قبل أيام قليلة نشرت مجلة فورين بولسى الأمريكية المعنية بالسياسة الخارجية مقالا اتهمت فيه إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالتخلى عن قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان فى العالم وبخاصة فى الدول العربية والإسلامية بسبب شعور الإدارة بالحاجة إلى تعاون أنظمة الحكم المستبدة فى هذه الدول. التقت «الشروق» بمساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون العامة «بى جيه كرولى» لمواجهته بهذه الاتهامات وتقديم كشف حساب لما قدمته إدارة الرئيس الأمريكى التى تنهى عامها الأول فى السلطة خلال أيام، خاصة أن كرولى يتمتع بحضور قوى داخل وزارة الخارجية الأمريكية باعتباره واحدا من عدد قليل للغاية من الأشخاص الذين تستعين بهم وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون لإدارة شئون الوزارة. البعض يرى أن إدارة أوباما تخلت عن أجندة دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان على العكس من إدارة بوش!، هل لديكم خطط أو برامج محددة للتعامل مع هذه القضايا خلال عام 2010؟ أنا لا أوافق على ما ذكرته، إدارة بوش دعمت الديمقراطية وقضايا حقوق الإنسان شفهيا وبطريقة محدودة. إدارة أوباما تعتبر قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان من أهم قضايا السياسة الخارجية، إلا أن منهجنا فى التعامل معها أكثر واقعية، ويختلف من دولة لدولة طبقا لطبيعتها وخصوصيتها، فما قد نطالب به فى هندوراس قد لا يصلح فى غينيا أو الصين. سياستنا لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان هى سياسة طويلة المدى، ونحن نفهم تطلعات العديد من الشعوب لمزيد من الديمقراطية، وما إيران وما يجرى بها إلا مثال حى على استمرار هذه التطلعات رغم وجود نظام يقمع هذه التطلعات. نحن ندعم بحرص تطلعات هذه الشعوب، وندعم المبادئ العالمية للديمقراطية وحقوق الإنسان. ورغم أن الحكومة الإيرانية تحاول تصوير الولاياتالمتحدة وكأنها تقف خلف الحركة الداعية للديمقراطية داخل إيران، وأنها تتدخل فى شئون إيران الداخلية، فإن الشعب الإيرانى يدرك حقيقة أن الحكومة الإيرانية لا تريد له مزيدا من الديمقراطية. بالنسبة للشأن المصرى، الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأسماء أخرى مستقلة، أعربت عن رغبتها فى الترشح لانتخابات 2011 الرئاسية، إلا أن الطريق أمامهم مغلق بسبب عقبات دستورية، ما هو رأى الإدارة الأمريكية فى هذا الموضوع؟ هذه قضية تخص المصريين، وهم أصحاب القرار فى هذا الشأن. نحن دائما نشجع الحكومة المصرية على الإصلاح السياسى، ونشجعها على إصلاح يزيد من انفتاح النظام السياسى ويجعله يسمح بمشاركة أوسع وتمثيل سياسى أكبر. كما أننا ندعم ونشجع إصلاح نظام الانتخابات، إلا أننا لا نملى مطالب على الحكومة المصرية، ونرى أن قرارات الإصلاح السياسى وإصلاح نظام الانتخابات يجب أن تنبع من داخل مصر، ويجب ألا تأتى من الخارج. وماذا عن رأيكم فى احتمال ترشح الدكتور البرادعى للرئاسة فى مصر؟ نحن لا نتحدث عن شخص بعينه، بل نشجع الحكومة المصرية على مزيد من الإصلاح السياسى، وإصلاح نظام الانتخابات. الوقت المتاح لإيران للرد على أسئلة ملفها النووى على وشك الانتهاء، ماذا بعد فيما يتعلق بإيران؟ مثلت إيران إحدى أهم قضايا السياسة الخارجية لإدارة أوباما خلال عام 2009، وقمنا بتغيير كبير فى التعامل مع ملف إيران النووى، وقام الرئيس أوباما بعرض مبادرات على الحكومة الإيرانية، كان من نتيجتها لقاء مهم فى جنيف. وهكذا اختار الرئيس أوباما أن يتعامل مع إيران بطريقة مباشرة لمناقشة قضايا الملف النووى جنبا إلى جنب مع خمس دول كبرى. ومنذ اجتماع جنيف، لم تقم طهران بأى خطوات جادة، ولم تظهر الحكومة الإيرانية أى رغبة أو قدرة على الرد على مطالب الجماعة الدولية. هناك عوامل داخلية إيرانية تؤثر على موقف طهران من الملف النووى أبرزها التشكيك فى نتيجة انتخابات الرئاسة فى الصيف الماضى، حيث أصبحت الحكومة تعانى من فقدان الشرعية. وتعانى فى التواصل مع شعبها، وتعانى من عداء الجماعة الدولية. الرئيس أوباما جاد بخصوص إيران، وسيتخذ الرئيس قرارات شديدة الأهمية بخصوص إيران خلال الأشهر الثلاثة من عام 2010. وقد تقوم واشنطن، مشاركة مع الجماعة الدولية، بفرض المزيد من العقوبات الشديدة على إيران ما لم تستجب لمطالب الجماعة الدولية. هل هناك أى نية لتغيير أسلوب التعامل مع حماس حال تكرار نجاحها فى الانتخابات المقبلة؟ التغيير يجب أن يجىء من حماس، نحن لن نغير موقفنا الرافض للتعامل مع منظمة لا تنبذ العنف، ولا تعترف بالاتفاقيات السابقة الموقعة، ولا ترغب فى سلام مع إسرائيل. نحن نرغب فى عقد الانتخابات الفلسطينية، إلا أن القاضى المشرف على العملية الانتخابية يؤكد أن حماس تقوم بعرقلة الإعداد لمثل هذه الانتخابات، وعلى حماس التعاون مع لجنة إعداد الانتخابات، من أجل عقدها. بخصوص الإستراتيجية الأمريكيةالجديدة فى أفغانستان، ما هو تصوركم للدور العربى والإسلامى هناك؟ وهل طلبتم مساعدات ودعما عسكريا من الدول العربية؟ لقد قضينا وقتا طويلا خلال شهر ديسمبر الحالى من أجل شرح إستراتيجيتنا الجديدة فى أفغانستان داخل وخارج الولاياتالمتحدة، وتسويق قرار الرئيس أوباما إرسال مزيد من الجنود الأمريكيين للعمل على تحقيق السلام، وإيجاد حكومة ودولة مستقرة فى أفغانستان. نحن نرحب بالدعم الدولى، والدعم الإسلامى والعربى، فالنجاح فى أفغانستان ليس هدفا أمريكيا، ولا أفغانيا فقط، بل هو مطلب للجماعة الدولية. ورحبت الكثير من الدول الشرق أوسطية بإستراتيجيتنا الجديدة فى أفغانستان، التى تقوم على شق عسكرى وشق مدنى يتمثل فى بناء مؤسسات الدولة الفاعلة. وقد ركز الرئيس أوباما كثيرا ومازال على الشق غير العسكرى، ونتمنى أن نكرر نجاحنا فى العراق داخل أفغانستان. نحن نرغب أن نعطى الأفغانيين الفرصة لبناء دولتهم. ونحن سنرحب بأى دعم عسكرى من أى دولة عربية أو مسلمة، إلا أن ذلك هو قرار تلك الدول وليس قرارنا، كذلك توجد حكومة منتخبة ومستقلة فى أفغانستان عليها أيضا أن ترحب بهذا الدعم. ولا تنس أن هناك دولا إسلامية مثل تركيا، تسهم فى المجهود الحربى كونها عضوا فى حلف الناتو، والكثير من الدول تسهم فى الجهود المدنية.