نقلا عن : الاخبار 01/05/07 القضاة بشر فلا ينبغي علينا أن نطلب منهم أن يكونوا فوق البشر.. القضاة بشر فلا تلبسوهم ثوب الملائكة وتطلبوا منهم ان يصل تجردهم وعدلهم إلي منتهاه ويكونوا معصومين من الخطأ.. لأن الخطأ سمة البشر.. القضاة بشر يعملون بوحي من ضمائرهم ليحققوا العدل صفة من صفات الله عز وجل لذلك فلا تحملوا القضاة فوق طاقاتهم ولاتجعلوهم فرقا وشيعا متناحرة.. فليس هناك قاض اصلاحي وآخر معتدل وثالث متعصب فالقضاة سواسية في تحقيق العدل المطلق لا يرهبه في الحق لومة لائم.. كما أنه ليس هناك قاض يخرج عن منصته العالية إلي الطريق العام ويحتج لأن الأمر الموكول إليه وهو تحقيق العدالة اسمي وأعظم من أن يباشره الا قاض. ليس هناك ولن نسمع ولم نقرأ في تاريخ القضاء المصري الشامخ وحتي الآن وإلي الأبد ان شاء الله أن مجموعة من القضاة احتجت علي تشريع صدر من الجهة المنوط بها اصداره ذلك لان مفهوم دور قضاة مصر أنهم يطبقون القانون ولايحتجون عليه.. اقول قولي هذا بمناسبة التعديل الذي ارتأته السلطة التشريعية في تعديل بعض مواد الدستور اعمالا لما افترضه السيد رئيس الجمهورية الرئيس محمد حسني مبارك بالنسبة لبعض المواد ومنها المادة 88 من الدستور التي جعل فيها الاشراف القضائي لانتخابات المجلسين التشريعيين 'مجلس الشوري ومجلس الشعب' هو الاصل بحيث جعل ذلك الاشراف كليا بالنسبة للقضاة علي اللجان العامة والفرز وتشرف لجنة عليا معظمها من القضاة علي كل مراحل العملية الانتخابية. ومن منظور تاريخي فإن هذا الاشراف الكلي منذ بداية العملية الانتخابية وحتي نهايتها إلي إعلان النتيجة موكول للقضاة دون سواهم وان ماجاء بالمادة 88 من الدستور من تعديل يعد اجراء تنظيميا لا أقل ولا أكثر والمفترض في كل موظف مصري يشارك القضاة المسئولية في العملية الانتخابية انه أمين علي رسالته التي اوكلها اليه المشرع وليس القضاة فحسب هم الشرفاء وحدهم لانهم وبحق وان كانوا كذلك فإلي جوارهم ابناء مصر الشرفاء الذين يضعون الله ثم الوطن نصب اعينهم وهم يباشرون مهامهم في ادارة العملية الانتخابية.. وحسبنا في هذا المقام ان نقول ان اعتراض بعض من السادة رجال القضاء علي هذا التعديل ليس في موضعه بعدما طرح السيد الرئيس تلك المواد ومنها المادة 88 في استفتاء شعبي ووافقت الاغلبية من الشعب عليه ثم عرض علي نواب الامة ممثلين في اعفاء مجلسي الشعب والشوري وحظي بالموافقة من الاغلبية فأضحي تشريعا يعمل به فإن كان للاعتراض موضعه سلفا باعتبار القضاة مواطنين مصريين لهم حق الاعتراض فان الآن والحال علي نحو ما تقدم فليس للاعتراض مكان. ولايفوتنا في هذا المقام ان نتعرض لموضوع رفع سن التقاعد للقضاة الي السبعين سنة والذي صدر به مؤخرا تعديل تشريعي من مجلسي الشعب والشوري فنقول انه من المعلوم ان تقاعد رجال القضاء في كثير من دول العالم يتراوح بين السبعين والخامسة والسبعين بل ان بعض الدول تترك لكل قاض من قضاتها تحديد تاريخ تقاعده حسب قدرته علي الاستمرار في اداء رسالة القضاء ولقد كان مستشارو محكمة النقض المصرية منذ انشائها في عام 1931 وحتي 1942 يتقاعدون في الخامسة والستين وكانت سن التقاعد لمستشاري محكمة الاستئناف المختلطة سبعين سنة وعلة ذلك كما اوردها المشرع انذاك فإن رجل القضاء كلما تقدمت به السن يزداد علما وخبرة ونضجا وحكمة ويصبح أكثر قدرة علي النفاذ الي الحقائق واستخلاص النتائج. ولما كان القضاة بعد سن الستين أو يزيد هم ثروة يجب الحفاظ عليها حيث كانت محاكمنا تفقد كل سنة اعدادا كبيرة من هذه الخبرات التي بلغت قمة النضج القضائي في الوقت الذي تشكو فيه المحاكم من النقص الملحوظ في اعداد القضاة مع الزيادة المطردة في اعداد القضايا في مختلف درجات التقاضي فإنه يكون من غير المقبول ان يفرط الوطن في شيوخ القضاة وهم صفوة الكفايات ذوي الخبرة الطويلة القادرين علي العطاء في محرابهم لذلك فقد اصاب المشرع اذ رفع سن التقاعد الي السبعين وليته في تعديل قادم يجعل سن التقاعد خيارا لرجل القضاء ذاته تأسيا بما سنته الدول المتقدمة في هذا المجال احتراما واجلالا منهم لرجال القضاء في اوطانهم.. وجدير بالذكر في هذا المقام ان نرجع الفضل إلي صاحبه بالنسبة للامرين سالفي الاشارة اليهما وان نذكر بالاحترام والتقدير صاحب الجهد المضني الذي اقترح مأسلف طرحه ونشكر السيد الرئيس محمد حسني مبارك لتقريره الضمانات التي تكفل استقلال السلطتين التشريعية والقضائية عن السلطة التنفيذية ورقابة كل منهما للاخيرة. وعود علي بدء ولان القضاة بشر فإن مصر بجموع مواطنيها يقدرون لرجال القضاء المصري الشامخ ما يبذلونه من جهد في سبيل تحقيق العدل وصدق من قال ان في مصر قضاة .