«مرسى» خالف وعوده.. والدستور يؤسس الاستبداد موقف نادى القضاة صحيح 100 %.. والاستفتاء مطعون عليه بالتزوير بعض المواد لم يناقشها أعضاء «التأسيسية» وهبطت عليهم ليلة التصويت
أكد الفقيه الدستورى الدكتور جابر نصار، المستقيل من الجمعية التأسيسية أن مشروع الدستور الحالى يحوى ألغاما كثيرة، ويقيد الحقوق والحريات.. وفجر الفقيه الدستورى مفاجآت عديدة بتحليله عددا من هذه الألغام، وأكد فى حواره مع «الصباح» أن الدستور الجديد يؤسس لدولة استبداد جديدة؛ بمنحه سلطات مطلقة للرئيس بلا مساءلة، حتى عما يصدره من أوامر شفهية، وأن عددا من مواده لم تتم مناقشتها فى الجمعية، وإنما هبطت عليها ليلة التصويت، مؤكدا أن مواد الدستور تسمح للحكومة بحل النقابات، وتؤصل لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، وتسمح بإغلاق الصحف ومصادرتها، وتتيح للقاضى تطبيق الحدود دون نص قانونى، بل بالرجوع للدستور مباشرة، وأن الاستفتاء على الدستور لن يحل الأزمة، ولكن سيدخل بمصر إلى نفق مظلم، مشيرا إلى أن عدم الإشراف القضائى الكامل على الاستفتاء سيطعن فى شرعيته .. وإلى نص الحوار: ما تعليقك على إعلان الرئيس «مرسى» طرح الدستور للاستفتاء فى 15 ديسمبر الجارى رغم انسحابكم وعدد من أعضاء الجمعية التأسيسية واعتراضات القوى السياسية؟ - للأسف الرئيس مرسى لم يلتزم بوعوده وطرح الدستور للاستفتاء فى جو متوتر وحالة انقسام شديدة بسبب الإعلان الدستورى، ولم يلتزم بوعده فى إقامة حوار وطنى ديمقراطى حول الدستور قبل طرحه للاستفتاء، وخالف وعده أثناء خطابه لتسويق الإعلان الدستورى بأنه سينظر فى مشروع الدستور إذا وجد ما يحتاج لمراجعة وتعديل، بإعادته للجمعية، لكنه سارع لحظة تسلمه من الجمعية التأسيسية بإعلان موعد الاستفتاء، وهو ما يؤكد أننا لسنا إزاء عملية ديمقراطية حقيقية، وإنما أمام حالة من إجبار الشعب على التصويت ب«نعم» إذا أراد أن يتخلص من خطر الإعلان الدستورى، وهو ما يدفعنا إلى نفق مظلم، ولا يعطى شرعية سياسية للدستور. ما رأيك فيما أعلنه نادى القضاة بأنهم لن يشرفوا على هذا الاستفتاء؟ - القضاة طالبوا بإلغاء أو تجميد الإعلان الدستورى، لأنه لا يمكن إجراء استفتاء ديمقراطى فى ظل وجود هذا الإعلان، بالإضافة إلى أنه يعتدى على السلطة القضائية، وموقف نادى القضاة صحيح تماما، وإن كانت بعض الهيئات القضائية أعلنت أنها ستشارك فى الإشراف على الاستفتاء، إلا أنها لا تكفى وبدون ضمانات ووجود إشراف قضائى كامل سيكون استفتاء مزورا ومطعونا فى شرعيته، ولن يحل الأزمة، بل سيزيد تفاقمها. لكن من شاركوا فى وضع مسودة الدستور يؤكدون أنه دستور جيد، يؤسس لدولة ديمقراطية؟ - غير صحيح، فهذا الدستور به ألغام كثيرة، ولا يؤسس لدولة ديمقراطية، لكن لدولة استبداد جديدة، ولا يؤدى لتداول السلطة أو ديمقراطية السلطات، لأن به الكثير من النصوص التى تقيد الحريات وتعطى صلاحيات واسعة للرئيس، بل إن دستور 71 تفوق عليه فى بعض المواد، بالإضافة إلى أن هناك مواد فى مسودة الدستور تم التصويت عليها دون مناقشتها فى جلسات الجمعية، وكأنها هبطت إلى الجمعية بشكل مفاجئ ليلة التصويت، التى تم خلالها سلق مواد هذا الدستور، أسرع من سلق البيض، لأن كل مادة لم تستغرق مناقشتها والتصويت عليها فى هذه الليلة أكثر من 3 دقائق. ما هى هذه المواد أو الألغام التى تحذرون منها فى مسودة الدستور؟ - أهم هذه المواد، هى ما يتعلق بسلطات الرئيس وصلاحياته، وهذه هى أزمة كل الدساتير التى تؤسس لدولة الاستبداد، والتى تسببت فى استبداد الحكام فى مصر، ورغم الادعاء بأن مشروع الدستور الحالى يقلص سلطات الرئيس إلا أنه إذا نظرنا إلى مواده سنجدها أعطت صلاحيات واسعة للرئيس فاقت صلاحياته السابقة فى دستور 71، ووضعت بيده كل السلطات، والأخطر من ذلك أن هذه الصلاحيات لم تقابلها أى مسئولية للرئيس، ولا يوجد بالدستور ما يضمن مساءلة الرئيس عليها، ولا يوجد فى هذا الدستور أى سلطات للحكومة، وتحدد المواد بدءا من المادة 132 وحتى المادة 158 سلطات الرئيس، بينما اختصاصات الحكومة والتى لا تمارسها إلا بمشاركة الرئيس موجودة فى مادة واحدة هى المادة 159 التى تشير إلى أن الحكومة تمارس اختصاصاتها بالاشتراك مع رئيس الجمهورية، وهذه الاختصاصات هى وضع السياسة العامة وتوجيه أعمال الوزارات وإعداد مشروعات القوانين وإصدار القرارات الإدارية وإعداد مشروع الموازنة وخطة التنمية ومتابعة تنفيذ القوانين، أى إنه حتى تعيين صغار الموظفين أصبح جزءا من اختصاصات الرئيس، التى يشارك فيها الحكومة، لذلك فالحكومة فى مشروع الدستور الحالى مجرد سكرتارية للرئيس. ماذا عن المواد التى تتحدث عن سلطات الرئيس وحده؟ - المواد تحت بند رئيس الجمهورية من 132 إلى المادة 158 أى 20 مادة، تعطى لرئيس الجمهورية 23 اختصاصا مباشرا، منها تعيين رئيس الوزراء ووضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها وتفويض اختصاصاته لرئيس الوزراء والوزراء ودعوة الحكومة فى المسائل المهمة ورئاستها، والمادة 132 قالت إن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، أى أنه رئيس الحكومة، وهو ما ليس موجودا فى دستور 71، وهذه المواد تشير إلى أن الرئيس يلقى بيانات حول السياسة العامة، يلتزم بها البرلمان، وله سلطة إبرام المعاهدات، بما فيها ما يخص حقوق السيادة، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للشرطة، ومن حقه أيضا العفو عن العقوبة وإعلان حالة الطوارئ، ورئاسة مجلس الدفاع الوطنى ومجلس الأمن الوطنى، وله طلب تعديل الدستور وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين وعزلهم، وتعيين السفراء واقتراح القوانين وإصدار قرارات لها قوة القانون، ودعوة البرلمان للانعقاد، وفض دورته، كما أن هذه المواد تحصن بعض قرارات الرئيس. وما هى هذه المواد التى تحصن قرارات الرئيس؟ - ينص مشروع الدستور فى المادة 150 على أن رئيس الجمهورية يدعو المواطنين للاستفتاء فى المسائل المهمة التى تتصل بمصالح البلاد العليا، وأن نتيجة الاستفتاء ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، وهذا النص سيؤدى إلى أن توقف السلطة القضائية عن نظر مدى دستورية هذه الاستفتاءات، ويجعل قرار الرئيس فيها محصنا فوق القضاء، وهو ما لم يسمح به دستور 71، ويبدو أن وضع هذا النص جاء تفاديا لما كان يحدث أيام الرئيس السادات، الذى كان كثيرا ما يلجأ للاستفتاءات لتقييد الحريات، كما فعل عندما أصدر قانون حماية القيم من العيب، ولكن كان يتم الطعن فى دستورية هذه القوانين فى المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة، وتبرر الحكومة بأن القانون مستفتى عليه بالإرادة الشعبية فترد المحكمة بأن هذا استفتاء سياسى، وأن القانون لا سند له فى الدستور، وتقضى بعدم الدستورية، وهو ما حدث أيضاعندما عزل السادات، البابا شنودة وعددا من أساتذة الجامعات والصحفيين، وأجرى استفتاء على ذلك، وقضت «الدستورية العليا» بعدم الدستورية، وحكمت بعودتهم، وهو ما لم يعد متاحا مع مشروع الدستور الحالى، الذى أراد أن يحصن الرئيس وما يصدره من استفتاءات ولا يسمح بالطعن عليها أمام القضاء، أى أن ما لم يستطع السادات فعله كفله الدستور الحالى لمرسى وأى رئيس قادم. وماذا عن علاقة الرئيس بالبرلمان فى مشروع الدستور؟ - مشروع الدستور الحالى يعطى للرئيس حق حل البرلمان فى أكثر من موضع، ومنها حالة الاستفتاء على حل البرلمان، وإذا لم يتعاون البرلمان مع رئيس الوزراء، ولكن هناك ألغاما أخرى ستؤدى إلى أزمات وزارية وإرباك العلاقة بين الرئيس والبرلمان. وما هى هذه المواد؟ - على سبيل المثال، المادة 139 التى تتحدث عن اختيار رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء، فالعادة فى النظم الديمقراطية أن يكلف الرئيس الحزب الحائز على أغلبية البرلمان بتشكيل الحكومة، لكن هذه المادة تجعل من حق الرئيس، أن يكلف أى شخص دون النظر إلى الأغلبية، ولو فشل هذا الشخص يكلف الرئيس الحزب الحاصل على الأغلبية، وإذا كان البرلمان هو الذى يسأل الحكومة ويحاسبها فإن هذا النص سيؤدى فى حالة ما إذا كان الرئيس من غير حزب الأغلبية إلى أزمات كثيرة بين الحكومة والبرلمان وبين البرلمان والرئيس، كما أن هذا الدستور أعطى للرئيس حق طلب عزل رئيس الوزراء إذا لم يرض عنه، وبهذا يمكن ألا يعين الرئيس رئيس الوزراء من حزب الأغلبية ويكلف آخر من الأقلية أو يعينه من الأغلبية ويتآمر عليه لإفشاله، وهذا كله يتوقف على علاقة الرئيس بحزب الأغلبية، فالحكومة مسئولة سياسيا أمام البرلمان، والآن ولأول مرة يصبح الرئيس ورئيس الحكومة مسئولين سياسيا أمام البرلمان، وهذه المادة اعترض عليها 16 عضوا وقت التصويت، لكن قيل لهم «علشان نخلص بدلا من إعادتها مرة أخرى»، وأعيد التصويت، فاعترض 4 أعضاء فقط عليها. وهناك أمر آخر من عجائب مشروع الدستور الحالى الذى أشار إلى أن الرئيس ليس مسئولا عن الأوامر الشفهية وغير المكتوبة التى يصدرها للوزراء، فإذا أصدر الرئيس تعليمات لرئيس الوزراء أو الوزراء بالتليفون لا يسأل عنها، وإنما تسأل عنها الحكومة وأعتقد أن من وضع هذا النص وضع أمامه الحكم الصادر ضد حسنى مبارك بالغرامة لأنه أصدر تعليمات شفهية بقطع الاتصالات، فأراد أن يحمى الرئيس من هذه الأحكام وهو ما يعنى أن هذا الدستور يمنح الرئيس كل الصلاحيات دون مساءلة بينما يحرم الحكومة من أى اختصاصات بينما يحاسبها على كل الأخطاء. * ولكن البعض أشار إلى أن الدستور به من النصوص ما يسمح بمساءلة الرئيس؟ مساءلة الرئيس فى مشروع الدستور تتحدث عنها المادة «152» فيكون اتهام الرئيس بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس الشعب، وينظم القانون إجراءات المحاكمة والعقوبة أى أن الدستور أحال مساءلة الرئيس إلى القانون، ولأن الحكومة والرئيس هم الذين سيحاكمون بهذا القانون لم يتم إصدار هذا القانون منذ عام 1956 وحتى الآن ولن يصدر، وبالتالى لن يكون هناك أى إجراء قانونى أو دستورى لمحاسبة الرئيس، ولأن كل الدول المتقدمة أدركت هذه الإشكالية فقد تلافاها الدستور الفرنسى عام 1958 حيث نص على كيفية إنشاء محكمة عدل عليا لمحاكمة الرئيس والوزراء وحددوا فيه إجراءات المحاكمة وكيفية الاتهام وكان يجب أن ينص مشروع الدستور المصرى على هذه الإجراءات لأنه لو تركت للرئيس لن يصدرها ولذلك أصبح النص على مساءلة الرئيس فى مشروع الدستور نصًا ميتًا لا قيمة له. * وماذا عن الهيئات المستقلة فى مشروع الدستور؟ منح الدستور أيضًا للرئيس فى الباب الرابع حق تعيين رؤساء الأجهزة المستقلة وهو ما يعنى أنها لن تكون مستقلة، حتى وإن قال بموافقة مجلس الشورى فيمكن أن تكون أغلبية مجلس الشورى من حزب الرئيس، وكيف تكون هذه الأجهزة مستقلة وتستطيع مراقبة الرئيس وحكومته إذا كان الرئيس هو الذى يعينها ويعزلها. * وما رأيك فى المواد التى تتعلق بالمؤسسة العسكرية فى مشروع الدستور؟ وضع القوات المسلحة فى مشروع الدستور الحالى يفوق وضعها فى دستور 1971 ويفوق مئات المرات ما ورد فى المادتين «9» و«10» من وثيقة السلمى التى انتفض ضدها الكثيرون، وقالوا إنه يصنع وضعًا مميزًا للقوات المسلحة وهو ما يتطلب الاعتذار للسلمى عن كل الانتقادات التى وجهت له فما جاء فى مشروع الدستور الحالى خالف الأصول القانونية والدستورية المعمول بها فى كل دول العالم.. حيث حصن تشكيل مجلس الدفاع الوطنى الذى يغلب عليه العنصر العسكرى بنص دستورى وهو ما يعنى عدم إمكانية تغيير هذا التشكيل مستقبلا.. ونحن فى مرحلة نحاول فيها الاتجاه إلى الديمقراطية وتخرج فيها المؤسسة العسكرية من السلطة ونحاول تدريجيًا حل إشكالية العلاقة الاقتصادية بينها وبين الدولة، وكان يجب ترك اختصاص تشكيل المجلس للقانون وليس بنص دستورى، لأننا نحتاج وقتا لإعادة هيكلة العلاقة بين السلطة المنتخبة والقوات المسلحة.. وبهذا النص الدستورى أغلقنا الباب، كما أن هذا النص جعل من حق هذا المجلس مناقشة موازنة القوات المسلحة وليس إقرارها، فليس له سلطة الإقرار. * وهل يسمح مشروع الدستور بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى؟ للأسف.. فإن المادة «198» من مشروع الدستور والتى تتعلق بالقضاء العسكرى لم يتم مناقشتها فى جلسات الجمعية التأسيسية وهبطت إليها وقت التصويت، وتنص لأول مرة فى تاريخ مصر على إحالة المدنيين للقضاء العسكرى فأصبح إحالة المدنيين للقضاء العسكرى لأول مرة له سند دستورى، وقد كنا نطعن بعدم دستورية إحالة المدنيين للقضاء العسكرى لأنه كان محددا بالقانون وليس بالدستور فتحكم المحكمة بعدم الدستورية وهو ما لم يعد متاحًا بعد أن أصبح إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية مستندا إلى نص دستورى، وللأسف فإن عبارة القضاء العسكرى لم تكن موجودة فى دستور «23» ولا فى أى من دساتير العالم ولكن من أطلق على المحاكمات العسكرية لفظ «قضاء عسكرى» هو السادات حتى يتوسع فى إحالة المدنيين إليه ولا يمكن اعتباره «جهة قضائية مستقلة» لأنه يتبع وزير الدفاع وليس من حقه الاستقلال عنه، وكان لابد وأن يقتصر على الجرائم والمخالفات التى تتم داخل الثكنات العسكرية فقط، فهذه انتكاسة للحريات والحقوق ومشروع الدستور قد أصّل هذه المحاكمات. * وماذا عن وجود نص فى مشروع الدستور يتيح للقاضى تطبيق الحدود؟ بالفعل فإن نص المادة «76» من مشروع الدستور خالفت كل الدساتير السبعة السابقة فى مصر وكل دساتير العالم التى تتحدث عن شرعية العقوبات والتى تؤكد أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانونى، فمشروع الدستور الحالى غير هذا المبدأ وأضاف عبارة «بنص دستورى أو قانونى». وهو ما يبيح للقاضى أن يصدر أحكامًا استنادًا للدستور مباشرة وليس القانون وتحديدًا استنادًا للمواد التى تتحدث عن الشريعة وهنا يمكنه أن يطبق الحدود وهو ما يحوى خطورة كبيرة ويفتح المجال لاختلاف الأحكام القضائية من قاض لآخر ومن محكمة لأخرى دون نص قانونى وضمانات شرعية، وهذه الإضافة لم يتم تداولها فى أى من جلسات الجمعية. * وماذا عن الحقوق والحريات؟ مشروع «الدستور» الحالى تقلصت فيه الكثير من الحقوق والحريات التى كانت موجودة فى دستور «71» فهو يكبل حريات كثيرة على عكس ما يردده من وضعوه، وأهم هذه الحريات «حرية الصحافة» فالمادة «48» التى تم التصويت عليها بليل ولم يتم تداولها فى الجمعية بل جاءت من خارجها تقيد حرية الصحافة بعبارات فضفاضة يمكن من خلالها وأد هذه الحرية لاعتبارات الأمن القومى وتوجيه المجتمع والرأى العام وسلامته وهى عبارات ليس لها مفهوم محدد، كما أعطى مشروع الدستور للحكومة حق حظر ومصادرة وإغلاق الصحف بحكم قضائى على عكس دستور «71» الذى لم يكن يسمح بذلك لا قضائيا ولا إداريًا، وهذه النصوص أسوأ المواد التى نظمت الصحافة فى كل الدساتير وتقهقر وتراجع للحريات عما كانت عليه فى دستور «71»، فأصبح عودة هذه النصوص كما كانت فى دستور «71» أملا تجاهد من أجله «نقابة الصحفيين». فضلا عن أن هذا الدستور أعطى الحق للحكومة فى حل النقابات. * هل تقصد حل مجالس إدارة النقابات؟ لا بل حل النقابات نفسها، وهو ما لم يوجد فى أى دستور ويعتبر اختراعًا لمشروع الدستور الحالى يخالف كل دساتير مصر والعالم ليصبح من حق الحكومة حل نقابة الصحفيين أو المحامين وذلك بموجب المواد «51» و«52» و«53» وهو ما يقضى على الحرية والحركة النقابية، ويؤدى إلى هيمنة الحكومة على النقابات وهو ما عجز السادات عن فعله عندما أراد تحويل النقابات إلى نوادى لأن الدستور كان يحميها. أما مشروع الدستور الحالى فيسمح للرئيس والحكومة بحلها وللأسف لم يعترض النقباء الخمسة الذين حضروا اجتماعات التأسيسية على هذه المواد. * وماذا عن حق التظاهر؟ الدستور سمح بإنشاء الجمعيات والأحزاب والصحف بمجرد الإخطار هذا تطور أكله السبع بتقييد حرية التظاهر والتجمعات فى المادة «50» من الدستور، التى اشترطت وجود إخطار ينظمه القانون وعندما يتم وضع القانون سينص على موافقة الجهة الإدارية وهى وزارة الداخلية وهو ما يعنى أن يتحول الإخطار إلى ترخيص وهو ما يقيد حرية التظاهر، وهذا النص يخاطب المشرع ويحثه بشكل غير مباشر على تقييد الاجتماعات والتظاهرات بالقانون. * وكيف ترى ما حدث أمام المحكمة الدستورية العليا من حشد ومحاصرة لمنع نظر الدعوى المنظورة ببطلان التأسيسية؟ أؤكد أن ترويج شائعة نظر دعوى ببطلان التأسيسية فى الثانى من ديسمبر مجرد أكذوبة لتبرير إصدار الإعلان الدستورى الأخير الذى ادعى بعض من برروه أنه صدر تفاديا للحكم المتوقع بحل التأسيسية فى هذا اليوم، والمفاجأة أنه لم يكن هناك دعوى منظورة ببطلان التأسيسية فى هذا اليوم الذى حوصرت فيه المحكمة الدستورية، ولكن الذى كان معروضا دعويان أقامهما مواطنان ببطلان القانون 79 لسنة 2012 وكانت ستشطب لأنها من غير ذى صفة، ولكن هذه الشائعة كانت طعما ابتلعه الجميع، والاحتشاد الذى تم أمام المحكمة كان يهدف إلى عدم صدور الحكم حتى لا يعرف الجميع أن ما أثير حول حل التأسيسية مجرد أكذوبة لتبرير الإعلان الدستورى، وهذا عبث لم يحدث فى تاريخ المحاكم ولعب بالنار. * وكيف ترى الدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء عليه؟ المقاطعة لن تجدى ولابد من اتخاذ موقف إيجابى برفضه.