تحقيق - محمود مقلد - إبراهيم محمد: علي الرغم من مرور عامين كاملين علي منطقة التجارة الحرة العربية والتي تم تفعيلها في يناير 2005 وما صاحبها من تصريحات وآمال عريضة من قبل الخبراء والمستثمرين والمسئولين في الحكومات العربية إلا أن الأرقام والبيانات تؤكد أن الاتفاقية لم تحقق المأمول منها فمازال حجم التجارة العربية البينية لا يتعدي ال 10% ومازالت مشاكل المصدرين والمستوردين لم تنته ومازالت الدول العربية تستورد معظم احتياجاتها من الخارج حتي وصلت فاتورة الاستيراد الغذائية للوطن العربي إلي أكثرمن 25 مليار دولار وهو ما يثير مخاوف الكثيرين نظراً لاعتماد معظم دول المنطقة علي تلبية احتياجاتها من الخارج بعيداً عن المنطقة. "العالم اليوم" تفتح اليوم ملف أسباب فشل منطقة التجارة الحرة وعدم زيادة حجم التجارة البينية والأسباب التي أدت لذلك والحلول التي يمكن أن تطرح لمعالجة ذلك خاصة في ظل أهمية ذلك في المرحلة الحالية حيث لا تمثل التجارة الخارجية العربية سوي 3% فقط من حجم التجارة الدولية بالرغم من أكثر من 17 دولة عربية بدأت تطبق اتفاقية التجارة. يري الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية ان الواقع يؤكد أن منطقة التجارة الحرة العربية لم تحقق المأمول بالرغم من الزيادة الطفيفة التي حدثت في حجم التجارة البينية وذلك لعدة اسباب كشفت عنها دراسة قام بها المجلس بالتعاون مع المجلس الاقتصادي للجامعة العربية حيث وجدنا أن هناك دولاً ترفض دخول منتجات بعض الدول إلي أسواقها خوفاً من الإغراق كما أنها تفرض رسوماً وتطبق التقييم الجمركي والأسعار المرجعية علي الصادرات بحيث يتم ضبط قيمة تلك المواد في حدود سعر معين وفي أغلب الحالات تفتقد تلك الأسعار المرجعية إلي أدني مستويات الشفافية والواقعية وتعتبر هذه الممارسات من أخطر القيود الجمركية حيث تؤدي إلي الغاء الامتيازات التي جاءت بها منطقة التجارة الحرة. مشيراً إلي أن هناك سفارات أيضا تتقاضي رسوماً للتصديق علي شهادات ذات المنشأ ورسوماً أخري في شكل نسب معينة من قيمة الفواتير والوثائق المصاحبة وهو ما أثر بشكل كبير علي تدفق حجم التجارة البينية. كذلك كشفت الدراسة عن وجود عوائق أخري كثيرة حالت دون تحقيق ارتفاعات حقيقية في حجم التجارة العربية منها علي سبيل المثال لا الحصر عدم مراعاة بعض الدول للاحكام والقواعد الدولية فيما يتعلق بالأسس الفنية لاجراءات الوقاية ومواجهة حالات الدعم واجراءت معالجة خلل ميزان المدفوعات ويشير د.جويلي أيضا إلي ان قصور بعض الأنظمة المصرفية علي توفير الخدمات اللازمة لحاجات التبادل التجاري اضافة إلي عدد من القوانين التي تحكم بيئة العمل المصرفي في بعض البلدان والتي لا تراعي الديناميكية التي تحتاجها العمليات التجارية أثر بشكل ما علي عدم انسياب حجم التبادل التجاري ويزيد الدكتور جويلي في كشفه عن ضعف التجارة البينية إلي أن قصر الاستيراد علي شركات منتجة لنفس السلع يؤدي إلي عدم استيرادها لتلافي منافسة انتاجها، ايضا توجد دول مازالت تمنح رخصاً لبعض الشركات لتنفرد بتقديم الخدمات المساندة لعمليات استيراد والتصدير مما يتيح لهذه الشركات فرض رسوم عالية وغير عادلة للخدمات التي تقدمها مما أثر بشكل كبيرعلي رفع أسعار السلع المصدرة كذلك تسبب التشدد في الاشتراطات الصحية في بعض الدول العربية وربط منح ترخيص بتحويل مبلغ الاستيراد بتصدير مواد بمبالغ مماثلة وعدم السماح بحصص نقدية لاستيراد السلع وتعدد أسعار الصرف إلي استمرار تدني حجم التجارة العربية. من جانبه يري المستشار رشيد عليوة مدير إدارة الاتحادات العربية أن الأرقام والبيانات بعد مرور حوالي عامين علي تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية تؤكد أن معظم الأهداف لم تتحقق ومازال حجم التجارة البينية ضعيفاً وذلك لعدة أسباب منها ابقاء بعض الدول علي القوائم السلبية علي الرغم من صدور قرار من المجلس الاقتصادي بالغائها مثل المنسوجات والملابس وحديد التسليح بالاضافة إلي فرض بعض الدول العربية إجراءات للسيطرة علي الأسعار تتمثل في زيادة القيود الادارية علي الاستيراد وتفعيل القرارات ذات العلاقة بهذا المجال وكذلك ساعد انتشار نشاطات تجارة التهريب التي مازالت تشكل اغراء أكبر وتتمكن من تحقيق مزايا تنافسية أفضل بسبب غياب آلية شفافة لضرائب الدخل وغياب الآلية المتكاملة للعمل التجاري وغياب أي ربط تنموي لهذا العمل مع آليات التنمية المستدامة إلي انحسار حجم التجارة والتبادل النظامي. ويري رشيد أن غياب صناعات المنتجات العربية التي تعتمد الميزة التنافسية في بلدانها يجعل القوي التنافسية للمنتجات الأجنبية أقوي وأشد فعالية وأدي ذلك إلي جعل المنتجات العربية خيارا متأخرا في اهتمامات المستوردين أو المستهلكين العرب مما جعل من الساحة العربية مناخا ملائما لنشاطات التهريب والاغراق.