بعدما رأيت ما تيسر مما وصف ظلما وبهتانا وافتراءاعلى الفن باسم " فيلم " تأكدت أنه لا يجوز وصفه أبدا بأنه مسىء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم فهؤلاء لم يسئوا إلا لأنفسهم لو كانوا يعلمون ، إنهم يكشفون من وقت إلى آخر عما يجيش فى صدورهم من غل وحقد وغيرة وحسد دفعهم لعقد صفقة مع الشيطان أوهمهم فيها أنهم يكيدون للإسلام والمسلمين ويضربونهم فى مقتل والحقيقة أن هؤلاء لايكيدون إلا لمن يدعون أنهم أخوتهم وأهلهم فى مصر من الأقباط ، فهل يدركون ذلك ؟ أعتقد أن كثيرا من الأقباط فى مصر يفهمون ذلك جيدا ويزعجهم ما يفعله هؤلاء المخبولين ؛ فالنار التى يريدون لها أن تندلع قد تشوى – لا قدر الله- وجوه الأقباط أولا قبل المسلمين فى حين اندلاعها قبل أن تتدخل قوى الخارج كما يحلمون ، هناك مليون وسيلة عقلانية ومحترمة للتعبير عن وجهة النظر المخالفة بشأن أية قضية وكذلك للمطالبة بأى حق هذا إن كان لهؤلاء السفلة حقوق من الأساس ،لكنهم هم أنفسهم يعلمون أن ما يحركهم ليس البحث عن حق أو الدفاع عن قضية وقضيتهم باتت واضحة لا لبث فيها ؛ إنهم عملاء للشيطان وتجارفتنة ورعاة خراب ودمار ومستثمرون فى مجالات الحقد والكراهية ،خرجوا حتى عن تعاليم دينهم الذى يقوم فى أساسه على المحبة كشرط ضرورى من شروط الإيمان بالمسيح ، وإنى لأتساءل هل يعرف هؤلاء شيئا عن المحبة أو عن المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام ؟!
لا أعتقد لذا عليهم أولا أن يعودوا للبحث عن المسيح وعن جوهر دعوته قبل أن يسمحوا لأنفسهم بالخوض فى حياة محمد ودينه الذى جعل الإيمان بالمسيح وأمه شرطا من شروط الإيمان بدعوة الإسلام .
إن ذلك الذى يسمونه " فيلما " لهو قمة الركاكة والإسفاف ولا يدل إلا على نفوس خربة وعقول ملوثة وقلوب بال فيها الشيطان ، ليس ركيكا فقط بل معذرة هو من جانب آخر تافه ومضحك ولا يسىء إلا لأصحابه وصانعيه ، فالنبى محمد الذى غيرت دعوته ورسالته وجه العالم وبدلت أحوال الجزيرة العربية تحت راية الإسلام ونقلتها من ظلمة الجهل والبداوة إلى نور والعدل والرحمة والإنسانية ثم بلغت بعد ذلك على يد أصحابه وتابعيه مشارق الأرض ومغاربها وقامت على أساسها بعد ذلك حضارة الأوربيين مستفيدة منها ومن حضارة الإغريق.
رجل مثل محمد صلى الله عليه وسلم عليهم أن يبحثوا طويلا ويقرأوا كثيرا قبل أن يتصدوا لحياته وتاريخه وتاريخ دعوته ، أما أن يظهروه فى الصورة البلهاء التى رأيناه عليها رجل يعشق النساء ويتوهم الوحى ويأمر أصحابه بالقتل والسلب والنهب فهذه سذاجة بل عته وتخلف عقلى يجعلنا ننظر لهم بشفقة ؛ ولا أعتقد أن مثل هذا العمل يمكن له أن يسهم فى تكوين تصور لإنسان عاقل عن محمد ودينه وعن الإسلام والمسلمين حتى لو كان هذا الإنسان لا يعلم شيئا نهائيا عن الإسلام ؛ فبنظرة عقلانية بسيطة لن يقتنع أى شخص بأن رجل بتلك الأوصاف التى وصفوه بها فى الفيلم يمكن أن تحتل دعوته تلك المساحة فى التاريخ وأن تجتذب كل هؤلاء البشر الذين تجاوزوا المليار فى شتى أنحاء الأرض .
بل بالعكس ربما يدفع الفيلم الكثير من الفضوليين والمنصفين والباحثين عن الحقيقة من غير المسلمين إلى البحث عن المزيد عن حياة محمد ليكتشفوا حينها كذب هؤلاء وظلمهم ، و هنا علينا تذكر قول الله تعالى " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " ؛ فالأيام أثبتت أن حرب بوش وحلفائه من قبل على المسلمين والإسلام ووصفه بدين الإرهاب بعد هجمات سبتمبر التى حاول منتجو الفيلم استغلال ذكراها فى النفوس زادت من رغبة الكثير من الأوربيين والأمريكان وإقبالهم على كل ما يتعلق بالإسلام فى محاولة لفهم ما يدور وكثير من هؤلاء دخلوا فى الإسلام بالفعل.
وانقلب السحر على الساحر بل وزادت كراهية الناس فى العالم لأمريكا والأمريكان ، لكن ما أراه أهم فى تلك القضية من وجهة نظرى أنه قدآن الأوان أن نكف نحن كمسلمين عن التبرع بالسلوك الذى يساعد هؤلاء ويقوى حجتهم والأمثلة كثيرة ولا داعى لذكرها ، كما أن التشنجات والمظاهرات وإحراق المبانى والمنشآت ليست الوسيلة الأنسب دائما فى التعبير عن الغضب والغيرة على الدين هناك وسائل إيجابية كثيرة قد تكون أكثر فائدة ، كما أنه من الأجدى بل ومن الواجب أيضا الاعتراف بأن الأقباط لهم حقوق كمصريين لا يجب إغفالها أو التقصير فيها والتعامل معها باستعلاء .
ومن هنا علينا أن نتفهم جيدا لماذا ندعوا لدولة مواطنة يخضع فيها المسلم والمسيحى لسلطة القانون حيث لا مجال لظلم أو إقصاء أو تمييز بين مصرى ومصرى ، وعلينا أن نكف عن التعامل مع القضايا الحساسة فى هذا الشأن على طريقة النظام القديم فى تجاهل المشكلات ونفيها ، حتى لا نسمح لمثل هؤلاء السفلة على اللعب على أوتار حقوق الأقباط فى مصر والإتجار بها ، وفى النهاية نذكر أنفسنا بما تعرض له الرسول الكريم من إساءات واستهزاء وهى سنة الرسل و النبيين جميعا , ونكتفى بقوله تعالى " إنا كفيناك المستهزئين " صدق الله العظيم