اهتم عدد من الصحف والمجلات الأمريكية أمس بمتابعة زيارة الرئيس مبارك لواشنطن، ولقائه بنظيره الأمريكى بارك أوباما فى البيت الأبيض، من خلال مساحات واسعة وعدد من التقارير التى رصدت أهداف زيارة مبارك، والملفات الأكثر سخونة التى سيتم مناقشتها فى القمة المصرية - الأمريكية، ومدى التركيز على قضايا الشأن الداخلى من عدمه، وخاصة قضيتى التوريث وحقوق الإنسان. فبينما ركزت مجلة «فورين بوليسى» على أهداف الزيارة وتوقيتها والحديث عن «خلافة الحكم» فى مصر، اهتمت صحيفة واشنطن بوست بتعامل أوباما ومبارك مع ملف حقوق الإنسان، وعرضت مقالاً للدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام، حول الزيارة تناول قضيتى السلام فى الشرق الأوسط والإصلاح الداخلى، فى حين انتقد سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون فى مقاله ب«وول استريت جورنال» استقبال أوباما لمبارك من الأساس. وربطت «فورين بوليسى» - فى تقريرها الأول - بين توقيت زيارة الرئيس مبارك للبيت الأبيض فى منتصف أغسطس، الذى وصفته ب«المتعمد»، وبين رغبته فى عدم إعطاء الفرصة للرئيس الأمريكى ومساعديه من المتهمين بسجل حقوق الإنسان فى مصر - حسب المجلة - لمناقشة الوضع السياسى المصرى الداخلى ومسألة تولى الحكم، خاصة أنه اصطحب ابنه جمال مبارك معه فى هذه الرحلة. وقالت المجلة الأمريكية «مبارك اختار أن تكون الزيارة قبل أسبوع من بدء الرئيس أوباما إجازته التى ينتظرها بشدة، فضلاً عن أن غالبية المهتمين فى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية بسجل حقوق الإنسان غير متواجدين خلال هذه الفترة». وفى تقريرها الثانى - الذى حمل عنوان «الرجل القوى القادم فى مصر» - اعتبرت المجلة أن كلا من جمال مبارك، واللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات، هما الأكثر ترشيحا لتولى الحكم خلفاً لمن وصفته ب«أحد أطول القادة بقاء فى الشرق الأوسط». وقالت المجلة «فى الوقت الذى تتزايد فيه غالبية التكهنات فى مصر بتولى جمال مبارك الرئاسة خلف أبيه، لصعوده السياسى المستمر، والذى تزامن مع تشكيل حركة كفاية المناهضة للتوريث، هناك الكثير من المصريين يعتقدون أن الرئيس المقبل سيأتى من المؤسسة العسكرية، وأن عمر سليمان هو المرشح الأقوى لهذا المنصب، خاصة أنه لم يحكم مصر قائد من خارج الجيش منذ ثورة يوليو 1952». وأضافت المجلة «هناك تخوفات من تكرار ماحدث بسوريا فى مصر، والتى تعانى المذلة فى ظل عباءة القيادة العربية»، موضحة أن البديل الوحيد عن التوريث بالنسبة للشارع المصرى الذى يرغب فى التغيير فى ظل «غلق» جميع منافذ الديمقراطية، هو «عمر سليمان»، والذى يحظى بتأييد جميع ألوان الطيف السياسى - حسب المجلة - بدءاً من حركة كفاية وحزب الجبهة الديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان. ورصدت «واشنطن بوست» تعامل الإدارة الأمريكية مع الرئيس مبارك على أنها بحاجة لمساعدته للتسوية بين اسرائيل والفلسطينيين، واحتواء الأطراف المتشددة فى إيران وحزب الله، مؤكدة أنه لهذه الأسباب تتغاضى واشنطن قليلا عن ملفات حقوق الإنسان وتعاونها مع القادة العرب الذين تصفهم شعوبهم ب«المستبدين». وفى مقاله ب«واشنطن بوست» رأى الدكتور عبدالمنعم سعيد أن اللقاء المصرى – الأمريكى يمثل فرصة مهمة للتركيز على العلاقات الثنائية ورؤيتها من منظور مناسب بدلاً من النظرة السابقة، والتى اعتمدت على قضيتين أساسيتين هما السلام المصري- الإسرائيلى من ناحية، والإصلاح فى مصر من ناحية أخرى. وقال سعيد: «القضيتان لهما أهمية جوهرية فى الشرق الأوسط»، إلا انه أشار إلى قضايا أخرى على رأسها باكستان، التى تحاول استعادة سيطرة الدولة على أراضيها، واليمن التى يجرى مناقشة الأوضاع فيها بعدما احتلت العناوين الرئيسية للصحف مؤخرا، بالإضافة إلى الصومال والسودان ولبنان والعراق وأفغانستان وفلسطين. وأضاف سعيد: «وسط كل تلك المشكلات والبلدان المضطربة تبرز مصر ليس فقط لكونها مركزا للعالم العربى، وأول دولة توقع اتفاق سلام مع إسرائيل والحليف الأقرب للولايات المتحدة فى المنطقة، ولكن أيضا لأنها واحدة من دول الشرق الأوسط القليلة التى تمتلك مؤسسات قوية وتنمية محلية، كما أنها لاعب أساسى لأى تحركات استراتيجية فى المنطقة». وأكد سعيد على أهمية دور مصر بشكل خاص فى «ثلاث قضايا»، الأولى - حسب قوله - هى السلام العربى الإسرائيلى، والثانية هى البرنامج النووى الإيرانى، والثالثة هى استقرار العراق بعد الانسحاب الأمريكى. وطالب كلا من مصر والولاياتالمتحدة بالعمل على إرساء تحالف من لاعبين إقليميين ودوليين يفكرون بطريقة متشابهة لوضع استراتيجيات تنقذ البلدان المعرضة لانهيار أنظمتها سواء كانت تلك الاستراتيجيات سياسية أو مالية أو إدارية، وعلى الطرفين إدراك أن تدهور دول الشرق الأوسط يتطلب حلولا جديدة ومبدعة، معتبرًا أن مصر ستكون بمثابة حليف ونموذج يحتذى فى هذا الميدان. فى المقابل، انتقد الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، فى مقاله بصحيفة «وول ستريت جورنال» استقبال الرئيس الأمريكى باراك أوباما لنظيره المصرى فى واشنطن، على الرغم من وعد أوباما السابق بعدم دعم أى «ديكتاتور» من خلال التعامل معه بود فى أمريكا. واعتبر إبراهيم أن هذا الاستقبال، وزيارة أوباما للقاهرة يعطيان «إشارات مختلطة» للأمريكيين الذين انتخبوا رئيسهم باعتباره بطل التغيير، واصفاً ذلك بأنه «خيب آمال المصريين والعرب» الذى فرحوا بالانتصار التاريخى لوصول أول أمريكى من أصل أفريقى لرئاسة الولاياتالمتحدة.