ما بين تغليظ العقوبات وإغلاق شركات الصرافة لتلاعبها في أسعار العملات، ومطالبة رئيس مجلس النواب بإلغائها .. يبقى السؤال هل تحل أزمة الدولار بهذه الاجراءات وهل شركات الصرافة وحدها المسئولة عن هذه الأزمة؟ شركات الصرافة في عام 1991 كان الظهور الأول لشركات الصرافة في تاريخ مصر حيث أسست أول شركة صرافة وهي الشركة المصرية للصرافة والأعمال المالية ولها العديد من الفروع يصل عددهم الى 15 فرعا ومسجلة في سجل شركات الصرافه بالبنك المركزي المصري تحت رقم (1)، وسمح لها بتداول العملة الأجنبية بجانب الجهاز المصرفي من حيث البيع والشراء. ويسمح البنك رسميا لشركات الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي، الا ان السوق السوداء في العملة تنشط مع شح الدولار من إيرادات السياحة وتحويلات المصريين في الخارج والاستثمارات الأجنبية المباشرة. لكن شركات الصرافة سرعان ما تجاوزت هذا النطاق، وقفز سعر الدولار سريعا في السوق السوداء ليصل إلى تسعة جنيهات، وتحرك البنك المركزي لشطب عدد من شركات الصرافة المخالفة وسحب تراخيص العمل نهائيا منها في فبراير شباط. خطوة استباقية لتحريك الجنيه ارتفع عدد الشركات التي تم إغلاقها منذ بداية عام 2016 إلى 47 شركة من مجموع 93 شركة مرخصة. وأوضح أحمد العطيفي خبير أسواق المال أن البنك المركزي يهدف لإغلاق أكبر عدد من الصرافات عن طريق تطبيق القانون والذي لم يكن ينفذ من قبل. وأضاف العطيفي ان البنك المركزي يهدف من قرارات ايقاف وشطب الصرافات المخالفة القضاء على الفجوة السعرية بين الدولار في البنوك والسوق الموازية، والتي جعلت هناك سعرين للعملة الامريكية الخضراء، من اجل الا ان يكون البنك هو المسئول الأول والاخير عن تغير العملات. واردف "هذه خطوة استباقية لتحريك سعر الصرف من اجل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي." ومع تفاقم أزمة العملة الأجنبية وزيادة الفجوة بين السعر الرسمي للدولار والسعر في السوق الموازية تقدمت الحكومة بتعديل في بعض أحكام قانون البنك المركزي واقره مجلس النواب. خلق سوق في الخفاء واكد احمد ادم الخبير المصرفي ان نشاط السوق الموازية بعيد كل البعد عن شركات الصرافة، مشيرا إلى ان طارق عامر منذ توليه منصبه كمحافظ للبنك المركزي اغلق العديد من شركات الصرافة الا ان الطلب لم ينخفض على الدولار وسعره استمر في الارتفاع. واردف " مع معه دولار لا يبيعه لشركات الصرافة ليتجنب الخسارة ولكنه يعرف جيدا الاشخاص الذين يتاجروا في الدولار وعملية المبادلة تتم بعيدا عن شركات الصرافة وكذلك يفعل المستوردون لتدبير العملة الصعبة، كما ان تحويلات المصريين بالخارج تقلصت نظرا لتوافر تبديل العملة في الخارج. ولفت الى ان الخطورة الان تكمن في ان تجارالعملة حاليا يشترون الدولار فقط ولا يبيعون اي يتجهون لتخزينه، ولفت إلى ان تجار العملة الان يختلفون عن تجار بداية التسعينات تماما، فهم اكثر وعيا وتعليما ولا ندري ماذا يدبرون. ويرى ايهاب سعيد مدير التحليل الفني بشركة تداول أوراق مالية ان تغليظ العقوبات على الإتجار في العملة رغم ما له من اثار ايجابية بتحجيم السوق الموازية، الا انه لا يخلو من اثار سلبية غايه في الأهميه، وتتمثل أهمها فى إرتفاع معدل مخاطرة الإتجار في العملة بما يعني ارتفاع أسعارها بالسوق الموازية وهو فى حقيقته انما يعنى مزيدا من الضغط على قيمة الجنيه، وهو ما حدث بالفعل فور الاعلان عن اقرار التعديلات ليرتفع الدولار الى قرابة 12.70 جنيه بالسوق وأضاف سعيد ان الغاء شركات الصرافة لا يعنى اكثر من تحويل التعامل فى النقد الأجنبي من عملية مشروعة تتم أمام أعين الجهات الرقابية إلى عملية غير مشروعة ستتم فى الخفاء، ولكنها ستستمر طالما استمرت أزمة الدوله فى تراجع مواردها من العملات الاجنبية، وهو ما فطنت اليه الحكومة والمركزي بالتوجه نحو صندوق النقد الدولى والعودة إلى سوق السندات العالمي بعد اجراء اصلاحات اقتصاديه طالما نادينا بها على مدار السنوات الماضية بما ينبىء بعودة الاستقرار فى سوق الصرف تباعا دون الحاجه لأى اجراءات امنية او تقييدية. من جانبه، أشار ايهاب سعيد إلى رفضه لتصريحات رئيس مجلس النواب بشأن شركات الصرافة، موضحا ان أزمة الدولار لا تنحصر فى شركات الصرافة، وإنما هى أزمة موارد بالأساس، فتراجع موارد مصر من النقد الأجنبى لأسباب معروفة تتعلق بوجود سعرين للعملة بما تسبب فى تراجع تحويلات العاملين بالخارج، وكذلك تراجع الاستثمارات المباشرة، وغير المباشرة وايضا تراجع دخل الدولة من قطاع السياحة نظرا للاحداث الامنية الاخيرة. كان الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب قال إن شركات الصرافة سرطان في جسم الاقتصاد المصري، ولابد من إلغائها. مضيفا: "أتمنى أن يتقدم أحد النواب بقانون لإلغاء هذه الشركات التي تدمر الاقتصاد".
قرار تنظيمي من جانبه، قال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والإستثمار ان تغليظ العقوبات على المتلاعبين بالدولار هو قرار تنظيمي ليس أكثر ولا يمكن ان نضخم من اثره. وأكد عادل ان القرار لا يعالج المشكلة وحده لان المشكلة اقتصادية، فمصر تعاني من عدم توافر سيولة من العملة الاجنبية وذلك بسبب الفجوة الضخمة بين الواردات والصادارات، مما أدى إلى اللجوء إلى السوق السوداء لسد الفجوة. وأوضح ان القرار يخاطب الفئة الجديدة التي دخلت سوق العملات بغرض المتاجرة والتلاعب، وهذا الاجراء ليس موجه لشركات الصرافة فقط وانما يخص كل من يتعمل بالعملة حتى الافراد. كان مجلس النواب وافق في جلسته العامة الثلاثاء الماضي على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003. وتضمن التعديل السجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه، أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر لكل من خالف أحكام المادة 111 من هذا القانون أو المادة 114 والقرارات الصادرة تطبيقًا لها. كما تضمن التعديل الحبس مدة لا تجاوز 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة ولا تزيد على أربعة أمثال ذلك المبلغ أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من خالف أحكام المادة 116 من هذا القانون، وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها فإن لم تضبط يحكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها. علاج نقص الدولار وعن طرق علاج نقص الدولار، أوضح نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والإستثمار، ان هناك عدة سبل منها زيادة موارد مصر من العملة الاجنبية أو تقليص الانفاق بالعملة الاجنبية، لافتا على انه كان يجب بالتوازي مع الموافقة على تعديل بعض أحكام قانون البنك المركزي ان يصدر تعديل لقانون الاستثمار، وترخيص الاراضي الصناعية واستصلاح الاراضي، بالاضافة الى قانون المشروعات المتوسطة والصغيرة، فضلا عن التشريع الضريبي الجديد المتعلق بضم الاقتصاد غير الرسمي، مؤكدا ان كل الاصلاحات التشريعية السابقة من من شانها تقليل الضغط على العملة الاجنبية.
كان احتياطي مصر من النقد الأجنبي تراجع بشكل كبير إلى 15.536 مليار دولار في نهاية يوليو مقابل 17.546 في نهاية يونيو. وارتفع العجز الكلي بميزان المدفوعات خلال الفترة من مارس / يوليو 2016/2015 ليصل الى 3.6 مليار دولار مقابل مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق، وذلك نظرا لتصاعد العجز في الحسابات المعاملات الجارية ليصل الى 14.5 مليار دولار مقابل 8.3 مليار دولار. يأتي ذلك فيما وافق صندوق النقد الدولي على اقراض مصر 12 مليار دولار ما يعادل 422% من حصة مصر لدى الصندوق على ثلاث سنوات مقابل برنامج اصلاح اقتصادي اعدته الحكومة المصرية. وتهدف الحكومة أن يسهم القرض بشكل كبير في سد عجز الموازنة العامة للدولة، ويساعد في السيطرة على ارتفاع الأسعار الذي شهدناه بشكل ملحوظ خلال الآونة الأخيرة