مصدر قضائى: المحكمة سبق وأكدت توافر الصفة والمصلحة لأى مواطن فى التضرر من «التأسيسية» هل ستحل محكمة القضاء الإدارى الجمعية التأسيسية للدستور للمرة الثانية؟ هل ستستجيب المحكمة ل48 دعوى قضائية تطالب بإبعاد المستشار حسام الغريانى عن «التأسيسية»؟ هل ستعصف المحكمة بمسودة الدستور التى لاقت رفض معظم فئات المجتمع وطوائفه السياسية أم ستُبقِى المحكمة على «التأسيسية» حفاظا على المواءمة السياسية وعدم غضب الرئيس وجماعته خصوصا أن رئيس المحكمة المستشار فريد نزيه حكيم تناغو سيكون فى انتظار توقيع الرئيس مرسى فى منتصف العام القادم لتقلده منصب رئيس مجلس الدولة خلفا للمستشار غبريال جاد عبد الملاك؟ هل ستطبق المحكمة القانون أم ستتحرى المواءمة والظرف التاريخى؟ جميعها أسئلة ستجيب عنها الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى اليوم (الثلاثاء).
مقيمو الدعاوى ال48 المطالِبة بحل «التأسيسية» وخصومهم من أنصار ومحامى جماعة الإخوان المسلمين، كانوا قد تقدموا بمذكراتهم الختامية للمحكمة منذ يومين، وقد احتوت مذكرات مقيمى الدعاوى على صورة من الجريدة الرسمية منشور بها قرار تشكيل الجمعية التأسيسية، وبيان موقَّع من مجلسى الشعب والشورى بأسماء أعضاء المجلسين الذين تم انتخابهم ضمن الأعضاء الأصليين والاحتياطيين ل«التأسيسية» والبالغ عددهم 67 عضوا، بينما احتوت مذكرات محامى الجماعة على دفاع مكرر بشأن إعادة الدعاوى للمرافعة مرة ثانية وتأجيل إصدار حكمها بحجة انتهاء الجمعية التأسيسية من وضع المسودة الأولى للدستور، وهو ما قابلته المحكمة بالرفض، وقامت بتوزيع الدعاوى ال48 على أعضاء المحكمة الخمس برئاسة تناغو تمهيدا لصدور حكمها فى جلسة اليوم.
مصدر قضائى رفيع المستوى بالمحكمة الإدارية العليا أكد ل«التحرير» أن المحكمة ستصدر حكمها اليوم بحل الجمعية التأسيسية الثانية، لافتا إلى أن «القانون الذى لا يمارس مستشارو مجلس الدولة غيره يحسم مصير التأسيسية الثانية بالبطلان»، مضيفا أن القاعدة القانونية التى بموجبها قضت المحكمة ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية الأولى ما زالت محل تطبيق «خصوصا أن قرار تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية صدر قبل إقرار القانون رقم 79 لسنة 2012 بما يزيد على شهر ومن ثم فما زال قرار تشكيل الجمعية هو قرار إدارى يخضع لرقابة القضاء الإدارى على مشروعيته».
نائب رئيس مجلس الدولة -الذى فضل عدم ذكر اسمه- تابع بقوله: «المتأمل فى ما قدمه المطالبون بالإبقاء على التأسيسية يعرف تماما ضعف حجتهم.. فما زالوا يطالبون المحكمة بتأجيل الدعاوى وما زالوا يتحدثون عن الشكل رغم أن المحكمة سبق وأكدت توافر الصفة والمصلحة لأى مواطن مصرى فى التضرر من عمل التأسيسية».
المصدر شدد كذلك على أن المحكمة أكدت توافر ركن الجدية والاستعجال فى الفصل فى مدى شرعية تشكيل «التأسيسية» وقررت الحكم فيها اليوم رغم أن التشكيل الحالى للمحكمة برئاسة تناغو لن يباشر نظر الدعوى إلا قبل 21 يوما فقط فى حين أن الدعاوى منظورة أمام المحكمة منذ قرابة سبعة أشهر، مضيفا: «المحكمة ستتصدى للمسؤولية القانونية وستصدر حكما بحل التأسيسية لا محالة فى جلسة اليوم»، ودلل نائب رئيس مجلس الدولة بأن المحكمة كان أمامها أن تحيل الدعاوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى لها كما طلب محامو الجماعة «ولكنها تصدت للمسؤولية التاريخية التى سيحاسبها عليها التاريخ».
عضو المحكمة الإدارية العليا توقع أن تخاطب المحكمة فى حكمها اليوم بحل «التأسيسية» الرئيس مرسى بوصفه الماسك بزمام السلطة التشريعية لمراعاة القواعد القانونية التى تكفل تمثيل كل أطياف المجتمع وحظر وجود أعضاء بمجلسى الشعب المنحل أو الشورى ضمن أعضاء «التأسيسية» الجديدة، لافتا إلى أن المحكمة الإدارية العليا بمجرد صدور حكم بحل «التأسيسية» ستكون على أهبة الاستعداد للفصل فى الطعن الذى من المتوقع أن يقدمه محامو الجماعة فى جلسة اليوم أيضا.
فى السياق نفسه، أكد مصدر قضائى رفيع المستوى بمحكمة القضاء الإدارى ل«التحرير» أن ما تم تقديمه للمحكمة من أوراق ومستندات خاصة بالتشكيل الثانى ل«التأسيسية» يوجِب حلها خصوصا أنه على صعيد القرارات الإدارية فإن قرار مرسى بعودة مجلس الشعب ما زال قائما وعدم صدور قرار آخر من مرسى بسحب قراره بعودة البرلمان يرتب عليه آثارا أهمها استمرار الصفة النيابية لأعضاء مجلس الشعب داخل تشكيل الجمعية التأسيسية خصوصا حتى ولو كان المجلس محلولا بموجب حكم «الدستورية العليا» الصادر فى 14 يونيو والإشكال عليه الصادر فى 10 يوليو.
مضيفا أن القانون رقم 79 لسنة 2012 بمعايير انتخاب أعضاء «التأسيسية» الذى صدَّق عليه مرسى بعد تشكيل الجمعية وممارسة عملها بشهر كامل لا يحصن «التأسيسية» الحالية وإنما يجب أن تعمل نصوصه ابتداءً من صدور حكم بحل «التأسيسية» الثانية فى تشكيل جمعية ثالثة على أن يخضع تشكيل الثالثة لرقابة القضاء الإدارى أيضا للفصل فى ما إذا كان هذا القانون تتوافر بشأنه شبهة عدم الدستورية لمخالفة نصوصه للمادة 60 من الإعلان الدستورى ومن ثم إحالته إلى المحكمة الدستورية من عدمها.
محسوب يستبق حكم حل «التأسيسية» بالدعوة إلى التوافق ولو على «دستور مؤقت» قبل ساعات من حكم القضاء الإدارى فى صحة تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، يبدو أن الأزمات داخل الجمعية دخلت منعطفا جديدا، حيث كتب وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، محمد محسوب على حسابه الشحصى بموقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، «أدعو القوى المصرية إلى التوافق على دستور ولو مؤقت، وليتناقشوا ما شاؤوا بعد ذلك. مصر لا تحتمل أن يختلفوا حول الأداة ويهملوا ضرورة استكمال المؤسسات»، ما جاء بتغريدة الوزير عضو الجمعية التأسيسية أغضب عددا من أعضاء الجمعية، «لأنهم انتخبوا لكتابة دستور دائم»، وأن طريقة بناء المؤسسات والدولة الديمقراطية لا تحدث بكتابة الدساتير المؤقتة.
من جهة أخرى، هدد السلفيون، بقيادة حزب النور، بالانسحاب من الجمعية، بسبب ما وصفوه بمحاولة الالتفاف على المواد الخاصة بالشريعة الإسلامية.
وفى لقاء مع المحررين البرلمانيين أمس أكد المستشار نور الدين على عضو الجمعية التأسيسية عن حزب النور السلفى تهديد كل ممثلى التيار السلفى فى الجمعية التأسيسية بالانسحاب فى حالة الالتفاف على المواد الخاصة بالشريعة الإسلامية، مؤكدا أن تطبيق الشريعة مطلب رئيسى، خصوصا أننا نعيش فى دولة مسلمة ولا يوجد أى مبرر للتفاوض حول تطبيق أحكام شريعة دولة يغلب على أهلها الإسلام، مضيفا أنه فى مادة المرأة يصر التيار السلفى والإخوانى الإسلامى على أن المساواة بين الرجل والمرأة يجب أن تتم وفق الشريعة الإسلامية ولا يتم حذف الشريعة من هذه المادة.
وتأتى تحركات السلفيين وتهديدهم بالانسحاب من الجمعية بعد ساعات هدد فيها ممثلو القوى المدنية بقيادة عمرو موسى وأيمن نور بالانسحاب من الجمعية بعد اتهامهم لجنة الصياغة بتدخلها فى المواد التى انتهت منها لجان الجمعية بصورة مبالغ فيها وتغيير مضمون المواد وبصورة سافرة.
منظمات نسائية وأمهات شهداء يوقعون على بيان لرفض مواد المرأة فى الدستور «نحن قوة لا يستهان بها، وسنظل نناضل لنحصل على حقوقنا كنصف المجتمع»، هذا ما أكدته سيدات مصر فى أكبر تجمع نسائى مناهض لمسودة الدستور، خلال مؤتمر صحفى حاشد نظمه المجلس القومى للمرأة واستضافته نقابة الصحفيين أمس، الإثنين، تحت عنوان «نساء مصر يرفضن مضمون مسودة الدستور»، شارك فيه عدد كبير من ممثلى الأحزاب والمنظمات الحقوقية والنسائية وأمهات الشهداء والشخصيات العامة. السفيرة ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة، قالت إن مسودة الدستور تنتقص من حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة والطفل بشكل خاص، وإنهم يرفضونها بسبب عدم التمثيل العادل للسيدات، وتضمُّن المسودة ألفاظا فضفاضة وأدبية ليس لها معنى، ولا تتضمن آليات لتطبيق هذه المواد على أرض الواقع، ولعدم تضمنها ما يفيد الالتزام بالمعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر.
أمينة شفيق الكاتبة الصحفية انتقدت غياب الرؤية الواضحة فى مشروع الدستور، وأضافت أن الصياغة القانونية غير جيدة بسبب غياب فقهاء الدستور المصريين، الذين شاركوا فى إعداد دساتير الدول العربية ولم يتم اختيارهم لوضع دستور بلدهم، مضيفة أن ما خرج من مواد خاصة بالمرأة ناتج عن الأفكار المسبقة الخاطئة عن قضية المرأة.
جورج إسحاق الناشط السياسى أكد تضامنه مع مطالب السيدات، قائلا إن نساء مصر أجدع من رجالها، ولا بد أن نتطور ونضع النساء على قدم المساواة مع الرجال، مؤكدا أن اللجنة التأسيسية لوضع الدستور باطلة، وهنا تعالت هتافات القاعة مرددة «باطل.. باطل» و«عيش حريه إسقاط التأسيسية»، كما طالب إسحاق بأن يكون الاستفتاء على كل باب وليس على الدستور بأكمله. الدكتورة كريمة الحفناوى القيادية فى حزب الاشتراكى المصرى وتحالف الوطنية المصرية، أكدت أنه لا يوجد أى دين سماوى يميز بين إنسان وآخر، مضيفة: «لا تكذبوا علينا باسم الدين»، مؤكدة أن اللجنة التأسيسية لو لم تحل بالقضاء ستحل بالضغط الشعبى، وإننا لا نقبل بأن يضع الرئيس اللجنة الجديدة، ولكن سيتم تشكيلها وفقا للمعايير التى ستضعها كل القوى الوطنية.