عادت جزيرة لامبيدوسا الإيطالية التي تعد أقرب نقطة من قارة أفريقيا، إلى واجهة الإعلام العالمي في الأعوام الأخيرة، بعد مقتل العديد من المهاجرين غير الشرعيين، الذين يلجأون إلى الإبحار في مياه البحر الأبيض المتوسط بقوارب صغيرة بهدف الوصول إلى الدول الأوروبية. وسنويًا تشهد لامبيدوسا، التي بات اسمها مرتبطًا بكوارث المهاجرين، تدفقًا لآلاف المهاجرين غير الشرعيين الهاربين من الحروب، والفقر، والظروف المعيشية السيئة في بلدانهم، في رحلة "أمل"، حيث وصل 278 ألف شخص إلى البلدان الأوروبية، منهم 170 ألف شخص استخدموا الأراضي الإيطالية، بينهم 142 ألف شخص اجتازوا الجزيرة قادمين من الأراضي الليبية. الجزيرة التي عاد اسمها ليكون محط اهتمام الإعلام العالمي بعد مقتل أكثر من 300 شخص في كارثة غرق قوارب، تقل مهاجرين غير شرعيين، في السابع من شهر فبراير/شباط الجاري، تعتمد على السياحة كمصدر رئيسي للدخل. وفي تعليقها على كارثة الأسبوع الماضي، وصفت رئيسة بلدية لامبيدوسا "جوزي نيكوليني"، الحادثة "بالأمر المحزن"، مشيرةً إلى أن سكان الجزيرة يساعدون بشكل مستمر المهاجرين، مضيفةً: "ولكن لا أعرف إلى متى يمكن أن يستمر ذلك". وقالت "جوزي"، في معرض إجابتها على أسئلة مراسل الأناضول، حول تعامل أوروبا مع التطورات التي يشهدها محيط الجزيرة: "لا توجد أوروبا، فقد أغلقت أعينها، وأدارت رأسها باتجاه آخر، كما أن الاتحاد الأوروبي أصبح متفرجًا أمام المستجدات في الجزيرة ومحيطها". ويظهر سكان لامبيدوسا تفهمًا لوضع المهاجرين الراغبين في بناء حياة جديدة بعيدة عن الظروف السيئة في بلدانهم، إلا أنهم متذمرون من طرح اسم جزيرتهم في الأجندة العالمية فقط لدى حدوث كارثة مهاجرين. "غايتانو" أحد سكان الجزيرة العاملين في مجال صيد الأسماك قال: "من المؤسف أن أولئك البؤساء يفرون من الحرب، ويأتون من أجل البدء بحياة جديدة، وطبعاً فإنهم يخاطرون بحياتهم ويأتون إلى لامبيدوسا، ولكننا نحن الإيطاليين لا نستطيع تحمل كل شيء". وأعرب "غايتانو" عن تذمره جراء الاهتمام الزائد من وقت لآخر بالمهاجرين دونهم، وتابع: "أخجل من قول ذلك، ولكن لا يأتي الصحفييون إلا عند قدوم دفعة من المهاجرين، وعندما أذهب إلى المستشفى لدى مرضي، يهتمون بالمهاجرين قبلي، ولكن يمكن أن يكون المهاجرون محتاجين للعناية أكثر مني، وكما رأيتم فقد مات 29 شخصًا تجمدًا في آخر حادثة". بدورها، أكدت "ريتا"، صاحبة محل لبيع الهدايا في الجزيرة، أنها ضد العنصرية أو معاداة المهاجرين، معربة عن انزعاجها من ربط اسم الجزيرة مع مآسي المهاجرين، أو تدفقهم إليها فقط. وقال وزير خارجية إيطاليا "باولو جينتيلوني"، في تصريحات للصحفيين بنيويورك، أمس الجمعة، إنه لابد من توسيع نطاق الإجراءات الهادفة للحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، لتصل إلى الدول التي يمر عبرها المهاجرون مثل ليبيا وتركيا، خاصة بعد مأساة المهاجرين الأخيرة في البحر المتوسط، التي أسفرت عن مقتل 300 شخص. وأضاف جينتيلوني، إن عملية "تريتون" للتصدي للهجرة غير الشرعية غير كافية بشكلها الحالي، قائلًا: "علينا أن نفعل أكثر من ذلك". وفي إشارة للانتقادات التي وجهت لإيطاليا بعد إيقاف عملية "مار نوستروم" الإنسانية، التي أنقذت أرواح آلاف المهاجرين العام الماضي، واستبدالها بعملية "تريتون"، قال جينتيلوني: "علينا تجنب تلك النقاشات السياسية، عندما نكون أمام مأساة إنسانية بهذا الحجم"، مضيفًا أن إيطاليا فعلت ولا تزال تفعل الكثير فيما يتعلق بالتعامل مع الهجرة غير الشرعية، إلا أن هذا لا يكفي للأسف. وطالب وزير الخارجية الإيطالي، الاتحاد الأوروبي بعمل المزيد فيما يتعلق بموضوع الهجرة غير الشرعية، مشيرًا إلى أن الميزانية الشهرية لعملية تريتون التي تبلغ 3.9 مليون يورو وهي غير كافية، موضحًا أن زيادة الجهود الإنسانية وحدها لن تكون كافية. وقُتل أكثر من 300 شخص في كارثة غرق 3 قوارب من أصل أربعة، كانت تقل مهاجرين غير شرعيين من ليبيا إلى إيطاليا، في 7 شباط/ فبراير الجاري، فيما تمكنت فرق الإنقاذ من إنقاذ 76 مهاجرًا، أُعلن أنه سيتم نقلهم إلى مراكز المهاجرين في عدد من المدن الإيطالية. وفي 18 أكتوبر 2013، أطلقت القوات البحرية الإيطالية عملية "مار نوستروم"، بمشاركة 920 عسكريًا، و4 سفن من سلاح البحرية، واستطاعت إنقاذ آلاف من المهاجرين في البحر المتوسط. وأوقف الاتحاد الأوروبي نهاية العام الماضي عملية "مار نوسترم" دون توضيح الأسباب، وأطلق عملية "تريتون، التي تديرها وحدة حماية الحدود الأوروبية "فرونتكس" (تابعة للاتحاد الأوروبي ومقرها العاصمة البولندية وراسو)، لحماية شواطئ جنوب أوروبا.