د.هشام عبد الصبور شاهين يكتب: الشعب نفسه غير دستوري ..! د. هشام عبد الصبور شاهين صُدمت كما صُدم غيري حين سمعنا خبر حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب، وإحالة عدد من نصوص هذا القانون إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستوريتها، وهي النصوص التي تقصر الانتخاب الفردى على المرشحين المستقلين غير المنتمين إلى أى حزب من الأحزاب السياسية، مستندة إلى أن هذه النصوص لم تلتزم في ما تضمنته بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، وإنما فرضت أولوية وأفضلية للأحزاب ومرشحيها من عدة أوجه؛ منها أنها جعلت انتخاب ثلثى الأعضاء بنظام القوائم الحزبية والثلث الآخر بنظام الانتخاب الفردى، ولم تقصر الانتخاب الفردى على المستقلين، وإنما أتاحت مزاحمة المنتمين إلى الأحزاب لهم فى ثلث المقاعد التى يجب أن تخصص لهم، بما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص على وجه الخصوص، برغم أن الشرعية الدستورية توجب قصر الترشح والانتخاب بالنسبة إلى مقاعد الانتخاب الفردى على المستقلين فقط. طوّل بالك عليّ عزيزي القارئ؛ واقرأ قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في سبتمبر 2011 الذي تضمن نص مرسوم القانون: ( رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 13 فبراير 2011، وعلى الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 مارس 2011 ، وعلى القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وبعد أخذ رأى اللجنة العليا للانتخابات، وبعد موافقة مجلس الوزراء، قرر المرسوم بقانون الاتي نصه وقد أصدرناه ). القانون الذي أصدره المجلس العسكري في سبتمبر 2011 ؛ صدر على أساس الإعلان الدستوري الذي سبق إجراء الانتخابات بعشرة أشهر، وبعد الاطلاع على القوانين المنظّمة للانتخابات، والتي وضعها مشرِّعون مصريون محترفون، مشهود لهم بالكفاءة، أي إن القانون الصادر في سبتمبر الماضي؛ بقي أمام أعين رجال القضاء الإداري، وتحت أعين المجتمع كله فترة ثلاثة أشهر، ثم أُجريت الانتخابات على أساسه، واكتمل تشكيل مجلس الشعب الجديد، وبدأ عقد جلساته المتتابعة أكثر من خمس وعشرين مرة، ثم فاجأنا حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان هذه الانتخابات، وإحالة القانون إلى المحكمة الدستورية العليا لتبُت في دستوريته أو عدمها ! فلماذا تأخرت المحكمة الإدارية في دراسة القانون وانتظر قضاتها حتى انتهت الانتخابات ؟ لماذا لم تتناول القانون حين صدوره وأصدرت حكمها قبل الانتخابات ؟ في عهد الحزب الوطني المحترق، كان المستقلون يرشحون أنفسهم، ثم بعد فوزهم في الانتخابات الوهمية المزورة ينضمون إلى الحزب الوطني، فهل كان ذلك تصرفا دستوريا ؟ لماذا لم تكن المحكمة الإدارية العليا تحكم ببطلان ذلك التحول؛ ومن ثم تقوم المحكمة الدستورية العليا بدورها ؟ في عهد الحزب الوطني المحترق، كان الوزير يرشح نفسه في انتخابات مجلسي الشعب أو الشورى، ثم بعد فوزه يحضر جلسات المجلس مرة كنائب؛ ومرات كوزير ! لماذا لم يُحكم من قبل ببطلان هذا التصرف ؟ لماذا لم تحكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الخلط بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مع إنها سابقة لم تحدث إلا في مصر ؟ في عهد الحزب الوطني المحترق، تمت صفقات بيع البلد لمحاسيب الرئيس ورجال الأعمال مصريين وأجانب، تحت عين مجلس الشعب ومؤسسات الدولة ووزاراتها المسؤولة، وبموجب قوانين تم تفصيلها على أيدي ترزية قوانين مبارك وسرور، وفي وجود المحكمة الدستورية والمحكمة الإدارية العليا، فكيف مرت تلك القوانين وتلك الصفقات مرور الكرام آنذاك ؟ هل المجتمع السياسي المصري ناقص بَلبَلة ؟ واللا الشارع ناقص بهدلة ؟ واللا الحالة ناقصة أندلة ؟ هل هناك من يسعى إلى إسقاط مجلس الشعب ؟ هل هناك من يخطط لإطفاء النقطة المضيئة الوحيدة في حياتنا منذ الثورة حتى الآن ؟ إن كانت المؤامرة التي تُحاك ضد مصر قد وصلت إلى مداها؛ واللعب أصبح على المكشوف بعد أن دخلت مصر في مرحلة التيه؛ وأصبحت حياتنا مرهونة بما يخطط لنا أعداؤنا، وإن كنا جميعُنا نعرف أن (اللهو الخفي) يحاول هدم مصر في ذات الوقت الذي نوقن فيه أن هناك من يحميه وينفذ مخططاته لإسقاط الدولة، بإشاعة الفوضى وتركيع الشعب بانعدام الأمن وانتشار السلاح والجريمة المنظمة؛ فالواجب علينا – كمصريين – أن نقف بكل ما نملك من قوة خلف مجلس الشعب المنتخب؛ نؤيده ونشد من أزر أعضائه، حتى وإن اختلفنا مع بعضهم، فهم من اختارهم الشعب ليمثلوه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا، وندعو الله ألا نفيق يوما فنجد (اللهو الخفي) قد رفع دعوى ليثبت أن وجودنا نحن أيضا غير دستوري ! إسلمي يا مصر.