نقلا عن اخبار الخليج فى 20/9/2007 تعتبر الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع فإن صلحت صلح المجتمع بأسره وان تفككت أصبح المجتمع ضعيفا هشا في مواجهة مصاعب الحياة، لذلك تم افتتاح مراكز للإرشاد الأسري في البحرين من أجل تقديم النصح للأسر وخصوصا ان هذه المراكز تركز في تفعيل دور الاستشارات الأسرية وذلك من أجل تعزيز الدور الاجتماعي والتوعوي والتنموي بين الفرد والاختصاصيين الاجتماعيين وذلك بهدف مساعدتهم على حل المشكلات التي تواجههم بأسلوب علمي ونفسي مدروس حيث تقوم هذه المراكز بالعمل على نشر الوعي بأهمية الإرشاد الأسري ودوره في تحقيق التوافق والتراضي بين أفراد الأسرة وذلك من خلال الدورات وورش العمل التي تنظمها هذه المراكز. ومن أجل الحصول على أسر مترابطة ومجتمع سليم قامت وزارة التنمية الاجتماعية بتخصيص مكاتب للإرشاد الأسري في المراكز الاجتماعية التابعة لها في محافظات البحرين، وبالفعل تمكنت هذه المراكز وخلال الفترة القصيرة من استقطاب عدد لا بأس به من الحالات التي تعاني مشاكل مختلفة، وتوضح الأرقام الصادرة عن قسم الإرشاد الأسري في وزارة التنمية أنه قد ترددت على جميع المراكز خلال شهر مايو2007 (39 حالة) تعاني مشاكل أسرية و21 حالة تواجه مشاكل شخصية فيما بلغت المشاكل الزوجية 18، أما المشاكل التربوية فكانت 17 حالة وهذا المؤشر يدل على أن المجتمع البحريني بدأ يستوعب أهمية الإرشاد الأسري من أجل تسيير أمور حياته والتخلص من جميع المشاكل التي تواجهه. وقد كان الإقبال على هذه المراكز نتيجة العمل الدؤوب التي تقوم به هذه المكاتب لتعريف المجتمع بدورها فمنذ افتتاح المركز منذ قرابة الشهرين قام بالعديد من الفعاليات والأنشطة التعريفية ففي مايو 2007 قدم 423 برنامجا توزع كالتالي 232 عبارة عن محاضرات إنمائية، و 126 حالة إرشاد فردي وجماعي، أما المحاضرات التعريفية فقد كانت 65 محاضرة. ومن أجل التعرف أكثر على دور المركز في الإرشاد الأسري أخبار الخليج التقت رئيسة قسم الإرشاد الأسري بوزارة التنمية الاجتماعية مروة كزبر فتحدثت قائلة إن فكرة هذه المراكز لم تكن جديدة بل كانت موجودة منذ عام 2002 باختصاصية واحدة في الوزارة وهي لولوة عبدالرزاق، وكانت تؤدي خدماتها للأسر بشكل جيد، لذلك فقد ارتأت الدكتورة فاطمة البلوشي وزيرة التنمية ضرورة العمل على تطوير هذا القسم وافتتاح أكثر من مكتب للإرشاد الأسري في المراكز الاجتماعية في محافظات البحرين من أجل التواصل مع الأسر بشكل أوسع، وخصوصا ان كل إنسان بحاجة إلى المساعدة حتى يتمكن من أن تسير أمور حياته في حال تعرضه لمشكلة معينة، حيث يقوم المكتب بمشاركته في إيجاد الحل المناسب، وعلى غرار ذلك تم وضع خطة عمل متكاملة تشتمل على أسلوب العمل وطريقة تطبيق العلاج على الحالات التي ستقبل على مراجعة هذه المكاتب، بالإضافة إلى اختيار الموظفين بدرجات علمية متخصصة، وقد تم إعداد الأختصاصيين لعلاج هذه الحالات وذلك من خلال الدورات والورش التدريبية المتخصصة في الإرشاد الأسري وذلك بهدف تهيئتهم لكيفية التعامل مع الحالات التي سترد إليهم بالشكل الأمثل. ويهدف المركز إلى علاج المشكلات التي يتعرض لها أفراد الأسرة البحرينية بمختلف أنواعها سواء كانت هذه المشاكل تربوية أو سلوكية أو زوجية أواجتماعية، حيث يتم من خلال العلاج العمل على غرس الأسس الإيجابية لدى جميع أفراد الأسرة البحرينية وذلك من أجل التمتع بالراحة النفسية والتي تساعد على التقليل من معاناة الناس في المجتمع، وتكون طريقة العلاج المتبعة وفق أسس معينة تهتم بتفعيل دور الأسرة من أجل مواجهة التحديات والمشكلات التي يتعرض لها أفراد الأسرة بشكل يومي. وتواصل حديثها قائلة إن المركز يسعى أيضا إلى تعزيز الانتماء والمواطنة وذلك من أجل الحفاظ على القيم النابعة من العادات والتقاليد الأصيلة للمجتمع البحريني. أما على الجانب الأسري فإن المركز يسعى إلى تهيئة أفراد الأسرة للتكيف مع طبيعة الحياة وبكل السبل المتاحة للتخلص من جميع الصعوبات والهموم التي يعيشونها، ويتم ذلك من خلال مساعدة أفراد الأسرة على تحقيق التفاهم والتخلص من التوتر والانفعال و حل الصراعات الداخلية للأسرة لإيجاد نوع من التقارب النفسي والتوافق والتسامح، ومن الأهداف الرئيسية للمركز أيضا مساعدة الأزواج على حل مشكلاتهم الزوجية، بالإضافة إلى الورش الخاصة بإعداد فئة الشباب والمقبلين على الزواج بالأسلوب الأمثل لحياة زوجية سعيدة، ومساعدة الوالدين وإكسابهم الاتجاهات الايجابية في تنشئة أبنائهم. دور الاختصاصيات وللتعرف أكثر على الدور الذي تقوم به الاختصاصيات في تفعيل دور المركز بالشكل الصحيح التقت أخبار الخليج الاختصاصيات العاملات ببعض المراكز التابعة لوزارة التنمية. فقالت مريم أحمد العثمان اختصاصية الإرشاد النفسي والأسري في مركز سترة الاجتماعي ان المركز يقدم 3 خدمات وهي المساعدات والشؤون والدورات والفعاليات والأنشطة بالإضافة إلى الإرشاد الأسري الذي يقدم أكثر من خدمة أولا: الإرشاد الفردي الذي يتم عن طريق المواعيد الإرشادية وثانيا: الإرشاد الجماعي بحيث يجمع عدة أفراد تجمعهم نفس المشكلة سواء كانوا من أسرة واحدة أو أفراد مختلفين. وتكون البرامج الإرشادية عبارة عن محاضرات ودورات وورش عمل، يتم من خلالها استقطاب بعض الحالات للمركز بعد أن تأخذ الحالة انطباعا ايجابيا عن الاختصاصية وهناك حالات أخرى ترد إلى المركز بعد أن سمعت عن كل ما يقدمه من نصائح لهذه الحالات تساعدهم على تخطي مشاكلهم بالأسلوب الأمثل، ونظرا للترابط بين أهالي منطقة سترة نجد أن كل حالة تنصح الأخرى لمراجعة المركز. أسلوب العلاج ويتراوح علاج الحالات من جلسة واحدة إلى عدة جلسات وذلك وفق ما تحدده اختصاصية خصوصا ان بعض الحالات تحتاج إلى أكثر من جلسة وذلك من أجل التوصل إلى الحل المناسب للتخلص من تبعات المشكلة. وتكون الجلسة الأولى عبارة عن جلسة (تفريغ) فتخرج الحالة كل ما بداخلها ومن ثم يتم وضح خطة العلاج بعد تحديد نوع المشكلة من أجل المساعدة في الوصول إلى الحل الأمثل من خلال البحث عن الجوانب الايجابية في الشخصية وتنمية الذات لأننا في المركز لا نمنحهم الحلول جاهزة وبشكل مباشر لأن هذه الطريقة تجعل الحالة تبحث عن الحلول الجاهزة وتفكر في البحث عن حل مناسب، حيث لا تتجاوز مدة الفرق بين المراجعة والأخرى أكثر من أسبوع. ويتم العمل في المركز بسرية تامة وذلك من خلال تصنيف الحالات وفق رموز وأرقام معينة حيث يتم فتح ملف للحالة يحمل رمزا خاصا ولا يمكن معرفتها إلا من خلال هذا الرمز. ويحتوي المركز على 19 حالة تمكن من مساعدة بعض الحالات للوصول إلى الحل المناسب، واذكر منها حكاية فتاة تعرضت لتحرش جنسي تسبب لها بخبرة مؤلمة وعقدة من جميع الرجال بمن فيهم والدها، وقد تم إتباع معها خطة علاجية وبعد مرور مراحل علاجية مختلفة تمكنا من تخفيف حدة الصدمة على هذه الفتاة بالتدريج حتى تخلصت من هذه العقدة وبشكل تام. أما المشكلة الأخرى كانت مشكلة زوجية وكانت تدور في محور واحد وهو عدم حصول توافق بين الزوجين خصوصا ان الزواج قد كان تقليديا، وبسبب انعدام التوافق والاختلافات الشخصية وقد طبقت عليها خطة علاجية تعتمد على تعديل الأفكار والبحث عن النواحي الايجابية في الواقع المعاش مع العمل على تنمية الشخصية. أما الحالة الثالثة وهي تحمل نوعا من الغرابة فقد كانت تتعرض لحالات اكتئاب في أوقات متفرقة، وبعد أن عانت ولمدة طويلة توجهت إلى مكتب الإرشاد الأسري وبعد الاستماع إليها تبين أن لديها عقدة ذنب قد قامت به منذ فترة طويلة وكلما خطر على بالها عاودتها حالة الضيق التي تؤدي بها للاكتئاب، ولكن بعد أن بدأت بالحديث عن ما قامت بفعله وتسبب لها بهذه الحالة تمكنا من معرفة المشكلة وساعدناها على التخلص منها وبكل سهولة. ضعف الترابط الاجتماعي وتؤكد كلامها اختصاصية فرع مدينة حمد مي الدوسري قائلة إن أنشطة المركز موحدة لأنها صادرة عن وزارة التنمية ولكن الاختلاف يكمن في طبيعة المنطقة التي يمثلها المركز فمنطقة مدينة حمد تختلف عن منطقة سترة،لأن مجتمع سترة مترابط والجميع يعرفون بعضهم بعضا أما مدينة حمد فإن العلاقات والترابط الاجتماعي فيها مفقود خصوصا ان العلاقة بين الجيران محدودة جداً لذلك فإن الإقبال على المركز ضعيف نسبيا مقارنة بفرع منطقة سترة. وبالنسبة للصعوبات والمشاكل التي يعانيها المجتمع هناك صعوبة تعاون الحالة مع الاختصاصية لإيجاد حل مناسب لمشكلتها خصوصا إنها لا تطبق النصائح كافة التي توجه إليها وهنا نكتشف من خلال التحدث معها أنها لا تتبع أسلوب العلاج الأمثل للتخلص من مشكلتها لذلك نسعى من خلال الحديث معها إلى السبب الذي يدفعها إلى عدم تطبيق نصائح الاختصاصية، كما أن بعض هذه الحالات يزورالمركز بحثا عن المادة ظنا منهم أننا نعمل على تقديم المساعدات المادية ونبحث لهم عن وظائف، وهناك فئة منهم عندما تأتي إلى المركز وهي على قناعة تامة بأنها ستجد الحل لمشكلتها بعد جلسة واحدة على الرغم من أن لديها تراكمات من سنين طويلة فيصعب التخلص منها، وبعض الحالات تظن أنها ستجد الحل عندما تستوقف الاختصاصية في أي مكان أو بعد انتهاء المحاضرة التي تلقيها الاختصاصية ضمن ورش العمل والمحاضرات التي ينظمها المركز. الحالات وطرق العلاج ومن أبرز الحالات التي ساهم المركز في حلها هي مشكلة أسرية تربوية وتبين ذلك من خلال حديث الأم عن مشكله تعانيها ابنتها ولكن من خلال الحديث تبين ان الأسرة بأكملها تعاني مشكلة التواصل فيما بينهم لأن كل فرد منهم يعيش في عالمه الخاص وحده، ومن أجل حل هذه المشكلة تم استقبال جميع أفراد الأسرة تباعا من الأب وصولا ببقية الفتيات، فوضحنا لجميع أفراد الأسرة كيفية التواصل مع بعضهم وقد تمكنا من تغيير حال هذه الأسرة إلى الأفضل. أما المشكلة الثانية فكانت زوجية فقد حدثت خيانة بسيطة من قبل الزوج وقد تاب الزوج عن فعلته ولم يكررها ولكنها خلفت وراءها تبعات كثيرة أدت إلى حدوث تراكمات على مر الوقت خصوصا ان الزوجة كانت الأخرى لديها مشكلة شخصية فكانت غير قادرة على النسيان ومسامحة الزوج مما جعلها تجمع بين مشكلتها الشخصية وخيانة الزوج وتسعى إلى اختلاق المشاكل، وكانت طريقة الحل في تعليم الزوجة كيفية النسيان وعدم إعادة الأفكار والمشاكل وعدم أخلاق المشاكل مع توضيح الجوانب الايجابية في شخصيتها وشخصية زوجها. المكاتب الخاصة وقلة الدعم وبعد التعرف على بعض النماذج لمكاتب الإرشاد الأسري التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية التقينا الشيخ محمد صالح استشاري إرشاد اسري بمركز بيت السلام الاجتماعي وقال إن المكتب تم افتتاحه خلال عام 2005 وقد استقبل 80 حالة حقق 70% تقريبا نسبة نجاح في مشكلة هذه الحالات، ولكن المكتب لم يستمر عمله أكثر من عام وذلك لعدة أسباب كان أبرزها ان المكتب لم يتلق أي مساعدة مادية من قبل الجهات الرسمية، وخصوصا ان المركز كان يستقبل معظم الحالات مجانا وعندما يأخذ الرسوم كانت رمزية وعلى المقتدرين فقط من المراجعين. وأبر الحالات التي كانت ترد إلى المركز غالبا كانت تتمحور حول الخيانات الزوجية والضيق المالي والبخل مما يساهم في توليد ضغوط نفسية تؤدي إلى خلق مشاكل أخرى بسيطة مثل منع الزوجة من الخروج ، وأحيانا عزوف الزوج عن فراش الزوجية والبحث خارج المنزل، وفي أحيان أخرى يكون الزوج بخيلا لدرجة كبيرة ويطلب من زوجته أن تصرف عليه. لذلك فإن هذه الحالات ترد إلى المكتب للبحث عن الحلول المنطقية خصوصا ان المحاكم الشرعية لا تحل المشاكل بل تفصل بين الزوجين وأحيانا تساهم في تأجيج المشاكل فيما بينهم نظرا لتأخر البت في الدعاوى مما يتسبب في ظلم لأحد الزوجين خصوصا ان القاضي لا يمتلك الوقت الكافي لتوجيه النصح للزوجين، لذلك فان وجود هذه المكاتب مهم جدا لأنه يساعدهم على تخطي مشاكلهم خصوصا ان هذه المكاتب تكون مهيأة ومستعدة لمنحهم الوقت الكافي للتعبير عن مشاكلهم، لأننا في المكتب وضعنا قاعدة ترتكز على 3 حلول الحل الأول وهو حل قديم كان يجب الوصول إليه عند حدوث المشكلة،والحل الثاني هو الحل الآني والذي يتم البحث عنه خلال المشكلة والحل الثالث هو الحل المستقبلي والذي لن يتم التعرف عليه إلا بعد التواصل مع اختصاصي الإرشاد الأسري النظرة الدينية وللتعرف أكثر على الجانب الديني ودوره في الإرشاد الأسري من الناحية الشرعية التقينا الشيخ وجدي غنيم فعلق قائلاً عندما يكون لدينا رغبة جامحة في جعل حياتنا سعيدة وخالية من المنغصات علينا أن نؤمن بمبدأ الوقاية خير من العلاج فيجب على الزوجين العمل على وضع الأساسيات الصحيحة في بداية حياتهم وفي جوانب كثيرة مثل الإنفاق وتحديد الأسلوب الأمثل لأسلوب الإنفاق خصوصا في حال كانت الزوجة تعمل، بالإضافة إلى الاتفاق على الزيارات العائلية، وغيرها من الأمور الأساسية في الحياة الزوجية. وعلى صعيد الخلافات الزوجية فيجب أن تكون طريقة حل المشاكل منطقية وعقلانية بحيث لا يرمي كل طرف اللوم على الآخر ويقول انه على خطأ بالإضافة إلى عدم تدخل العائلتين إلا في حال استعصاء إيجاد الحل المناسب وذلك بهدف عدم توسيع المشكلة.