مأساة جديدة في عرض البحر المتوسط قد تكون الأسوأ على الإطلاق, فجرت الاهتمام العالمي بقضية الهجرة غير الشرعية والذي جاء متأخرا عن موعده, إذ لقي نحو 700 شخص من المهاجرين غير الشرعيين حتفهم بعد غرق قاربهم على بعد مائة وعشرين ميلا من جنوب جزيرة لامبيدوسا أثناء محاولتهم الوصول إلى الشواطىء الإيطالية. مثلت هذه المأساة الإنسانية الخطيرة حلقة جديدة في سلسلة حوادث شهدها الأسبوع الماضي, وجميعها لقي فيها مئات المهاجرين واللاجئين مصرعهم, حيث يزداد عدد الفارين من الحروب والمهاجرين غير الشرعيين والباحثين عن الأمل المفقود زيادة قياسية, والهجرة غير الشرعية هي "رحلة الموت" لكونها رحلة نحو المجهول ومغامرة يجهل فاعلها عواقبها ونتائجها. وقد تجاوز عدد من لقوا مصرعهم من المهاجرين غير الشرعيين قد تجاوز منذ بداية العام الحالي وحتى الآن 1500مهاجر, فيما لقي 3 آلاف و500 مهاجر حتفهم في العام الماضي, الأمر الذي دفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى دعوة الدول الأوروبية الأعضاء والاتحاد الأوروبي لتعزيز الجهود الموجهة للتعامل مع الوضع الصعب للباحثين عن اللجوء عند الحدود. وشدد مون على أن يكون الرد الدولي شاملا ومشتركا, فالتحدي لا يكمن في تحسين عمليات الإنقاذ في البحر فحسب, بل يكمن أيضا في تأمين حق اللجوء للأعداد المتزايدة من الفارين في كل العالم من الحروب والمحتاجين للملجأ وبر الأمان على حد ما ذكره بيانه الصحفي. ويسعى آلاف الأشخاص للوصول إلى أوروبا انطلاقا من السواحل الليبية, مستفيدين من الأزمة الليبية التي تسببت في حالة من الانفلات الأمني. ويشكل سكان الدول الأفريقية والشرق أوسطية الغالبية العظمى من المهاجرين, وخاصة الدول التي تشهد حروبا واضطرابات أمنية, وتعد إيطاليا من أكثر الدول الأوربية استقطابا للمهاجرين غير الشرعيين, حيث بلغ عدد المهاجرين إليها على مدى الشهور الأربعة الماضية 15 ألف مهاجر, بالإضافة إلى 1600 مهاجر لقوا حتفهم في البحر غرقا, وأغلب هؤلاء المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء وسوريا وليبيا وارتيريا وبجلاديش واثيوبيا والصومال. مأساة المهاجرين غير الشرعيين الفارين إلى الشواطىء الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط باتت أزمة عالمية ملحة تتطلب تضافر الجهود لحلها خاصة وأن البحر المتوسط هو بحر مشترك بين قارتي أفريقيا وأوروبا, والحلول المطروحة لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا تتمثل في إيقاف مهربي البشر الذين ينظمون الرحلات المحفوفة بالخطر, وفي اتخاذ بعض التدابير العاجلة ومن بينها مضاعفة ميزانية عملية "تريتون" للمراقبة البحرية في البحر الأبيض المتوسط , وأن تسهم الدول الأوروبية الثمانية والعشرين في تحمل مسئولية اللاجئين والمهاجرين, حيث إن ست فقط من تلك الدول ترعى 75 % من اللاجئين. وفي محاولة لحل سريع لهذه القضية قررت مسئولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني إنشاء "قوة ضاربة" لردع مهربي المهاجرين تبدأ مهمتها في أقرب فرصة, فيما دعا دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي إلى عقد قمة أوروبية طارئة في العاصمة البلجيكية بروكسل بعد غد الخميس لمناقشة كافة الجوانب المتعلقة بهذا الشأن, منوها بعدم توقعه التوصل لحلول سريعة وجذرية لقضية المهاجرين, قائلا" إن الحلول لو وجدت لكانت استخدمت منذ زمن بعيد". ومصر ليست بمنأى عن هذه الجهود الدولية فقد صدر قرار رئيس الوزراء بتشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية, والتي تتولى مسئولية العمل على نشر الوعي بهذه القضية المهمة وطرح الحلول الواقعية للقضاء على هذه الظاهرة من خلال عدد من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال, والتعرف أيضا على الجهود الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية.