لم تتردد الكاتبة الصحفية الأمريكية المعروفة والمتخصصة فى شؤون الشرق الأوسط، ترودى روبين، فى الجزم بأن تجربة ملاحقة الصحفيين المصريين وحبسهم، من قِبل الرئيس السابق حسنى مبارك، قابلة للتكرار فى ظل حكم الإخوان المسلمين، قبل أن تقطع ل«التحرير» بأن التجمعات الإسلامية فى مصر، وكذا تونس، أكثر تنظيمًا، ومن ثَم اقتنصت السلطة، عبر صندوق الانتخابات، رغم أنها لا تمثل أغلبية الناس. فى المقابل ترى روبين أن ثوار ميدان التحرير عجزوا عن تنظيم أنفسهم سياسيًّا، بينما لم يصمد أى تعاون بين الأحزاب التى تكونت من رحم الثورة، وبدلًا من أن يعملوا معًا، سعى كل منها للسلطة منفردًا، فانفصلوا وتقرقوا، و«لا توجد أى إشارة لتغيير ذلك»، على حد قولها.
روبين كاتبة عمود فى جريدة «فيلادلفيا إنكوايرر» الأمريكية العريقة (تأسست 1829)، وصاحبة خبرات خاصة فى أفغانستان وباكستان وإيران والعراق والقضية الفلسطينية، وترددت على مصر خلال العامين الماضيين فى أكثر من مناسبة، سواء أيام الثورة الثمانية عشر فى يناير وفبراير 2011، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة.
الكاتبة الأمريكية، أشارت إلى أن الإخوان المسلمين فى مصر «منظَّمون»، بينما تمكن السلفيون كذلك من تنظيم أنفسهم سريعًا، لكن على الضفة الأخرى تظل القوى غير الإسلامية غير منظمة، وغير موحدة، ضاربة المثل بأن المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية الماضية شهدت حصول مرشح الإخون، الرئيس محمد مرسى، على 25% فقط، من الأصوات، غير أنه وصل فى النهاية إلى كرسى الحكم.
من جانب آخر، تجزم روبين بأن الولاياتالمتحدة فى موقف حرج الآن، خصوصا أنها قبلت الاعتراف بالثورات العربية (عدا البحرينية) بعد فترة تردد، قبل أن يصعد الإسلاميون إلى سدة السلطة، ومن ثم فعلى واشنطن أن تقرر كيف ستتعامل مع هذا الوضع، لافتة إلى أن البعض هناك يراهن على أن الإخوان فى السلطة يمكنهم اكتساب وتعلم خبرة من ممارستهم الحكم، تجبرهم على أن يكونوا ديمقراطيين مع الوقت، غير أن كثيرين أيضًا يشككون فى تلك الفرضية.
وتعود روبين لتؤكد أن الأحزاب الإسلامية، هى التى ربحت الانتخابات ووصلت إلى السلطة، وواشنطن مجبرة على التعامل معها خصوصا فى مصر، لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية لديها مصالح فى المنطقة، أهمها بلا شك الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، جازمة بأن المسؤولين فى الإدارة الأمريكية حاليًّا، مشغولون بتأسيس علاقة مع إخوان مصر، لأنها لم تكن موجودة من قبل، مما يمنح شعورًا لكثير من المصريين، فى رأيها، بأن واشنطن تسعى لتمكين وبقاء الإخوان فى السلطة.
ولم يفت روبين فى هذا الشأن الإشارة إلى أن الحكومة المصرية تلاحق منظمات المجتمع المدنى الأمريكية، غير الحكومية، وتقدم قياداتها للمحكمة، رغم أن تلك المنظمات، من وجهة نظرها، تعمل وتساعد فى البناء الديمقراطى للمصريين، مشددة على أن رجال الأعمال المصريين، عدا نجيب ساويرس، يخشون منح تمويلات لمنظمات المجتمع المدنى والأحزاب الليبرالية.
وبشأن مستقبل أحزاب الإسلام السياسى الحاكمة فى دول الربيع العربى، قالت روبين «إلى حين انتهاج تلك الأحزاب العمل الديموقراطى الحقيقى، والتأكد من احترامها للمعارضة وحقوق الأقليات والإعلام، يظل كل ما يخصها معلَّقًا».