إنفوجراف| أسعار الذهب في مستهل تعاملات الجمعة 3 مايو    أسعار البيض اليوم الجمعة 3 مايو 2024    استقرار أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة.. عز ب 24155 جنيهًا    دايملر للشاحنات تحذر من صعوبة ظروف السوق في أوروبا    المرصد السوري: قصف إسرائيلي يستهدف مركزا لحزب الله اللبناني بريف دمشق    «القاهرة الإخبارية»: أمريكا تقمع طلاب الجامعات بدلا من تلبية مطالبهم بشأن فلسطين    مستوطنون يهاجمون بلدة جنوب نابلس والقوات الإسرائيلية تشن حملة مداهمات واعتقالات    حرب غزة.. صحيفة أمريكية: السنوار انتصر حتى لو لم يخرج منها حيا    وزير الدفاع الأمريكي: القوات الروسية لا تستطيع الوصول لقواتنا في النيجر    جدول مباريات اليوم.. حجازي ضد موسيماني.. ومواجهتان في الدوري المصري    الكومي: مذكرة لجنة الانضباط تحسم أزمة الشحات والشيبي    الهلال المنتشي يلتقي التعاون للاقتراب من حسم الدوري السعودي    تشاهدون اليوم.. زد يستضيف المقاولون العرب وخيتافي يواجه أتلتيك بيلباو    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 4 مايو 2024 | إنفوجراف    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    ضبط 300 كجم دقيق مجهولة المصدر في جنوب الأقصر    معرض أبو ظبي يناقش "إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية"    زي النهارده.. العالم يحتفل باليوم العالمي للصحافة    «شقو» يتراجع للمركز الثاني في قائمة الإيرادات.. بطولة عمرو يوسف    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    موضوع خطبة الجمعة اليوم وأسماء المساجد المقرر افتتاحها.. اعرف التفاصيل    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    «سباق الحمير.. عادة سنوية لشباب قرية بالفيوم احتفالا ب«مولد دندوت    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    إبراهيم سعيد يكشف كواليس الحديث مع أفشة بعد أزمته مع كولر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    بعد تغيبها 3 أيام.. العثور على أشلاء جثة عجوز بمدخل قرية في الفيوم    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مدحت نافع يؤكد ل"أخبار مصر" موافقة صندوق النقد على القرض لمصر هى بمثابة شهادة اعتماد دولية لبرامج الإصلاح الاقتصادى محلية الصنع
نشر في أخبار مصر يوم 02 - 08 - 2016

وجه اليوم الرئيس عبد الفتاح السيسي باتخاذ مجموعة من الإجراءات الموازية لتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية وحماية محدودي الدخل والفئات الأولى بالرعاية من خلال اتخاذ إجراءات تخفف من آثار جهود الإصلاح.
وشدد الرئيس على أهمية الاستمرار في توفير الأدوية والسلع الغذائية الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة مؤكداً ضرورة قيام أجهزة حماية المستهلك ببذل مزيد من الجهود ومضاعفة الرقابة على أسعار الأغذية والأدوية وضمان توافر السلع وجودتها.
وخلال اجتماع الرئيس السيسي بالمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء استعرض مجمل الموقف الاقتصادي وجهود الحكومة الجارية من أجل توفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين فضلاً عن جهود ضبط الأسعار.
موقع "أخبار مصر"www.egynewًs.net ً مع الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي حول كيف تواجه مصر الأزمات الاقتصادية منها أزمة الدولار وإرتفاع الأسعار فضلاً عن فرض صندوق النقض الدولي..
*** لماذا لجأت مصر للاقتراض من صندوق النقد الدولى؟
مصر دولة عضو ومسددة لالتزاماتها المالية تجاه عضويتها بالصندوق ومن حقها أن تطالب بحصولها على قروض ميسرة بفترات سماح وأسعار فائدة منخفضة نسبياً خاصة مع تراجع التصنيف الائتمانى للبلاد من قبل مؤسسات التصنيف العالمية والذى يرفع من تكلفة الاقتراض الخارجى والداخلى أيضاً. صندوق النقد الدولى يحظى بسمعة دولية مفادها أنه لا يمنح قرضاً إلا إذا تحققت فى الاقتصاد المستهدف بالقرض شروط محددة تعكس قدرة الدولة على السداد وعلى استدامة طاقات النمو بحيث يعمل اقتصاد تلك الدولة بشكل مستقل وبالدفع الذاتى فى أقرب وقت، هذه الرسالة ضرورية جداً أن تبلغ مسامع المستثمرين المحتملين خاصة خارج البلاد لأنهم يثقون بأن الموافقة على القرض هى بمثابة شهادة اعتماد دولية لبرامج الإصلاح الاقتصادى محلية الصنع.
*** هل هذا القرض هدفه المساعدة في سد الفجوة التمويلية التى يعاني منها الاقتصاد المصري؟
تعبير الفجوة التمويلية عادة ما يتصل بالموازنة العامة للدولة والتى تعانى من عجز مزمن ارتفع فى الحساب الختامى للموازنة العامة الأخيرة عن 12.5% ويطلق على الجزء غير المموّل من العجز فجوة تمويلية عادة ما تقوم الحكومة بسدها عبر إصدار سندات وأذون خزانة وطرحها للبنوك (المتعاملين الرئيسيين). لكن الضربات الأخيرة التى تلقاها الاقتصاد المصرى والتى أدت إلى تراجع إيرادات النقد الأجنبى وما صاحبه من ارتفاع كبير ومتزايد فى الأسعار حتى بلغ معدل التضخم "الرسمى" السنوى 14.8% فى يونيو الماضى خاصة مع تراجع الإنتاج المحلى وتوقّف العمل بكثير من المصانع..كل ذلك فضلاً عن التوسّع فى تمويل المشروعات القومية الطموحة أدى إلى نقص السيولة اللازمة لتحقيق أهداف النمو المستدام، ولأن الحلول التى تمتلكها الحكومة اصطدمت بجدار التباطؤ والبيروقراطية والأيادى المرتعشة أصبح من من الصعوبة بمكان إدارة تلك الأزمة بدون مصدر عاجل للتمويل وشهادة اعتماد دولية لاستعادة ثقة المستثمر الأجنبى وهو ما يمكن أن يمنحه قرض الصندوق.
*** هل الحصول على هذا القرض سيساعد في احتواء ازمة الدولار وضبط الاوضاع المالية والنقدية؟
ندرة الدولار هى عرض نقدى لأمراض فى الاقتصاد الحقيقى وأزمة ثقة حوّلت الدولار من عملة للتداول إلى وعاء لتخزين القيمة. الدولار يتحدد سعره وفقاً لقوى العرض والطلب والمعروض يتراجع لتراجع كافة مصادره من إيرادات سياحية انخفضت مؤخراً فضلاً عن زيادة عجز ميزان التجارة ليصل إلى 30 مليار دولار فى ذات الفترة مع ثبات عائدات قناة السويس.. الأزمة تقتضى تحرك سريع فى الأجلين القصير بنسبة 30% على الأقل إلى تحويلات عاملين فى الخارج انخفضت بنحو 4 مليارات دولار فى التسعة أشهر الأولى من العام المالى المنقضى بمقارنة بنفس الفترة من العام الماضى والمتوسط على صعيدى العرض والطلب فمن ناحية يجب توفير منتجات مصرفية جاذبة للدولار ووضع قيود كيفية على واردات بئر السلم ورقابة صارمة على التهريب وفى أجل أطول يجب أن توفر البنوك قروضاً ميسرة لخدمة مشروعات تتخصص فى التصدير والإحلال محل الواردات مع الحرص على تقاضى مبالغ التصالح فى قضايا المال العام المجازة بقانون صادر عام 2015 بالدولار الأمريكى كلما أمكن
لا أراهن كثيراً على قيمة القرض فى توفير احتياجاتنا من النقد الأجنبى وتحقيق استقرار سعر الصرف، لكن أراهن على البرامج المرتبطة به والثقة الدولية المعقودة عليه للخروج من الأزمة الراهنة.
الاقتراض من الخارج يدخل فى الجانب الدائن فى ميزان المدفوعات المصرى وتحديداً ميزان المعاملات الرأسمالية وبالتالى من شأنه أن يخفف من صافى العجز فى ميزان المدفوعات والذى بلغ نحو 3.6 مليار دولار فى تسعة أشهر لكن هذا الأمر يتم بغرض محاسبى نتيجة أن الأموال تدخل الدولة التى حصلت على القرض وتغفل محاسبياً فقط الالتزام الذى يرتبه هذا القرض والعبء الذى يفرضه على الأجيال القادمة. شخصياً أصبحت أفضّل قروض مؤسسات التمويل الدولية -سيئة السمعة تاريخياً- على المساعدات والمنح أحادية الجانب لأن مصارف قروض صندوق النقد والبنك الدوليين تتم وفقاً لبرامج اقتصادية تشتبك مع الأزمة فى شقها الواقعى وتشتبك مع مشكلات فى الاقتصاد الحقيقى وليس النقدى فقط صحيح قد نتفق أو نختلف مع تلك البرامج لكنها تظل أفضل من استخدام المساعدات فى الإنفاق على المأكل والمشرب وتحميل الأجيال القادمة بأعباء كبيرة تتنافى مع أهداف الاستدامة ومراعاة حقوق أجيال المستقبل. القروض هى حل طارئ للتعامل مع الأزمة وكذلك السندات لكن الحل يكمن فى زيادة وتحسين جودة الإنتاج السلعى والخدمى ولن يحدث ذلك دون تشغيل المصانع المتوقفة وتشجيع إقامة المزيد منها ودعم روّاد الأعمال الذين يخصصون الجانب الأكبر من إنتاجهم للتصدير وللإحلال محل الواردات وكذلك مشروعات التنمية السياحية التى تجتذب كلاً من رؤوس الأموال والسائحين من مختلف دول العالم.. الدين العام تجاوز 100% من الناتج المحلى الإجمالى والدين الخارجى وإن ظل هو النسبة الأقل فى إجمالى الديون لكنه ينمو بمعدلات مقلقة ومازال عرضة للمضاعفة فى فترة قصيرة نسبياً خاصة إذا بدأ دخول القرض الروسى لتمويل محطة الضبعة. هناك الكثير من بدائل التمويل التى تجعل المديونية على المشروع وليس الدولة ومن هذه البدائل سندات الإيراد وصكوك التمويل والتى يجب العمل على الاستفادة منها بسرعة وكذلك هناك 100 مليار دولار متاحة للاستثمار فى مجال الاقتصاد الأخضر غير الملوّث للبيئة نتجت عن مؤتمر المناخ الماضى لم نجتذب منها دولاراً واحداً رغم أننا نتبنى أهداف الاستدامة الدولية.
خطوة الاقتراض من الصندوق ومن أية مؤسسة تمويل دولية تظل حلاً أفضل من تلقّي قروض ومساعدات من دول صديقة يتم إنفاقها دون برامج ودون رقابة أو جدوى لأوجه الإنفاق. الشروط التي يفرضها الصندوق قد نختلف حول تفاصيلها لكنها تتصل بأزمات الجانب الحقيقي من الاقتصاد وليس العَرَض النقدي الملتبس على الكثيرين. الشروط غالباً ما تتصل بتخفيض الدعم (وأنا أقول يمكننا التفاوض على مزيد من الترشيد) كما تتصل بتعويم الجنيه (ويمكن الاكتفاء بتعويم جزئي كما حدث من قبل) وهنا شروط دائمة نراها عادة في مشاورات المادة الرابعة مع الصندوق وهى المتعلقة بتخفيض عجز الموازنة وتحسين مناخ الاستثمار وبيئة العمل من الناحية التشريعية والتنظيمية وإلغاء القيود على التجارة وحركة رؤوس الأموال فضلاً عن توجيهات مديرة الصندوق بعدم التوسع في المشروعات القومية. القرض هو جزء من حزمة من القروض يصل مجموعها إلى 21 مليار دولار في سنوات ثلاث وبغض النظر عن قيمته والشهادة الدولية التي يحصل عليها الاقتصاد المصري من خلاله وعلى الرغم من السمعة التاريخية السيئة لمشروطية الصندوق فهى أفضل من تدفق الأموال بغير ضوابط على إنفاقها بحلول مستدامة تجعل الاقتصاد قادراً في المدى المتوسط على تخفيض الاعتماد على القروض والمساعدات. نجاح العملية مشروط بموافقة اللجنة على ما يقدمه الجانب المصري من تعهدات والتزامات أعتقد أن القرار الأهم فيها لرئيس الجمهورية. نحن نتعامل مع أزمة لذا فالبدائل محدودة خاصة مع انعدام القدرة على الحلم والابتكار لدى كثير من أعضاء المجموعة الاقتصادية ومن ثم فالاعتماد على مراقبة الصندوق فنياً ربما تكون أكثر فائدة للاقتصاد الوطني وربما تساعد على الالتزام برؤية 2030 عوضاً عن تركها حبراً على ورق لكن يجب الالتفات إلى أن الدين العام تجاوز الناتج المحلى الإجمالي وأن الدين الخارجي وإن كان يمثل النسبة الأقل لكن معدلات نموه أصبحت مقلقة وتسكّل عبئاً على الأجيال القادمة
*** كيف ترى مسألة تبني مصر سياسة مصرفية أكثر مرونة؟
السياسة المصرفية فى حاجة ماسة إلى الخروج من دائرة الاستثمار الآمن فى أدوات الدين الحكومية والاضطلاع بدورها الحقيقى كوسيط بين الأطراف ذات الفوائض وتلك التى تحتاج إلى تمويل، لأن النمو الاحتوائى المحفّز بالاستثمار هو طريقنا الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة اما النمو الذى يحفّز بالاستهلاك بنسبة تزيد عن 95% فقيمته المجتمعية ضعيفة وقدرته على الاستدامة محدودة للغاية. أما إذا كنت تقصد بالمرونة تحرير سعر الصرف فلا توجد دولة فى العالم تطلق أسعار الصرف بغير ضوابط وأعتقد أن التعويم المدار هو أفضل البدائل المتاحة لمصر الآن، أما السياسة النقدية فهدفها ليس السيطرة على أسعار الصرف كما يتصوّر البعض وإنما استهداف التضخم من خلال التحكّم فى المستوى العام للأسعار ليبقى فى حدود آمنة.
*** ما رايك في اتجاه الدولة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة واستكمال خفض الدعم؟
الدولة تبنّت برنامجاً وطنياً بنكهة الصندوق واستطاعت أن تبنى على مشاورات المادة الرابعة مع اقتصاديي صندوق النقد الدولى عبر سنوات نموذجاً لبرنامج اقتصادى حظى بموافقة البرلمان وتضمّن غالبية الشروط التى يمكن أن يطلبها الصندوق لمنح أية قروض. إذن حالة التماهى بين البرنامجين الوطنى والدولى تدحض المزاعم المتعلقة بتعسف الصندوق فى مطالبه. ضريبة القيمة المضافة كانت واحدة من الإصلاحات الضريبية التى أوصت بها تلك المشاورات وهى فى الواقع لا تتطلّب أكثر من إدخال تعديل بسيط على قانون ضريبة المبيعات القائم الآن والهدف هو محاولة الحد من التهرّب الضريبى وتحقيق قدر من العدالة فى توزيع أعباء تمويل الموازنة لأن الإيرادات الضريبية تشكّل وحدها ما يقرب من 68% من إيرادات الحكومة وهى لا تفرض سوى على الملتزمين والذين يعملون فى النور. لكن تطبيق هذه الضريبة يتسبب فى زيادة الأسعار لأن تكلفة الإمساك بدفاتر وسجلات والاستعانة بخدمات محاسبية ستمتد لقطاعات وسيطة لم تكن جزءاً من النظام الضريبى فى السابق وهذه التكلفة ستحمّل على المستهلك النهائى لذا قامت الحكومة باستثناء السلع الضرورية والهامة من تطبيق الضريبة واستهدفت بذلك زيادة الحصيلة الضريبية بما يزيد عن 35 مليار جم. هنا يجب الالتفات إلى أن قضايا التهرّب الضريبى قد بلغ مجموع قيمتها فى المحاكم 60 مليار جم وأن هذا الرقم مرشح للزيادة لو أخذنا فى الاعتبار التهرّب الضريبى الذى لم تقم دعاوى قضائية بشأنه وهو الغالب. لذا فلابد من إصلاح منظومة الضرائب والتحصيل وإعداد وتأهيل وتمكين المحصّلين وحمايتهم، وكذلك يجب الالتفات إلى حيل التهرّب والتلاعب فى تطبيق ضريبة القيمة المضافة والتى تحمّل الدولة كثيراً من الخسائر ناهيك عن ضياع عائد الضريبة ومن تلك الحيل ما يعرف ب"الكاروسيل" (لعبة الأحصنة الدوّارة) والتى من خلالها يتم تداول السلعة داخل وخارج البلاد بغرض استرداد الضريبة المدفوعة عنها ثم إعادة بيعها معفاة من الضرائب وهذه يمكن الخوض فى تفاصيلها فى مجال آخر.
اما عن ترشيد الدعم فهو أيضاً هدف وطنى ومطلب هام لمؤسسات التمويل، لأن الدعم بصورته الحالية يلتهم أولاً ربع الموازنة العامة للدولة ويدخل فى جيوب كثير من غير المستحقين ويساهم فى إحداث تشوهات سعرية نظراً لأنه يضع أكثر من سعر للسلعة الواحدة فى السوق، لذا اتجهت الدولة مؤخراً نحو التوسّع فى الدعم النقدى دون التأثير على أسعار السلع وذلك من خلال برنامجى تكافل وكرامة وقامت بالاستفادة من تراجع أسعار النفط عالمياً لتخفيض الدعم على المحروقات وعلى الكهرباء بشكل تدريجى، لكن معدلات الفقر المتزايدة تفرض على الدولة مزيد من التحوّط لدى القيام بترشيد الدعم لأن حيل المتلاعبين وإهمال التنفيذيين يتسبب فى النهاية فى زيادة أعباء الحياة على المواطن الفقير والمعدم، كذلك يجب ألا تكون المحصّلة مزيد من الضغوط والسحق للطبقة المتوسطة الدنيا لأن هذه الطبقة هى التى تنهض بمستقبل أى بلد.
*** لماذا لم تستفد مصر بالشكل المطلوب من انهيار اسعار النفط عالميا خلال الفترة الماضية؟
تراجع أسعار النفط كان سبباً فى تباطؤ الاقتصاد العالمى خاصة مع انخفاض الطلب على السلع الغذائية والتى كانت تستخدم كوقود حيوى فى ظل ارتفاع سعر النفط. مصدر مصدّر للنفط الخام ويمثّل النسبة الأكبر من صادراتها وهى فى ذات الوقت صافى مستورد للنفط وذلك بعد تكريره واكتسابه قيمة مضافة ترفع من سعره، المحصلة النهائية لتلك الحسبة كانت تقتضى من صانع القرار أن يعمد إلى دراسة جدول المدخلات والمخرجات فى إطار المحاسبة القومية ودراسة أثر تغيّر أسعار النفط عالمياً على كل مدخلات ومخرجات الاقتصاد للوقوف على الأثر الصافى وأعتقد أن هذا لم يحدث وأن تلك المصفوفة لم لا تحدّث الكترونياً ولا يتم التعامل معها عبر نماذج قياسية كما كان الحال فى السابق. لكن الواقع المشاهد أن أثر تراجع أسعار النفط قد ساهم فى رفع الدعم جزئياً عن الوقود والاتجاه إلى تحرير أسعار الخامات الأعلى للبنزين، لكن أثر التباطؤ العالمى وتراجع التجارة العالمية كان سلبياً على كثير من العائدات ومنها عائدات قناة السويس على سبيل المثال.
*** هل المجموعة الاقتصادية غير قادرة على التعامل مع الأزمات المالية في مصر؟
أعتقد أن المجموعة الاقتصادية تفتقد التجانس فيما بين أعضائها وتفتقر إلى التنسيق ومهارات إدارة المخاطر وإدارة الأزمات ولذا رأينا التدخل الرئاسى المتكرر لأغراض التنسيق وتفعيل البرامج وبث رئائل طمأنة للأسواق، بل وشاهدنا الرئيس يتدخل لأول مرة فى تفاصيل ميكنة النظام الضريبى لمنع التهرّب والاجتماع مع وزير المالية ونائبيه لبحث تفاصيل مالية دقيقة.
*** هل زادت عملية المنح والقروض التى تقدم لمصر في ظل الازمة الدولارية؟
مصر من أكثر دول العالم تلقياً للمنح والمساعدات وإن كان تقدير حجم المنح قد انخفض كثيراً فى موازنة العام المالى الجديد مقارنة بالمحقق فعلياً عام 2013/2014 إذ تراجع من حوالى 96 مليار جم إلى 2.2 مليار جم فى موازنة 2016/2017. المشكلة فى المنح والمساعدات من وجهة نظرى أن تكلفتها السياسية غير معلومة أو على الأقل غير شفافة وكذلك أوجه إنفاقها غير مرتبطة ببرامج أو كفاءة فى إدارة الاقتصاد لذا يمتصها السوق فى أيام وتستهلك سريعاً فى المأكل والمشرب والدعم والرواتب، وكما سبق أن أوضحت فإن الحل المستدام لأزمة الدولار لا يمكن أن يكون عبر أى مصدر تمويل غير مستقر أو أية حلول إسعافية.
*** لماذا تعتمد مصر على الدولار دون اللجوء لعمل سلة عملات في ظل توجه السياسة الخارجية المصرية لعمل علاقات مختلفة؟
وهل يحقق ميزن التجارة المصرى فائضاً مع أى من الدول صاحبة العملات الرئيسة؟! نحن صافى مستورد من الصين (باعتبار أن اليوان سيدخل قريباً فى العملات المقبولة للتسويات العالمية) وصافى مستورد من الولايات المتحدة الأمريكية وصافى مستورد من بريطانيا وصافى مستورد من اليابان وصافى مستورد من الاتحاد الأوروبى..الأزمة ليست فى ندرة الدولار تحديداً لكن الاقتصاد الوطنى والعملة الوطنية يعانيان من خلل هيكلى مزمن يتفاقم تحت ضغوط عارضة.
*** ما هى الخطوات التى تتخذها الحكومة لمواجهة الارتفاع الجنونى للدولار؟ وهل تقتصر على إغلاق شركات الصرافة؟
وماذا بعد إغلاق شركات الصرافة؟! هل توفّر البنوك الدولار؟! وماذا لو تم إيقاف شهادات الإيداع الدولية التي كانت باباً خلفياً لحصول الأجانب على أموالهم بالدولار من بورصة لندن بخسارة تصل إلى 30٪ نتيجة البيع المحموم في الخارج ؟! كلما أٌغلِقَ باب للدولار أغلق باب للاستثمار وتراجعت إيرادات النقد الأجنبي أكثر وزادت حدة الأزمة..الأبواب الخلفية لشركات الصرافة تعمل بكثافة أكبر لدى غلق أبوابها الرسمية وعملها في الظاهر أو الباطن لا يخلق الأزمة لكنه محاولة للتربّح منها ..لنضرب مثلاً بقرية فقيرة ليس فيها مستشفى ولا طبيب فهل القبض على حَلَّاق الصحة يقضى على أمراض القرية؟! الحل في توفير النقد الأجنبي عبر قنواته الطبيعية ورسم خريطة كاملة للعقبات والمضايقات التي تمنع تدفق الدولار عبر تلك القنوات.. هل طريقة التعامل مع السائح في مطار القاهرة (ولا أوقول في الحواري والأزقة) جاذبة للسياحة المصدر الآمن للنقد الأجنبي؟! هل طريقة منح تراخيص الاستثمار تسمح بجذب استثمارات أجنبية مباشرة؟! هذه أمور يفترض أن يسهل التعامل معها سريعاً وتقع مسئوليتها في صميم نطاق عمل الدولة..بعد ذلك تأتي حلول إسعافية مثل تقاضي المبالغ المستردة في قضايا التصالح في نهب المال العام (بما انها صارت مقننة) بالدولار واليورو خاصة وأن المال العام كان يتم تهريبه بانتظام في حسابات بالنقد الأجنبي في الخارج..ثم تأتى الحلول متوسطة وطويلة الأجل في تحسين حالة المرور والأمن والإنتاج بغرض التصدير والإحلال محل الواردات مع الاستمرار في مكافحة هدر واستنزاف الموارد عبر الفساد والإهمال، فضلاً عما سلف ذكره فى معرض الإجابات السابقة.
*** ماذا عن ارتفاع الأسعار الذى واكب ارتفاع سعر الدولار؟
الأسعار ترتفع لأن الإنتاج لا يفى بحاجات الاستهلاك المحلى فنضطر إلى الاستيراد بكثافة بقيم بلغت 60 مليار دولار فى العام وتصل إلى 90 ملياراً لو أخذنا فى الاعتبار حيل تزييف الفواتير والتهريب، وطبعاً تسعير الواردات وبدائلها المحلية مرتبط بسعر الدولار. كذلك لا يحقق الإنتاج السلعى والخدمى فائضاً يسمح بالتصدير بكثافة للحصول على العملات الأجنبية وبالطبع تعوزنا الكثير من الإجراءات لتلقى مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحسين تدفق موارد النقد الأجنبي التقليدية المرتبطة بحجم التجارة (قناة السويس) والحالة الأمنية وحالة المرافق (السياحة) والثقة فى الجهاز المصرفى (تحويلات العاملين فى الخارج)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.