جزيرة " بيتكيرن " الكبرى بالمحيط الهادئ ،هى واحدة من المستعمرات البريطانية 14 الباقية من أقاليم ما وراء البحار التى كانت تتبع الامبراطورية البريطانية ، الا ان هذه الجزيرة تعانى من الوحشة فلا يرغب احد بالانتقال و العيش فيها . والجزيرة الصغيرة تقع ضمن مجموعة من الجزر يطلق عليها اسم مجموعة جزر بيتكيرن the Pitcairn Group of Islands التى تتكون من 4 جزر بركانية جنوبى المحيط الهادى ، وهى الارض التى لجأ اليها المتمردون على السفينة " بونتى HMS Bounty " الشهيرة التى خلدت قصة "فلتشر كريستين Fletcher Christian" بطل رواية " تمرد على السفينة بونتى Mutiny on the Bounty "التى اصبحت علامة فى الادب العالمى . و ينحدر معظم سكان الجزيرة من المتمردين الثمانية الذين استقروا في الجزيرة في عام 1789 بعد تمرد فلتشر كريستين ضد "ويليام بلاي William Bligh" قبطان السفينة بونتى ، الذى كان قد جلب معه على ظهر السفينة ستة رجال بولينيزيين واثنا عشر من نساء تاهيتي . و تعانى الجزيرة منذ سنوات من قلة قاطنيها ، و تناقص اعداد السكان ، و زيادة اعمارهم حيث اصبح متوسط الاعمار هناك نحو 50 عاما ، و لم يعد يعيش بها الان سوى 50 مستوطنا فقط ، و الذين شنوا العديد من الحملات للترويج و استقدام مستوطنين جدد الى الجزيرة الخالية ، و التى مازالت تتمتع بالأرض الخصبة الخالية ، و الطقس الجيد ، و الامان حيث لا توجد اى فرص للمواجهة مع الجزر والدول المجاورة. الجزيرة للاسف تسبقها سمعة سيئة ، حيث شوهت بفضيحة إساءة معاملة الأطفال في عام 2004، عندما سجن بها ستة رجال لارتكابهم جرائم جنسية، وكان من بينهم " ستيف كريستن Steve Christian" حاكم الجزيرة والذى يصل نسبه للمتمرد "فليتشر كريستين". ولقد كانت جزيرة " بيتكيرن " شبه الاستوائية التى تبلغ مساحتها نحو 2 ميلا مربعا فقط ، قد شهدت اوج ازدهارها قبل الحرب العالمية الثانية، حيث عاش على ارضها نحو 200 شخص ، الا انه منذ ذلك الوقت بدا تناقص اعداد المستوطنين بسب الوفاة و عدم وفود اى اشخاص جدد . " جاكى كريستين Jacqui Christian " 44 عاما ، و هى مثل العديد من ابناء "بيتكيرن" ، غادرت الجزيرة في سن 12 عاما لتلقى تعليمها بمدرسة داخلية في نيوزيلندا ولم تعود إلى الجزيرة منذ 20 عاما .. و تقول " جاكى " ان اهل الجزيرة قرروا شن حملة منذ ثلاث سنوات لاستقدام وافدين جدد الى الجزيرة ليصل عددهم الى 80 شخصا ، لكن شخص واحد فقط هو من استجاب للنداء ، وعلى الرغم من أن الحكومة هناك توفر لجميع المهاجرين خطة تتضمن بناء منزل خاص بالوافد الجديد للاستمتاع بجو الجزيرة الرائع. و تضيف " جاكى" ان السبب فى عزوف المهاجرين هو عدم توافر الوظائف على الجزيرة حيث ان عددهم لا يسمح بخلق فرص عمل ، ويستخدم سكان الجزر بيع الطوابع التذكارية لجمع الأموال ، وبطبيعة الحال، جمع الطوابع لم تعد هواية شعبية و منتشرة كما كانت من قبل .. و الحياة اصبحت اصعب على الجزيرة حيث لم تعد تمر عليها سفن كثيرة ، واصبح السفن العاملة بين بيتكيرن ونيوزيلندا قليلة العدد ، و هى التى تعد اقرب مكان الى الجزيرة و تبعد عنها بأكثر من 3 آلاف كم ، و بالجزيرة متجر عام واحد فقط ، يفتح ابوابه ثلاث مرات في أسبوع ، و جميع احتياجات اهل الجزيرة من الطعام و مستلزماتهم المختلفة تاتى من نيوزيلندا كل ثلاثة أشهر. واعترفت " جاكى كريستين" ان موقع الجزيرة البعيد وسط مياه المحيط الهادى الجنوبية ، يجعل كل من يفكر بالهجرة اليها يحس بانه سينتقل الى وسط " اللامكان " ، الا ان بمجرد الوصول الى ارض الجزيرة لن تشعر باى اختلاف عن اى مكان معمور على الارض ، فهناك الكهرباء و الاتصال بالانترنت ، و لكن اهم ما يميز هذه الجزيرة هو انها تعد بمثابة مكان خاص حيث لايتعدى متوسط الحرارة 17 درجة معظم اوقات السنة ، وتتلالا النجوم بوضوح فى السماء ليلا ، و هوائها عليل ، و ينعدم بها التلوث السمعى و الضوئى و الهوائى ، فضلا عن شواطىء و رمال بكر لا تراها فى اى مكان اخر .