«على مصر أن تستغل هى أيضا المياه الجوفية المنتشرة لديها فى الصحراء مثلما تطالبنا بأن نستغل مياه الأمطار التى تسقط لدينا في إثيوبيا»، هكذا بدأ السفير الإثيوبى بالقاهرة محمود دريرى حديثه متوجها إلى الحكومة المصرية والمسؤولين بوزارة الرى خلال الجلسة التى عُقدت مساء أول من أمس في مؤتمر «نحو آلية للتوافق حول إطار مشترك للمياه العابرة للحدود بالقارة الإفريقية»، وهو اللقاء الذى تَغيّب عنه وزير الرى هشام قنديل، بينما أرسل ناصر عزت مستشار الاتفاقيات الدولية مندوبا عنه، لانشغاله بحضور اجتماعات مجلس الوزراء. السفير الإثيوبي واصل الهجوم على مصر متهما إياها بأنها تقف عقبة أمام التصديق على اتفاقية عنتيبى التى وقعت عليها 6 دول بينما رفضتها 5 دول أخرى من بينها منها مصر لإضرارها بمصالحها المائية.
والأمر لم يختلف كثيرا بالنسبة إلى وزيرة البيئة والرى الأوغندية ماريا موتاجامبا التى انحازت إلى الاتفاقية التى وقّعت عليها بلادها قائلة «ليس من حق أحد أن يطالبنا بأن نأخذ موافقته على المياه التى تدخل فى نطاق حدود بلادنا»، مضيفة أن «كل أوغندا تقع فى حوض النهر، لذلك يصعب أن يكون استخدامنا للمياه بالمشاورة مع دول حوض نهر النيل».
الدكتور خالد أبو زيد، مدير البرامج الفنية للمجلس العربى للمياه وأمين عام الشراكة المصرية، رد على اتهامات السفير الإثيوبى موضحا أن ما قاله حول استغلال المياه الجوفية غير صحيح لأن المياه الجوفية فى مصر مياه غير متجددة ولا يمكن مقارنتها بمياه الأمطار، لافتا إلى أن إثيوبيا يسقط عليها 800 مليار متر مكعب سنويا من الأمطار، وأن إثيوبيا والسودان تستحوذان وحدهما على 150 مليار متر مكعب يتم استخدامها فى زراعة المراعى فقط، وهذه النسبة تمثل 3 أضعاف المياه التى تستخدمها مصر فى جميع المجالات من زراعة وصناعة وغيرها، مشيرا إلى أن «دول حوض النيل الست الموقعة على اتفاقية عنتيبى لم توقع على الاتفاقية الدولية للمياه رغم أنهم يستشهدون بها فى كثير من الأحيان، لكنهم يتجاهلون أحد بنودها، الذى ينصّ على ضرورة عدم تحقيق ضرر ذى شأن لأى من الدول المشتركة فى نهر واحد بينما يستندون إلى بنود فى الاتفاقية الدولية للمياه تتفق مع مصالحهم ويتجاهلون بنودا أخرى».
الوزير الدكتور قنديل قال ل«الدستور الأصلي» إن مصر لن توقع على اتفاقية عنتيبى لأنها تضر بمصالحها، موضحا أن اللجنة الثلاثية المجتمعة فى إثيوبيا لبحث آثار سد النهضة الإثيوبى على كل من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، زارت موقع السد، وأن عمليات الحفر بدأت فى السد فعليا. وردا على سؤال حول قرار إثيوبيا بناء السد قبل انتهاء لجنة التقييم الثلاثية من عملها قال الوزير إن الإثيوبيين يقولون إنهم لن يضروا مصر وإن توجههم إيجابى، قائلا «ما يهمنا هو طريقة تشغيل السد وطريقة ملئه مع إعطاء اللجنة الثلاثية فرصة للعمل بهدوء حتى النهاية.
وكان وزير الرى الدكتور هشام قنديل، قد كشف ل«التحرير» أن بعض السفارات الأجنبية العاملة فى مصر، مثل سفارتى أمريكا والنرويج، فضلا عن مسؤولين فى البنك الدولى، يحاولون التدخل حاليًا لإنهاء الأزمة المشتعلة بين مصر ودول حوض النيل الست الموقعة على اتفاقية «عنتيبى»، والمعروفة ب«الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، وقال قنديل إن اللجنة الثلاثية المكونة من مصر والسودان وإثيوبيا، تجتمع حاليا فى أديس أبابا، لبحث آثار سد النهضة الإثيوبى على الدول الثلاث، وتحديد الرأى النهائى، حول تأثير المشروع على البيئة والمياه فيها، معلنا تحديد شهر يوليو المقبل موعدًا لعقد اجتماع وزراء الرى برواندا، لافتا إلى أن مؤتمر القاهرة الحالى الذى يجمع 54 دولة إفريقية، لم يتطرق إلى اتفاقية «عنتيبى»، وإنما تطرق إلى مجال الاستثمار فى مجال المياه والتنمية لترشيد المياه.