في إطار سلسلة الندوات التي تقيمها الهيئة العامة للكتاب، بمناسبة الذكرى السادسة لرحيل عميد الرواية العربية وشيخها الأكبر نجيب محفوظ، عقدت الهيئة مساء أمس الخميس، ندوة ثقافية لمناقشة الكتاب الصادر حديثا ضمن سلسلة «نجيب محفوظ» بعنوان «أدب نجيب محفوظ في إيطاليا»، من تأليف الدكتور حسين محمود، أستاذ ورئيس قسم الأدب الإيطالي واللغة الإيطالية بكلية الآداب جامعة حلوان، والمترجم المعروف، وشارك في الندوة الناقد الدكتور يسري عبد الله، وأدارها الناقد الدكتور صلاح السروي. أجمع المشاركون في الندوة أن نجيب محفوظ هو صاحب فضل كبير في تعريف العالم الغربي بنا، وفرض احترام العالم لنا، وما فشلت فيه حكومات 22 دولة عربية مجتمعة، قام بعمله أديب واحد هو نجيب محفوظ. د.حسين محمود، مؤلف الكتاب، أشار في كلمته إلى أن سر نجاح هذا الكتاب هو تعامله مع اسم بقيمة ومكانة «نجيب محفوظ»، حيث يتناول الكتاب كيفية تلقي الإيطاليون لأدبه كاشفا عن أن محفوظ كان صاحب فضل على الأدب العربي كله، ففي 46 سنة لم يترجم من الأدب العربي سوى خمس كتب، ولولا دخول نجيب محفوظ إلى سوق النشر الدولية، لظل الأدب العربي في مجمله مجهولا للعالم الغربي، ولم يعرف أحد عن الأدب العربي شيئا يذكر، واليوم هناك مرشحون كثيرون لجائزة نوبل بعد حصول نجيب محفوظ عليها.
حسين محمود أضاف أن حكومات 22 دولة عربية لم تستطع أن تقدم للبلاد العربية ما استطاع أن أنجزه نجيب محفوظ بمفرده، فهو الذي عرف العالم بنا، وشدد محمود على ضرورة أن نعرف قيمة الثقافة والأدب في تقدم الأمم، وأننا يجب أن نهتم بوصول الثقافة إلى القرى المصرية، مشيرا إلى أن أعمال محفوظ كانت تصل إلى القرى والمناطق البعيدة من خلال السينما وعن طريق قصور الثقافة.
واختتم مؤلف الكتاب حديثه بالإشارة إلى أن هناك دراسات أوروبية كثيرة تم إنجازها عن أدب نجيب محفوظ، وربما نكون قد أنتجنا في مصر بحوثا مثل البحوث الأوروبية، لكن يجب علينا التعرف عليها لأنها تفتح لنا آفاقا جديدة وزوايا مختلفة في رؤية أنفسنا من خلال عيون الآخرين.
مقدم الندوة، الناقد الدكتور صلاح السروي، أوضح أنه عندما حصل محفوظ على نوبل بدأ العالم يهتم ليس فقط بنجيب محفوظ إنما بالأدب العربي في مجمله، وأضاف أن إيطاليا قريبة جدا منا ليس فقط على المستوي الجغرافي إنما على المستوى الثقافي أيضا، فالأدب الإيطالي ليس ببعيد عنا، وإيطاليا كثقافة وحضارة قديمة قريبة من مصر، وأشار السروي إلى أن الكتاب الجديد جاء ليرصد استجابة الأوساط الثقافية والأدبية في إيطاليا لأدب نجيب محفوظ، مع التركيز على جهد المستعربين الطليان في نقل وترجمة روايات نجيب محفوظ إلى اللغة الإيطالية.
الناقد يسري عبد الله أكد أن نجيب محفوظ قيمة فنية وتاريخية في السرد العربي، قال إن كتاب «أدب نجيب محفوظ في إيطاليا» أفسح مدارات التلقي أمام القارئ الغربي، مشيرا إلى أن محفوظ لعب دورا مركزيا في السرد العربي، ونوبل كانت دافعا للتلقي العربي، مستدلا بفصول الكتاب التي أتت شاهدة على ذلك.
يسري أوضح أن الكتاب يتخذ رؤية وصفية لا تنحو إلى التحليل إلا نادرا، وهو نموذج في محاولة تخليق مساحات مشتركة بين الطرفين المصري والإيطالي، وأضاف أن أهم ما لفته في الكتاب هو فكرة «المثاقفة»، التي تعني أننا امام حالة معرفية لا ترفض الآخر أو تنسحق أمامه، وهي بالأساس لا تنطلق من أفكار سابقة التجهيز.