أثارت انتقادات الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» الدكتور أيمن الظواهري ل «مراجعات» الإسلاميين في السجون المصرية، رداً غير مباشر من «الجماعة الإسلامية» التي كانت أول من بادر في تسعينات القرن الماضي إلى إطلاق مبادرة سلمية من داخل السجن كرّست لاحقاً لتراجع قيادتها عن كثير من التبريرات الشرعية التي قدمتها في السابق لعمليات العنف التي نفذته ضد الحكم المصري. ويُتوقع أن يُصدر الأمير السابق ل «جماعة الجهاد» الدكتور سيد إمام عبدالعزيز الشريف (الدكتور فضل) «مراجعات» أخرى من سجنه في مصر خلال فترة قريبة. وأكدت أوساط مطلعة على هذا الملف أن «الأجهزة الأمنية لم تتدخل مطلقاً في توجيه المراجعات»، مشيرة مثلاً إلى أن «إعلان المبادرة السلمية للجماعة الإسلامية في العام 1997 كان مفاجئاً حتى لبعض قادة الجماعة المسجونين والأمن على حد سواء»، مما يدل على أن المبادرة لم تصدر بناء على «صفقة» أبرمتها القيادة التاريخية للجماعة وأجهزة الأمن. وكان الظواهري استغرب في كلمة مسجلة له وزّعت قبل أيام في شبكة الانترنت، كيفية وصول بيانات الذين يقومون بالمراجعات داخل السجون إلى وسائل الإعلام، ملمحاً إلى أن ذلك يشير ربما إلى أن الأمن يتدخل في إخراجها، واعتبر أن هؤلاء «المتراجعين» قد يكونوا «تعرضوا للتعذيب فأقدموا على المراجعات مكرهين أو يائسين». وكان الظواهري يرد بذلك على «مراجعات» القيادي السابق في جماعة «الجهاد» سيد إمام (الدكتور فضل) من دون أن يسميه. ولفت متابعون لملف الجماعات المسلحة في مصر إلى أن جلسة المحكمة التي شهدت إعلان «الجماعة الإسلامية» مبادرة وقف العنف في 5 تموز (يوليو) 1997 شهدت أيضاً صدور أحكام مشددة منها 4 بالإعدام نُفذت في الشيخ محمد فوزي وحسام خميس ومحمد مصطفى وأحمد عبدالفتاح، الأمر الذي ينفي أن المبادرة صدرت بناء على «صفقة» أو «اتفاق» مسبق مع الأمن. وفي هذا الإطار، يروي عضو «الجماعة الإسلامية» محمد أمين عبدالعليم (40 عاماً) الذي تلى بيان مبادرة وقف العنف في المحكمة عام 1997 تفاصيل ذلك اليوم، فيقول في حوار نُشر على موقع «الجماعة» على شبكة الانترنت: «في ذلك اليوم وجدت الشيخ كرم زهدي (عضو مجلس شورى الجماعة) والشيخ علي الشريف يطالباني بأن أقوم أثناء وجود وسائل الإعلام في المحكمة بإلقاء البيان وهو أن «قيادة الجماعة الإسلامية تدعو إلى وقف العمليات العسكرية والبيانات المحرضة لها من جانب واحد ومن دون قيد أو شرط وذلك لمصلحة الإسلام والمسلمين» ...أكدا لي ضرورة أن يكون الإعلان مفاجئاً بحيث لا يمنعني منه أحد». ويوضح: «حفظت البيان ولم أستطع كتابته لأن تفتيشات السجون كانت غاية في السوء في ذلك الوقت (أي خشية أن يصادره الأمن خلال التفتيش)». ويقول إنه «كانت لي هواجس من ناحية إخواني في القضية، إذ كان من السهل أن تقول البيان ولكن لا تعرف ما رد الفعل عليك وكيف سأرد على استفسارات الأخوة الموجودين وكيف أُثبت أن هذا التوجه حقيقي بعد هذه السنوات الطويلة من الصدام بين الجماعة والدولة والتي استبيحت فيها كل المحرمات من قبل الطرف الآخر وكل من حولي يرى أن هذه العمليات العسكرية بمثابة رد على ظلم واضح وبيّن وقع علينا». ويتابع: «مع خروجي من السجن وتوجهي إلى المحكمة حدث تفتيش شديد وفوجئت في السيارة بشيخي الشيخ محمد فوزي وكان عليه حكم بالإعدام في قضية السويس، فقلت له إن هناك توجهاً جديداً للجماعة الإسلامية طلب المشايخ في الليمان مني إعلانه في جلسة اليوم، أرجو أن توافقني عليه وتؤمنني أثناء الحديث مع وسائل الإعلام حتى لا يتدخل أحد (من سجناء الجماعة) في الحديث سلباً أوايجاباً. وكان أهم شيء قاله المرحوم محمد فوزي - رحمه الله - إننا نثق في مشايخنا وفي دينهم ودنياهم وأمانتهم، ولكن المهم أن نعلم المسوّغات الشرعية لهذا التوجة الجديد». ويشير إلى أن «هناك من الاخوة من أيّد هذا التوجه، وهناك من شكك في جدواه مع تلك الأنظمة».