يرصد تقريراقتصادي أعدته الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي بالتزامن مع انطلاق أعمال الدورة الثالثة للقمة العربية التنموية الاقتصادية الاجتماعية التى تعقد الاثنين في العاصمة السعودية الرياض أبرز المعوقات التي حالت دون زيادة المبادلات التجارية بين الدول العربية. ويشيرالتقريرإلى أن التجارة العربية البينية مازالت تعاني الضعف رغم إبرام الدول العربية اتفاقيات للتجارة الحرة وتيسير التبادل حيث إن التجارة البينية بين الدول العربية, وفق آخر احصائيات لم تتعد 10% في وقت توجد مبادلات تجارية متزايدة مع بقية دول العالم الاخرى في وقت توجد مبادلات تجارية متزايدة مع بقية دول العالم الاخرى. ويرى التقرير أنه على الرغم من المبادلات التجارة العربية البينية شهدت نموا كبيرا في ظل مشروع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى, إلا أنه هناك العديد من المعوقات التي تواجه التطبيق الفعلي للبرنامج التنفيذي لهذه المنطقة, ولعل وأهم دليل على ذلك تدني مستوى التجارة العربية البينية إلى حدود 10 %. ويلخص أهم هذه المعوقات التي تواجه تنمية المبادلات التجارية البينية في غياب الشفافية والمعلومات حول التعامل أو التبادل التجاري بين الدول الأعضاء, خاصة فيما يخص الإفصاح عن كافة الإجراءات الإدارية والسياسات الاقتصادية المختلفة التي تشكل عنصرا أساسيا في عملية تنفيذ المنطقة, هذا الغياب ينجم عنه انعكاس سلبي يؤثرعلى مجرى التطبيق الفعلي للمنطقة, بالاضافة إلى التمييز في المعاملة الضريبية حيث تختلف نسبة فرض الضريبة على السلع المستوردة عن النسبة المفروضة على المنتج المحلي مثل ضرائب المبيعات, ضريبة الاستهلاك, ضريبة الإنتاج أو ضريبة القيمة المضافة كما أن هناك حالات يتم فيها فرض رسوم مختلفة مثل الحال في حالة فرض رسوم مطابقة للمواصفات, مما يقلل من فرص المنافسة العادلة مع المنتج المحلي كما أن فرض رسوم الخدمات على شكل نسب مئوية من قيمة السلعة المستوردة ينتج عنه تأثير مماثل للرسوم الجمركية, وبالتالي يؤدي إلى معاملة تمييزية للمنتج المحلي. ويصف التقريرتلك المعوقات بأنها معوقات بيروقراطية وتعقيدات جمركية وضريبية تتبعها بعض الدول العربية, وهي تشكل عائقا أمام جذب الاستثمارات العربية والاجنبية للمنطقة العربية. كما شملت المعوقات التي توصل لها القيود غير الجمركية التي ما زالت تشكل صعوبات للمستثمرين والتجاروفي الواقع فبالرغم من تخفيض التعريفة الجمركية إلى الصفر لم تحقق زيادة في التدفقات التجارية نظرا لعدم التزام الدول بإزالة كافة القيود الإدارية والنقدية والكمية بجانب تحرير السلع العربية من الرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل. وبشكل أكثردقة يلخص التقريرأهم هذه القيود الكمية وغيرالجمركية خاصة بالاشتراطات في الدول العربية, أي تعددية المواصفات لنفس المنتج وتعدد وتضارب الاجتهادات الإدارية في تطبيقها, مثل وضع العلامات واللاصقات على المنتج ودلالة المنشأ, وأنواع العبوات وغيرها كما تقوم الدول العربية بتغيير في المواصفات والمقاييس دون إشعار مسبق, اضف إلى ذلك منع استيراد سلع معينة بحجة حماية السلعة الوطنية دون الحصول على استثناء. ويوضح التقريرأن هناك قيودا إدارية وهي قيود خاصة بموضوع إعادة التثمين الجمركي, وكثرة الوثائق الإضافية غير الضرورية التي تتطلب مع البضاعة, ومشاكل النقل بالعبوروإجراءات التخليص الجمركي وتكاليفها, وكذا الإجراءات المعقدة لفحص العينات والتخليص عند المعابر الحدودية, فضلا عن القيود النقدية والمالية حيث إن بعض الدول العربية ما زالت لديها قيود على إجراءات التحويل وتعدد أسعارالصرف مخصصات النقد الأجنبي وتشدد في إجراءات الائتمان (ما عدا دول مجلس التعاون لبنان والأردن التي تفرض قيودا نقدية). وأشارالتقريرإلى أنه بالإضافة إلى ذلك هناك المبالغة في رسوم تصديق القنصليات على شهادات المنشأ, حيث يتم تحصيلها في بعض الدول العربية حسب قيمة الفاتورة كما أن اعتماد أغلب اقتصاديات البلدان العربية على إيرادات الجمارك والضرائب لسد احتياجاتها المالية والتنموية, أكبر عوامل إعاقة التعاون الاقتصادي العربي. وبالعودة لأبرز المعوقات التي شكلت عاملا في ضعف حجم المبادلات التجارية العربية أشار التقرير إلى موضوع المغالاة في طلب الاستثناءات, حيث شملت الاستثناءات التي طلبتها الدول مختلف أنواع القيود الجمركية وغير الجمركية والرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل, وعدم تطبيق التخفيض التدريجي على الواردات السلعية من الدول العربية كما اتضح أن الدول التي تطلب الاستثناء تبالغ فيه,فأصدر المجلس في دورته بتاريخ مارس 2002 القرار رقم 233 بالحد من طلب الاستثناء وجعله في حدود لا تضر بالتطبيق, بحيث لا تتجاوز 15 % من متوسط الصادرات ولمدة 5 سنوات متاحة, كما لا يجوز تطبيق أكثر من استثناء واحد للسلعة الواحدة, أي أن السلعة التي تحصل على استثناء لا يجوز للدولة أن تطلب استثناءها مرة أخرى, وأن لا يقع ضرر نتيجة التحرير التدريجي على السلعة التي يطلب لها الاستثناء. وقال التقريريلاحظ من خلال التجربة التي مرت بها المنطقة أن الاستثناءات أدت إلى ما يسمى بالعدوى السلبية, حيث قامت بعض الدول, والتي كانت في الأصل قد حررت السلع المستوردة من الاستثناء, بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل. ولم يغفل مسألة فرض الحظرعلى استيراد بعض المنتجات الزراعية, فقد لجأت بعض الدول العربية إلى فرض الحظر على استيراد بعض المنتجات الزراعية من الدول الأعضاء, إذ أثبتت التجربة العملية صعوبة تطبيق التحريرالشامل لتجارة السلع الزراعية, ما دامت أن جميع الدول العربية يمثل الإنتاج الزراعي نسبة مهمة في اقتصادها, لم تلتزم بتطبيق نص تحرير السلع الزراعية والحيوانية سواء في شكلها الأولي أو بعد إحداث تغيير عليها. ويرى أيضا أن ضعف المقومات والبنيات الاساسية في الدول العربية شكلت عائقا ايضا لعل في مقدمتها وسائل النقل البري والبحري, الاتصالات. ويرى التقرير أن هذه الوسائل تكاد تكون منعدمة بين المشرق والمغرب مما يجعل التجارة بين جناحي الوطن العربي تكون منعدمة ومتدنية, وهذا ما يعتبر أيضا ارتكاز التبادل التجاري العربي على الدول المتقاربة جغرافيا. ومن بين المعوقات عدم تحديد قواعد المنشأ باعتبار أن التأخير الحاصل في الاتفاق على قواعد المنشأ رغم الانتهاء من صياغة الأحكام العامة لها, يترك انعكاسات سلبية على تطبيق المنطقة وبالأخص قضية الاستثناءات, الأمر الذي يتطلب الإسراع من الانتهاء من تحديد قواعد المنشأ التفصيلية تحديدا دقيقا للوقف والحد من التلاعب. كما يشيرالى مسألة اعتماد أغلب الدول العربية في عملياتها التجارية على الخارج, حيث ان الصناعة العربية ضعيفة بالمقارنة مع باقي دول العالم, فهي تحصل على المنتجات الصناعية من الدول المتقدمة, وكذا تشابه صادرات الدول العربية فهي مواد أولية كالنفط والحديد, وهي منتجات يتعذر زيادة صادراتها إلى الدول العربية الأخرى, وهو ما يفسر ربما ضعف نسبة التجارة البينية العربية وبالإضافة إلى ذلك ضعف الهياكل الاقتصادية العربية من جهة وتشابهها من جهة أخرى, مما أدى إلى تخوف من فتح الأسواق العربية على بعضها, واستمرار بقاء الدول العربية على هامش النظام التجاري الدولي بنسبة متواضعة جدا من حجم التجارة العالمية للسلع والخدمات. واعتبرايضا أن غياب قطاع الخدمات في المنطقة, رغم دعوة المجلس الاقتصادي والاجتماعي للدول العربية إلى مفاوضات لتحرير التجارة في قطاع الخدمات, إلا أن ذلك ظل مقصورا على خمس دول هي المغرب, تونس, مصر, الأردن وموريتانيا بقيمة إجمالية قدرت ب 6,69 مليار دولار. ويؤكد أن تجارة الخدمات لها أهمية بالغة في النشاط الاقتصادي والاستثماري ويؤدي تحريرها إلى زيادة التجارة في السلع والخدمات وزيادة النموالاقتصادي وفرص العمل. ويدعو إلى تبني قرار إنشاء منطقة التجارة الحرة الكبرى باعتباره بداية الطريق نحو التكامل الاقتصادي العربي وأما الوصول إلى نهايته بنجاح فهو مرهون باستمرارية القرار السياسي والاقتصادي للمضي في هذا الاتجاه, وبالقدرة العربية على التخطيط السليم لإرساء قواعد التقارب الاقتصادي العربي. ويقترح عددا من التوصيات والمقترحات لمعالجة وتذليل معوقات التجارة العربية البينية منها إنشاء إدارة متخصصة معنية بشؤون منطقة التجارة الحرة في كل دولة عربية وتذليل العقبات أمامها, بالاضافة إلى تطوير ورفع كفاءة ومستوى أداء الإدارة العامة في الدول العربية ( الإدارات الجمركية, إدارات الموانئ و إدارات المعابر الحدودية). وفقا للتقرير فإن إيجاد سلطة فعالة فوق قطرية في إطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي تؤمن الوفاء بالالتزامات من قبل الدول الأعضاء تنفيذا للاتفاقيات والقرارات المتخذة, وتعمل على إزالة كل القيود والعقبات غير الجمركية. ويدعو إلى توفير بيانات عن الأسواق وفرص التصدير والاستيراد والخدمات الملحقة من نقل وتخزين وترويج وتسويق, والإسراع بخطوات إقامة الاتحاد الجمركي بين الدول العربية, بحيث يكون هناك تعريفة موحدة لكل الدول المنظمة لمنطقة التجارة مع العالم الخارجي. ويوصي بأهمية أن تكون القيود غير الجمركية أكثر وضوحا وشفافية من أجل العمل على إزالتها وذلك من خلال تحقيق الانسجام في القوانين والتشريعات المطبقة في كل دولة عضو. بالإضافة إلى تحقيق ربط أفضل بين الأسواق المالية المحلية مع الأسواق المالية العالمية وتنسيق أفضل السياسات الاقتصادية بين الدول الأعضاء وضمان حرية حركة البضائع والأفراد ورؤوس الأموال مترافقا بالبيئة السلمية في المنطقة.