التظاهر السلمي جائز شرعا من حيث الأصل ويعد حقا مكفولا لكل مواطن»،.. هذا هو أول تعليق لمفتي الجمهورية، الدكتور علي جمعة، على مظاهرات 24 أغسطس، اليوم، موضحا أن «التظاهر من وسائل الاعتراض الجماعي، التي عرفها المسلمون في أزمنة وأماكن مختلفة قديما، وكانت تُستعمل مع الولاة أحيانا، ومع المحتل الغاصب»، لافتا إلى أن «الأصل في طلب الحاجات من الحاكم أنه مشروع، لأن مهمة ولي الأمر هي قضاء حوائج الرعية، وبالتالي فإن التظاهر لهذه الغاية مشروع، لأن الوسائل تأخذ حكم غاياتها ومقاصدها». المفتي شدد، في بيان أصدره أمس، على مشروعية المظاهرات كوسيلة من وسائل الاعتراض المعاصرة، على أن هذا الحكم بالجواز مشروط بعدة ضوابط لا بد من توافرها، كما قال، وهي أن لا تكون غاية هذا التظاهر أو الاعتصام هي المطالبة بتحقيق أمر منكر لا يجيزه الشرع الحنيف، وأن لا يتضمن هذا الفعل شعارات أو ألفاظا أو تصرفات أو إشارات يحرمها الشرع، فضلا عن ضرورة أن لا يتضمن أمورا محرمة كإيذاء الناس أو الاعتداء على ممتلكاتهم أو زعزعة أمنهم واستقرارهم أو تعطيل مصالح البلاد والعباد، مؤكدا أن تلك الضوابط هي المعايير الشرعية التى يُقاس بها الحكم الشرعي لكل حالة على حدة، وأنه رغم أن الأصل هو الجواز فإن الحكم يختلف باختلاف التزام التظاهرة أو الاعتصام بتلك الضوابط الشرعية.
جمعة ساق أدلة جواز الشرع للتظاهر السلمي من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وأفعال خلفائه الراشدين بما يؤكد أنهم استفادوا من بعض أفعال الآخرين المخالفين في الدين ما دامت في سياق مساحات التنظيم البشري الساعية لإصلاح وتصحيح أمور دنياهم وحياتهم، بما لا يتصادم مع نصوص شريعة دين الله الحنيف، ولا يعطل أو يؤثر بالسلب على المصالح العليا للبلاد فى الداخل أو الخارج، مشيرا إلى أن حماية المظاهرات السلمية جزء من واجبات أجهزة الدولة جميعها، مهيبا بالمتظاهرين من أصحاب الرأي والرأي الآخر باحترام الملكيات العامة والخاصة ومؤسسات الدولة، محذرا في ختام بيانه منظمي تلك التظاهرات من اندساس بعض المخربين الذين يتعمدون التخريب والإثارة ونشر الفوضى وتحويل غايتهم السلمية إلى غايات أخرى مدمرة ومسيئة لهم وللوطن.
كما حذر من الانسياق وراء الشعارات واتخاذ سلوك يخالف سلوك المسلم من سب وشتم ولعن لأصحاب الاتجاهات المخالفة للمتظاهرين.
يجدر بالذكر أن دار الإفتاء أعلنت، في وقت سابق، عن حرمة التظاهر والعصيان العام وأصدرت فتوى تحرم الإضراب العام، وقالت إن «الدعوة إلى الإضراب العام، بمعنى إيقاف السكك الحديدية والمواصلات والنقل والعمل فى المصانع والمؤسسات والجامعات والمدارس والتوقف عن سداد الأموال المستحقة للحكومة (ضرائب، فواتير الكهرباء والمياه والغاز) حرام شرعا»، لخطورته على تفاقم الأوضاع الاقتصادية السيئة، بما يؤدى إلى تعطيل مصالح الناس وتعرض حياتهم للخطر.