وكيل وزارة التربية والتعليم بالبحيرة يبحث استعدادات العام الدراسي    البابا تواضروس يدشن كنيسة "مارمينا" بفلمنج بالإسكندرية    صور| الوفد يحتفل بذكرى رحيل زعيمي الأمة سعد زغلول ومصطفى النحاس    أسعار الذهب بالتعاملات المسائية اليوم السبت 23 أغسطس    «بحوث الصحراء» يقدم الدعم الفني والإرشادي لمزارعي سيناء| صور    استمرار أعمال توصيل كابلات الجهد العالي لدعم محطة مياه جزيرة الدهب    أونروا: نزوح نحو 16 ألف شخص بسبب الهجوم الإسرائيلي المكثف على غزة    مصر القومي: الاعتداء على السفارات امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة مصر    المندوه: ملف أرض أكتوبر أمام وزيري الإسكان والرياضة    من يتحمل خطيئة أرض الزمالك؟    منتخب التايكوندو يحصد 15 ميدالية في بطولة أفريقيا للناشئين والشباب    قائمة ريال مدريد لمواجهة أوفييدو في الدوري الإسباني    بعد الاستغناء عنه قبل 14 عاما.. إيبيريشي إيزي يعود لأرسنال من الباب الكبير    استمرار الارتفاع الطفيف في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الأحد    ريم مصطفى تستعيد نشاطها الفني وتعود بعد غياب للظهور على «إنستجرام»    "فستان محتشم وغطاء رأس".. أحدث ظهور ل بسمة بوسيل في مصر القديمة    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    «الصحة»: 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    رئيس جامعة كفر الشيخ يشارك في قافلة طبية شاملة بقرية الرغامة ضمن مبادرة «بداية»    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    الجالية المصرية بهولندا: المصريون في الخارج داعمون للقيادة السياسية واستقرار الوطن    أمين عام المصري الديمقراطي يلتقي رئيس الوطنية للإعلام    فحص 578 مواطنا ضمن قوافل طبية مجانية بالبحيرة    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    اليونيفل: الوضع الأمني لجنوب لبنان هش ونرصد خروقات يومية لاتفاق 1701    نائب: إعلان المجاعة في غزة إنذار خطير يكشف ازدواجية المعايير الدولية    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    الداخلية تكشف ملابسات التحرش بسيدة داخل "ميني باص" بالقاهرة    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    استشهاد 9 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة من قطاع غزة    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    مصرع وإصابة أربعة أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين بأسيوط    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاري الذايدي: تحركوا أيها الجاهزون.. سوريا تغرق!
نشر في أخبار مصر يوم 13 - 03 - 2012

لست أدري في أي عالم يعيش كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، بعد تصريحاته الأخيرة من دمشق! الرجل يبدو تائها. تخيل.. إنه قال هذا الكلام أثناء قيام شبيحة الأسد بمجزرة بشعة ووقحة في حمص مؤخرا ذهب ضحيتها تحديدا هذه المرة الأطفال والنساء، في مشهد علني فاجر وغير مبال بالإعلام العالمي.
أنان يقول إنه «متفائل بعد جولة ثانية من المحادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد يوم الأحد». لكنه اعترف بأنه «سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق لوقف إراقة الدماء». وأضاف للصحافيين في دمشق «سيكون الأمر شاقا. سيكون صعبا لكن علينا التحلي بالأمل». وتابع مستشهدا برغبة عامة لإحلال السلام في سوريا «أشعر بتفاؤل لعدة أسباب». لست أدري من أين يجلب أنان هذا التفاؤل، ولست أدري أيضا من أين يستقي الأمين العام للأمم المتحدة استبشاره بمهمة أنان في سوريا!
الواقع الذي يهرب منه الجميع، باستثناء السعودية وأغلب دول الخليج، هو أنه يحدث في سوريا ثورة لطرد النظام الشرير، وليس مجرد «خلاف» في وجهات النظر، أو مطالب إصلاحية محدودة. الروس يقولون بالمساواة بين الضحية والجلاد في سوريا، بل ويميلون لصالح الجلاد، وهذا كلام وقح أخلاقيا، وكاذب ومزور للواقع. المؤسف أن تجاري الجامعة العربية مؤخرا هذه المساواة في اجتماع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع الوزراء العرب في القاهرة، وتسويق نبيل العربي، تلميذ محمد حسنين هيكل، لهذه الاتفاقية المهينة بين الروس والعرب حول الكارثة السورية!
لا مساواة بين شبيحة الأسد الذين يغتصبون النساء، ويقتلون الأطفال بالضرب على رؤوسهم في حمص وحماه.. فهذه المساواة بحد ذاتها جريمة أخرى. هناك من يقول إن ما جرى في القاهرة بين الروس والعرب يعتبر اختراقا للموقف الروسي الصلب في مساندة نظام الأسد، باعتبار أن القرارات العربية والأممية هي المنطلق في حل الأزمة السورية، وهي قرارات تقضي في نهاية الأمر برحيل النظام أو بشار الأسد وزبانيته تحديدا، على غرار النموذج اليمني، لكن في تقديري أن هذا قد يعتبر تفاؤلا مسرفا، الروس يقاتلون الغرب على جثث السوريين، بالنسبة لهم سوريا هي مسرح حرب وصراع مع الغرب حتى لو كان ذلك على دماء وأشلاء السوريين، هي معركة نفوذ وصراع مصلحي وأمني وليست قضية إنسانية أو أخلاقية.
قيل إن الموقف الروسي هو موقف خاضع للمزايدات الانتخابية الرئاسية، وإنه إذا فاز بوتين فستهدأ لغة التصعيد المعتادة على إثارة النعرة القومية الروسية ومقارعة الغرب، طبقا للخطاب القومي الروسي لبوتين، لكن سارع الروس أنفسهم إلى إعادة التأكيد على الموقف «العميق» تجاه الأزمة السورية، والذي لم يخرج عن مبادئ الموقف الأول، وجوهر الموقف الروسي هو إسعاف النظام الأسدي للصمود، وتسويق النظرية الخاصة للنظام في دمشق، حول وجود حرب متساوية بين النظام والشعب الثائر، أو «الجماعات» المسلحة حسب ثرثرة الإعلام الأسدي.
الحق أن الانهماك في الحصول على موقف روسي متناغم مع الموقف العربي، الخليجي منه تحديدا، من أجل إنقاذ السوريين من جرائم الأسد، هو سعي وراء السراب. فلسفة الخطاب السياسي الروسي، ومثله الصيني، لا تولي كبير اهتمام للجانب الإنساني والأخلاقي، هي ترى المشهد بشكل جيوسياسي بحت، وترى في المشهد السوري مجرد معركة من معارك الحرب الباردة، ولا يلامون في هذا، فلا تطلب من الغريب أن يشاطرك الألم! أعتقد أن «إهمال» الروس والصينيين هو الحل الأمثل، لا أقول معاداتهم، بل السعي لحل الأزمة من دون وضع اعتبار للروس وأتباعهم في بكين. قد يرى البعض أن هذه الفكرة مبالغ فيها لكن الواقع يقول إن ثمة ثلاث دول لو قررت التضافر، بصدق، والتنسيق بعمق مع بعضها لتم ترحيل النظام الشرير في سوريا، في مدة أوجز وبثمن أقل.
السعودية وتركيا والأردن، في الإقليم المحيط بسوريا، هي الدول القادرة على تعديل كفة الميزان وتأديب شبيحة الأسد. الحل ليس معجزة ولا معجزا، فقط توفير عمق سياسي ودولي للمعارضة السورية، من خلال الاعتراف الصريح بالمجلس الوطني، ثم توفير أرض لمنطلق المقاومة في الأردن وتركيا، وتطويق عصابات الأسد من الشمال والجنوب، من باب الهوى وجسر الشغور شمالا، إلى درعا جنوبا. تسليح الجيش الحر وكل المقاتلين ضد عصابات الأسد، تسليحا بسيطا، من خلال توفير مضادات الدروع وصواريخ محمولة على الكتف للتصدي للطائرات العمودية.. وهو تسليح ليس معقدا ولا مكلفا. فقط توفير الدعم السياسي الصريح والسلاح الذي يعوق «عربدة» دبابات الأسد وطائراته، هو الحل. فستتعادل الكفة حينها، ويزداد التقافز من سفينة النظام الدموي.
ليس المطلوب الحصول على «إجماع» دولي وإقليمي لمناصرة الشعب السوري، هذا لم يحصل من قبل ولن يحصل من بعد. في غزو صدام للكويت لم يحصل إجماع دولي لطرد جيش صدام من الكويت، ومن يراجع السجالات والخلافات حينها سيدرك ذلك، وحينما فتك الصرب بالمسلمين في البوسنة، لم يحصل إجماع دولي على مناصرة البوسنيين، بل الروس أنفسهم كانوا من أنصار بلغراد ضد المسلمين، ولو تمت المحاولات حينها لإقناع الروس بتعديل موقفهم لكنا ما زلنا في عمق الأزمة البلقانية، ولاستمرت الدماء تنزف والمجازر تتوالى في ربوع البوسنة والهرسك.
الذين يخشون من نشوب الحرب الأهلية في سوريا إن تم تسليح المعارضة، أو وصول المتطرفين السنة، مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما أو وزير الخارجية المصري وغيرهما، هم في الحقيقة يعطون رخصة قتل لبشار الأسد، وضوءا أخضر لمواصلة الحملات العسكرية وقتل الأطفال والنساء كما جرى مؤخرا في حمص. يجب عليهم إدراك ذلك، لأن نظام الأسد لن يرحل ببعثة الدابي أو بعثة الدابي الثاني، كوفي أنان، كما وصفه بحق الزميل إياد أبو شقرا في هذه الجريدة.
على العكس، فإن التأخير الدولي في ضربات جوية محكمة - كما دعا السيناتور الأميركي جون ماكين - سيزيد من تطرف الثورة السورية، لأنها ستقرر الرد بعنف وحدة على مجازر النظام، وأخذ حقها بيدها من هذا النظام، الذي يكرس هو نفسه التمييز الطائفي وإثارة أحقاد الأقليات. السوريون لن يتوقفوا عن الاحتجاج، مهما طال الوقت، ولكن سيكسب الصوت الأكثر تطرفا تجاه خذلان العالم لمآسي الشعب السوري.
بدأت المعارضة سلمية في سوريا، ولكن بسبب مرور سنة من التآمر والمماطلة الدولية والبعثات المتتالية، وتفاهة حلول الجامعة العربية، نشأ الجيش الحر ودخل البعد العسكري في المسألة. وإذا استمر هذا النهج المتخاذل والاستهانة بفاجعة الشعب السوري، فلا لوم حينها إن تحولت المعارضة إلى التصعيد العسكري والأمني، بل وربما الخطاب السياسي المتطرف الذي قد يتجاوز حدود القطر السوري. باختصار، لا يظن طرف ما في العالم أو الإقليم، أن الزمن كفيل بإجهاض الثورة السورية، لا، ستزداد صلفا وحدة بسبب الخذلان نفسه والحلول الهزيلة.
استعدوا لفصل آخر من فصول كتاب الدم والدموع والغرق في سوريا، وربما ستكون البعثات والحلول السياسية بعد بضعة أشهر مجرد ثرثرة سياسية تجاوزها الواقع. بقي الآن «شيء» من المبادرة بيد دول الإقليم والعالم، لكن قد تفلت الخيوط كلها قريبا ونبكي على اللبن المسكوب حينها. صفوة القول.. دعونا من الروس والصينيين، ودعونا من تردد أوباما وتآمر بعض العرب، وليتحرك الجاهزون والمقتنعون بالثورة السورية: السعودية وقطر والكويت والإمارات والأردن وتركيا، أو حتى من هو فقط جاهز للعمل من هؤلاء!
الإجماع ضرب من المحال، فليتحرك الجاهز فقط.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.