عللت القوى السياسية والقانونية أسباب رفضها لمسودة الدستور الجديد؛ اتساع صلاحيات الرئيس، إزالة الدعم من التعليم والصحة، تقليص الحريات، والتفرقة بين المواطنين. وقد أبدى عدداً كبيراً من رافضى مسودة الدستور الجديد المطروحة للاستفتاء السبت المقبل اسباب انتقادهم لهذا الدستور وشرحوا من وجهة نظرهم بعض عيوب المواد وماتحتويه من سلبيات لايليق أن تكون موجودة فى دستور مصر مابعد الثورة. وجاءت أهم انتقادات السياسيين وخبراء القانون لهذا الدستور بسبب المواد المتعلقة بصلاحيات الرئيس المتعددة والتى قال حزب الجبهة الديمقراطية أنها وصلت عددها الى 29 صلاحية ، وانتقاص حقوق المواطن من التأمين الصحى والتعليم والمسكن وعدم وجود ضمانات حقيقية تكفل للمواطن هذه الحقوق. كما انتقد الساسيون مادة القضاء العسكري التي تنص على انه "يختص القضاء العسكري وحده دون غيره بكُل الجرائم المُتعلقة بالقوات المسلحة"، وهو ما يُمهد لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، بالاضافة الى مادة الإعتقال دون سبب وحق الشخص المعتقل دون ذنب أن يشكو بعد 12 ساعة أى يمكن اعتقال اى مواطن لمدة 11 ساعة مثلا دون سبب، وكذلك عدم النص على وجود نائب للرئيس ، وعدم النص على ضرورة حصول المرشح لرئاسة الجمهورية على مؤهل عالى وحق الرئيس فى اعلان حالة الطوارىء بالرغم ان ذلك كان أهم اسباب قيام ثورة 25 يناير. وقال الدكتور عبد الله المغازي أستاذ القانون الدستوري "أي مشروع دستور به حلو ووحش لكن لماذا نقبل الوحش أولا من حسناته أننا بدأنا الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية ولكن بنسبة 10% هم اهتموا بالحريات وليس الضمانات مثل حق السكن لكن ليس هناك ضمانه وآليات تنفيذها فتصبح الحقوق والحريات جمل إنشائية إذا لم تتضمن ضمانات وآليات لتنفيذها وتحقيقها". حق حل النقابات كذلك اعتدى على الحقوق والحريات النقابية لانه أعطى حق حل النقابة وقال: "أوافق على حل مجالس النقابات.. تم الغاء فرض الحراسة ولكن وضعوا بدلا منها مادة تسمح بحل النقابة وذلك في الاتحادات والنقابات العمالية فقط وليس النقابات المهنية وذلك بحكم قضائي المفروض ان يكون المسموح بحل مجالس الإدارات من جهته، قال الدكتور جابر نصار استاذ القانون الدستورى أن الهدف هو وضع الدستور الجديد الذى يسمح بتحويل هوية الدولة وتعليق الحريات ويولي علينا حاكمًا مستبدًا لا يحاسبه أحد، في مرمى الشعب. وشرح نصار بعض عيوب مشروع الدستور الجديد، ففي باب السُلطة القضائية قد تم تحصّين مجلس الشورى من الحل، وحصّن قرارات الرئيس التي تم اتخاذها قبل هذا الدستور، ونص الدستور على أن النائب العام يُعين بقرار من الرئيس، لمدة أربع سنوات، ولم يُحدد كيفية عزله. كما أن مشروع الدستور لم ينص على أن يكون المترشح لرئاسة الجمهورية حاصل على مؤهل عالي، ومثله من يتولى مناصب رئيس الوزراء أو الوزير، في حين أنه اشترط أن يكون عضو مجلس الشورى حاصل على مؤهل عال. وتقول المادة (134) "يشترط فيمن يترشح رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل جنسية دولة أخرى، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون متزوجا من غير مصرى، وألا يقل سنه، يوم فتح باب الترشح، عن أربعين سنة ميلادية. بدون نائب للرئيس وأضاف نصار "كذلك لم ينص على وجود نائب لرئيس الجمهورية، كما ان وزير الدفاع يجب أن يكون من ضباط القوات المُسلحة، وهو ما يخالف منصب الوزير، اما فيما يتعلق بالمُحافظين، فيتم تعيينهم في حين أن هُناك مُطالبات بانتخابهم، كما سمح المشروع بنقل عاصمة الدولة. أما النظام السياسي، والقائم على الديمقراطية والشورى، فيقول نصار: "الديمقراطية مُلزمة، والشورى غير مُلزمة، هذه مادة مُتناقضة تمامًا، ومجلس الشورى الذي كان من المفترض أن يكون مجلس استشاري فقط، جعل له اختصاص تشريعي". وانتقد الدكتور نصار مادة القضاء العسكري التي تنص على انه "يختص القضاء العسكري وحده دون غيره بكُل الجرائم المُتعلقة بالقوات المسلحة"، وهو ما يُمهد لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، على حد تعبيره، كما ان صلاحيات جديدة أضيفت لمنصب رئيس الجمهورية، مثل جعله رئيسًا لهيئة الشُرطة. وأضاف أن التعليم، جعله الدستور إلزاميا في المرحلة الابتدائية، وكان يفترض أن يمتد للمرحلة الثانوية، ويقول المشروع أنه لا يجوز للطفل أن يعمل قبل أن يتخطى مرحلة التعليم الإلزامي، وهو ما يسمح للأطفال أن يقوموا بأعمال لا تناسب أعمارهم. وأكد الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية أن هناك بعض المواد فى مسودة الدستور الجديد تطلق صلاحيات رئيس الجمهورية مثل الحق فى اعلان حالة الطوارئ بعد اخذ موافقة الحكومة . وقال أيضًا، إن هذا الدستور سُوِّق له على أساس تقليص صلاحيات الرئيس، وهو أكذوبة - على حد قوله، حيث إن سُلطات الرئيس كما هي لم تُنتقص عن دستور 1971 بل زادت، وذلك لأن الرئيس له سُلطات كثيرة، منها وضع السياسة العامة للدولة والإشراف عليها، وإعداد مشروعات القرارات والقوانين. وأوضح أن الدستور الجديد به 23 صلاحية ضمن صلاحيات الرئيس ثم تحدّث عن المادة 159 من الدستور، والتي تعني باختصاصات الحكومة، حيث اعترض على نص هذه المادة كُليًا، معتبراً أن هذه المادة أُضيفت إلى سُلطات رئيس الجمهورية وليست كمجرد مادة تعني باختصاصات الحكومة فقط. أحكام القضاة وانتقد أيضًا، المادة (76) التي تنص انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستوري أى أنه من حق اي قاض ان يطبق الحدود بدون الرجوع للقانون. واعتبر أن هذه المادة ستتسبب في اختلاف عمل كل قاضٍ في محكمته على حده، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لاجتهاد القضاة، حيث إن هذه المادة ستجعل القاضي يعمل بناءً على نص دستوري، ويحكم في القضايا دون اللجوء لنص قانوني واضح المعالم. المحاكمات العسكرية وانتقد المادة 198 تجيز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية في "الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة" وهي عبارة غير محددة سيعرفها قانون القضاء العسكري الوي يوضع باستشارة العسكريين طبعا، وقد تعني في الواقع العملي أن أي مشادة أو مشكلة بين مدني وعسكري ولو في مسألة مدنية (نشر - تجارة - أحوال خصية - إلخ) قد توهب للقضاء العسكري طالما ارتأى العسكريون أنها تضر مثلا بسمعة القوات المسلحة أو الحالة المعنوية لأفرادها كما كان يحدث وما زال يحدث في مصر. كما انتقد المادة 196 التي تتعلق بالخدمة العسكرية لا تمنع استغلال المجندين في أعمال لا تتعلق بالجندية وهو ما يسمح باستغلالهم من قبل الرتب الكبيرة.