واصلت اسعار النفط الامريكى الارتفاع لتصل الى أعلى مستوياتها على الاطلاق مسجلة 100 دولار للبرميل الاربعاء فى بداية التداول لعام 2008. وكان النفط قد سجل تراجعاً فى بداية عام 2007 المنصرف حين انخفض دون 50 دولار للبرميل، ثم بدأ فى الارتفاع مرة اخرى. وبالرغم من هذا الارتفاع الذى سجلته اسعار النفط الا ان وكالة الطاقة الدولية تقول ان الاسعار بحساب التضخم لاتزال دون الارقام القياسية التى سجلتها فى ابريل عام 1980 والتى بلغت 101.7 دولار للبرميل بعد عام من الثورة الايرانية. وترجع الزيادة فى اسعار النفط لعدة عوامل يأتى فى مقدمتها تراجع قيمة الدولار الامريكى امام عملات رئيسية اخرى مما ساعد على تعزيز عمليات الشراء لمختلف السلع الاولية مع اقبال المستثمرين على المنتجات المسعرة بالعملة المتراجعة، كما اثر تراجع الدولار على القدرة الشرائية لايرادات اوبك وزاد القدرة الشرائية لبعض المستهلكين المسعرة واردتهم بعملات اخرى غير الدولار. ويقول بعض المحللين ان المستثمرين يستخدمون النفط كملاذ امن فى مواجهة ضعف الدولار. كما ساهمت ازمة الائتمان فى ارتفاع اسعار النفط بنسبة 40 %، حيث قام مجلس الاحتياطى الاتحادى "البنك المركزى الامريكى" بخفض اسعار الفائدة فى منتصف اغسطس 2007 ، وضخت بنوك مركزية اخرى مليارات الدولارات فى الاسواق المالية لتخفيف حدة هذه الازمة. وتسببت ازمة الائتمان ايضاً فى ركود سوق الاوراق التجارية بضمان اصول فى الولاياتالمتحدة، ووجدت بعض الاموال طريقها الى سوق الطاقة والسلع الاولية. وساعد تراجع معروض "اوبك" فى السوق على ارتفاع الاسعار، حيث قررت منظمة الدول المصدرة للبترول "اوبك" التى تضخ اكثر من ثلث انتاج العالم من النفط خفض انتاجها من الخام اواخر عام 2006 ، للسيطرة على تراجع الاسعار. وناشدت الدول المستهلكة للنفط ممثلة فى وكالة الطاقة الدولية "اوبك" ضخ المزيد من الخام، بينما قررت "اوبك" فى اجتماع عقدته فى ديسمبر ترك انتاج النفط دون تغيير لانها ترى ان النفط الموجود بالسوق كافيا. ويعتقد اغلب اعضاء المنظمة انه ليس بوسعهم فعل شىء لترويض سوق النفط التى يرون انها تتحدى المنطق. ومن ضمن العوامل التى تسببت فى ارتفاع اسعار النفط انخفاض امدادات الخام من نيجيريا ثامن اكبر بلد مصدر للنفط فى العالم منذ فبراير 2007 ، بسبب هجمات المتشددين على صناعة النفط فى البلاد، كما هو الحال بالنسبه للعراق التى تعطلت صادراتها من النفط منذ غزو الولاياتالمتحدة للعراق فى مارس 2003. كما يسيطر القلق على مستهلكوا النفط بشأن تعطل الامدادات من ايران رابع اكبر مصدر للنفط فى العالم بسبب صراعها مع الغرب بشأن برنامجها النووى. وساهمت ايضا اعطال مصافى تكرير النفط فى الولاياتالمتحدة اكبر مستهلك للبنزين فى العالم فى ارتفاع اسعار النفط، حيث زاد السحب من المخزون. ويتوقع بعض المحللين ان تواصل أسعار النفط التى قفزت الى حاجز 100 دولار للمرة الاولى الاربعاء ارتفاعها فى السنوات الخمس المقبلة، الا اذا تعثر النمو الاقتصادى بما يؤدى لابطاء الطلب على الوقود. ومن العوامل التى يرجحون أن تطيل أمد الموجة الصعودية لاسعار النفط التى بدأت عام 2002 تراجع الانتاج فى بعض المناطق خارج دول منظمة أوبك، والنمو الكبير فى الطلب خاصة من دول مثل الصين بالاضافة الى اختناقات بصناعة التكرير تحد من انتاج أنواع الوقود. من جهتها ترى المفوضية الاوروبية انه اذا ظلت أسعار النفط عند مستوياتها المرتفعة الحالية فان النمو الاقتصادى فى منطقة اليورو سيتضرر. ويقول مندوب إندونيسيا الدائم لدى أوبك ان المنظمة قد تقرر زيادة إنتاجها فى اجتماعها فى الأول من فبراير بفيينا إذا لم تكن الامدادات كافية. ويضيف إن أوبك لديها القدرة على زيادة إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميا وحذر من أن أسعار النفط قد ترتفع بدرجة أكبر. وبالرغم من هذا الارتفاع فان كل من وكالة الطاقة الدولية والولاياتالمتحدةالامريكية اعلنتا الخميس انهما لن تسحبا من مخزونات الطوارىء لديهما لكبح جماح أسعار النفط القياسية.