نصيحتي ....إلى كل أخواني : ((الدواء فيه سُم قاتل ... لا تقترب منه )) .. بعد أن تم تشكيل الوزارة الجديدة –وزارة د. هشام قنديل - بحمد الله وتوفيقه ... تم فتح حنفية التصريحات ...فصرح وزير الشباب - وهو طبيب – برغبته في حماية الشباب دستورياً بإضافة نص دستوري يؤكد ذلك ... في حين أن وزير العدل – وهو طبعاً من رجال القضاء والقانون - صرح برغبته ؛ شفاهة وكتابة ؛ في تقليص النصوص الدستورية المتعلقة بالسلطة القضائية والهيئات القضائية .... وهذه مفارقة ...ولهذه المفارقة قصة ..
وتبدأ القصة عام 1986م حيث تم عقد مؤتمر العدالة الأول – والأخير حتى الآن – وكان وزير العدل حينئذٍ أميناً للمؤتمر؛ وكان المستشار حسام الغرياني مقرراُ عاماً لنفس المؤتمر ؛ ولقد أختتم المؤتمر المذكور بتوصيات عديدة في شتي المحاور التي دار حولها موضوع المؤتمر ؛ وقيل حينئذٍ ... أن القضاء لن يعقد مؤتمراً آخر للعدالة ..إلا إذا تم تنفيذ توصيات المؤتمر الأول .... لأن القضاء لا يصدر توصيات تُترَك في الأدراج بل أحكاماً واجبة التنفيذ ...
ورغم وجاهة هذه الحجة ... إلا أنه واضح مابها من خلط مابين ... منصة القضاء التي تصدر الأحكام منها ... وقاعة المؤتمرات التي تتم فيها المناقشات بين جميع المؤتمرين ...من قضاة وغيرهم من رجال القانون وأساتذة القانون ...وأعضاء الهيئات القضائية الأخرى .. ثم أن توصيات أي مؤتمر في العالم – حتى لوكان تحت مظلة الأممالمتحدة – لا يتم ترجمتها إلى حقائق على أرض الواقع ...إلا حسب ظروف كل مجتمع ..سواء في ذلك الظروف المكانية والزمنية ..والمالية ..والأقتصادية ..إلخ ..· المهم أن هذا المؤتمر كانت تسوده نظرة تربصية بالهيئات القضائية الأخرى ...فقد دارت أغلب المناقشات – أو ...هكذا أريد لها أن تُدار – في نطاق إلغاء ما يمكن إلغائه من جهات قضائية ...مثل جهاز المدعى الاشتراكي ومحكمة القيم ...ودمج ما يمكن دمجه تحت مظلة جهة قضائية واحدة ...وفيما يتعلق بالنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة ... أتضحت وجهة النظر بشأنهما من خلال ما عبر عنه ... المستشار يحيي الرفاعي رئيس نادي القضاة حينئذ الذي سطر علي هامش توصيات مؤتمر العدالة الأول الذي انعقد تحت رعاية النادي المذكور قوله: لا مراء في أن اشتراك اعضاء محامي قضايا الدولة أو النيابة الإدارية في إعداد موازنة القضاء أو إدارة صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لرجال القضاء والبت في صرف أو عدم صرف هذه الخدمات لبعضهم ينطوي علي تدخل من غير القضاء في شئون العدالة وهو الأمر المحظور بنص المادة166 من الدستور, ولا جدال في أن إطلاق صفة الهيئة القضائية تجاوزا علي هاتين الإدارتين لأول مرة في قرارات مذبحة القضاء بهدف الإطاحة باستقلال القضاء وتكرار ذلك في بعض التشريعات اللاحقة وانتفاع اعضائها ماليا نتيجة لذلك ومزاحمتهم القضاة في حقوقهم وضماناتهم, لا يغير من حقيقة كونهما جهتين إداريتين من فروع السلطة التنفيذية ويستحيل دستوريا اعتبارهما من فروع السلطة القضائية بأي حال من الأحوال, والقول بغير ذلك لا يعدو أن يكون محض تبرير لمطالب طائفية يمكن السعي لتحقيقها دون التمسح بالصفة القضائية )).
ولقد سجلنا اعتراضنا الشديد علي تجريد هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة من الصفة القضائية إبَّان المؤتمر المذكور- حيث كنت من المشاركين فيه – ثم ولقد سجلنا ذلك في كتابنا المعنون : النيابة الإدارية في مفترق الطرق طبعة 1986- دار الفكر الجامعي بالقاهرة - وكررنا ذلك في مقالنا المعنون : تجريد النيابة الإدارية.. تفسير تعسفي للنصوص - والمنشور بجريدة الأهرام القاهرية - بتاريخ 5/6/2003م - السنة 127 – العدد 42549 .
http://www.ahram.org.eg/archive/2003/6/5/OPIN15.HTM · واليوم وبمناسبة وضع دستوراجديداً للبلاد تقدم المستشار أحمد مكي – وزير العدل - بمذكرة للجمعية التأسيسية للدستور بجدد فيها توصيات مؤتمر العدالة الأول . ولم يكتف بمهاجمة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة ؛ بل أمتد الهجوم إلى المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة ..· حيث طالبت المذكرة سالفة البيان إلغاء المواد التالية : · http://www.almasryalyoum.com /node/1029571 مادة 170 : يسهم الشعب فى إقامة العدالة على الوجه وفى الحدود المبينة فى القانون. مادة 171 : ينظم القانون ترتيب محاكم أمن الدولة ويبين اختصاصاتها والشروط الواجب توافرها فيمن يتولون القضاء فيها. مادة 172 : مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى. مادة 173 : تقوم كل هيئة قضائية على شؤونها، ويشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية، يرعى شؤونها المشتركة، ويبين القانون تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه. الفصل الخامس: المحكمة الدستورية العليا مادة 174 : المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، فى جمهورية مصر العربية، مقرها مدينة القاهرة. مادة 175 : تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين فى القانون. ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التى تتبع أمامها. مادة 176 : ينظم القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا، ويبين الشروط الواجب توافرها فى أعضائها وحقوقهم وحصاناتهم. مادة 177 : أعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل، وتتولى المحكمة مساءلة أعضائها على الوجه المبين بالقانون. مادة 178 : تنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعى من آثار
ويمكن تلخيص الأهداف الحقيقية لهذه المذكرة في الآتي : 1- هدم المحكمة الدستورية العليا 2- تقليص أو هدم الهيئات القضائية الأخري وهي : مجلس الدولة ، والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة . · ومن المتصور أن يكون هذا الهدم على مراحل ....فبعد أن يتم كشف الغطاء الدستوري عن هذه الهيئات والمحاكم القضائية ...يسهل بعد ذلك .. أن تصاب بأنفلونزا حادة ... أو بحمي ..تؤدي بحياتها ... نعم يسهل بعد كشف الغطاء الدستوري ..عن هذه الهيئات القضائية أو المحاكم ...دمجه أو إلغائها ... بقانون أو مرسوم بقانون - يتم وضعه ليلاً ..في مكتب الأرشاد - ...ويصدره في اليوم التالي ...مجلس الشعب أو رئيس الجمهورية في غيبة مجلس الشعب .. · ويصبح الشعب المصري فيرى المحكمة الدستورية العليا قد صارت مجرد ذكرى ... وتقلصت في صورة : دائرة من دوائر ... محكمة النقض...وسيادة المستشار في النيابة الإدارية أو هيئة قضايا الدولة أو في مجلس الدولة .. موظفاً تابع لوزارة المالية أو الإستثمار أو الجهاز المركزي للمحاسبات أو الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ..· ولن يغيب عن فطنة القارئ أن المحكمة الدستورية العليا بالذات ...تسبب قلقاً غير عادي للأخوان المسلمين ...لأنها تقف لهم بالمرصاد ...تجاه مشاريعهم القانونية ..لأخونة الدولة ...التى يترجمون من خلالها ( كتالوج الدولة الإفتراضية ) – الذي تعلموه من خلال ثقافة أهل الكهف – تحت الأرض – وهو في حقيقته كتالوج يتخف عن العصر مئات السنين ..ويعود بنا إلى العصور الوسطى ..عصور الظلام ..· وتبقى كلمة :
لذلك أستطيع أن أقول ..إلى كل أخواني : ((الدواء فيه سُم قاتل ... لا تقترب منه )) ...نعم إلى كل أخواني ..وزملائي وأساتذتي بالنيابة الإدارية ....أقول لهم ...( مذكرة المستشار مكي ) ...أخطر مذكرة على مصير الهيئات القضائية ...فهي ستؤدي حتماً – وبلا جدال – إلى أحد مسارين : أولهما ...الإنضمام للنيابة العامة والقضاء ...وهنا سيكون أعضاء النيابة الإدارية ...قضاة من الدرجة الثانية ...ولن أذكركم – فأنتم تعلمون أكثر مني – مصير زملاء تم نقلهم من النيابة الإدارية إلى القضاء في الثمانينات ...وكان عيبهم الوحيد عند الترقي وشغل المناصب الرفيعة ...هو أنهم جاءوا من (( تحت السلاح )) ....مثلهم مثل الجندي الذي ترقى إلى ضابط ...فقد حيَّل بينهم وبين المناصب الرفيعة في السلك القضائي . أما المسار الثاني فهو .. تجريد النيابة الإدارية من ( الطبيعة القضائية لها ) ..وتلحق – في هذه الحالة – بوزارة المالية ..أو الجهاز المركزي للمحاسبات أو للتنظيم والإدارية ..
ولن يكون مصير أعضاء المحكمة الدستورية العليا أو مجلس الدولة أفضل من زملائهم في النيابة الإدارية وهيئة القضايا الدولة .
وذلك حتى لا يتمتع بلفظ مستشار إلا قضاة الحكم فقط ... قضاة القضاء العادي والعام ...
إلى أخواني ...وزملائي ...واساتذتي ...اللهم هل بلغت اللهم فأشهد ... حتى لا أقول لكم بعد ذلك ...(( يا أخي ..لا تبكي ..من مذكرة مكي )) ..