أ ش أ أكد فضيلة الدكتور علي جمعة -مفتي الجمهورية- أن التظاهر السلمي جائز شرعا من حيث الأصل، ويعد حقا مكفولا لكل مواطن. وقال جمعة -في معرض بيانه لمشروعية المظاهرات- "إن التظاهر من وسائل الاعتراض الجماعي التي عرفها المسلمون في أزمنة وأماكن مختلفة قديما، وكانت تُستعمل مع الولاة أحيانا، وأحيانا مع المحتلّ الغاصب". وأوضح أن الأصل في طلب الحاجات من الحاكم أنه مشروع؛ لأن مهمة وليّ الأمر قضاء حوائج الرعية، وبالتالي فإن التظاهر لهذه الغاية مشروع، حيث إن الوسائل تأخذ حكم غاياتها ومقاصدها. وشدد جمعة على أن هذا الحكم بالجواز مشروط بعدة ضوابط لا بد من توافرها، وهي ألا تكون غاية هذا التظاهر أو الاعتصام هي المطالبة بتحقّق أمر منكر لا يجيزه الشرع الحنيف، وألا يتضمن هذا الفعل شعارات أو ألفاظا أو تصرفات أو إشارات يحرّمها الشرع، بالإضافة إلى ضرورة ألا يتضمن أمورا محرمة كإيذاء الناس أو الاعتداء على ممتلكاتهم أو زعزعة أمنهم واستقرارهم أو تعطيل مصالح البلاد والعباد. وأضاف أن تلك الضوابط هي المعايير الشرعية التي يقاس بها الحكم الشرعي لكل حالة على حدة، وأنه بالرغم من أن الأصل هو الجواز إلا أن الحكم يختلف باختلاف التزام التظاهرة أو الاعتصام بتلك الضوابط الشرعية بالكامل أو بعده عنها. وساق الدكتور علي جمعة أدلة جواز الشرع للتظاهر السلمي من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعال الخلفاء الراشدين، تؤكد أنهم استفادوا من بعض أفعال الآخرين المخالفين في الدين، وذلك ما دامت في سياق مساحات التنظيم البشري الساعية لإصلاح وتصحيح أمور دنياهم وحياتهم، بما لا تتصادم مع نصوص شريعة دين الله الحنيف، ولا تعطل أو تؤثر بالسلب على المصالح العليا للبلاد في الداخل أو الخارج. وشدد على أن حماية المظاهرات السلمية جزء من واجبات أجهزة الدولة جميعها، وأهاب بالمتظاهرين من أصحاب الرأي والرأي الآخر باحترام الملكيات العامة والخاصة ومؤسسات الدولة. وحذّر جمعة منظمي هذه التظاهرات من اندساس بعض المخرّبين الذين يتعمّدون التخريب والإثارة ونشر البلبلة والفوضى، وتحويل غايتهم السلمية إلى غايات أخرى مدمرة ومسيئة لهم وللوطن. كما حذّر من الانسياق وراء الشعارت واتخاذ سلوك يخالف سلوك المسلم من سب وشتم ولعن لأصحاب الاتجاهات أو الآراء الأخرى، منوها إلى حديث النبى عليه السلام: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء".