بعد دراسة متعمقة, جاء قرار مصر بالمشاركة في عمليات حفظ السلام في إقليم دار فور لوضع حد لنزاع طال أمده بين أبناء الوطن الواحد, وللمساهمة في الجهود الرامية الى استقرار ووحدة السودان. وتشارك مصر في قوات حفظ السلام مع 11 دولة أفريقية، وعدد من الدول غير الأفريقية منها الصين، وتأتي المشاركة المصرية في المرتبة الأولى بعدد يتجاوز 1200 عنصر من القوات المسلحة ورجال الشرطة. وقد تم إعداد وتجهيز القوات المسلحة المشاركة من خلال العديد من الإجراءات الرئيسية بالتنسيق مع الاممالمتحدة للمشاركة بقوة كتيبة مشاة ميكانيكى، وعدد ثلاث سرايا تخصيصية منها سرية مهندسين عسكريين، وسرية نقل ، وسرية إشارة الى جانب إعداد وتجهيز القوات إداريا وفنيا ، وقد إستطلعت القوات المشاركة أرض المهمة بإقليم درافور لتأكيد المهام المخططة هناك. ولمصر دور كبير في حفظ السلام حول العالم وهو دور تمارسه منذ فترة طويلة ففي عام 1960 شاركت بسرية مظلات فى الكونغو، وبرز وجودها في البوسنة والهرسك عندما شاركت بكتيبة مشاة ميكانيكى ومراقبين عسكريين، ثم شاركت بكتيبة مشاة ميكانيكى وسرية عسكرية فى الصومال، وسرية ومشاة ميكانيكى ووحدة طبية وإدراية فى أفريقا الوسطى،ووحدة طبية مراقبين عسكريين فى تيمور الشرقية بالاضافة الى المراقبيين العسكريين فى كلا من أنجولا موزبيق وروندا وليبريا وبروندى وجزر القمر. كما تشارك مصر حاليا بسرية مشاة ميكانيكى وسرية مهندسين عسكريين وسرية إزالة ألغام وفصيلة نقل ومستشفى ميدانى ومراقبين عسكريين ضمن عمليات الأممالمتحدة لحفظ السلام فى السودان ..ومستشفى ميدانى بأفغانستان ولبنان وقافلة طبية بإقليم درافور بالسودان بالاضافة الى المراقبيين العسكريين وهيئات القيادة فى كلا من المغرب ، جورجيا ، سيراليون ، الكونغو الديمقراطية ، ليبريا ، بروندى ، نيبال . حرص مبارك على السلام فى دارفور .. ولدى تفقده القوات المصرية المشاركة فى عملية حفظ السلام فى دارفور،اكد الرئيس حسني مبارك القائد الاعلي للقوات المسلحة ان مصر تتطلع لتحقيق السلام في دارفور ووقف نزيف الدماء باعتباره عنصرا رئيسيا من عناصر تحقيق السلام الشامل في السودان موضحا انه سيواصل اتصالاته بحكومة الخرطوم وزعماء الفصائل في دارفور ومشددا علي ان مصر تتعامل مع ابناء دارفور والسودان كأشقاء متساوين.. وأكد مبارك ان مصر تسعي لتحقيق السلام في جنوبالوادي بشرف وتجرد. مشددا على ان مصر ليست لديها اية اجندة خفية ولايعنينا الا مصلحة السودان وشعبه. ضغوط غربية .. ومن المعلوم سلفاً أن حكومة السودان لم تقبل بدخول قوات أجنبية إلى الإقليم إلا في ظل ضغوط غربية (أمريكية أوروبية أممية) متواصلة، وبذريعة وجود عمليات تطهير عرقي يتعرض لها السكان هناك. حيث أدلى منسق العمليات الإنسانية التابع للأمم المتحدة، موكايش كابيلا، بتصريحات في مارس 2004، اعتبر فيها أن النزاع في دارفور أصبح "أكبر كارثة عالمية على الصعيد الإنساني وعلى صعيد حقوق الإنسان". كما طالب الرئيس الأمريكي جورج بوش الخرطوم ب"التحرك الفوري لإنهاء ما أسماه الأعمال الوحشية في إقليم دارفور". في حين رأى الأمين العام للأمم المتحدة في حينه كوفي عنان أن الأمر قد يحتاج إلى تدخل عسكري خارجي لوقف القتال. وقال رئيس اللجنة العسكرية في الاتحاد الأوربي: إن قوة عسكرية أوربية قد تتدخل في إقليم دارفور. ولما بدا أن هناك حملة غربية منظمة للتدخل في السودان، تستهدف وحدته وأمنه واستقراره، وافقت الحكومة في ظل تزايد الضغوط على مبدأ القبول بالقوات الأجنبية، إلا أنها ظلت متشبثة بجنسية هذه القوات، مشترطة وجود قوات عربية وإسلامية من بينها. مشكلة قديمة جديدة .. ويشمل الصراع في إقليم دارفور مجموعة صراعات متشابكة، تتداخل في تأجيجها جهات محلية وحكومية وأسباب اجتماعية واقتصادية. وهو صراع قديم جديد كان ينشأ قديماً بين السكان من الرعاة والمزارعين على الموارد الشحيحة، وتغذيه الانتماءات القبلية والعرقية، إلا أنها صراعات سرعان ما كان يجري تطويقها وتسويتها من خلال النظم والأعراف القبلية السائدة بين الدارفوريين أنفسهم. لكن ومع دخول عوامل أخرى في الصراع إقليمية ودولية وصل الحال إلى ما هو عليه الآن، إذ أن العديد من البلدان الأوربية مثل (هولندا وألمانيا والنرويج) صارت تعتبر أوضاع السودان قضية داخلية، تناقشها البرلمانات ويزايد بشأنها الساسة. وأمام هذه المجريات الخطرة، لم يكن من المعقول للمصريين أن يقفوا مكتوفي الأيدي، خاصة وأن الأمر هنا يتعلق بأمنهم القومي، فضلاً عن كونه تهديداً مباشراً لأمن واستقرار ومستقبل دولة عربية مسلمة هامة وعزيزة كالسودان.