في محاولة لمعرفة أجندة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخاصة بالديمقراطية في العالم، كتب جيمس تروب مقالاً نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية في موقعها علي الإنترنت يقول فيه إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تشعر بحساسية شديدة جداً تجاه الدعاوي التي تتهمه بالاندماج سياسياً مع الأنظمة التي تتمسك بالحكم لعقود طويلة في مقابل التعاون معها في الموضوعات الإستراتيجية الكبري، علي أن تتغاضي الولاياتالمتحدة عن تجاوزات تلك الأنظمة في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية. ويقول الكاتب إنه إذا نظرنا إلي البديل الآخر أمام الولاياتالمتحدة بدلاً من ذلك التحالف فلن يمكننا سوي رؤية الدماء والدمار الذي خلفته الإدارة الأمريكية السابقة. ويشير تروب إلي أن هناك العديد من المدافعين عن الديمقراطية في إدارة أوباما من بينهم مايكل ماكفول الذي أكد في كتابه الجديد أن تعزيز الديمقراطية في العالم الخارجي يجب أن يكون ضمن الأولويات الملحة علي أجندة الإدارة الأمريكية الحالية. وعلي الرغم من وجود «فرسان المدافعين عن الديمقراطية» داخل إدارة أوباما، يري البعض أن أوباما تنازل عن الديمقراطية في مقابل الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع الأنظمة السلطوية. بينما يري آخرون أن أوباما لم يتنازل عن مطالبة تلك الدول بتعزيز الديمقراطية ولكنه يستخدم أساليب وأسماء أخري للضغط علي تلك الأنظمة من أجل الديمقراطية، مؤكدين أنه علي الرغم من رفض أوباما استخدام كلمات سلفه الرئيس بوش مثل «الديمقراطية» و«الحرية» و«المبادئ العالمية» فإن هناك مرادفات لتلك الكلمات في قاموس إدارة أوباما. فعلي عكس إدارة بوش التي كانت تقدم مساعدات مباشرة للأنظمة التي يفضلها، بغض النظر عن أي اعتبارات أخري، تعمل إدارة أوباما علي ربط مساعدتها بالتنمية الداخلية التي تشمل التجارة والصناعة والحرية السياسية. وبالتالي فإن التركيز علي التنمية الداخلية وربطها بالديمقراطية هي طريقة أوباما في الضغط علي الأنظمة الشمولية من أجل الحرية والديمقراطية، وهي الطريقة التي لم يسبق أن اتبعتها إدارة أمريكية سابقة. وأشارت المجلة إلي أن انخراط الإدارة الأمريكية في تعزيز الديمقراطية ينطوي علي متناقضات، كما أن عدم الانخراط في فرض الديمقراطية من غير المرجح أن ينتج عنه إصلاح سياسي، كما أن إظهار الاحترام للدول الاستبدادية من المرجح أن يبدو كرسالة بمنح الحصانة والإفلات من العقاب. ودلل الكاتب علي رأيه هذا بمصر كدليل إثبات بدا فيه التناقض في موقف إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش وإدارة الرئيس الحالي باراك أوباما. فبعد أن أعلن بوش، في خطاب تنصيبه لولايته الثانية، أن الولاياتالمتحدة سوف تطلب من الحكومات الأخري «معاملة كريمة لشعوبها»، استخدم بوش مصر باعتبارها محل تجربته، وضغط علي الرئيس حسني مبارك علنا لتوسيع مساحة الحملات السياسية والرأي العام. وكانت سياسة بوش ناجحة حتي ضيق مبارك علي الحريات وخفضت إدارة بوش من نبرتها في التعامل مع الموقف. ولفتت المجلة إلي أن إدارة أوباما تعلمت الدرس الخاطئ من تجربة بوش. فالعبرة ليست أن ضغط الرأي العام لا يأتي بنتيجة، بل إن مثل هذا الضغط يجب أن يكون مدروسا وثابتا ومدعوما بالأفعال. وأوضحت المجلة أن لا أوباما ولا غيره من كبار المسئولين انتقدوا علنا حلفاء أمريكا الاستبداديين في الشرق الأوسط، رغم أن كلمة أوباما في القاهرة وصلت تقريبا «لدرجة الكمال»، مما أثار الشعور بخيبة الأمل بين الإصلاحيين في المنطقة. وقالت المجلة: يبدو أن المسئولين الأمريكيين بمن فيهم أوباما لم يقرروا بعد، وبأي وسيلة، كيفية دفع الدول المستبدة البارزة للإصلاح والتقدم وتعزيز النظام العالمي. وخلصت المجلة إلي أن إدارة أوباما لم تمض بعيدا في دفع الديمقراطية في الدول الاستبدادية. لكن المجلة اعتبرت أن أوباما يريد أن يلهم، وليس يفرض الديمقراطية في العالم. وهو ما اعتبرته عملاً جيدًا، وتصحيحا ضروريا علي مبدأ تقويم المسار الذاتي لسياسة الولاياتالمتحدة الجاري منذ قدوم أوباما للسلطة.