أكد خبراء ضريبيون على ضرورة الإنتقال إلى تطبيق الضريبة على القيمة المضافة بدلا من الضريبة العامة على المبيعات لما نتج عن تطبيق هذه الضريبة الأخيرة من مشاكل عديدة تعوق الدولة في تحقيق أهدافها الإقتصادية والإجتماعية المرجوة وهو ما يؤثر سلبا على حجم الإستثمارات المحلية والأجنبية وخلق مناخ إستثماري غير مشجع أو محفز وطارد للإستثمار. وقال مدير عام التظلمات وفض المنازعات للضريبة العامة على المبيعات بمصلحة الضرائب المصرية إبراهيم عبدالحليم - خلال مؤتمر "المنظومة الضريبية المستقبلية وأثرها على الإقتصاد والإستثمار" الذي نظمته جمعية الضرائب المصرية - "إن تطبيق تلك الضريبة على القيمة المضافة يؤدي إلى تنشيط الإستثمارات وتدفقات رؤوس الأموال سواء العربية أو الأجنبية، كما أنها ستساهم في تحقيق معدلات نمو مستدامة وإلى تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة. وأوضح عبدالحليم أن تطبيق قانون الضريبة على القيمة المضافة يعد من أفضل البدائل بعد تطبيق اتفاقية منظمة التجارة العربية الحرة والتي تقضي بإعفاء حركة السلع بين الدول العربية الأعضاء في تلك الإتفاقية من الرسوم الجمركية مما يؤثرعلى حصيلة الدولة من وإردات الجمارك، حيث ينتج عن تطبيق تلك الضريبة تعويض ذلك الإنخفاض في الحصيلة فضلا عن حماية المنتجات الوطنية في مجال المنافسة مع الدول الآخرى. وأشار إلى أن الضريبة على المبيعات المطبقة حاليا بها العديد من العيوب والثغرات والتي ظهرت بعد تطبيق تلك الضريبة طوال السنوات الماضية لذلك أصبح لزاما في الوقت الحالي التطرق سريعا إلى وضع تشريع لتطبيق القيمة المضافة ليكون بديلا عن قانون ضريبة المبيعات. ومن جانبه، قال حسن عبدالله رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب رئيس مصلحة الضرائب المصرية للمبيعات "إن الضريبة على القيمة المضافة هى ضريبة غير مباشرة تفرض على فارق سعر التكلفة وسعر البيع للسلعة وتفرض على كافة السلع والخدمات في جميع المراحل الإنتاجية والتوزيعية. وأوضح أن من أهم المشكلات الناجمة عن التطبيق الحالي للضريبة العامة على المبيعات مشكلة الخصم الضريبي، حيث يقتصر في ظل تطبيق القانون الحالي إعمال قواعد الخصم الضريبي على مدخلات السلع المباعة الخاضعة للضريبة والمشتريات بغرض الإتجار ومردودات المبيعات والآلات والمعدات وقطع الغيار الداخلة في إنتاج سلع خاضعة للضريبة في حين أن المشرع لا يسمح بخصم الضريبة المسددة على المدخلات للسلع المعفاة و المبيعات لجهات معفاة والآلات والمعدات وقطع الغيار الداخلة في إنتاج سلع معفاة أو غير خاضعة للضريبة. وأشار إلى أن هذا التطبيق يؤدي إلى التفرقة في المعاملة الضريبية بين كافة السلع والخدمات وعدم تحقيق عدالة إجتماعية بين تلك المنشآت ونتيجة لهذا التطبيق قد يظهر سعرين لذات السلعة - نتيجة تمتع إحداها بالخصم في حالة بيعها محملة بالضريبة وعدم تمتع ذات السلعة بالخصم عند بيعها لجهة معفاة - وكذلك وجود رصيد دائن بصفة مستمرة لبعض المنشآت - حيث تكون نسبة الضريبة على المدخلات أكبر من نسبتها على المخرجات كصناعة المنظفات والصابون فضريبة المدخلات 10% والمخرجات 5% - وكذلك عدم خصم الضريبة أو ردها للبائع - منتج أو تاجر - عند القيام بالبيع لجهات معفاة. وقال حسن عبدالله رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب رئيس مصلحة الضرائب المصرية للمبيعات "إن من سلبيات قانون الضريبة العامة على المبيعات تعدد أسعار الضريبة والتي تمثل نسبة (5 % , 10% , 15% , 25% , 30% , 45%) من القيمة وهو ما يؤدي إلى خلط لدى المسجلين عند إحتساب وتطبيق فئة الضريبة الصحيحة - نظرا لتعدد فئاتها - مقترحا بأن تكون فئة الضريبة على القيمة المضافة عند تطبيقها في مصر بواقع 12% لكافة السلع والخدمات. وأضاف أنه من السلبيات أيضا تباين حد التسجيل وهو الحد الذي يصبح عنده التسجيل بالمصلحة إلزاميا، وقد قرر المشرع بالقانون الحالي أكثر من حد للتسجيل، حيث قرر حد التسجيل للمنتج ومؤدي الخدمة بمبلغ 54 ألف جنيه، فيما قرر لتاجر الجملة والتجزئة مبلغ 150 ألف جنيه وأخضع المستورد للتسجيل أيا كان حجم أعماله وهو ما يؤدي لوجود غموض لدى الأفراد والمنشآت وتعقيد شروط وإجراءات التسجيل خاصة في حالة قيام المنشأة بالإتجار وتأدية خدمات في آن واحد. ولفت إلى أن الجهات المعنية في مصر إقترحت بأن يكون حد التسجيل الإجباري للضريبة على القيمة المضافة هو 500 ألف جنيه كرقم أعمال سنوي، وهو ما أوصت به بعثات إدارة الشئون المالية العامة وضرورة التفكير في زيادة رقم الأعمال إلى مليون جنيه كحد للتسجيل. وقال حسن عبدالله رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب رئيس مصلحة الضرائب المصرية للمبيعات "إن مشكلة عدم الخضوع الضريبي الكامل للخدمات أسوة بالسلع تكمن في أن المشرع قد خص خدمات بذاتها على سبيل الحصر بالخضوع الضريبي وعدا ذلك فإن كافة الخدمات الآخرى تخرج عن نطاق الخضوع الضريبي، لذا فيجب تعميم الخضوع الضريبي لكافة الخدمات أسوة بالسلع الصناعية مع استثناء الخدمات ذات البعد الإجتماعي والإقتصادي". وأوضح عبدالله أن من أهم مزايا الإنتقال إلى الضريبة على القيمة المضافة التمتع بالخصم الضريبي الكامل أي أنه سيتم إعمال قواعد الخصم الضريبي الكامل على مدخلات السلع والخدمات سواء بذاتها أم كمدخلات في سلع أو خدمات آخرى، وبالتالي يترتب على تطبيق نظام الخصم الضريبي الكامل توزيع عبء الضريبة على مختلف مراحل الإنتاج والتوزيع والقضاء على مشكلة الإزدواج الضريبي وعدم تكرار حساب وسداد الضريبة على السلع الوسيطة الداخلة في إنتاج سلع أو تأدية الخدمات الخاضعة للضريبة في شكلها النهائي وتحقيق إيرادات ضريبية للدولة عند كل مرحلة تداول للسلع من بائع إلى آخر. كما يترتب توفير السيولة النقدية للمسجل نفسه وذلك بخصم الضريبة السابق سدادها عند شراء مدخلات إنتاجه من الضريبة المحصلة عند البيع للمنتج النهائي، ويمكن الإدارة الضريبية من إحكام الرقابة على تطبيقه والتضييق من فرص التهرب الضريبي بإعتبار أن الضريبة المطلوب سدادها هى الضريبة على القيمة المضافة فقط وليس على إجمالي قيمة السلعة مما يؤدي إلى عدم لجوء المسجل للتهرب الضريبي. ومن جانبه، قال نصر أبو العباس خبير الضرائب ورئيس مجلس إدارة مورثون إنترناشيونال "أن الضريبة على المبيعات المطبقة حاليا في مصر هى ضريبة على القيمة المضافة إذا تم إجراء بعض التعديلات بشأن أحكام الخصم الضريبي وتوحيد سعر الضريبة وإخضاع كافة الخدمات لأحكام القانون عدا ما يستثنى بنص خاص. وقال أبو العباس "إن الضريبة على القيمة المضافة من الضرائب غير المباشرة - والتي تنتمي إلى مجموع الضرائب التي تفرض على الإنفاق -هي ضريبة مطبقة في أكثر من 80 دولة من دول العالم على إختلاف توجهاتها السياسية والإقتصادية ". وأشار إلى أن القيمة المضافة هى ضريبة تفرض بنسبة محددة على قيمة كافة توريدات السلع والخدمات يقصد بتوريدات السلع كل صور الإنتاج والاستيراد والإتجار أما توريدات الخدمات فيقصد بها كافة الخدمات التي تقدم مقابل أجر، فيما عدا خدمات العمال والموظفين التي يؤدونها لجهات عملهم مقابل أجورهم. وأضاف أن هناك عدة أسباب تميز ضريبة القيمة المضافة عن ضريبة المبيعات منها سهولة تحديدها في التشريع القانوني، حيث أنها تفرض على كافة السلع والخدمات في كافة مراحل التداول إلا ما أستثنى بنص خاص، بالإضافة إلى أنها ضريبة عادلة حيث أن عبء الضريبة يتساوى مع قدرات المواطنين المتفاوتة على الإنفاق فكلما زاد الإنفاق زادت الضريبة والعكس صحيح. وتابع أن الدولة تعتمد عليها كمصدر هام من إيراداتها، حيث أنها تعادل ما لا يقل عن 12% من إجمالي الناتج القومي وهذه النسبة تساوي حوالي 30% من إجمالي إيرادات الدولة. واقترح أبو العباس تحديد حد التسجيل بمبلغ مليون جنيه سنويا بدلا من النص الحالي الذي يحدد مبلغ 54 ألف جنيه للمنتج الصناعي و150 ألف جنيه للتاجر مع الإبقاء على عدم خضوع حد التسجيل على السلع والخدمات المستوردة بمعنى خضوع كافة عمليات الإستيراد للضريبة دون التقيد بحد التسجيل. ورأى نصر أبو العباس خبير الضرائب أن يكون السعر العام للضريبة على كافة السلع والخدمات ونسبة 10% ووضع سعر خاص للضريبة للسلع (التبغ ومنتجاته والسجائر والمشروبات الكحولية 100 % من القيمة) قائلا "أن السعر المقترح يتساوى تقريبا مع السعر المطبق في القانون الحالي، حيث أن الضريبة على التبغ المستورد 100% من القيمة وعلى السجائر 50% بالإضافة إلى 125 قرشا على كل عبوة أما بشأن البنزين فتكون الضريبة 50% من سعر بيع اللتر وهى في القانون الحالي تتراوح الضريبة بين 65 إلى 120 قرشا للتر. وأقترح أبو العباس أن ينص القانون على إعفاء السلع والخدمات من الخضوع لهذه الضريبة وهى السلع التموينية التي تصرف من خلال وزارة التموين والمنتجات الزراعية المحلية التي تباع بحالتها دون تغيير والخبز بكافة أنواعه واللحوم والألبان ومنتجاتها المحلية والأسماك المحلية التي تباع دون تصنيع والمياه والغاز والكهرباء التي تقوم بتوريدها الوحدات التابعة للدولة والأدوية بكافة أنواعها والكتب والصحف والمجلات. أما بالنسبة للخدمات المقترح إعفاؤها من الضريبة الخدمات المالية التي تقدمها البنوك وشركات التأمين وبورصة الأوراق المالية والجمعيات التي لا تهدف للربح في مجالات الصحة والتعليم الجمعيات الزراعية للفلاحين والمنشآت الحكومية في مجال الصحة والتعليم والأحوال المدنية والخدمات التي يقدمها الموظفون لجهات عملهم نظير أجورهم ومرتباتهم. ورأى أبو العباس خبير الضرائب أيضا تقديم الإقرار الضريبي يكون ربع سنوي يتضمن كافة قيمة توريدات السلع والخدمات والضريبة المحصلة عنها وكذلك الضريبة السابق سدادها على كافة المدخلات المستخدمة في النشاط الخاضع للضريبة بدلا من تقديم إقرار شهري على النحو المنصوص عليه في قانون ضريبة المبيعات الحالي وبذلك يكون قد تم تخفيض العبء الإداري والمالي على المسجلين وذلك على تقديم إقرار ربع سنوي لضرائب كسب العمل والتحصيل تحت حساب الضريبة على أن يقدم الإقرار خلال 15 يوما من انتهاء فترة المحاسبة وهى 3 أشهر. وقال أبو العباس أن النتائج المتوقعة من التعديلات المقترحة تتمثل في زيادة حصيلة الضريبة بنسبة لاتقل عن 50% من الحصيلة الحالية أي بما يعادل 73 مليار جنيه وذلك في السنة الأولى للتطبيق نتيجة فرض الضريبة على غير المسجلين بالسعر العام مضافا إليها نسبة 2 % مقابل القيمة المضافة لباقي مراحل تداول الخدمات التي يتم تقديمها داخل المجتمع المصري. وأضاف أن النتائج تتمثل أيضا في تخفيض الأعباء الإدارية على مصلحة الضرائب على المبيعات نتيجة إستبعاد محاسبة المسجلين الذين تقل تعاملاتهم السنوية عن مليون جنيه فضلا عن القضاء على المنازعات المتعلقة بفئة الضريبة، حيث يتم توحيد سعر الضريبة بنسبة 10% على تكلفة السلع والخدمات بدلا من تعدد فئات الضريبة في القانون الحالي والتي تصل إلى أكثر من 15 فئة ضريبية.