لا يملك المرء سوي أن ينحني احتراماً للأداء الرفيع لجهاز شرطة دبي الذي استطاع في وقت قياسي أن يحدد شخصية المجرمين الذين أقدموا علي اغتيال محمود المبحوح - القيادي بحركة حماس - في دبي يوم 20 يناير الماضي. ولقد كان لشريط الفيديوالذي بثته دبي والذي تبين فيه رصد أجهزة الأمن لتحركات الجناة منذ وصولهم دبي حتي رحيلهم صدي طيباً تناقلته وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم. وبالتأكيد فإن الكاميرات السرية التي سجلت كل هذه التحركات ورصدتها لم تكن تقصد القتلة بالذات ولم تكن تتعقبهم، وإنما هي الإجراءات الصارمة التي توفر الأمان لأهل الإمارة وزوارها. ويرجع تقديري لأداء شرطة دبي في هذه القضية إلي أن وقائع اغتيالات عديدة طالت الكثير من رجال المقاومة في عدة عواصم عربية علي يد عملاء إسرائيل، ولم يحدث أبداً أن تعاملت دولة عربية وأجهزتها الأمنية مع جريمة ترتكب علي أرضها بهذه الشفافية والكفاءة والسرعة. والآن بعد أن أعلن الفريق ضاحي خلفان - رئيس شرطة دبي - أسماء القتلة وبعد أن نشر صورهم، وبعد أن أصدر النائب العام بدبي أوامر قبض دولية لجميع قتلة المبحوح فإن الكرة أصبحت في ملعب البلدان الأوروبية التي ينتمي إليها المجرمون بصرف النظر عما إذا كانت جوازات سفرهم حقيقية أومزورة، فليس هذا هو بيت القصيد وإنما سرعة القبض علي الجناة صارت واجبة بعدما وضعت الإمارات أجهزة الأمن الغربية في اختبار قاس نتيجة للأداء الرفيع الذي أظهرته في كشف الجناة، وبقي علي بلدان مثل إنجلترا وفرنسا وأيرلندا وألمانيا أن ترتفع للمستوي المهني والأخلاقي الذي ينبغي أن تكون عليه وتظهر بعض الهمة والحماس في اعتقال القتلة الذين لم يعد بوسع أحدهم اليوم أن يدعي أنه لا يعرف من يكونون، ويتعين علي الدول المذكورة أن تتحرر من عبوديتها المرضية وخوفها الأزلي من الغضب الإسرائيلي!. والأمر اللافت للنظر أن شرطة دبي بقيادة ضاحي خلفان كان لها الفضل في كشف جرائم أخري كبيرة أهمها جريمة مقتل المغنية سوزان تميم التي جري قتلها داخل مسكنها بأحد أبراج مدينة دبي، وكان للملف المتكامل الذي تم تقديمه للسلطات المصرية أكبر الأثر في التعامل مع الأمر بجدية وشل يد الذين كانوا يرغبون في تمييع الموضوع وحماية الملياردير هشام طلعت مصطفي -الملياردير المعروف قطب الحزب الوطني الحاكم- وهوالأمر الذي أدي إلي حسم الأمر بعد تردد وإلقاء القبض علي هشام طلعت بتهمة التحريض علي القتل، كذلك القبض علي محسن السكري - الضابط السابق - الذي تولي بنفسه الإجهاز علي المطربة التي كانت تعيش في دبي لحساب مخدومه صاحب المال والنفوذ وتقديمهما إلي المحكمة التي قضت بإعدامهما. ولا يستغربن أحد إذا عرف أن الناس في مصر تشعر بالامتنان لشرطة دبي صاحبة الفضل في القبض علي القاتل والمحرّض لأن الناس تعرف أنهما ما كان يمكن أن يمثلا أمام العدالة لولا الأداء البارع لشرطة الإمارة وقائدها ضاحي خلفان.