مؤمن المصري يكتب: المرشح الذي اكتسح الانتخابات الرئاسية في مصر مؤمن المصري فوجئ المصريون بمرشح يقدم أوراق ترشحه للرئاسة في مصر ولم يكن أحد يعرفه. وقد افتتح برنامجه الانتخابي بمقر متواضع في مسقط رأسه. وحدد الرجل تاريخاً معيناً ليعرض أفكاره على الشعب من خلال ما سيقدمه لمصر والمصريين إذا نجح في الانتخابات الرئاسية. وعين الرجل لحملته الانتخابية مدير دعاية على درجة من الخبرة جعله يوجه الدعوة لجميع وسائل الإعلام المحلية والعالمية في مصر لحضور الندوة التي سيفتتح بها مقره الانتخابي. وجاء اليوم الموعود وحضرت وسائل الإعلام من كل حدب وصوب وبدأ الرجل عرض برنامجه الانتخابي الذي بهر به الجميع لدرجة أن معظم المصريين اتفقوا على التصويت له. واستهل الرجل خطابه الذي زكاه فوق كل المرشحين، والذي ارتجله بدون تحضير ولم يكن يقرأ من ورقة أعدت له من قبل بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد. أتقدم إليكم اليوم بكل الحب والود والإخلاص معاهداً إياكم إذا نجحت في انتخابات الرئاسة بأن أكون خادماً مطيعاً لمصر والمصريين ولو على حساب نفسي وأهلي. وسوف أكون مواطناً صالحاً أخدم في موقع المسئولية من مبدأ أن المصريين، مسلمين ومسيحيين، إسلاميين وليبراليين، رجال ونساء، جميعاً سواسية لا فرق بين أحد منكم عندي إلا بالعمل. فالعمل هو المحك الرئيسي بيني وبينكم. وأي عمل يقوم به المواطن المصري سيكون بمثابة خطوة نحو تحقيق كل الأهداف المرجوة في المرحلة المقبلة، فقد آن الأوان للخروج بمصر من النفق المظلم الذي وقعت فيه على مدى ستة عقود. إننا اليوم في حاجة ماسة إلى رئيس يعيش بين المصريين ويشعر بما يشعرون به وليس رئيساً يسكن القصور ولا يشعر بمشكلات الفقراء ولا يدري كيف يعيش معظم أفراد الشعب. فلن أرضى أن أسكن القصور وأترك معظم أفراد الشعب يعيشون تحت خط الفقر ونحن في بلد غني بموارده الطبيعية الهائلة التي أساء استغلالها كل من حكمنا خلال العقود السابقة. سأجعل خير مصر للمصريين وأعيد هيكلة المناصب والرواتب وأضع حداً لفوضى الدخل التي انتشرت في البلاد بحيث تكون الرواتب في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة مناسبة للجميع. لن يكون هناك راتب بالملايين وآخر بالملاليم. لن يتقاضى أي شخص راتباً مستفزاً كما كان يحدث في الماضي. كل من عمل مع الأنظمة السابقة سينحى جانباً ولن يكون له أي دور في مصر المستقبل. من أحسن سنقول له أحسنت وجزاك الله خيراً ومع السلامة. ومن أساء سنتركه للقضاء يقتص منه لمصر والمصريين. لن ننصب المشانق لأحد ولكن من يحاول النيل من مصر بعد اليوم فلن تكون هناك سوى المشنقة التي لن ترحم أحدا إذا حاول المساس بأمن مصر والمصريين. فكفانا ما عانينا وكفانا ما تكبدنا من الأنظمة الظالمة التي أفسدت كل شيء في مصر. سنعيد لمصر الأمن والأمان وسنغير فكرة الأمن ليعلم رجال الأمن أن أمن مصر هو أمن كل المصريين وليس أمن السلطة أو الحاكم كما كان الوضع في السابق. لن نسمح لرجل الأمن أن يهين أي مصري مهما كان ومهما حدث. سنجعل رجل الأمن في مصر يعمل على احترام الجميع ومعاملة المصريين معاملة حسنة حتى من أخطأ منهم. فلابد من إتباع القانون واحترامه وتطبيقه على الجميع. سنعمل على أن تعاملنا كل الدول بندية. فلن نسمح بعد اليوم لأي دولة، مهما علا شأنها، أن تعاملنا معاملة دونية أو أن تتعالى علينا، لأننا منذ اليوم وخلال الأربع سنوات القادمة سنضع أقدامنا على طريق التفوق السياسي والاقتصادي والعلمي ولن نخضع لأحد. سنستفيد من تجارب الدول التي سبقتنا كماليزيا وتركيا والبرازيل وغيرها من الدول التي نفضت الغبار عنها وبدأت تلحق بالدول العظمى. فمصر ليست أقل من هذه الدول بل على العكس فلدينا كل مقومات التفوق إلا أن من حكمونا استغلوا هذه المقومات لمصالحهم الشخصية ولم تكن مصر أو المواطن المصري يشغل أي حيز في عقولهم أو قلوبهم. سنراعي العدالة في كل شيء ولن نسمح بالظلم لأحد مهما كان. وسنجعل كل مسئول في مصر يشعر أنه خادم لهذا الشعب الذي يجب أن تكون السيادة له على الجميع. فالشعب هو سيد البلاد وحاكمها الحقيقي وكل من يعاون الحاكم ليسوا سوى عمال لدى الشعب يأتمرون بأمره ويفعلون ما يمليه عليهم ضميرهم للنهوض بهذا الشعب. سنستغل كل الطاقات المصرية ونفتح أبواب مصر لعودة علمائها ومفكريها الذين خرجوا منها بعد أن حاصرهم النظام السابق وحاول طمس عبقريتهم والقضاء على أفكارهم. سنجعل هؤلاء نواة لمصر الجديدة ونفتح لهم كل الأبواب التي أغلقت في وجوههم حتى تعود إبداعاتهم بالنفع على مصر والمصريين وسنعوضهم عما فاتهم أحسن تعويض. سنعيد أموال مصر المنهوبة وسنفتح أبواب مصر للاستثمار المصري والعربي فقط. فلن يكون في مصر المستقبل أي استثمار لدولة أجنبية. سنلغي أي اتفاقية مع أي دولة أجنبية نشعر أنها أضرت بمصالح مصر مهما كانت هذه الاتفاقيات. سنعمر سيناء والصحراء الغربية وسنهتم بكل شبر في مصر حتى لا يكون هناك شكوى من فقر أو إهمال منطقة معينة في مصر أو قلة فرص عمل لدى شبابنا الذين أثبتوا أنهم مبدعون في كل بلد يذهبون إليه. ولن نسمع بعد اليوم أحدا يشكو من مسكن أو تعليم أو تدني الدخل أو هذه المشكلات التي عانت منها مصر على مدى سنوات طويلة. سنطور القوات المسلحة وندعمها بكل ما تحتاج لتطوير القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي وجعل القوات المسلحة المصرية في مصاف الجيوش القوية حتى لا يطمع فينا طامع ولا يجرؤ أحد على أن يهدد حدودنا كما يفعل العدو الصهيوني من وقت لآخر. وسأضاعف ميزانية الجيش بمجرد أن أطمئن على أحوال المصريين جميعاً وأتأكد أن كل مصري يعيش في أمان ويستطيع أن يوفر لنفسه وأهله حياة كريمة. إن مصر أيها الأخوة غنية بمواردها، فدولة كمصر يحدها من الشمال البحر المتوسط ومن الشرق البحر الأحمر ويتوسطها نهر النيل العظيم وبها قناة السويس لا يمكن أن تكون دولة فقيرة مهما كان عدد سكانها. فهذه المجاري المائية الأربعة تستطيع أن توفر حياة كريمة لمصر ولو كان تعداد السكان مائة مليون نسمة بشرط أن يتم استغلال هذه المجاري المائية بشكل جيد. فما بالكم ولدينا نفط وذهب ومعادن لا حصر لها وأرض خصبة كانت تنتج أفضل أنواع القطن والقمح في العالم. إن مصر تستطيع في غضون بضع سنوات أن تصبح إحدى الدول العظمى ولكن بشروط. أولها أن يتعلم المصريون أن العمل هو أساس التفوق وليس الكلام. ثانيها أن نستعيد أخلاقيات آبائنا وأجدادنا الذين عاشوا وماتوا على مبدأ "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة." فلابد من التفكير في أبنائنا وأحفادنا بأن نجعل من عملنا الذي نقوم به أرضاً مستوية تسير عليها الأجيال القادمة. ثالثها أن نتعلم أن الرزق مكفول عند الخالق سبحانه وتعالى وليس عند الخلق فالكل يطمئن على رزقه ولا يقلق. رابعها أن نعلم أن قوتنا ليست قوة السلاح ولا الأموال وإنما قوة مصر الحقيقية في رجالها الذين يستطيعون بقدرة الله ومساعدته لهم أن يفتحوا الدنيا كلها لا أن يحرروا الأقصى السليب فقط. لقد ظهرت قوة مصر الحقيقية في ثورة 25 يناير التي أذهلت العالم كله. أيها الأخوة. عندما بدأت شرارة الثورة كنت أقول لإخواني إن الغرب الآن يرتعد خوفاً من مصر التي ظنوا أنها قد ركنت إلى الضعف والخذلان بعد عقود من الذل والهوان. فها هي مصر تنهض من جديد وها هم المصريون يثورون على الظلم كما ثار آباؤهم وأجدادهم. هناك أمور كثيرة يجب أن يتبعها الحاكم ولا ينحرف عنها مهما حصل. فقد كان تحت حكم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ما يقرب من ثلث الكرة الأرضية، وكان ينام تحت شجرة وهو آمن على حياته. وقد أتاه يوماً أحد رسل كسرى برسالة وعندما وجده نائماً تحت شجرة قال كلمته المشهورة: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر." سأحاول جاهدا أن أتمثل فلسفة عمر في الحكم لأنه كان عبقرياً فذاً لم تأت الأرض بمثله حاكماً. سأحاول قدر جهدي أن أقرأ تاريخ عمر بن الخطاب وأرجع له من حين لآخر حتى أعرف كيف كان يتصرف في الغريب من الأمور عندما يعن له أمر جلل. سأبذل قصارى جهدي في محاولة إعطاء كل ذي حق حقه ولا يظلم عندي أحد كما كان يفعل الفاروق. سيكون لدي مستشارون في كل شيء؛ مستشار سياسي، مستشار قانوني، مستشار علمي، مستشار اقتصادي، مستشار مالي، مستشار عسكري، على أن يعمل كل منهم لصالح مصر والمصريين ولا يبحث أحد منهم عن الشهرة أو الاستفادة من منصبه. ستكون هناك عقوبات مشددة في القانون لكل ذي منصب رفيع يرتكب جريمة من أي نوع. فالمرتشي والزاني والسارق والمستغل لسلطته ومركزه تكون عقوبتهم مغلظة في القانون حتى يكونوا عبرة لمن هم دونهم وبالتالي نقضي على الفساد في القمة فينتهي الفساد في القاع. أيها الأخوة. إن مصر تمتلك ثروة هائلة وكل ما نحتاجه هو توزيع هذه الثروة بالعدل والحق. وعندما يكون رئيسكم شريفاً لا يسرق ولا يرتشي فسيختار من يعملون معه على شاكلته. وإذا ضمنا أن تكون قمة الهرم في مصر من الشرفاء ضمنا أن تصل مصر إلى مصاف الدول العظمى خلال وقت قصير. فالاختيار لكم. والله يوفقكم. والسلام عليكم ورحمة الله.