«البورصة».. كلمة السر التى يستشهد بها أصدقاء الثورة وأعداؤها. كما أنه لا فارق فى ذلك بين الإخوان أنصارهم، أو المعارضين لهم. وعليه باتت البورصة تعبيرًا عن الكرب والرخاء فى آن واحد، كما أنها يضرب بها المثل فى تحسن الأداء الاقتصادى، كما فعل الرئيس مرسى فى خطاب انتصارات أكتوبر، كما يشار إليها أيضا كعلامة انهيار. لكن بعيدا عن الاستخدام السياسى للبورصة، ماذا عن حقيقة الوضع فيها، فى الفترة الماضية. التقرير الصادر عن الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار بشأن أداء البورصة، خلال ثلاثة أرباع العام الميلادى الجارى، أشار إلى أن رأس المال السوقى (قيمة الأسهم المقيدة بالبورصة) ارتفع نحو 112 مليار جنيه مسجلا نحو 405.8 مليار جنيه فى نهاية سبتمبر 2012 مقارنة ب294 مليار جنيه فى آخر جلسات 2011، بينما سجلت قيمة التداول على الأسهم ما يقرب من 82.7 مليار جنيه بعد التداول على 24.8 مليار سهم من خلال 4.7 مليون صفقة منفذة.
وللوقوف على مدى استفادة الاقتصاد القومى من ال112 مليارًا التى ربحتها البورصة خلال الأشهر التسعة الماضية ينبغى معرفة أين ذهبت تلك الأموال! خصوصا أن التقرير الشهرى الصادر عن البورصة المصرية بنهاية سبتمبر الماضى، كشف على سبيل المثال عن تحقيق المستثمرين الأجانب مبيعات بنحو 3.9 مليار جنيه منذ بداية العام.
الخبير المالى وائل النحاس، قال ل«الدستور الأصلي»، إن صعود البورصة يعنى ارتفاعًا فى أسعار الأسهم المقيدة بالسوق، وبالتالى المستفيد الأول والأخير تقريبا هو صاحب السهم أو مالكه وصاحب الشركة المطروح أسهمها، لأن ذلك يرفع القيمة السوقية للشركة وأصولها. أما الاقتصاد القومى فلا يمثل صعود البورصة له أى معنى ولا يؤثر فيه من قريب ولا من بعيد إلا فى ما يخص شركات الدولة المطروحة فى سوق المال، فحينما تصعد المؤشرات تصعد قيم تلك الشركات.
النحاس أشار إلى أن الأرباح السوقية للبورصة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجارى، لم تستفد منها السوق نظرا إلى ما نطلق عليه الأموال الساخنة (الهوت منى) التى يتم من خلالها المضاربة بالأسعار، موضحًا أن الأموال الساخنة هى السيولة الأجنبية التى تدخل إلى أسواق المال، بهدف جنى الأرباح السريع معتمدة على الارتفاع المفاجئ للأسهم والسندات نتيجة دخول تلك الأموال، التى بمجرد ظهور موجة تصحيح فى الأسعار مخلفة وراءها انهيارًا فى أسعار الأوراق.
بينما أكد النحاس أن الأموال تدخل للسوق من خلال صناديق «الأوف شور»، وهى صناديق يؤسسها أجانب أو مصريون فى الخارج بقيمة 500 جنيه للصندوق لتدخل السوق مستهدفة تحقيق أرباح سريعة، قبل أن تخرج عند أول موجة تصحيح، محققة أرباحا طائلة بالعملة الأجنبية، الأمر الذى أثر بقوة على الاحتياطى من النقد الأجنبى ودفعه للتراجع المستمر محققًا نحو 15 مليار دولار نهاية سبتمبر الماضى بعد أن فقد نحو 21 مليار خلال 81 شهرا الماضية.
من جانبه، قال الخبير المالى أحمد فؤاد، إن أرباح البورصة فى الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجارى، لم تمثل أى سيولة جديدة للسوق، نظرا إلى ضعف وربما انعدام التشريعات المقيدة للمضاربات، والخروج السهل لرؤوس الأموال من خلال البورصة، لافتا إلى أن كل المحاولات التى تبنتها الحكومات المتتالية قبل الثورة وبعدها خصوصا حكومة الدكتور عصام شرف، بفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية والأموال الساخنة باءت بالفشل، نتيجة لمحاربتها من قبل المستثمرين، الأمر الذى يمثل خطورة على الاقتصاد.