يحكى بعض من حضروا اجتماعات مع المجلس العسكرى فى وجود المشير حسين طنطاوى أن الأخير يشكو من رسوم الجرافيتى على الجدران، حيث قال: «أنا باتشتم على الحيطان»، يقول ذلك وهو منزعج جدا.. وربما حاول بعض المسؤولين إزالة هذه الرسوم ومحوها.. لكن يعود فنانو الثورة إلى رسم إبداعات أكثر ورسوم أكثر، وبتعبير أكثر وضوحا عما وصل إليه حال البلاد على يد جنرالات معاشات المجلس العسكرى، برئاسة مشيرهم طنطاوى. إن تلك الرسوم التى يعتبرها المشير طنطاوى وجنرالاته فى المجلس العسكرى شتائم.. لن تمحى أبدا من سجل التاريخ.. فستظل موجودة ومرتبطة بأداء هؤلاء الجنرالات، فى حكمهم للبلاد.. ستظل موجودة تنتقد ما يحدث من هؤلاء الجنرالات الذين يديرون البلاد بفشل.. وهم مع هذا يصرون على استمرارهم فى إدارة البلاد، مع أنهم كلهم معاشات، والذى لم يكن فيهم كذلك، مع قيام الثورة، أصبح على المعاش الآن، إلا أن المشير طنطاوى «الحاكم بأمره» يستبقيه فى المجلس العسكرى.. «أهو يستفيد أيضا على قفا الشعب». ينزعج المشير طنطاوى من الرسوم على الجدران.. ولا يدرى هذا المشير كم دفع هذا الشعب من أرواح الشهداء والدماء فى ثورته العظيمة، التى رفع فيها شعار «سلمية سلمية»، فأبهر العالم كله بها.. وكانت نموذجا عظيما لثورة تتخلص من ديكتاتورية فاسد مستبد، وعصابة شيطانية تجذرت فى الأرض، قابلت مظاهراتنا بالرصاص الحى والمطاطى والخرطوش. ويفاجأ الشعب بعد كل تلك الدماء الطاهرة، أنه لم يتحقق شىء من أهداف ثورته.. فوجد البراءة لقتلة المتظاهرين.. وعودة رجال أعمال النظام المخلوع إلى السيطرة من جديد.. وعدم محاسبة الفاسدين الذين اعتبروا البلاد مرتعا للفساد وأفسدوا الناس.. ومزيدا من الشهداء، كما جرى فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وشارع قصر العينى ومحيط وزارة الداخلية وأحداث العباسية، وهذه المرة على يد قوات المشير طنطاوى. يرى أمامه محاولات إفساد الثورة.. وكله عن طريق مجلس المشير العسكرى.. مرة بالدخول فى صفقات مع قوى سياسية، ومرة أخرى بالصراع مع تلك القوى.. وبالتحديد مع جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهم «ودعك من موقف الإخوان الحالى، فهو مؤقت». يدير مجلس المشير العسكرى شكلا من العبث العام، حتى فى الانتخابات التى أجراها لتبدو فى الشكل الديمقراطى النزيه.. لكن فى النهاية فى ظل مناخ ومسار ديمقراطى مشكوك فيه.. لتكون الحصيلة فى النهاية حل البرلمان وانتخابات رئاسية غير محسومة ومشكوك فى نتائجها، خلافا للاختيارات المرة بين متنافسين لا يعبران عن الثورة ومطالبها. ويخلف وعده.. فهؤلاء جنرالات المجلس العسكرى والمشير طنطاوى.. هم الذين وعدوا بأنهم سيسلمون السلطة بعد ستة أشهر من المرحلة الانتقالية، لتطول الفترة لعام وستة أشهر، وها هم يسيرون نحو أن تظل السلطة فى أيديهم أبدا.. ويحولون البلاد تحت رحمتهم ورحمة حكمهم.. وبدؤوا فى سيناريو الرعب والترهيب، على غرار ما كان يحدث أيام ثورة 25 يناير.. لينشروا رجالهم ودباباتهم ومدرعاتهم، وهم أنفسهم الذين شاهدوا حجم المدرعات وجنود الأمن المركزى الذين لم يستطيعوا أن يقفوا أمام قوة وصلابة وإصرار الشعب، فى إسقاط النظام يوم 28 يناير 2011، لكنهم لا يفهمون ولا يدركون شيئا.. فهم من أصحاب المعاشات الذين لا يدركون أن إصرار الشعب أقوى من المدرعات.. هل يتذكرون ماذا فعل الشعب عندما كانت طائرات «إف 16» تحلق على مستوى منخفض فى ميدان التحرير.. إن الناس كانت تضحك وتقول فى صوت واحد: «حسنى.. اتجنن». لقد ادعى المجلس العسكرى أنه حمى الثورة، لكنه الآن يسرقها فى عز الظهر.. لا يريد تسليم السلطة.. وإن سلموها كما يدعون حافظوا على وجودهم.. ومنحوا أنفسهم سلطات أكثر، وكأنهم أصحاب الثورة وأصحاب البلد. لقد تخلص الشعب من حاكم مستبد فاسد، كان يدعى أنه حاكم مدنى.. فإذا به يفرض عليه حاكم عسكرى. يا أيها المشير طنطاوى ومن معك فى مجلسك المعاشات.. الشعب يريد الحرية ولا يريد حكم العسكر. وستظل الرسوم على جدران البلاد تسجل سرقة طنطاوى ومجلسه المعاشات الثورة.