قال وزير الخارجية سامح شكري، إن استقرار مصر واستمرار مسيرتها وإدراك أهمية الحفاظ على أمنها القومي، هو ما سيؤدي إلى تراجع ظاهرة الإرهاب وانحسارها. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية أمام منتدى الحوار الوطني للشباب، الذي أقيم اليوم الثلاثاء بحضور وزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبد العزيز بمركز شباب الجزيرة. وهنأ الوزير الحضور بمناسبة شهر رمضان، معربا عن سعادته للقاء مجموعة كبيرة من شباب مصر; قائلا "إن الشباب هو امتداد وتواصل الوطن العظيم.. لدينا فرصة تاريخية، ما حدث في ثورتي 25 يناير و30 يونيو وما حققته والإرادة الشعبية التي استطاعت أن تكون المحرك الرئيسي للبلاد تجعلنا نتفاءل". وقال الوزير للشباب "إننا نضع فيكم الآمال، مشيرا إلى أن مسئوليته كوزير للخارجية هي متصلة بعلاقات مصر بالمحيط الدولي والعمل على تعزيز والمساهمة في جهود الدولة ورعاية مصلحة المواطن المصري.. بالتأكيد أن أي قيادة سياسية وحكومة لابد أن تكون مهمتها الرئيسية هي تحقيق هدف الفرد المصري، وهذا ما تتميز به مسيرتنا الحالية.. وهو مدى إحساس المواطن أن حكومته وقيادته السياسية تتخذ قرارات من أجل رفعة شأن المواطن والمزيد من التنمية والازدهار". وأشار شكري إلى أن الفترة الأخيرة شهدت الكثير من التطورات في ظل ما جرى خلال اليومين الماضيين في الولاياتالمتحدةوفرنسا وتشعب الإرهاب والضغوط في ليبيا وسوريا كل ذلك يؤكد مرة أخرى أن مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي كان لها رؤية واضحة تتصل بخطورة هذه الظاهرة.. وأن التعامل الأمني فقط لن يؤدي إلى دحرها، بالإضافة إلى ضرورة النظر نظرة شاملة للظاهرة وفي مقدمتهم الفكر المتطرف الذي يؤدي إلى الفكر المتطرف. وأوضح شكري أن الأمر ليس مرتبط بتسمية التنظيمات ك`(داعش)، و(النصرة)، و(الإخوان)، "فكلها تنظيمات متشابهة الفكر، واعتمدت في الأصل على فكر جماعة الإخوان، وتم تطويره، والآن لابد أن يكون هناك تضافر في المجتمع الدولي لفهم هذه الظاهرة".. مذكرا بأن بعض الدول استغلت للأسف هذه الظاهرة لتحقيق مصالح سياسية. ولفت إلى ما تشهده الآن الأوضاع في سوريا وليبيا وتأثير الإرهاب والآثار على المحيط المباشر لهما. وفى سياق آخر، أشار وزير الخارجية إلى الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع الشركاء لتستطيع مصر أن تنطلق اقتصاديا لتحقيق آمال المواطنين في حياة كريمة وتوافر للخدمات، وهذا دور مهم. ولفت إلى العلاقات مع الولاياتالمتحدة وأوروبا والصين ودول أسيوية أخرى صعدت مثل اليابان وكوريا الجنوبية، فالتنوع في تواصل مصر وتدعيم علاقاتها مع كافة الأطراف هو أمر حيوي لتحقيق الطفرة الاقتصادية التي تسعى القيادة السياسية لتحقيقها. كما استعرض الوزير جهود مصر من أجل استعادة العلاقات العربية، وأن تظل مصر بثقلها هي مكون رئيسي حيوي في الحفاظ على منظومة الأمن القومي العربي، مشيرا إلى ما قامت به السياسة الخارجية لتعزيز العلاقات مع الأشقاء الأفارقة. وقال إن القارة الإفريقية هي قارة المستقبل لما تذخر به من ثروات، علاوة على التكامل القائم بين مصر ودول القارة. وأضاف وزير الخارجية أن "لنا علاقات كثيرة من بينها حوض النيل والروابط التي تجمعنا والتحديات في الحفاظ على الشريان الرئيسي وهي المياه، وهناك تحديات إفريقية في مواجهة الإرهاب والصراعات الداخلية.. ومصر تشارك في قوات حفظ السلام وتسعى بكافة الجهود أيضا في إطار عضويتها في مجلس السلم والأمن والاتحاد الأفريقي". وعن الأزمة السورية، قال وزير الخارجية سامح شكري إن ما شهده الشعب السوري من قتل وتشريد وتدمير يجعلنا نبذل جهدا لمساعدته لاستعادة الاستقرار، واستعرض جهود مصر في التواصل مع الأطراف السورية، مذكرا بمشاركة مصر في مجموعة دعم سوريا ودعم جهود الأممالمتحدة واستمرار المساندة لوقف العدائيات والعمل على إدخال مساعدات إنسانية والدعوة المشتركة من قبل مصر وروسيا لوقف إطلاق النار في سوريا خلال شهر رمضان. وأشار إلى أن مصر لم تدخر جهدا لوضع نهاية للأزمة، مضيفا أن "مصر دورها بارز ومستمر من منطلق عدم موجود مصلحة لمصر، وليس لدينا أطماع إقليمية ونعمل لإعادة استقرار سوريا ووحدة أراضيها". وفيما يخص ليبيا، أكد وزير الخارجية أهمية الحل السياسي للأزمة هناك، وقال: "من هنا يأتي دعمنا لمجلس النواب وحكومة الوفاق والمجلس الرئاسي في إطار عام يضم كافة المؤسسات الليبية". وأوضح أن مصر تدعم توفير الموارد للجيش الوطني الليبي لمقاومة الإرهاب، مشيرا إلى أهمية التحركات حالية لمواجهة عناصر (داعش) في سرت، مؤكدا أهمية وصول الليبيين إلى تفاهم وتشكيل جيش وطني يحمي كافة مصالح الشعب الليبي. وفيما يخص العلاقات مع الدول الأوروبية وروسيا، أكد وزير الخارجية أن مصر تنظر للدول الأوروبية نظرة شراكة، مشيرا إلى العلاقات المتميزة التي تربط مصر بأوروبا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، وما تحقق من تقدم اقتصادي في أوروبا يعزز هذه الشراكة، و"هناك الكثير من القضايا التي تجعلنا ننسق سياسيا لحلها، سواء فيما يتعلق بالإرهاب أو حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وقضايا المناخ ونزع السلاح وكل هذا له أهمية بأن يكون لدينا تواصل مع دول الاتحاد الاوروبي". ووصف شكري، العلاقات بين مصر وروسيا بأنها علاقات ممتدة وطويلة وتاريخية، مشيرا إلى "وجود أرضية تجعلنا نتسعيد زخم العلاقات التاريخية مع روسيا والاستفادة من الخبرات الروسية وخاصة في مشروع الضبعة". وأبدى الوزير ألمه، في سياق حديثه عن حادث الطائرة الروسية الذي أدى إلى تراجع السياحة الروسية، مشيرا إلى أن "ملابسات الحادث والتأثير على الرأي العام الروسي كلها أمور نعمل على احتوائها وهناك تعاون بين الحكومتين لتدارك آثار الحادث". وشدد على أن مصر تبذل كل الجهد لتأمين الطيران المدني، قائلا "إنه لا توجد أي دولة في العالم تستطيع أن تضمن الأمن بنسبة مائة في المائة في ظل وجود الإرهاب الدولي، ولكن مصر تبذل مائة بالمائة من جهدها لمقاومة ذلك، ونرى ما تعرضت له فرنسا وبلجيكا والولاياتالمتحدة بالرغم من إمكانياتها". وردا على استفسارات الشباب بشأن إمكانية تخلي الولاياتالمتحدة بعد أحداث (أورلاندو) عن دعم داعش والتنظيمات، قال وزير الخارجية سامح شكري إنه "يصعب القول إن الولاياتالمتحدة تدعم داعش في إطار الحملة التي تقودها لاستهدافها في العراقوسوريا، وما تبذله من جهود كبيرة لاستهداف قيادات التنظيم". وأشار إلى أن القرار الأمريكي – في هذا الإطار – يتمثل في القضاء على التنظيم من خلال النشاط العسكري وتكوين تحالف دولي يضم عددا كبيرا من المجتمع الدولي، ومن خلال تناول الفكر المتطرف عقد الرئيس الأمريكي باراك أوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة اجتماعا حول الفكر المتكرف العنيف وكيفية التعامل معه. وأضاف شكرى أن "هذه هي السياسة المعلنة والسياسة التي ندعمها ونشارك في التحالف الدولي ضد داعش"، مشيرا إلى أنه ربما الانطباع متولد من فترات سابقة في تجربة أفغانستان، حيث كانت الولاياتالمتحدة داعمة لطالبان داعمة للعناصر المناهضة لروسيا، ولكن ليس هناك على المستوى الدبلوماسي ما يشير إلى وجود هذه الصلة المباشرة كما ورد في السؤال، ولكن حتى نكون واقعيين فإن الدول الكبيرة تتعامل أجهزتها المختلفة بشكل قد يؤدي إلى بعض التساؤلات ولكن نعتمد على الموقف الرسمي والتوجهات المعلنة وهو الشيء الذي يجب أن نركز حوله حتى لا نتناول الأمر من منطلق افتراضي. وعما قد يحدث في حالة عدم موافقة مجلس النواب على اتفاقية ترسيم الحدود الخاصة بتيران وصنافير، قال شكري "إن مجلس النواب له بالطبع كل الصلاحية وهذا التزام دستوري يقع على المجلس أن يراجع أعمال السلطة التنفيذية ويقر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وإذا لم يقر مجلس النواب الاتفاق، فسيبقى كأن لم يكن وستبقى الأوضاع على ما هى عليه وفقا للوضع السابق على التوصل إلى اتفاق فيما يتعلق بترسيم الحدود بين مصر والسعودية". وأشار إلى أنه في هذه الحالة سيظل الحوار والتواصل قائما مع السعودية للتوصل إلى إطار قابل لأن يعتمده نواب الشعب من منظور يحقق المصلحة العامة. وردا على سؤال حول أسباب توتر العلاقات المصرية الأمريكية.. قال وزير الخارجية "لا نقول إن هناك توترا في العلاقات مع الولاياتالمتحدة; لأنها علاقات استراتيجية وتعود إلى أربع عقود وحصلت مصر على الكثير من المنفعة والكسب ولكن أي علاقة بهذا القدر من التنوع والعمق هذا لا يعني أن هناك توافقا تاما في كل المواقع وفي كل الأوقات وهناك أوقات تختلف فيها الرؤى ولكن هذا لا يفسد العلاقة ولا يؤدي إلى وصفها بأنها علاقة غير مواتية.. وهناك أحيانا بعض الاختلافات والمناحي التي نسعى دائما بأن نتجاوزها ولا نصفها بالتوتر، ولكنها لا ترتقي إلى طموحتنا لأن تكون علاقتنا بدولة مثل الولاياتالمتحدة بالقدر الذي نراه مناسبا وبالقدر الذي نستطيع من خلاله". وأضاف شكرى أنه "ربما الأحداث المتتالية التي أعقبت ثورة 25 يناير أو ربما قبل ذلك وعدم توافق الرؤى بين الولاياتالمتحدة والنظام والحكومة في ذلك الوقت وما أعقبه.. كلها تفاعلات كانت سريعة وبها الكثير من المكونات التي أدت إلى تعقيد المسار للدولتين لحين الوصول إلى الفترة التي نحن فيها.. وأن استقرار مصر واستعادة المؤسسات والقدرة على التواصل بشكل منتظم مع دوائر صنع القرار الأمريكية وانعقاد الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي والزيارات المتكررة لوزير الخارجية الأمريكي إلى القاهرة وزيارة الوزير شكري إلى الولاياتالمتحدة خلقت أرضية من التفاهم حول الكثير من القضايا الإقليمية والدولية". ولفت إلى أن "هناك المزيد من الجهد لابد أن تبذل على مستوى الدولتين حتى نصل إلى ما نطمحه إليه من علاقات، تؤدي إلى الاستفادة المصرية حيث إن الولاياتالمتحدة دولة لها قدراتها وإمكانياتها وتأثيرها على النطاق الدولي سواء سياسيا أو اقتصاديا". وبالنسبة لقضية منظمات المجتمع المدني.. قال شكري إنها قضية تنظيمية في الأساس، وأن هناك 47 ألف منظمة مجتمع مدني وأكثر من 120 ألف جمعية أهلية.. ولا يمكن أن تعمل مثل هذه المنظمات إلا من خلال إطار منظم و محدد وإلا أصبح الأمر فوضى ويؤدى إلى الكثير من التجاوزات. وحول سد النهضة وما إذا كان هناك إمكانية لضرب السد، أكد وزير الخارجية أن القواعد التى بني عليها النظام العالمى، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، أسست فى إطار صراع عسكري، مذكرا أنه كان من أهداف إنشاء الأممالمتحدة ومثياقها هو تجنب الإنسانية ويلات الحروب وإرساء مبدأ عدم اللجوء إلى الوسائل العسكرية لحل المنازعات الدولية وأن يحل محلها الوسائل السلمية والتفاوض. وقال: ليس هناك مجالا للحديث او التفكير عن ضرب السد، خاصة ونحن نتحدث عن شعب تربطنا به علاقات تاريخية ومياه النيل، ونحن ننتمى لنفس العرق نحن والأشقاء فى إثيوبيا، مستطردا بالقول "ندرك أهمية مياه النيل بالنسبة لمصر ونتفهم ونشارك فى القلق المتصل بالتأثير على حقوق مصر المائية ونتعامل مع الأمر بكل جدية". وأشار إلى أهمية إدراك أن السلطة السياسية لن تفرط في أي من حقوق مصر المائية، وتقيم علاقات مواتية مع دول حوض النيل وتصل إلى اتفاقيات قانونية تضمن حقوق مصر وحقوق الآخرين. وفيما يخص العلاقات السياسية والاقتصادية مع تركيا، قال إن "العلاقات مع تركيا ليست جيدة في الوقت الراهن، ولا ترقى إلى لما يجب أن تكون عليه، فهناك علاقات طيبة بين الشعبين، وأن المشكلة ليست بينهما، ولكن السياسات الحالية فى تركيا ليست إيجابية ولا تزكي من قبل تركيا العلاقة وإنما هي سياسة تتدخل في الشأن المصري، وبالتالي فهي مرفوضة، ولا يوجد على المستوى السياسي التواصل الذي يزيل مواضع الاختلاف، وبالتالي ليس هناك إطارا لذلك نظرا لما اتخذته الحكومة التركية من مواقف". وأضاف أن مصر لم تتخذ في أى وقت موقفا عدائيا أو غير إيجابي أو مناهضا تجاه الحكومة ودوائر المسؤولين فى تركيا.. وأنها ترجع علاقتها بالدول إلى العلاقة بين الشعبين. وأوضح أن هذا الأمر لن يحول دون وجود قدر ليس بالقليل من الاستثمارات التركية في مصر، مرحب بها، لتحقيق فائدة لهم ولغيرهم، ونحن نرحب به ونشجعهم ولا نرى فيه أى تناقض لأن هناك مصلحة متبادلة ونعزله عن أى توجهات أخرى. وحول أهم التيسيرات التي تقدمها الوزارة للمواطنين من ذوي الإعاقة.. قال الوزير "إننا فى جميع المؤتمرات الدولية التى تتناول هذا الأمر ندعم حيوية دور ذوي الإعاقة وأهمية تواجدهم في كافة أجهزة الدولة وهي حقوق كفلت في الدستور". وعن أسباب عدم تقليص عدد السفارات المصرية بالخارج لترشيد النفقات.. أوضح شكري أن تمثيل مصر في الخارج متناسب مع مكانتها وأهدافها السياسة، وهو مكون مهم، مشيرا إلى انتخاب مصر في مجلس الأمن الدولي لم يكن يتحقق بدون تواصل مصر مع الدول. وشدد على أن دور مصر في المنظمات الدولية هو دور يستطيع أن يعمل من أجل تحقيق الرؤية الدولية، مضيفا أن التمثيل المصري يراعى تمثيل مصر ويراعى اعتبارات الموارد المصرية، مشيرا إلى أن الأعمال القنصلية تغطي نصف ميزانية وزارة الخارجية، التي لا تمثل عبئا على موازنة الدولة كما يروج. وردا على سؤال حول تكرار تعرض بعض المصريين فى الخارج لحوادث.. قال الوزير إن "الدولة لا تتهاون في حق أي مواطن مصري يتعرض لإساءة في الخارج بكافة الوسائل، وأن الرأي العام المصري يحدد الأولوية وهو الذي يحيط المصريين بالخارج والداخل، ونعمل بكل جهد، والأجهزة الرسمية تتواصل مع الحالات بشكل دؤوب، وفي كل دول العالم هناك أحداث فردية وجرائم ترتكب". وقد حرص عدد من الشباب من ذوي الإعاقة على حضور منتدى الحوار الوطني للشباب الذي أقيم بحضور وزيري الخارجية سامح شكري والشباب والرياضة خالد عبد العزيز بمركز شباب الجزيرة، حيث تم توفير ترجمة خاصة بلغة الإشارة، وانتهى اللقاء بمآدبة إفطار.