مع اقتراب سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الامريكي إلى أدنى مستوى في 10 أعوام عاد إلى السطح الحديث عن تعويم الجنيه بشكل كامل .. وتبقى الحاجة الى تفسير صمت البنك المركزي حيال حركة الجنيه ملحة فهل يتجه البنك فعليا إلى تحرير سعر الصرف أم أن ظروف الاقتصاد تجبره على رفع يده عن ضبط سعر الصرف وترك حركة العملة الوطنية أمام نظيرتها الخضراء لاليات العرض والطلب؟! ورغم اعلان البنك المركزي منذ سنوات عن تحرير سعر صرف الجنيه الا ان هذا التحرير لم يكن كاملا حيث ظل رأس الجهاز المصرفي يتدخل لحماية سعر الصرف عن طريق البيع والشراء في سوق الانتربنك وهو ما يلقى قبولا لدى الخبراء الذين يرون في التحرير الكامل لسعر الجنيه هبوطا كبيرا للعملة الوطنية وما يستتبع ذلك من ارتفاع الاسعار وزيادة التضخم. فمن ناحية، يرى خبراء ان ضعف الجنيه الذي تفسره اسباب كثيرة اجتمعت في هذه الاثناء الا انها قد تعود جزئيا الى اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى لاقتراض 4.8 مليار دولار. وهو ما جاء على لسان وائل عنبة رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لمجموعة الاوائل لادارة المحافظ المالية قائلا "اذا نظرنا الى هذا الصعود في سعر صرف الدولار بجانب قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بفرض ضرائب وتجميدها في يوم واحد نرى انه يبدو ان هناك اتفاقا اوتفاهما بين الحكومة وصندوق النقد الدولى لم يعلن عنه بعد". وساق عنبة عوامل عده تساهم في تراجع سعر الجنيه امام الدولار منها حلول نهاية العام المرتبط باغلاق المراكز المالية، فضلا عن اتجاه جانب من المستثمرين الى الاحتفاظ باموالهم في صورة دولار حيث يعد مخزنا للقيمة. واعفى احمد العطيفي مدير ادارة الاستثمار بشركة الجذور القابضة للاستثمارات المالية الجهاز المصرفي من تعمد الهبوط بسعر الجنيه مقابل الدولار معتبرا تعويم الجنيه امرا واقعا بالنسبة للبنك المركزي مرجعا ذلك الى قلة ما تحويه خزائن البنك من دولارات. وفسر مدير ادارة الاستثمار بشركة الجذور القابضة للاستثمارات المالية قوله بان الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزي تراجعت خلال نوفمبر 2012 بنحو بنسبة 2.8 % لتصل إلى 15.035 مليار دولار مقابل 15.483 مليار دولار قبل شهر منها نحو 3.3 مليار دولار ذهب وجزء منها عملات اخرى غير الدولار. ووافقه الرأي محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار مضيفا ان ضعف الجنيه امر مؤقت ينتهي بتحسن المشهد الاقتصادي المتأزم على خلفية الارتباك السياسي. وتوقع عادل ارتفاع موارد الدولة من العملات الأجنبية عن طريق المساعدات التى تدفقت إلى مصر مؤخرا من السعودية وقطر وأخرى من المتوقع أن تتدفق فى الفترة المقبلة من البلدين، بالإضافة إلى التباحث للاقتراض من صندوق النقد وبعض الجهات الأخرى من شأنه أن يوفر مزيدا من الغطاء النقدى الأجنبي وهو ما يصب في صالح سعر صرف الجنيه. وأضاف ان العملة المصرية تعاني ضغوطا كثيرة منها وجود خلل واضح فى الميزان التجاري المصري مع التزايد المتواصل لحجم الواردات مقابل تراجع ملحوظ فى الصادرات فضلا عن الالتزامات الخارجية للدولة مثل خدمة الدين وهو ما حاولت الدولة معالجتة من خلال طروحات اذون الخزانة باليورو و الدولار و جذب ودائع بالعملات الاجنبية من دول مثل السعودية و قطر وتركيا . ورغم ما يحمله تراجع الجنيه من سلبيات، قال عادل ان هبوط سعر الجنيه قد يكون له إيجابيات تتمثل فى خفض قيمة الدين الداخلي وزيادة تنافسية الصادرات. ووسط التوتر الاقتصادي وسط توقعات بالا تزيد نسبة النمو هذا العام عن 2 % قبل 3 % في 2013 اي نصف ما كانت عليه في السنوات التي سبقت ثورة 25 يناير، بحسب تقديرات صندوق النقد. وايا كانت الاسباب وراء أزمة سعر صرف الجنيه المصري يبقي السبيل الوحيد لحلها في التوافق السياسي الذي يمهد الطريق الى الاستقرار وبعث رسائل تطمينية للمستثمرين سواء كانوا مصريين او اجانب وهو ما يعيد عجلة الانتاج الى الدوران ومعدلات النمو الى الارتفاع.