بدأ التحرك الفلسطيني الجاد للحصول على وضع الدولة الفلسطينية إلى عضو في منظمة الأممالمتحدة ابتداء من الجمعة الماضي 23 سبتمبر. في خطوة تاريخية رفع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية صباح أمس الجمعة طلب الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأممالمتحدة. الطلب الفلسطيني يلقي مساندة من عدد كبير من دول العالم. ولكن الولاياتالمتحدة وحلفاءها الأوروبيين يقفون ضد المطلب الفلسطيني رغم مساندة ما يقرب من 160 دولة للطلب الفلسطيني. الولاياتالمتحدة أعلنت وبكل صراحة رفضها للمطلب الفلسطيني كما أنها سعت إلى وقف السعي الفلسطيني باستخدام حق "الفيتو" الذي استخدمته الولاياتالمتحدةالأمريكية باستمرار ضد المطالب الفلسطينية والعربية العادلة. إن حق الفلسطينيين في الاعتراف بدولتهم واضح كل الوضوح. فقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم "181" والصادر عام 1947 والذي ينص أيضاً على إقامة الدولتين اليهودية والفلسطينية والذي ينص كذلك على تدويل القدس ووضعها تحت الإدارة الدولية. معركة الفلسطينيين السياسية في الأممالمتحدة. كشفت عن حقيقة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. لقد تعودنا من الرئيس الأمريكي أوباما التراجع أمام إسرائيل. في بداية توليه السلطة أكد على إصراره لوقف بناء المستوطنات. ولكنه خضع بسرعة لرغبات وإملاءات نتنياهو الذي أكد أنه الأقوى والأقدر على إجبار الرئيس الأمريكي لتنفيذ أوامر رئيس الوزراء الإسرائيلي. على الجانب الآخر نجد أوباما مستأسداً على الفلسطينيين والضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى جانب ضغوطه على الحكام العرب المتخاذلين ومطالبتهم بالتدخل من أجل عدم التصالح بين محمود عباس ومنظمة حماس في غزة. والضغوط الأمريكية والأوروبية مازالت مستمرة من أجل إقناع الرئيس محمود عباس عن لجوئه للأمم المتحدة والعودة إلى طاولة المفاوضات التي سئمناها طوال السنوات الماضية. لابد من مساندة الدول العربية كلها لمساعي عباس وتشجيعه على التقدم رسمياً للأمم المتحدة والمفروض أن يتم يوم الجمعة "أمس". استمراراً للسياسة الأمريكية لمساندة إسرائيل شن الرئيس الأمريكي ووزيرة الخارجية الأمريكية ضغوطاً مركزة على محمود عباس وعلى الحكام العرب لوقف محمود عباس عن المضي في طريقه لعرض القضية الفلسطينية على المنظمة الدولية. ملوحين له بعروض مكررة وهي العودة إلى طاولة المفاوضات التي سئمناها طوال السنوات الطويلة الماضية. إلى جانب تهديدات أوباما ووزيرة خارجيته باستخدام حق "الفيتو" على أي تحرك فلسطيني في مجلس الأمن. قام أكثر من 30 عضواً في الكونجرس الأمريكي بتقديم مشروع قانون يؤيد قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية. إذا تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب للأمم المتحدة للحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. والولاياتالمتحدةالأمريكية أعلنت عن استخدامها حق "الفيتو" ولكنها في نفس الوقت تسعى للحصول على موافقة "9" من أعضاء مجلس الأمن للهروب من استخدام الفيتو. الملك عبدالله الثاني عاهل الأردن حذر الولاياتالمتحدةالأمريكية من استخدام حق "الفيتو" ضد طلب انضمام فلسطين إلى الأممالمتحدة.. قال العاهل الأردني: "إذا أقدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية على هذه الخطوة. فإنها سوف تواجه شرق أوسط ينظر إليها بمنظور غاية في السلبية واعتبارها جزءاً من المشكلة". مجلة "إيكونوميست" البريطانية قالت: "أوباما الآن يجد نفسه منزلقاً إلى مجموعة من الصراعات مع أفضل أصدقاء واشنطن في الشرق الأوسط. وهي الصراعات التي قد لا يمكن أن يكون لها مخرج أو حل في منطقة كانت بالأمس القريب كالبحيرة الهادئة التي يحرس شواطئها الأسطول الأمريكي السادس". أضافت المجلة: "إنه مع عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فإن أمريكا ستفقد مصداقيتها لدى العالم العربي. كما أن ذلك الرفض الأمريكي سيدمر جهوداً بذلتها الولاياتالمتحدةالأمريكية لتقديم صورتها كراع للمصالح العربية". لقد شاهدنا في هذه الفترة تحركات للقادة العسكريين الأمريكيين في الشرق الأوسط وفي دول عربية ولا شك أن تلك التحركات ارتبطت برغبة الولاياتالمتحدة للضغط على الفلسطينيين من جانب الدول العربية. ولكن هذا التفكير الأمريكي نسى أن هناك غلياناً قومياً وثورياً في المنطقة العربية وأن العرب لن يكونوا بعد اليوم أدوات لأمريكا. المضحك في الموقف الأمريكي أن الرئيس باراك أوباما.. ألقى خطاباً منذ عام تقريباً صرح أنه يتطلع إلى دولة فلسطينية تدخل الأممالمتحدة عام 2011. إننا نشعر بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية قلقة من التصرفات الإسرائيلية ولكن الإدارة الأمريكية مرغمة على مساندة إسرائيل خوفاً من ضغوط اللوبي الصهيوني الأمريكي والمؤيد لإسرائيل مهما كانت تصرفاتها ضد المصالح الأمريكية. الولاياتالمتحدة تسعى بكل ما لديها من جهد لوقف الخطوة الفلسطينية. الرئيس الأمريكي أعلن من على منصة الأممالمتحدة أن السلام لا يتحقق بالبيانات والقرارات في الأممالمتحدة. ويتعرض الفلسطينيون هذه الأيام لضغوط كبيرة من جانب الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة لتخليهم عن حقهم المشروع في المطالبة بالاعتراف بهم كدولة رغم أن الدولة الفلسطينية معترف بها من أغلبية الدول وبقرارات متعددة من جانب المنظمة الدولية. ولكن رغم ذلك يصر الرئيس الأمريكي باراك أوباما على ممارسة الضغط على الرئيس محمود عباس.. كما أن الرئيس الأمريكي مازال يمارس الضغوط على بعض الدول العربية ومطالبتهم بالضغط على الرئيس الفلسطيني للتخلي عن مطلب عضوية فلسطين في المنظمة الدولية. الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي يضغطان من أجل قبول عباس بالعودة إلى طاولة المفاوضات التي سئمنا من الاستماع عنها. في نفس الوقت الذي يتحدث فيه نتنياهو عن ضرورة المفاوضات فإنه يضع شروطاً لا يمكن قبولها فقد وصف نتنياهو حق العودة للفلسطينين بأنه ضرب من الخيال كما أكد نتنياهو على بقاء القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.. ولا شك أن هذه المطالب لا تعني إلا إعلان الحرب على الفلسطينيين بعيداً عن أي تفاوض. بصراحة.. نحن العرب يئسنا من المفاوضات والألاعيب الإسرائيلية الأمريكية. ولم يعد أمامنا أي مخرج إلا الذهاب للجمعية العامة للأمم المتحدة. الفلسطينيون والعرب كانوا يتحاشون في الماضي طرق أبواب الأممالمتحدة ولكن ما حدث من ثورات في كل أنحاء الوطن العربي. غيَّر كل المفاهيم. لم تعد مصر تهتم إلا بمصالحها ومصالح الأمة العربية بعد أن انقطعت خيوط المحبة بين الرئيس المصري المخلوع والزعماء الإسرائيليين الذين اعتبروا مبارك هو كنزهم الأكبر في الشرق الأوسط. ما حدث في المنطقة العربية من زلزال امتد إلى خارج الحدود العربية. يؤكد لإسرائيل أن أسلوب الغطرسة الإسرائيلية يجب أن يتوقف. لم يعد نتنياهو قادراً على مطالبة محمود عباس أن يقف أمام شعبه ويقول لهم سأقبل بوجود دولة يهودية في إسرائيل. ولم يعد نتنياهو قادراً الآن أن يقول أمام الكونجرس الأمريكي.. أقول لعباس مزِّق اتفاقك مع حماس واجلس وتفاوض واصنع السلام للدولة اليهودية. لقد تأخر العرب في نقل قضيتهم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة واليوم جاء الوقت الذي يتحرك فيه الفلسطينيون فالشعوب العربية ملَّت التبعية الأمريكية وملَّت الحديث عن المفاوضات فتحركوا للذهاب إلى الأممالمتحدة لاتخاذ موقف جاد لحل القضية الفلسطينية دون تأخير اليوم فنحن متأكدون من حدوثه غداً. نقلا عن جريدة الجمهورية