أكد أساتذة القانون الدستوري وكبار القانونيين ضرورة إجراء تعديلات دستورية تطلق حرية الترشيح لانتخابات الرئاسة القادمة وضمان الإشراف القضائي التام عليها. وأشاروا خلال مشاركتهم في ندوة «الدستور.. ومستقبل مصر السياسي» التي استضافتها جامعة القاهرة أمس الاثنين إلي أن التعديلات التي أدخلت علي الدستور في عامي «2005 و 2007»، خاصة المادة 76 التي وصفوها بالخطيئة الكبري مهددة بانعدام الدستورية لتعارضها مع المبادئ والأحكام الدستورية العامة التي تكفل المساواة للجميع وقال الفقيه الدستوري «يحيي الجمل» إن كل التعديلات التي أدخلت علي دستور «1971» المعمول به حالياً تعتبر ردة إلي الخلف بداية من تعديل المادة «81» التي أطلقت مدة حكم رئيس الجمهورية ومروراً بتعديلات عامي «2005 و 2007» التي استهدفت تضييق الحريات، وتمكين السلطة إلي أبعد الحدود بشكل ترفضه كل دساتير العالم التي تستهدف تلجيم السلطة مقابل حرية المواطن. وهو الأصل في نصوص الدساتير التي تم وضعها لتوضيح وتبين حدود السلطة وضمان الحريات وتوسيعها مستطرداً قوله: «إن التعديلات الأخيرة تمثل خطيئة دستورية كبري يجب مراجعتها وإلغاء موانع الترشيح لمنصب الرئاسة، حيث إن المادة 76 تقول إنه لا يجوز لأي أحد أن يرشح نفسه ترشيحاً جدياً لانتخابات الرئاسة إلا السيد مرشح الحزب الوطني.. أو السيد مرشح الحزب الوطني.. أو السيد مرشح الحزب الوطني». وأضاف «الجمل»: لا مانع من وضع ضوابط دستورية تضمن جدية الترشيح لهذا المنصب الرفيع بعد إزالة الموانع التي تعوق الترشيح تماماً، مقترحاً أن يكون من بين هذه الضوابط اشتراط موافقة 10 آلاف مواطن علي المرشح وعدد محدود من نواب مجلسي الشعب والشوري لا يتجاوز ال 5 أعضاء، منهياً حديثه بقول: «إن من صاغوا المادة 76 عمدوا إلي إهانة الدستور أهانهم الله»، أما المادة «179» فقد دعيت إلي مناقشتها في جلسة خاصة بمجلس الشعب، وقال لي وقتها الدكتور «أحمد فتحي سرور» إنه لا يذوق طعم النوم بسببها، إلا أنني فوجئت به يصرح بعد تمريرها بأنه ينام مستريح الضمير للتعديلات. والتقط الفقيه القانوني «محمد نور فرحات» الحديث قائلاً: إن تعديلات 2005 ومن بعدها تعديلات 2007 لم تكن حصيلة حوار مجتمعي كما قيل وإنما سارت في الإطار العام الذي يتبعه النظام الحاكم حالياً مع جميع أطياف المجتمع: دعهم يتحدثون ودعنا نعمل ما نريده، مستشهداً بواقعة تكليف دوائر النظام إياه بتنظيم ملتقي حواري بمكتبة الإسكندرية أثناء مناقشة تلك التعديلات انتهي إلي رفضها، لكن الدولة لم تعر رأي المتخصصين أي اهتمام. وأضاف «فرحات» قوله: منذ عرفت مصر الدساتير في عام 1923 وحتي الآن لم يكن هناك تغيير دستوري ناتجاً عن إرادة الشعب، حيث خضعت جميع التعديلات لإرادة النخبة السياسية الحاكمة، كذلك التشريعات 99% منها تقدمها الحكومة وليس الشعب ولذلك فإنني أدعو إلي المطالبة بسحب كل الصلاحيات التشريعية من البرلمان الذي أصبح أداة طبيعية في يد السلطة التنفيذية تأمر بالسير نحو اليمين فيسير وتأمره بالسير في اتجاه اليسار فيتحرك بما يجعل أي تشريعات يصدرها مثل ذلك البرلمان عارية من أي شرعية. أما الدكتور «أحمد كمال أبوالمجد» الأمين السابق لمجلس حقوق الإنسان فقال: «إننا في مصر عندما نسأل عن وجود الدستور يقولون لنا إنه موجود، وعندما نسأل عن القضاء يقولون عندنا قضاء.. لكن الحقيقة أنه لا يوجد عندنا شيء مما سبق، ففي مصر الشيء موجود وغير موجود في الوقت ذاته». وتوقع «أبوالمجد» أن يثار جدل قضائي في الفترة المقبلة حول كثير من المواد الدستورية، مؤكداً أن مادتي «76 و79» سيئة الصياغة فحسب بل فيها ما فيها ما أمسك عن ذكره تأدباً وأقله أنها مصابة بالعوار الدستوري الذي يمنح السلطات الأمنية اعتباراً أكثر مما تستحقه. علي الطرف الآخر، قال الدكتور «مصطفي الفقي» إن الذين صاغو مواد الدستور المثيرة للجدل قانونيون، وكذلك الذين ينتقدونها، وكل الدساتير وليدة ظروف عصرها، والمطالبة بتعديل أي نص دستوري يحتاج إلي مراجعة شاملة للدستور ككل، متابعاً قوله: «مهمتي أصعب من غيري لأنني محسوب علي النظام لكن مع تداول السلطة ومع حق كل مواطن في الحرية لأن مصر أكبر منا جميعاً». وداعب «الفقي» الحضور بقوله: «أنا مش هاتكلم أكثر من كده لأن الجميع بيهاجموني والإعلام مستنيلي أي هفوة»!!. ومن جانبه شن الدكتور «ثروت بدوي» أستاذ القانون الدستوري هجوماً كبيراً علي النظام قائلاً: «إنه نظام يقوم علي مجموعة من الشعارات التي لا تجد مجالاً للتطبيق ويعمل علي تجزئة المبادئ التي لا تقبل التجزئة، بينما أكد النائب «أحمد أبوبركة» عضو لجنة الشئون القانونية والدستورية بمجلس الشعب أن مصر في أزمة وتحتاج إلي بناء دستور جديد وإصلاح تشريعي حقيقي. جدير بالذكر أن الندوة أدارها الدكتور «أحمد بلال» عميد كلية الحقوق وحضرها عشرات الأسماء اللامعة من أساتذة القانون والشخصيات العامة وأعضاء مجلس الشعب وشارتك في إدارتها المستشارة «تهاني الجبالي» بدعوة من لجنة القانون بمجلس الثقافة الأعلي.