هل يمكن أن يستيقظ اللبنانيون ذات صباح ليجدوا أنفسهم بلا رئيس؟! يقفز هذا التساؤل المرعب وسط مخاوف من ضياع الفرصة الأخيرة للتوافق عبر جلسة مجلس النواب اللبناني برئاسة نبيه بري المقررة يوم الثلاثاء القادم. وذلك عقب فشل جلسة 25 سبتمبر الماضي بسبب عدم اكتمال نصاب الثلثين من أعضاء المجلس لغياب نواب المعارضة المؤيدة لسوريا. ومنذ تلك اللحظة دخل لبنان مرحلة حاسمة لاختيار رئيسه قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي الحليف الرئيسي للنظام السوري إميل لحود في 24 نوفمبر القادم، وهو موعد نهاية المهلة الدستورية لحسم معركة الرئاسة. ولذلك تشكل جلسة مجلس النواب في 23 من هذا الشهر الفرصة الواقعية للخروج بلبنان من أزمته السياسية العميقة والتي أثرت بشكل كبير علي المؤسسات وتسببت في القطيعة والتناحر بين أقطاب السلطة علي مدار أكثر من عام. .. ينص الدستور اللبناني علي أن ينتخب مجلس النواب رئيس الجمهورية خلال الشهرين اللذين يسبقان انتهاء ولاية الرئيس الحالي الموالي لسوريا إميل لحود. وذلك في 24 نوفمبر القادم. وطبقاً للدستور يتم انتخاب الرئيس الجديد بالاقتراع السري بغالبية الثلثين »86« من مجلس النواب »128« في الجولة الأولي. ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الانتخاب التالية وتعتبر المعارضة التي يقودها حزب الله المدعوم من سوريا وإيران أن الجلسات اللاحقة لا يمكن أن تنعقد إذا فشل عقد الجلسة الأولي، أما الأغلبية بقيادة سعد الحريري زعيم تيار المستقبل والمناهض للنفوذ السوري في لبنان فتري أن جلسة 23 أكتوبر الحالي هي الفرصة الأخيرة لتسوية الملف الرئاسي من خلال الاقتراع بالنصف زائد واحد إذا لم يحصل توافق. وتعتبر الموالاة ذلك محاولة إنقاذ بيروت من الوقوع في هوة الفراغ. ودخلت الأطراف المتصارعة في سباق محموم بين وجود فرصة للحل واحتمالات خطيرة جداً لعرقلة الحل وسيكون لذلك تأثيراته الخطيرة، ليس علي لبنان فقط، ولكن علي منطقة الشرق الأوسط. وسط تصاعد الأحداث في الشارع السياسي اللبناني تبقي الجبهات مفتوحة علي عدة سيناريوهات أخطرها تكرار سيناريو غزة الذي فرضه الصراع بين حركتي فتح العلمانية بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس »أبومازن« وبين حركة حماس ذات التوجه الديني بقيادة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعزولة إسماعيل هنية، ليجد الجميع أنفسهم أمام واقع أشد مرارة مما تعيشه غزة اليوم، وبالتالي سيكون هناك رئيسان وحكومتان وهو ما حدث عام ،1988 ففي هذا العام فشل القادة اللبنانيون في التوافق علي رئيس لبلدهم فقام رئيس الجمهورية في ذلك الوقت أمين الجميل بتسميته قائد الجيش في هذه الفترة »العماد ميشيل عون« رئيساً لحكومة انتقالية، وذلك في مواجهة حكومة رئيس الوزراء سليم الحصي. وإذا حدث ذلك في ظل هذا المناخ المحتقن بين اللبنانيين فإن شبح الحرب الأهلية سيطل بوجهه القبيح، خاصة أن هناك ظروفاً داخلية وتدخلات ومصالح إقليمية ودولية تسعي وبشكل حثيث للاستفادة من صراع الفرقاء في لبنان. أما السيناريو الثاني فمحوره المادة 49 من الدستور اللبناني، والتي من المؤكد أن تستغلها الأغلبية »الموالاة« ضد المعارضة المدعومة من سوريا. وتنص تلك المادة علي »انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من البرلمان. وذلك في الجولة الأولي، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الانتخاب التي تليها«. وبالتالي يمكن اختيار الرئيس الجديد في الجلسة القادمة التالية ل 25 سبتمبر بدون موافقة المعارضة. وهناك سيناريو تفرضه الولاياتالمتحدة والتي لا تمانع في عقد جلسة نيابية لنواب الموالاة وليس بنصاب النصف زائد واحد، ولكن بمن حضر ولو ب 20 نائباً وفي أي مكان خارج البرلمان. وذلك لانتخاب رئيس من الأكثرية ومحاولة فرضه علي اللبنانيين. وإن كان المراقبون يستبعدون هذا السيناريو وحذر الرئيس اللبناني إميل لحود من ربط ملف الرئاسة في بلده بملف المنطقة وبقرار الانسحاب الأمريكي من العراق أو عدمه، وهذا يعني استمرار الصراع الرئاسي اللبناني حتي مارس القادم، وهذا يهدد لبنان بالانفجار وإلقاء حممه علي المنطقة بأسرها.