حملت الجلسة الأولى التى خصصها مجلس الشورى لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2009 2010، أجواءً تشاؤمية بسبب ما أعلنه وزير التنمية الاقتصادية د.عثمان محمد عثمان عن ارتفاع العجز فى الإيرادات العامة بالدولة، وارتفاع معدلات البطالة التى سترتفع إلى نحو 10% من تعداد المصريين فى سن العمل لتشمل 2.4 مليون نسمة بسبب الأزمة المالية العالمية. أكد عثمان، احتياج الموازنة الجديدة إلى 15 ملياراً أخرى لتغطية الأنشطة الهامة بالدولة خلال العام المالى المقبل فى ضوء احتواء تداعيات الأزمة المالية العالمية، وأشار إلى أن معدلات التنمية خلال السنوات الثلاث الماضية بلغت 7% من المتوسط، بينما أدت الأزمة إلى تراجع النمو والعمل على المحافظة على أدنى معدل للأزمة، وتوقع أن تكون نسبة النمو ما بين 4% و4.5%، وبرر عثمان انخفاض معدلات النمو إلى انخفاض إيرادات أنشطة القطاعات الرئيسية المرتبطة بالأسواق الخارجية كالسياحة وعوائد قناة السويس والبترول والعاملين بالخارج، لافتاً إلى الاتجاه بالدفع بأنشطة الصناعات التحويلية وصناعات التشييد والاتصالات بما يمكن المحافظة على قوة الاقتصاد بالداخل. وأشار بيان وزير التنمية الاقتصادية إلى أن متوسط دخل الفرد سيرتفع من 10 آلاف جنيه إلى 12 آلف جنيه فى الموازنة الجديدة، وستنخفض نسبة 3% عن المعدلات الحالية بما يرفع قيمة الدخل ومستوى المعيشة للمواطنين، وأضاف أن الاستثمارات الكلية ستصل إلى 195 مليار جنيه بدلاً من 200 مليار جنيه بانخفاض 3% عن العام الماضى، وأشار إلى انخفاض الاستثمار الخاص من 119 ملياراً إلى 105 مليارات جنيه مع تراجع الاستثمارات العامة إلى 110 مليارات جنيه، طالب عثمان بضرورة زيادة الاستثمارات العامة فى الموازنة الجديدة، وأوضح حاجة الموازنة إلى ما بين 10 مليارات و15 مليار جنيه تضخها الخزانة العامة من خلال السنة المالية الجديدة للحفاظ على معدل النمو. انخفاض إيرادات قناة السويس أكد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، تأثر مصادر مصر من التيارات النقدية الخارجية مثل رسوم قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج والطلب الخارجى على الصادرات بسبب انعكاسات الأزمة المالية العالمية، وأشار إلى أن تراجع معدلات الاستثمار الأجنبى المباشر تبعه انخفاض فى معدلات النمو الحقيقى والتوظيف. وأوضح الشريف، أن الخطة الاقتصادية والاجتماعية للدولة لعامى 2009-2010 حرصت على زيادة الإنفاق العام ليصبح 36 مليار جنيه بزيادة 6 مليارات جنيه، عما كانت عليه، لافتاً إلى أن ذلك سيساهم فى التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية العالمية عن طريق خفض النشاط الاقتصادى وزيادة الإنفاق الحكومى ولجذب الاستثمار الأجنبى والمحلى، وأكد أن هذه الزيادة سيتم تخصيصها فى استثمارات الخطة لتنمية المرافق الاقتصادية من التعليم والصحة والنقل والزراعة والرى والتنمية الصناعية. ووصف الشريف الموازنة الجديدة بموازنة الحرب، مبيناً التحديات الكبيرة التى تواجهها الدولة بهدف الحفاظ على مستوى المعيشة والتنمية، وقال "إن الموازنة يجب أن تحقق التوازن بين المقبول والمعقول وبين الاحتياجات والإيرادات". وأكد رئيس مجلس الشورى، استمرار عنفوان الأزمة المالية العالمية، مشيراً إلى سقوط وإفلاس العديد من البنوك والشركات العالمية، وقال "إن الموازنة الجديدة هى موازنة حرب وقائية تحمى الكيان وتعد حداً من المناعة فى مواجهة تراجع معدل النمو، والحفاظ على الاستقرار ورعاية محدودى الدخل وتوقع الشريف، أن تبلغ النفقات العامة فى الموازنة المقبلة 319 مليار جنيه مقابل 356 مليار جنيه فى الموازنة الحالية. وأكد أن الموازنة ستعمل على الحفاظ على مستوى الأجور والمرتبات والمعاشات، والتى بلغ إجماليها 7 مليارات جنيه وتقترب من 6 مليارات جنيه، كما توقع صفوت الشريف، أن تخصص الدولة 10 مليارات جنيه للعلاوة الاجتماعية الجديدة. وذلك دعم محدودى الدخل وتمكينهم من مواجهة أية زيادة أو تقلبات سعريه تؤثر على مستواهم المعيشى، وأشار إلى انخفاض الإيرادات السيادية بنحو 20% عما كانت عليه فى موازنة العام الحالى لمواجهة النفقات، طالب رئيس مجلس الشورى من الحكومة إيضاح تأثير انخفاض معدلات النمو وأثره على قوة العمل. واقترحت لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالشورى برئاسة د.خلاف عبد الجابر فرض ضرائب على الاستثمارات فى البورصة فى حالة طلب الخروج خلال فترة معينة، ولتكن 6 أشهر لعدم حدوث خروج مفاجئ لهذه الاستثمارات يؤثر على البورصة بشكل عام، على أن يقل سعر هذه الضرائب كلما قلت هذه الفترة. التشريعات الضريبية وأكدت اللجنة فى تقريرها حول الموازنة على ضرورة إعادة النظر فى التشريعات الضريبية لمعالجة آثار الأزمة المالية، سواء فيما يتعلق بإجراءات بتيسير تحصيل الضريبة المستحقة أو التشجيع على سداد المتأخرات الضريبية بالإعفاء من جزء أو من كل من مقال التأخير، أو فى منح إعفاءات أو حوافز موجهة لأنشطة جاذبة للتشغيل والحفاظ على العمالة القائمة. وقال د.خلاف عبد الجابر رئيس اللجنة خلال عرض التقرير، إنه لابد من اتخاذ الإجراءات الفعالة للحد من الإسراف أو الإنفاق فى المؤسسات الحكومية، وفى بعض الشركات العامة، خاصة مكافأة الخبراء والمستشارين والممول أغلبها من الإعانات الخارجية، وتوجيه هذا الإنفاق إلى دعم برامج التطوير والتدريب وترفع كفاءة الأداء، وطالب د.خلاف بتشديد الرقابة للمحافظة على الأصول والممتلكات الحكومية والمخازن والعمل على الاستفادة من أعمال المشروعات العامة والمخزون والتصرف فى الأصناف الراكدة. كما شدد تقرير اللجنة على الاهتمام بصيانة أصول الدولة ورفع كفاءتها والحد من الضرر الناتج عن إساءة الاستعمال أو الإهمال أو التراخى فى متابعة برامج الصيانة والإصلاح الدورية وتطوير أداء القطاع العام والتحقيقات الاقتصادية ووضع الضوابط الصارمة لضمان سلامة الأداء، وطالب التقرير بتنويع مصادر الحصول على السلع الرأسمالية والإنتاجية التى تؤثر على القطاعات. وأشار التقرير إلى أن إجمالى استخدامات الموازنة تبلغ 349 مليار و856 مليون جنيه، فيما تصل المصروفات المرتبطة بأداء النشاط المباشر للوحدات المدرجة بالموازنة إلى 329 مليار جنيه وتبلغ إيرادات الموازنة 225 مليار جنيه، الفائدة من عمليات التشغيل والإيرادات الضرائبية بأنواعها المختلفة، بالإضافة إلى 2.8 مليار من المتحصلات عن الحيازة مقابل 289.7 مليار بانخفاض 22.3% عن العام الحالى وبين التقرير زيادة الفوائد على القروض المحلية والخارجية، إلى 71 مليار جنيه عام 2009-2010 مقابل 53 مليار جنيه للعام المالى الحالى. أرباح وهمية وسريعة وأكد التقرير، أن السبب الرئيسى فى حادث الأزمة المالية العالمية هو تكالب المؤسسات والمصارف المالية وشركات التأمين على تحقيق أرباح وهمية وسريعة، وأشار التقرير إلى أنه فى ظل انتشار نظام الرهن العقارى، زار الطلب على اقتناء المساكن الخاصة وارتفاع أسعار العقارات وحجم الديون العقارية، والذى وصل لنحو 6.6 تريليون دولار، وبنسبة تقدر بنحو 72% من إجمالى الديون الفردية والبالغة 9.2 تريليون دولار، وأوضح التقرير، أن زيادة العجز فى الموازنة العامة للولايات المتحدةالأمريكية وزيادة العجز فى الميزان التجارى كان له أثراً سلبياً على اقتصاديات الدول النامية، حيث تباينت درجة التأثير من دولة لأخرى وفقاً لدرجة انفتاحها على العالم الخارجى. أكد مقرر التقرير د.خلاف عبد الجابر رئيس اللجنة الاقتصادية، أن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول تأتى فى ظل أزمة مالية واقتصادية عالمية أدت إلى تراجع معدل النمو الاقتصادى العالمى من 5.1% فى عام 2007 إلى 3.4% فى عام 2008، لينخفض لنحو 0.5% فى الربع الأول من عام 2009، وتراجع معدلات النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى من 7.1% فى عام 2007/2008 إلى نحو 5% خلال النصف الأول من عام 2008/2009. ويتوقع استمرار انخفاض معدل النمو خلال العام المالى القادم 2009/2010 ليصل لنحو 4% وهو ما يمثل نصف المعدل الذى كانت الحكومة تستهدف عند إعداد الخطة الخمسية السادسة 8%، أرجع التقرير ذلك إلى تراجع الاستثمارات الكلية وتراضى الأداء للقطاعات الدافعة للنمو والممثلة فى الصناعات التمويلية والسياحة وقناة السويس، وتأثر بعض القطاعات الاقتصادية الأخرى. الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كشف التقرير عن أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يعد أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بالأزمة المالية العالمية، وكذلك الهياكل المالية لشركات الاتصالات المصرية المقيدة بالبورصة، وذلك مع زيادة الطلب المحلى على خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نحو 20% سنوياً، توقع التقرير استمرار تناقض الدخل السياحى فى عام 2009/2010 ليصل إلى نحو 7.7 مليار جنيه وبتراجع نحو 20% عن الدخل المتوقع فى عام 2008/2009، والبالغ 9.6 مليار دولار بانخفاض 11.4% عن الدخل المحقق فى عام 2007/2008. كما توقع التقرير فى خطة الدولة ارتفاع معدلات البطالة لنحو 9.5% فى السنة المالية الجديدة، طالب التقرير بضرورة الاستمرار فى سياسة دعم السلع والخدمات وزيادة كمية السلع المدعومة فى بطاقات التموين ودعم الإسكان الشعبى، مما يضمن تحقيق الاستقرار الاجتماعى والوصول إلى أهداف المحافظة على النمو، الذى تحقق فى السنوات الماضية. شدد التقرير على أهمية استمرار خفض معدل الأمية والارتقاء بالمستوى التعليمى والصحى والدوائى، والارتقاء بمستوى التدريب وتفعيل برامجه لتأهيل شباب الخريجين، وأهمية الدور الذى يقوم به رجال الأعمال ومسئوليتهم الاجتماعية، وتساءلت اللجنة عما تم فى مبادرة وزارة الاستثمار فى شأن المبادرة القومية للمسئولية الاجتماعية للشركات فى أوائل 2008، والتى تستدعى تفعيل دور رجال الأعمال للاحتفاظ بالعمالة القائمة. البحث عن فرص العمل طالبت التقرير بضرورة رفع مستوى جودة مياه الشرب ونشر وسائل معالجة الصرف الصحى والاستفادة بالمستشفيات الحديثة فى استخدام الصرف وتطوير الرى المعالج فى أعمال الزراعات وتطوير العشوائيات ومعالجة آثارها السلبية اقتصادياً وأمنياً، وإعادة تخطيط القرى المصرية للحد من تيارات الهجرة إلى المدنية للبحث عن فرص العمل. أوصى التقرير استمرار دعم الدولة للنشاط الزراعى وزيادة فرص العمل فى أنشطة التصنيع الزراعى، والتوسع فى زراعات القمح والذرة والفول والمحاصيل الزيتية لتحقيق معدلات الاكتفاء الذاتى وإعطاء أهمية للصادرات الزراعية التى تقوم على تشجيع ودعم البرامج البحثية الزراعية، وحفز الاستثمار المحلى والأجنبى فى جميع المجالات المرتبطة بقطاع الزراعة، وزيادة اعتمادات مراكز البحوث الزراعية والتى تضم أكثر من 8 آلاف خريج زراعى، وذلك لتطوير الإنتاج الزراعى وزيادة الإنتاجية وتحسين الجودة وتطوير أساليب الرى بهدف ترشيد المياه.