أحمد عفيفي يكتب: دموع سميرة .. يا بلد مفيهاش راجل!! أحمد عفيفي تخيّلوا مجرد تخيّل أن فتاة العباية التي عرّاها افراد القوات المسلحة في الشارع وكشفوا لحمها للعالم كله .. تخيّلوا لو حدث وسأل القاضي هذه الفتاة التي لم تظهر في أى وسيلة إعلامية حتى الآن : تعرفي تقولي لنا أسماء اللي " شلّحوكي " وخلّوكي فُرجة قدام الخلق ، وبيّنوا لحمك وملابسك الداخلية للي رايح واللي جي ؟ .. والعسكري اللي شعره خفيف حبتين تقدري تقولي لنا كام شعرة في راسه؟ .. وطبعا الفتاة المسكينة مش حتعرف تجيب ، فينطق القاضي بحكمه : براءة لجميع المتهمين في قضية فتاة العباية! و تخيّلوا كده عماد الكبير .. وكلنا نعرف حكاية عماد الكبير وهو في قسم الشرطة وسمع الضابط يأمر الأمين بإحضار العصايا إياها لوضعها في " مؤخرته " .. هل قبل أن يسمح الكبير بهذا الانتهاك غير الآدمي لرجولته وكرامته وكبريائه ، سيسأل البيه الضابط إن كان معه بطاقة أو تصريح من النيابة بهتك عرضه.. آو كان سيجرؤ من الأساس أن يساله عن اسمه .. فلو طلع تامر مفيش مشكلة .. حط العصايا .. أما لو كان اسمه بلاليكا مثلا فسيرفض الكبير .. وهل كان يمكن للكبير أن يخسر قضيته إذا سأله القاضي عن اسم الضابط الذي فعل به ما فعله ولم يعرف.. أى منطق هذا؟ بنفس هذا النهج العبيط خرج الطبيب المجنّد المتهم بهتك عرض سميرة ابراهيم فيما يُعرف بقضية كشف العذرية .. وكنت قبل أشهر قليلة كتبت مقالا عن سميرة بطلة هذه القصة المأساوية ، وكان عنوانه صارخا " فيلم سكس في السجن الحربي " .. وقلت فيه بالحرف الواحد : لو كان ما قالته سميرة صادقا ، فليس أقل من محاكمة المشير طنطاوي ذات نفسه .. فمن لا يستطيع أن يحمي شرف بنت مصرية ، فكيف له أن يحمي شرف أمة .. أما لو كانت سميرة كاذبة ، فليس أقل من إعدامها لأنها أساءت إلى مؤسسة عسكرية نُدين لها بالولاء ، ونعتز بها أيما اعتزاز. وأخذت القضية مسارها وانتهت ببراءة الطبيب الذي ادعت سميرة أنه هتك عرضها بإجراء كشف العذرية عليها وسط جمع غفير من الجنود والضباط. والحكم كما يقولون عنوان الحقيقية.. أوكيه . إذن حاكموا سميرة إبراهيم واعدموها .. لو كنتم رجالة.. بلاش تعدموها .. اسجنوها مؤبد.. فهي لم تسىء لشخص طبيب مجنّد لا يملك من أمره شيئا ، لكنها أساءت إلى مؤسسة عسكرية عملاقة باعتبار أنها لا تقيم وزنا لشرف بنات مصر ، وتضرب بهذا الادعاء المشير طنطاوي شخصيا في مقتل بصفته وزيرا للدفاع والمسئول عن هذه المؤسسة.. حاكموا إذن سميرة .. أما لو تركتوها تنعم بحريتها بعد هذه الإساءة البالغة لكم ، فمن المؤكد ، بل يقينا أنكم فعلتم بالمسكينة ما فعلتوه. وفي النهاية يخرج طبيبكم المجنّد براءة لأن سميرة لم تسأله عن اسمه قبل هتك عرضها ، ولم تطلب منه إبراز بطاقته الشخصية .. أو أنها لم تستطع وصف الغرفة العفنة التي جري فيها الكشف.. أو أسماء السجانات ولون أعينهن وأوزانهن ، وطول كل واحدة منهن بالسنتي! يا سلام .. إيه الحلاوة دي .. واحدة مجرورة من شعرها مع أخريات من المتحف المصري ، واترمت في سيارة ترحيلات ، وانضربت بالبيادات العسكرية ، وراحت " خلصانة " للسجن الحربي ، وقالوا لها : اقلعي يا بنت " ... " وكام قلم على كام شلوت على كام تفة في وشها " متستغربوش .. هو ده الطبيعي في الأقسام وفي السجن الحربي .. صحيح عمري ما دخلته ، لكن ما سمعته عنه يجعلني أصدق أى حاجة تتقال عنه .. ونروح بعيد ليه .. ماهي بنتنا التانية سحلوها وجروها وخلعوا عبايتها وخلوا اللي ما يشتري يتفرج عليه وببلاش " " .. عايزين بقى بعد البهدلة دي كلها تتمالك سميرة أعصابها وتستعيد رشدها وقوتها وتقف ندا لند أمام الضابط أو الطبيب .. هذا المتهم الذي حصل على البراءة واستضافته ريم ماجد وتكلم برقة غير مسبوقة كأن السجن الحربي فندق 9 نجوم يتم استقبال المتهمين فيه بالورود والعصائر والاطمئنان عليهم بسرعة أحسن يكون حد منهم تعبان ولا حاجة .. هذه الرقة التي تكلم بها الطبيب جعلتني أتصور الحوار الذي دار بينه وبين سميرة حين اقتادها العسكر إلى السجن : الطبيب : اختنا العزيزة سميرة .. أهلا بك في السجن الحربي .. معقل المجرمين والخارجين عن القانون. سميرة : أهلا بحضرتك الطبيب : ممكن ولو فيها رزالة يعني ، تقلعي هدومك يا سمارة عشان اشوف ان كنتي بنت ولا راجل .. قصدي ولا مدام .. " سورى " يا ست الكل .. مجرد إجراء روتيني سميرة : ولا يهمك .. بس نتعرف الأول.. حضرتك اسمك إيه ؟ الطبيب : اسمي هيثم سميرة : طيب ممكن أشوف بطاقتك يا هيثم ، أحسن تطلع عنتر وبتضحك عليا الطبيب : وحيفرق معاك إيه الاسم سميرة : يفرق طبعا .. هيثم غير عنتر .. الطبيب : ادي البطاقة يا ستي .. اقلعي بقى سميرة : طيب اقفل الباب .. الناس بتتفرج عليا الطبيب : يا ستي ولا يهمك .. دول غلابة محرومين وزي اخواتك .. مفيهاش حاجة .. اقلعي بقى .. شوقتينا سميرة : انت شايف كده .. وبعد الكشف أمام العالم الجعانة الشرقانة : خلاص يا سمارة طلعتي بنت .. عقبال ما نبارك لك ونقولك يا مدام . سميرة : مرسيه جدا على ذوقك .. وايديك الحنينة . الطبيب : انت تأمري يا ست الكل .. يا بنوتة يا عسل . عموما برامج التوك شو أمس كانت كلها تقريبا عن موضوع سميرة ، ورأيتها تبكي بحرقة وانكسار أمام حسين عبد الغني وهزّتني دموعها الحارة المؤلمة وهى تقول : إذا كنا مش عارفين نجيب حق اللي اتقتل حنجيب حقي انا!.. حسبي الله ونعم الوكيل .. وفي الجانب الآخر ومع ريم ماجد محامية من الوزن التقيل " جسماً وليس قيمة " ومحامي أخر لواء سابق في الجيش والطبيب المجند اللي كان متهم وطلع براءة .. والثلاثة ينكرون مبدأ كشف العذرية من الأساس ومعهم بمفرده محامي سميرة .. وأكثر ما أثارني في هذه الحلقة ، البجاحة الشديدة وإنكار الواقعة.. وتسألهم ريم : أمال الحكم الأولاني الصادر من المحكمة قضي بإلغاء كشف العذرية ليه؟ .. معنى كده ان هذا الأمر معمول به ، واللواء الرويني نفسه أقر واعترف وقال انه إجراء روتيني ليس أكثر حتى لا تدعي فتاة أننا هتكنا عرضها او اعتدينا عليها. وترد المحامية : مفيش كشف عذرية من الأساس. وان سميرة ابراهيم ضحية من أرادوا إشعالها نارا .. الذين اتخذوها وسيلة واستغلوا سذاجتها كي يقلبون الترابيزة على دماغ المجلس العسكري .. بينما يؤكد محامي سميرة انه لم يُفاجىء بالبراءة فكل الشهود في القضية شهود نفي ، وكلهم مِن مَن يعملون في السجن الحربي .. يعني مش ممكن يدينوا نفسهم. بالضبط كده زي اتهام الشرطة بقتل المتظاهرين .. والنيابة عايزة تحريات وأوراق ثبوتية .. ومن مين؟ من المباحث .. كأنك بالضبط قلت للحرامي احلف .. قال جالك الفرج .. إزاى اعطيك بنفسي الدليل اللي حتشنقني به ؟ .. لذلك .. كله طلع براءة بسبب الورق .. حتى الفيديوهات مش عاجبة المحكمة .. قناص العيون الشهير" أبو تفنين " على كتفه ، رأيناه يضرب وينشن وسمعنا كلب يُثني عليه وعلى نيشانه " جات في عينه .. تسلم يا باشا " والمحامي يقولك : لأ .. دي كانت طلقة في الهوا للتفريق فقط .. وان كنت شاطر هات لي اللي عينه اتقلعت برصاصة هذا الضابط. .. يعني كله في الأونطة .. وكله بيلعب على كله .. وخلاص المجلس الأعلى واضح انه اطمأن كثيرا " ورمي طوبتنا " ونام وفي بطنه بطيخة صيفي : عرفنا أخرهم .. اللي عايز يتظاهر يتظاهر ونطرّي على قلبه بحاجة ساقعة كمان .. واللي احنا عايزينه ، حبايبنا في المجلس " إخوان وسلفيين " حيعملوه معانا .. والرئيس القادم حيكون واحد مننا تحت طوعنا وبمشورتنا .. وسلم لي ع المترووالباذنجان كمان. لكن - وافتكروا لكن هذه - .. لم يكن أحد يتخيل أن موت خالد سعيد سيُحي امة بأسرها ، فبسببه قامت الثورة .. وبسبب سميرة ابراهيم ستقوم ثورة تانية أشد ضراوة وحياة اللي خلفوكوا .. وساعتها حتعرفوا يعني ايه شرف بنت مصرية .. يا ولاد الأبالسة.