فلسطين.. الاحتلال ينسف مباني جديدة في المناطق الشمالية الشرقية لمدينة غزة    أب يقتل أطفاله الثلاثة ويطعن زوجته الثانية في جريمة مروّعة بالدقهلية    درة وعمرو عبد الجليل ومحمد لطفي أبرز الحاضرين في افتتاح مهرجان بورسعيد    عاجل بالصور زيارة تاريخية.. ملك إسبانيا، والملكة ليتيزيا، في رحاب معابد الأقصر    ياسر ريان: الزمالك قادر على الفوز بالدوري بشرط الاستمرارية.. وعمرو الجزار أفضل مدافع في مصر    دونجا: عبدالقادر مناسب للزمالك.. وإمام عاشور يمثل نصف قوة الأهلي    عاجل- «لو مزعل مراتك رجعها».. أسعار الدهب اليوم، الجمعة 19 سبتمبر 2025 في مصر    تحملان متفجرات، ميناء إيطالي يرفض دخول شاحنتين تحملان أسلحة إلى إسرائيل (فيديو)    دعاء الفجر|تعرف على دعاء النبي بعد صلاة الفجر وأهمية وفضل الدعاء في هذا التوقيت.. مواقيت الصلاة اليوم الجمعة    الصحفيين تكرم المتفوقين دراسيا من أبناء صحفيي فيتو (صور)    بمزج الكلاسيكي والحديث، عمرو دياب يتألق في حفل خاص على سفح الأهرامات (فيديو)    تغطية خاصة | مذبحة أطفال نبروه.. صرخات قطعت سكون الليل    طريقة عمل الناجتس في البيت، صحي وآمن في لانش بوكس المدرسة    فيدان: إسرائيل التهديد الأكبر على سوريا.. وأي عملية توسعية محتملة نتائجها الإقليمية ستكون كبيرة جدًا    رسميًا.. الاتحاد السكندري يعلن إنهاء تعاقد أحمد سامي وإيقاف مستحقات اللاعبين    أمينة عرفي تتأهل إلى نهائي بطولة مصر الدولية للإسكواش    مصطفى عسل يعلق على قرار الخطيب بعدم الترشح لانتخابات الأهلي المقبلة    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    هيئة المسح الأمريكية: زلزال بقوة 7.8 درجة يضرب "كامتشاتكا" الروسية    بيان عاجل من الترسانة بشأن حادثة الطعن أمام حمام السباحة بالنادي    هل يقضي نظام البكالوريا على الدروس الخصوصية؟.. خبير يُجيب    واشنطن تجهز مقبرة «حل الدولتين»| أمريكا تبيع الدم الفلسطيني في سوق السلاح!    نقيب الزراعيين: بورصة القطن رفعت الأسعار وشجعت الفلاحين على زيادة المساحات المزروعة    عاجل- صندوق الاستثمارات السعودي يضخ حزمة استثمارات كبرى في مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي بين القاهرة والرياض    موسم انفجار راشفورد؟ برشلونة يضرب نيوكاسل بهدفين    سادس فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة خلال عامين    ميلونى: تدشين نفق للسكك الحديدية تحت جبال الألب يربط بين إيطاليا والنمسا    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    بعد رباعية مالية كفر الزيات.. الترسانة يقيل عطية السيد ويعين مؤمن عبد الغفار مدربا    صور.. افتتاح الدورة التاسعة لملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة بالأوبرا    دينا الشربيني ل"معكم": تارا عماد نفذت مشاهد انتحارية في "درويش".. جريئة في الاكشن    بإطلالة جريئة.. أحدث ظهور ل ميرنا جميل داخل سيارتها والجمهور يعلق (صور)    بحضور الوزراء والسفراء ونجوم الفن.. السفارة المكسيكية بالقاهرة تحتفل بعيد الاستقلال الوطني "صور"    الأسورة النادرة ساحت وناحت.. مجدي الجلاد: فضيحة تهدد التراث وكلنا سندفع الثمن    مصر والإمارات توقعان 5 مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون بقطاع الطيران المدني    حي علي الصلاة..موعد صلاة الجمعة اليوم 19-9-2025 في المنيا    محافظ قنا يناقش آليات تقنين أراضي الدولة والتعامل مع المتقاعسين    خليكي ذكية ووفري.. حضري عيش الفينو للمدرسة في المنزل أحلى من المخبز    أوفر وخالٍ من المواد الحافظة.. طريقة تجميد الخضار المشكل في البيت    تعرف علي آخر تطورات سعر الذهب اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025 فى مصر    4 أبراج «حظهم حلو مع كسوف الشمس 2025».. يشهدون أحداثًا مهمة ويجنون الثمار مهنيًا وعاطفيًا    رضا عبدالعال منفعلًا: «منهم لله اللي غرقوا الإسماعيلي»    شروط النجاح والرسوب والدور الثاني في النظام الجديد للثانوية العامة 2026-2025 (توزيع درجات المواد)    4 ظواهر جوية .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «اتخذوا الاستعدادات اللازمة»    السجن المشدد 7 سنوات والعزل من الوظيفة لموظف بقنا    ضبط عاطل بحوزته كمية من المخدرات وسلاح ناري بكفر الشيخ    بمكونات متوفرة في البيت.. طريقة عمل الكيكة الهشة الطرية للانش بوكس المدرسة    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم كل ما تحتاج معرفته    الشوربجى: اهتمام كبير برفع مستوى العنصر البشرى .. ودورات تدريبية متخصصة في الذكاء الاصطناعي    صندوق التنمية الحضرية "500 ألف وحدة سكنية سيتم طرحها خلال المرحلة المقبلة"    "حافظوا على الحوائط".. رسالة مدير تعليم القاهرة للطلاب قبل العام الجديد    بالصور.. جامعة الفيوم تكرم المتفوقين من أبناء أعضاء هيئة التدريس والإداريين    زيارة مفاجئة لرئيس المؤسسة العلاجية إلى مستشفى مبرة مصر القديمة    التمثيل العمالي بجدة يبحث مطالب 250 عاملًا مصريًا بشركة مقاولات    الرئيس الكازاخي لوفد أزهري: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    الدفعة «1» إناث طب القوات المسلحة.. ميلاد الأمل وتعزيز القدرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر بوش الدولي غموض وآمال زائفة
نشر في أخبار مصر يوم 13 - 09 - 2007

في الوقت الذي بدأ فيه العرب يتعاملون بجدية مع مؤتمر السلام المرتقب في الخريف، وأصبحوا يعولون عليه بشكل كبير في إمكانية إحداث حراك سياسي على مسار القضية الفلسطينية المجمد منذ سنوات، وانعكس ذلك في اجتماعات وزراء الخارجية مؤخرا، خرجت التصريحات المتوالية من المسؤولين “الإسرائيليين” لتقلل من سقف التوقعات، حيث صرح إيهود أولمرت بأنه من المستبعد التوصل إلى اتفاق إطار مع الرئيس أبو مازن قبل المؤتمر، كما استبعد المفاوضات حول قضايا الوضع النهائي خاصة اللاجئين والحدود والقدس الشرقية، كذلك قللت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني من سقف التوقعات من المؤتمر، وقبل ذلك قلل المسؤولون الأمريكيون أيضا كما جاء على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض من أهمية المؤتمر أو ما يمكن أن يسفر عنه من نتائج جوهرية، وهو ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مغزى المؤتمر وجدواه، وما الذي يمكن أن يقدمه؟ وإذا كانت “إسرائيل” لن تقدم تنازلات حقيقية ولن تمارس الولايات المتحدة دورا فاعلاً في عملية السلام، فلماذا انعقاد المؤتمر أساسا، وما هي الأهداف التي ترمي إليها الإدارة الأمريكية من ورائه خاصة في هذا التوقيت؟ وما الذي يمكن أن يفعله العرب لاغتنام تلك الفرصة حتى لا تضيع كغيرها من الفرص على مدار السنوات الماضية؟
حتى الآن فإن الغموض هو الذي يسيطر، سواء في توقيت انعقاد المؤتمر أو الإعداد له أو في أجندته أو أطرافه المشاركة، فالمنهج الأمريكي يرتكز على الانتقائية، فموعد المؤتمر الحقيقي لم يتحدد بعد، كما أن واشنطن دعت إلى المؤتمر بعض الأطراف الإقليمية، خاصة الفلسطينيين و”الإسرائيليين” ودول عربية مثل مصر والسعودية والأردن وهي ما تطلق عليه محور المعتدلين، في المقابل استبعدت أطراف أخرى مهمة مثل سوريا ولبنان، وهي بذلك تستهدف إحداث فتنة وانقسام عربي بين ما يسمى معتدلين ومتشددين، ومن ناحية ثانية فإن المؤتمر سيركز فقط على المسار الفلسطيني “الإسرائيلي”، وهذا يعني أنه لن يتناول تحقيق السلام الشامل في المنطقة ومن ثم تظل هناك حالة من الخلل يصعب معها تحقيق سلام دائم وعادل يحقق الأمن والاستقرار، ومن ناحية ثالثة فإن تناول المسار الفلسطيني ذاته يعتمد على الانتقائية، أي التركيز على قضايا بناء المؤسسات الفلسطينية وإزالة المعاناة عن الشعب الفلسطيني وتنمية الاقتصاد المنهار في غزة والقطاع، واستبعاد قضايا الوضع النهائي مثل حدود الدولة الفلسطينية المستقلة ومشكلة اللاجئين والمياه والقدس الشرقية، ومن ناحية رابعة فإن دعوة الرئيس أبو مازن وحركة فتح لتمثيل الفلسطينيين في المؤتمر واستبعاد حركة حماس هو انتقائية أيضا لن تساهم في تحقيق اتفاق سلام دائم وشامل يقبله الفلسطينيون بكل طوائفهم السياسية. وإذا كانت مقدمات المؤتمر الظاهرة حتى الآن لن تؤدي إلى مخرجات مهمة، فلماذا دعت الولايات المتحدة إليه ولماذا أبدت “إسرائيل” مرونة وتجاوبا معه؟ الواقع أن الإدارة الأمريكية تعيش مأزقا واضحا في العراق أدى إلى تراجع شعبية الحزب الجمهوري وخسارته في انتخابات الكونجرس الأمريكي لصالح الديموقراطيين، لذلك يسعى بوش إلى رفع شعبيته ودعم حزبه في انتخابات الرئاسة في العام المقبل، كما يحاول امتصاص غضب الشعوب والدول العربية جراء ما يحدث في العراق من خلال إحداث حلحلة تكتيكية على مسار القضية الفلسطينية، ويحاول كسب الدعم العربي لأية ضربة عسكرية محتملة ضد إيران أو على الأقل عدم معارضتها، أما الحكومة “الإسرائيلية” فتحاول توظيف المؤتمر لتحقيق أهداف عديدة، أولها رفع شعبية إيهود أولمرت المتدنية وثانيا عزل حماس وحصارها واستبعادها من أي ترتيبات سياسية، خاصة بعد سيطرتها على قطاع غزة، وتحاول دعم أبو مازن، بعد أن كان ضعيفا في وجهة نظرها، من خلال تقديم تسهيلات تكتيكية مثل رفع الحصار عن الضفة الغربية وإزالة بعض حواجز التفتيش والإفراج عن بعض أرصدة السلطة المجمدة والإفراج عن بعض الأسرى.
وفي هذا الإطار جاءت لقاءات أبو مازن أولمرت الأربعة كمحاولة من جانب “إسرائيل” لتطويق حماس، لكن دون تقديم تنازلات جوهرية تتعلق بقضايا الوضع النهائي، خاصة أن أولمرت لن يستطيع إبرام اتفاق سلام شامل مع الفلسطينيين، في حالة التوصل إليه، نظرا لشعبيته المتدنية، خاصة مع تهديدات ليبرمان رئيس حزب ““إسرائيل” بيتنا” المتطرف، بالانسحاب من الحكومة إذا توصل أولمرت إلى تفاهمات مع أبو مازن حول قضايا الوضع النهائي.
أما أبو مازن فيتبع المنهج الواقعي وشعار “شيء أحسن من لا شيء”، ففي ظل حالة الخلل في موازين القوى فإن مفاتيح الصراع ليست في يده، بل في أيدي “الإسرائيليين” والأمريكيين، ويعتبر أن المؤتمر ربما يكون فرصة مهمة لإعادة إلقاء الضوء على القضية الفلسطينية التي توارت تحت وطأة أحداث وأزمات المنطقة الأخرى، وكذلك إلقاء الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني المأساوية، وهو فرصة لعزل حماس التي قادت انقلابا على السلطة في غزة. أما الدول العربية، التي ترى في المؤتمر فرصة مهمة لإحياء عمليات السلام فقد انقسمت على ذاتها نتيجة لاستبعاد سوريا من المؤتمر، وفي الوقت الذي دعت مصر والجامعة العربية إلى ضرورة دعوة سوريا ولبنان وأن يتناول المؤتمر جميع مسارات السلام، وأن تكون المبادرة العربية للسلام وقرارات مجلس الأمن والاتفاقات السابقة هي المرجعية للمؤتمر وأن يتم البناء على ما سبق، فإن “إسرائيل” ومعها الولايات المتحدة تريد التوصل إلى إطار جديد يتجسد في إعلان المبادئ، وهو ما يعني العودة إلى نقطة الصفر.
ولاشك في أن نجاح المؤتمر يتطلب أولا توحيد الموقف الفلسطيني والتوصل إلى رؤية مشتركة بين فتح وحماس تتفق على ثوابت القضية الفلسطينية، وثانيا بلورة موقف عربي موحد يؤكد مرجعية المبادرة العربية للسلام كأساس للمفاوضات والضغط لتحقيق تقدم ملموس يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لكن المشكلة الرئيسية هي أنه لا الفلسطينيين ولا الدول العربية بيدها مفاتيح الحل، حيث تظل حتى الآن في موقع المتلقي للمبادرات وفي نطاق المطالبات والتأكيد على الثوابت الفلسطينية، دون امتلاك زمام المبادرة أو أوراق الضغط لإنجاز السلام، أما الولايات المتحدة فهي الطرف الوحيد القادر على الضغط على الحكومة “الإسرائيلية” لتقديم تنازلات جوهرية، وتشير خبرة الماضي إلى أنه لم تظهر في الأفق وجود رغبة حقيقية من جانب “إسرائيل” ومعها الولايات المتحدة لتحقيق سلام عادل وشامل يرتكز على تنفيذ القرارات الدولية والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والدائمة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين، بينما الواقع يشير إلى سياسة إضاعة الوقت من جانب “إسرائيل” في المزيد من المبادرات والمؤتمرات والاتفاقات لفرض الأمر الواقع في النهاية وهو ما لن يخرج عنه مؤتمر أو اجتماع السلام في الخريف المقبل الذي يلفه الغموض حتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.