الإجراءات التقشفية، التى أعلنها رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل لمعالجة العجز فى الموازنة العامة، ومحاولة الوصول به إلى 135 مليار جنيه بنهاية العام المالى الجارى، بدلا من 170 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الماضى، أثارت موجة من التحفظات حول البنود التى سيطالها ذلك التقشف والجدوى منه، خصوصا فى ظل عدم وضوح تلك الإجراءات، وربما إخفاء عديد من بنودها. الخبير الاستثمارى أحمد فؤاد، قال إن سياسات التقشف قد تبدو جذابة من الناحية النظرية للسيطرة على النمو فى الدين العام، ووضع المالية العامة للدول، غير أن المشكلة هى أن تلك السياسات ستكون مكلفة جدا للدول المدينة، لأنها ستخفض مستويات الطلب الكلى. فعلى سبيل المثال رفع معدلات الضريبة سيخفض مستويات الدخل بعد الضريبة، كما أن خفض مستويات الإنفاق الحكومى سيقلل الإنفاق الكلى، وكلاهما يؤدى إلى خفض معدلات النمو، ومن ثَم رفع معدلات البطالة، كذلك ارتفعت درجة عدم الاستقرار السياسى فى كثير من الدول المدينة نتيجة سياسات التقشف، فآلاف من الناس تنزل الشوارع من وقت إلى آخر فى تلك الدول، اعتراضا على عمليات الخفض المتزايد فى الإنفاق الحكومى التى تؤثر بصورة سلبية فى خدمات التعليم والصحة وغيرهما من الخدمات العامة، كما لن تتمكن الأحزاب التى وقّعت اتفاقيات التقشف التى صاحبها تطبيق السياسات من تشكيل حكومة أغلبية، ناهيك بأن العزم السياسى نحو رفض خطط التقشف يتصاعد فى أنحاء المنطقة كلها.
من جانبه، قال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن ما تحتاج إليه مصر اليوم هو الاهتمام أساسا بالسياسات المحفزة للنمو كى تتمكن من التعامل مع أزمة الاقتصاد لديها، ومن ثَم ترتفع قدرة الدولة على معالجة أزماتها، لا أن تتقشف فينحسر النمو فيها، وتتعقد أوضاع الدولة على النحو الذى نراه حاليا.
عادل طالب بوضع خطة اقتصادية بديلة تعتمد على ترشيد الإنفاق وتوجيه الدعم إلى مستحقيه كما تشمل تشجيع التصنيع وزيادة الإنتاج وزيادة الإنفاق فى القطاعات الاقتصادية جنبا إلى جنب مع توسيع دائرة الروابط الاقتصادية مع دول العالم والتكتلات الاقتصادية الدولية، وفى مقدمتها الاتحاد الأوروبى مع زيادة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، انطلاقا من حقيقة أنه لا اقتصاد متقدم فى ظل بنية تحتية فقيرة تضع العراقيل أمام كل مرحلة من مراحل الإنتاج، وكذلك تشجيع التصنيع والسياحة ورفع مستويات الإنتاج مما يحقق قفزة هائلة فى الصادرات.
نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أشار إلى أن الدولة مطالبة بتبنى «خطة تسريع النمو» لتنمية الأقاليم المهمشة وتحقيق «عدالة التنمية» ما بين أقاليم الدولة، والقضاء على الاستبعاد الاجتماعى الذى خلقته. بينما تمثلت الخطة التى اقترحها فى تطوير البنية التحتية من بناء طرق جديدة ومليونى منزل وتحسين خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحى، كما تمثلت أهمية المشروع أيضا فى توظيف أهالى تلك المناطق فى مشروعات تطويرها مما يقضى على نسبة البطالة المرتفعة فيها ولو مؤقتا.