زمان ويمكن لحد دلوقتي كنت دايما محبش اقعد كتير عند حد .. أروح لأختي مثلا في بيتها وافقع مشوار محترم وبعد ربع ساعة أقوم وامشي.. مش عملا بالمثل اللي بيقول : يابخت من زار وخفف .. لكن طبيعة أمي كده .. وكان لي قريب متربّي في الأرياف " مات الله يرحمه " ، علّق مرة على استعجالي الدائم في الزيارات ، وعدم استقراري الملحوظ في اى مكان أزوره وقال بلهجته الفلاحي التي أغاظتني جدا : أصل احمد مالوش " ... " يقعد عليها .. قالها على سبيل الدعابة كمثل بيتقال كتير على الناس اللي شبه حالتي.؟ ومع ذلك ظل بيني وبين قريبي هذا مسافة غير ودية بالمرة بسبب هذا المثل الذي أحرجني كثيرا أمام الجالسين وجعلهم يضحكون عليا.
إيه المناسبة بقى اللي فكرتني بالحكاية القديمة دي ؟ .. أقولكم .. الحكاية ان عمنا الريس مرسي من ساعة ما بقى رئيس جمهورية وهو على طول طاير في السما .. من السعودية على السودان على الصين على إيران على أمريكا على تركيا .. ساعتين في مصر و100 ساعة بره البلد ، وكأن السفر حيخلص ، والطيارات حتنقرض ، ونرجع للجِمال تاني .. فقالك الحق اشوف نفسي بكام سفرية حلوة قبل السفر ما يبقى عزيز.
يا سيادة الرئيس مرسي .. يا رئيس جمهورية مصر العربية .. انت مسكت البلد وهى خربانة خربانة .. احنا اللي بنقول مش انت .. واحنا اللي عارفين .. الدنيا بايظة بايظة ، وعايزة منك تركز حبتين وتشوف حنصلح الخراب ده ازاى .. ونفهم كويس إيه اللي حصل عشان نبتدي على نور ، ونعيد إعمار بلدنا من الأول وجديد وعلى نظافة .. مش اسيب الجمل بما حمل وكل يوم رايح بلد شكل .. اقابل فلان وعلان، والاسم بنعمل اتفاقات مع الناس والفعل مفيش .. على رأى المثل " من بره هالله هالله .. ومن جوّه يعلم الله " .
انت وراك بلاوي يا عم مرسي لازم تقعد وتشوفها الأول .. العمارة لما تقع .. أول حاجة أفكر فيها ، ازاى أنقذ الناس اللي كانوا ساكنين فيها .. واشوف مين تحت الأنقاض اللي لسه فيه نفس ، وانشله من بين أكوام التراب والحيطان .. مش اسيب العمارة واقعة والناس بتموت تحتها واروح اتفق مع مقاول من بلاد بره .. ازاى يعيد بناء العمارة ويخلّيها برج سكني ماحصلش .. ياعم بقولك الناس بتصرخ واحنا سامعينهم .. نشدّهم الأول وننقذ حياتهم .. وبعدين نشوف العمارة وقعت ليه .. ده أهم سؤال : العمارة وقعت ليه ؟ .. عشان لو عرفنا ان المقاول كان ابن كلب حرامي وعايز ضرب الجزمة القديمة .. نتفق مع مقاول محترم عارف ربنا بجد .. ومش مهم يكون بيصلي الجمعة كل مرة في مسجد غير التاني .. ومش مهم يكون بيعرف يخطب ويصلي بالناس إمام .. كل ده ميهمناش في حاجة .. المهم يكون بينه وبين نفسه عارف يعني ايه مسئولية .. ويعني ايه حياة بني ادمين .. فيبني العمارة على أساس متين .. لو زلزال بدرجة 200 ريختر ميهزهاش من مكانها.
إيه ياعم الريس مرسي .. مسافر على طول وناسي اللي وراك .. وكل يوم اسأل عنك يقولوا مش هنا .. ده هناك .. على رأى ليلى مراد " سألت عليه قالوا مسافر " .. ومع اني بحب ليلى مراد .. بس محبكش في اقل من 100 يوم تزور 7 دول .. بقولك البلد خربانة خراب ما يعلم بيه إلا ربنا .. الناس بجد بجد ومش هزار ، مش لاقيه تاكل .. والجرائم تضاعفت وبشكل أكثر عنفا ودموية .. وكل فئات المجتمع مش راضية عن حالها ، وكل يوم مظاهرة ، واليوم اللي بعده اعتصام ، واللي بعده إضراب ، واللي بعده عصيان مدني .
ده غير بقى مصابي الثورة اللي يقطّعوا قلب الحجر اللي كانوا المفروض يكونوا في عينيك وفي دماغك وأول بند في أجندة حضرتك .. ولا الشهداء وأهاليهم اللي لحد دلوقتي محدش عبّرهم وراح عزّاهم .. ولا الثوار المساجين اللي كنت متراهن مع واحد من الفلول ان أول حاجة حيعملها الريس مرسي الإفراج الفوري عن معتقلي الثورة في السجن الحربي .. هو يقول لي ابقى قابلني .. وانا اؤكد : ورحمة أمي حيعملها .. وكسب صاحبي اللي من الفلول .. واللي كان عايز شفيق ينجح .. وانا خسرت الرهان يا مرسي مع اني فرحت انك جيت.
مش قبل ما تسافر يا سيادة الرئيس وتشوف الدنيا اللي بره .. تشوف الاول دنيتنا احنا شكلها إيه .. حتقوللي بقى ما انا بسافر عشان البلد .. واعمل اتفاقات واجيب معونات وقروض .. واعمل شراكات وكلام من النوع ده اللي ممكن نضحك بيه على الناس .. عايز تقوللي مثلا انك لما رحت الصين درست بعناية فائقة ملف علاقتنا مع الصين وحجم الاستثمارات اللي بينا وبينها .. وفين الخلل اللي يخلي الصين تصدر لنا سجادة الصلاة وفانوس رمضان.. " بتبيع الميه في حارة السقايين ، واحنا السقايين بغباوة شديدة بنشتري " .. طبعا لا شفت ولا قريت ولا درست .. ازاى حتعمل الكلام ده في يومين .. المسألة عايزة شهور طويلة ويمكن سنين عشان افهم واستوعب وابني نظرية على أساس واقعي ملموس .. فأجنى ثمارها وانا واقف على ارض صلبة مش مهزوزة من تحتي .
مش اروح الصين عشان اخد منهم كام مليون .. حاجة كده كأن واحد مش عايز يكسفك .. وانت بتمد ايدك له فطلع قرشين وحطهم في جيبك وحلف : والله ماهم راجعين .. الجودة م الموجود.. اهو اسمك برضه رجعت بحاجة .. لا ياعم مرسي .. ده مش اسمه تبادل اقتصادي على اساس قوي ومتين .. دي اسمها شحاتة رخيصة لا تليق بمكانة مصر واسمها .
نسيب الصين نقوم نروح إيران .. عشان نصلي هناك ع الرسول الكريم ونجيب سيرة الخلفاء الراشدين بالعند في الشيعة.. كسبنا صلاة النبي يا سيدي .. كنت وفّر المشوار والطيران ، وارفع سماعة التليفون وكلّم احمدي نجاد وقل له : اللهم ماصلي ع النبي وعلى اله وأصحابه ابو بكر وعمر وعثمان .. وبلاش " علي " .. هما بيصلوا عليه لوحدهم .. وبعدين نروح على تركيا مش عارف ليه .. وسايبين البلد بتتحرق .. سيناء يا عم الريس مولعة وربنا يستر من سيناء واللي في سيناء .. واللي بينفخ في الجير عشان تبقى حريقة ويبقى من حقه يتدخل عشان يحمي نفسه وحدوده وأمنه .. ازاى مش مدرك خطورة اللي بيحصل هناك .. وازاى مش مدرك خطورة إهدار حقوق الأقباط في مصر والهلع الذي أصابهم - وعندهم كل الحق - بعد ما البلد بقت تحت سيطرة الحكم الإسلامي؟
.. هى دي مش ملفات خطيرة تخلّيك قاعد صاحي ومصحصح مش بتنام من ساعة ما مسكت البلد .. مش الملفات دي قنابل موقوتة ممكن تنفجر في اى لحظة وتحرق البلد وتجيب عاليها واطيها .. بلاش دي يا عم الريس .. ماسمعتش اللي بيحصل في اللجنة التأسيسية للدستور والبلاوي السودا اللي قاعدة تتوضب عشان نلبس دستور إخواني " خازوق مغري " يحكمنا لميت سنة جاية.
.. ياعمنا اقعد شوية وشوف البيت من جوه .. رتب البيت الأول وانهض بيه مرة تانية وحل مشاكل اهلك وناسك .. وعشيرتك برضه .. وبعدين عايز تسافر سافر واتفسح كمان .. روح باريس وامشي في الشانزليزيه ، وروح سنغافورة وعيش حياتك .. وروح ماليزيا يا عم مرسي وشوف كانت فين وبقت فين .. روح الهند .. الهند اللي لمّا كان واحد يضحك علينا في حاجة نقول بغباء شديد : انت فاكرني هندي .. اتفرج على الهند النهارده ، وشوف ازاى غزت العالم وعلى رأسه امريكا بعقول أبنائها في عالم البرمجيات .. سافر في كل حتة انت عايزها .. بس مش قبل ما تفكر ازاى تحل مشاكل بلد اتنهب 30 سنة .. عمارة كانت تُبهر بجمالها العالم .. وقعت وبقت كوم رماد.. اسيب المسائل تضرب تقلب وأطير .. ولا أركز شوية ونشوف لها حل.
وبمناسبة السفر بقى والشىء بالشىء يذكر .. فيه مسرحية روعة اسمها " يا مسافر وحدك " عملها نور الشريف ومنى زكي .. كان بطلها مليونير وكل اللي شاغل باله ومسبب له الرعب في حياته انه بعد ما يموت .. ازاى حيدخل القبر لوحده .. عايز حد معاه يونسه وياخد اللي هو عايزه .. كل ثروته لو يحب .. طول المسرحية قاعد يبوس الأيادي .. عايز واحد يموت معايا وندخل سوا القبر .. محدش سأل فيه .. " يا روح ما بعدك روح ".. وفي الأخر لقى واحدة رضيت بالعرض بتاعه .. عارف كان اسمها ايه يا عم الريس مرسي ؟ .. اسمها " حسنات ".. هى الوحيدة اللي حتؤنس وحدته في القبر وتخليه يقابل ربه وهو مستريح.
أقول الاسم تاني .. اسمها " حسنات ".. يا ريس مرسي.. فاهم أنا اقصد إيه .. حملك تقيل اوي ومسئوليتك كبيرة .. وهمومك عظيمة وانت اللي اخترت .. الزعامة مش تشريف .. اللي فاهم صح وبيخاف ربنا صح يعرف انها تكليف .. ومن كتر ما هو عارف حجم مسئوليتها .. يسأل ربنا ان يبعده عنها او يبعدها عنه .. فإذا ما جاءت إليه مرغما بإرادة ربنا .. دعاه سبحانه ان يُعينه عليها .. ولا تُعميه المصالح الشخصية عن الصالح العام .. وإلا حيسافر وحده .. ويدخل القبر وحده .. ومش حيلاقي واحدة تانية زي " حسنات " .. ويا ويله ويا سواد ليله اللي يسافر لوحده من غير انيس ولا ونيس ولا حتى ضوء شمعة يكسر ظلمة القبر ووحشته.