«رغم كل ما نحن فيه من انقسامات واضحة واختلافات جذرية وعميقة بين الشعب نجد أفضل ما نحن فيه هو حالة الحراك والاحترام لدى الشعب وتقديره لثقافة الاختلاف، وهذا يثبت دائما أن مصر أبناؤها يحافظون عليها مهما كانت انقساماتهم لكن فى النهاية هدفهم الاستراتيجى واحد». كان هذا هو حديث أحد راكبى الميكروباص لأحد جيرانه بالسيارة، بعد أن أصبحت السياسة تجمع أى أحد دون معرفة، لكن بعد أن سمعت هذا الكلام شعرت أننا فى الطريق الزراعى بالريف الفرنسى، وابتسامة جاره وهو يؤكد كلامه، وفجأة اشتبك السائق مع سيارة زنقت عليه وبدأت خناقة ربنا سبحانه تعالى ستر أنها لم تنتهِ بدم بعد كانت الأسلحة البيضاء والشوم هى العامل المشترك بين السائقين.
صعدنا الميكروباص بعد انتهت معركة الشوم، رجع الرجل يكمل حديثه لكن هذه المرة بحِدّة (بعد أن نسى ثقافة الاختلاف والهدف الاستراتيجى) «البلد دى مالهاش أصلا كبير كل واحد ماشى دلوقتى بمطوة وعامل فتوّة، كفاية بقى عايزين الأمن يرجع لازم شخصية قوية تمسك البلد ماحدش بقى من بتوع الثورة ومافيش غير واحد من اتنين»،. هنا انتبه الكل «يا إما الفريق أحمد شفيق أو الدكتور محمد مرسى، واحد عسكرى وعنده خبرة والعالم كله يشهد له بالكفاءة وفاهم البلد وفترة توليه الوزارة كان فارق معانا، أما بقى دكتور مرسى راجل وراه ناس خبرة وجماعة منظمة ولو فيه حاجة ماقدرش عليها هيساعدوه وعنده برنامج مهم اسمه النهضه للبلد كلها وهيطبق الشريعة وبالذات على السواقين»!
بعد الضحك والدهشة بدأت لأول مرة (بالتأكيد هذا تقصير منى) أجد رابطا بين شفيق ومرسى غير هذا الراكب، بالفعل الرجلان متشابهان تماما وكلٌّ منهما يستطيع أن يساعد الآخر فى مرحله الإعادة لو لم يصل أحدهما إليها، لهما جمهور واحد، مؤيدو أحمد شفيق مريدو الحزب المنحل وجماعة الاستقرار والأمان، وجمهور مرسى هو جمهور «الغاية تبرر الوسيلة» من استخدام المساجد أو شراء الأصوات بالبطاطس والأرز، هذه أيضا ممارسات الحزب المنحل.. إذن لا فرق الآن بين المرشحىن، ولا يوجد فرق رهيب بين المرشحان، الاختلاف فى اللحية والخمار، وقد يكون أيضا بداخل كل مرشح تمنٍّ بفوز الآخر لو خسر. بالتأكيد مرسى لا يتمنى فوز أبو الفتوح حتى لا يثبت أنه انتصر على الجماعة، ولا حمدين الذى سيظهر أنه رئيس من ميدان التحرير، ولا موسى الذى قد يحرج برلمانهم مع الدول القريبة منهم بصداقته الشخصية لحكامها، إذن لا يتبقى غير سيادة الفريق، وشفيق ذاته يشترك فى ذلك، هو لا يتمنى أبو الفتوح ولا حمدين لأنهما مرشحان على اسم الميدان، ولا موسى الذى سيثبت أنه كان الأفضل والأقرب إلى الناس منه فلا يتبقى غير مرشح الجماعة!
محمد مرسى وأحمد شفيق رجلان أحدهما خرج من جميع السطات يريد الرجوع هو وحزبه المنحل إلى أهم منصب تنفيذى، والآخر وجدت جماعته أنها استحوذت على جميع السلطات إلا أهم منصب تنفيذى... لهذا يريدان الرئاسة!!