرته الأسبوعية من الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية، والتي جاءت بعنوان "الاستقامة مع النفس"، والذي تحدث فيها عن تطرف بعض الاشخاص والمُبالغة في الأمور، إما تهويل الشئ أو إظهار الشئ ليس كطبيعته، أو إعطاء أوصاف غير دقيقة له، أو عدم الدقة في الحُكم، أو التطرف في الفكر، مُشيرًا إلى أن هذا لا يكون فقط في الحياة الاجتماعية وإنما أيضًا في الحياة الروحية. وأضاف البابا بأن تطرف الإنسان قد يكون في حُكمه الشديد والقسوة على الآخرين التي تصل لحد القسوة على نفسه ودون الاعتدال، وأحيانا تطرف الإنسان في إدانة الآخرين، مُتناسيًا الوصية التي تقول "لاتدينوا لكي لا تدانوا" وكأنما يصير الإنسان حكمًا على الآخرين، عندما يأخذ موقع الله وموقع الديان العادل. وأوضح البابا تواضروس بأن أول شئ يجعل الاستقامة غائبة هو تطرف الانسان، وكذلك الكبرياء الذي يعمل داخل الإنسان دون أن يشعر، وذلك عندما يرى الإنسان أنه عظيم وذا مكانة في نفسه دون الآخرين، ودون أن يعلم أن الكبرياء يطرح من حياته كل استقامة. وأشار البابا تواضروس إلى أن التحدي الآخر للاستقامة مع النفس هو تحدي الرياء، مؤكدًا على أن الشخص المُرائي داخله غير مستقيم وخارجه يتظاهر بالاستقامة، مُطالبًا الإنسان بضرورة أن يُفتش داخل قلبه كل حين لئلا يكون في داخله شئ من التطرف أو الكبرياء يجعله بعيدًا عن الاستقامة، وكذلك خطايا التملق والنفاق كذلك المديح الكاذب وما يُماثل ذلك، والتي تعتبر مصدرًا لإفساد الآخرين. مؤكدًا على أن الاستقامة تجعل مكانة جيدة للإنسان عند الله لأنها بمثابة الطريق إلى السماء من خلال التوبة وشعور الصدق مع النفس. ومن الأمور الهامة على طريق الاستقامة أكد البابا تواضروس على ضرورة الالتفات إلى الأشياء الصغيرة في حياة الإنسان، كالاهتمام بقيمة الوقت وحفظ نظرات العين من الأشياء الضارة، والاهتمام بنوع الأصحاب والأصدقاء. مُشيرًا إلى رأي الفلاسفة عندما يقولوا: "عندما تقول من هم أصحابك أقول لك من أنت"، وكذلك التدقيق في نوعية مُشاهدات التلفاذ ..إلخ، مؤكدًا على أن التمسك بالأشياء الصغيرة تجعل للإنسان استقامة في قلبه أمام الله وأمام الناس. وقال البابا تواضروس إن الأمر الثاني الذي يُساعد على الاستقامة هو رفض أية اغراءات، مُشيرًا إلى أن العالم اليوم قائم على الاغراءات بصوره المختلفة، وضرورة أن يكون الإنسان واضحًا وشفافًا، وذات وجه واحد ورأي واحد، والإصرار على قول الحقيقة.