بالنظر لاتساع فجوة الأزمة اللبنانية وتحول بيروت إلى حلبة صراع بين السياسيين في لبنان لم يجد المواطن اللبناني من متنفس إلا البرامج الانتقادية الساخرة حيث يشاهدونهم بشغف للتعبير عن استيائهم من الوضع الداخلي الراهن وكرههم لرجالات السياسة الذين يحاولون جر البلاد إلى حرب أهلية. ومن الرسائل التي يتبادلها مستخدمو شبكات الانترنت رسوماً كريكاتورية تجسد أشهر السياسيين اللبنانيين كدمى متحركة يشد خيوطها سواء كانوا من الولاياتالمتحدة أو فرنسا. وتدل إحصاءات أجرتها المحطة اللبنانية للإرسال (ال بي سي) إحدى أبرز القنوات الخاصة في لبنان لنسب المشاهدين لبرامجها على مدى إقبال اللبنانيين على كل ما يتناول بتهكم وسخرية الشخصيات السياسية. ويحتل المرتبة الأولى في هذا المجال بنسبة مشاهدين تبلغ 26 بالمئة برنامج «ب س م ا ت وط ن»الذي يقرأ اسمه باعتباره «بسمات وطن» أو «بس مات وطن». وتفوق نسبة مشاهدي هذا البرنامج السياسي الساخر نسبة مشاهدي نشرة الأخبار الرئيسية عند الساعة الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي التي تحتل المرتبة الرابعة بنسبة مشاهدين تبلغ 4 ,18 في المئة، كما تتفوق البرامج الساخرة على أبرز البرامج الحوارية السياسية وهو برنامج «كلام الناس» الذي لا تتعدى نسبة متابعيه 3 ,16 في المئة. ويقول خليل وهو فنان ملتزم «عبر اسكتشاتنا يفرج اللبنانيون عن همومهم. يقبلون عليها للتعويض عن عجزهم وعن إحساسهم بأنهم لا يتحكمون»، ويؤكد خليل ان همه الأول الدفاع عن استقلال لبنان. ويقول «في الماضي كنت أسخر من الوصاية السورية. حالياً أعري السياسيين الذين ألقوا بنا تحت وصايات أخرى متعددة». ويضيف ان «مفتاح النجاح الأساسي أن تنتقد جميع الأطراف. أنا لا أخفي ميلي للعماد ميشال عون ومع ذلك يظهر في أحد الاسكتشات صحافي متورم الوجه بعد مقابلة العماد عون المعروف بسرعة غضبه». وعلى غرار برنامج «بسمات وطن» تقدم محطة تلفزيون المستقبل برنامج «لا يمل» وتقدم محطة تلفزيون الجديد برنامج «قربت تنحل». وأسس اندريه جدعون «مسرح الساعة العاشرة» الذي بدأت بتقديمه في العام 1963أول فرقة تهكمية عرفها لبنان الذي تميز بحرية تعبير نادرة في منطقة تسيطر عليها أنظمة شمولية. ويقول جدعون: «معنا يتهكم اللبنانيون من تاريخهم المليء بالدموع والدماء. تشكل انتقاداتنا للسياسيين رسالة إلى شبابنا حتى يرفضوا أن يكونوا وقوداً لحرب أهلية جديدة هدفها تلبية هوس السلطة عند قادتهم». وتقول عالمة النفس جوزيت زوين إن «الضحكة هي أفضل دواء ضد الظلامية والتعصب هذه الفكرة من تعاليم الفلاسفة أمثال برجسون أو شارلي شابلن في فيلم «الدكتاتور» أو اومبرتو ايكو في فيلم اسم «الوردة».