"وقل ظهر الحق وزهق الباطل " الآن لم يعد أمام المتشككين فرصة لمواصلة خداع أنفسهم حول صناع الفوضى الحقيقيين والساعين إليها والمستفيدين منها ؛ وعلى هؤلاء أن يتذكروا كيف سار قطار الإنتخابات طوال الأيام الماضية نحو الإستقرار بكل هدوء وبلا منغصات حقيقية دون أدنى تاثير للمعتصمين عند مجلس الوزراء على رحلته لا فى المرحلة الأولى ولا الثانية التى ظهرت ملامحها تدريجيا ، ليس هذا فقط بل سارت كل أحوال البلاد منذ تشكيل الحكومة فى الإتجاهات والقطاعات المختلفة بانتظام حتى إن الأمن الذى يعتبر مطلب المواطنين الأول وضعه الجنزورى على رأس المطالب سواء إتفقنا على صلاحية الجنزورى نفسه للمنصب أو اختلفنا المهم أن شيئا من الأمن بدأ يشعر به المواطن فى مناطق متفرقة من الجمهورية بعد نزول رجال الداخلية بكثافة - وهو الأمر الذى سيكون لنا معه وقفة مستقلة - إذن بطلت كل إدعاءات هؤلاء الذين ظلوا يحملون الشباب فى التحرير من قبل مسئولية عدم إستقرار البلاد واستمرار حالة الفوضى والإنفلات الأمنى ،وهو ما يطرح سؤالا بديهيا لماذا كان الإصرار على فض إعتصام التحرير الأخير والذى أفضى إلى مجازر شارع محمد محمود؟! و لماذا لم يتركوا القلة المعتصمة سواء عشرات أو مئات ليعبروا بكل سلمية عن مطالبهم بشكل مشروع ولينصرف دعاة الإستقرار إلى صنع إستقرارهم المنتظر؟! نعم لابد أن نسال الآن بعد أن تجددت الإشتباكات مرة أخرى فى شارع مجلس الوزراء لتسفر كالعادة عن إعادة إنتاج لمشهد سينمائى ركيك ودون المستوى ويفتقد إلى أدنى درجات الحبكة الدرامية وأبسط قواعد الإخراج لتشابك بين المعتصمين السلميين الذين لا يملكون إلا خيامهم وملابسهم ونقود قليلة فى جيوبهم وبين عناصر من " اللهو الخفى " الذين تم تصويرهم بوضوح وهم يقذفون المعتصمين بالحجارة ويشيرون إليهم بإشارات بذيئة وقذرة ثم يسفر الإشتباك كالعادة أيضا عن قتلى برصاص حى يقره أطباء محترمون فى مستشفيات الحكومة ليخرج علينا مجلس آلهة " الأولمب " ببيان خيالى يدل على أنهم إما ميتون إما يحكمون بلدا آخر ، وهنا تتداعى الأسئلة بشكل تلقائى إلى الذهن وأولها إذا كانت العملية الإنتخابية تسيير على خير ما يرام فمن الذى يحاول إحداث نوع من الإرباك والفوضى فى ذلك التوقيت ولمصلحة من ؟ وهل يجوز بعد أن ثبت بالدليل أن المعتصمين طالما تركتهم فى حالهم يعبرون ةعن قناعاتهم بحرية لا يمكن بأى حال أن يوقفوا قطار الإستقرار بل على العكس ؛فحينما بدأت الإنتخابات ذهب الكثيرون منهم للتصويت ثم عاد لمواصلة الإعتصام ثم أنه لم يعد فى المقابل إمكانية تصديق رواية اللهو الخفى أو "الذين هبطوا من السماء "أو الأياد الخفية التى تصنع الفتنة ثم تختفى بعد أن تطلق الخرطوش والرصاص الحى وتسقط الشهداء والمصابين فاللهو الخفى هذه المرة ظهربوضوح على أسطح مبنى مجلس الشعب واستطاعت الكثير من الكاميرات تصويره لكننا نضطر لأن نقفز معا للسؤال البديهى الثانى وهو لماذا يظل مشهد الإشتباكات مستمرا أمام الملايين طوال ساعات بينما يمتنع الجنزورى عن التعليق فيما يتطوع المشير طنطاوى بأن يامر بعلاج المصابين فى مستششفيات القوات المسلحة ولماذا دائما الإسراع بعلاج المصابين ونقلهم والإبطاء والتباطؤ فى إنهاء الأزمة وفض الإشتباك وحماية الشباب اللهم الأ أن المجلس والحكومة ينتظران ربما بعد ساعة أو ساعتين أن يتم النصر ويرحل المعتصمون و" يجى " الفرج وبعدها كل شيىء يتدبر ، وهو ما حصل بالظبط طوال أيام متواصلة ليلا ونهارا فى شارع محمد محمود حيث الغاز يتواصل إصلاقه مع الرصاص والخرطوش فى حين ظل المجلس يتفرج منتظرا اللحظة نفسها ولكنها تأخرت كثيرا وجلبت بدلا منها الويل والخزى من الملاحقات الإعلامية والإدانات المختلفة للمجلس وطريقة إدارته للإمور فلم يكن أمامه إلا أن يتدخل وفى ساعات قليلة إنتهى كل شىء حيث تم الفصل بين رجال الداخلية والمتظاهرين ونصب السلك الشائك ورصت الأحجار وعاد المعتصمون لميدان التحرير وضاع حق الشهداء والمصابين ،إذن لم يعد خافيا أن المجلس أو الداخلية إذا أرادوا تحقيق الأمن فورا حققوه إلا إذا كانوا لسبب أو لآخر يبحثون عن هدف فى استمرار الإشتباك وتواصل الفوضى التى تجلب غضب بقية الشعب بأكمله حتى يلعن الثورة واللى عملها . من مصابى موقعة مجلس الوزراء طالب فى السنة الخامسة طب وشيخ وعالم من علماء الأزهر ومئات من الشباب انضموا إلى قافلة ضحايا المجلس الذى يتشدق رجاله فى كل لحظة بدورهم الوطنى فى حماية الثورة وهم لا يشعرون أن رصيدهم الآن اصبح صفرا تزينه البيانات الكاذبة عن عدم إطلاق رصاص حى أو ضرب للمتظاهرين أو تدخل من أى نوع لرجال الأمن فى حين تكذب رسائلهم للشعب الفيديوهات واللقطات المصورة من أرض الواقع وشهادات الأطباء الذين يعاينون المصابين والقتلى ويستخرجون بأنفسهم الرصاص من أجسادهم ، أما أن ينتظر أو يطالب البعض أو حتى يصدق أن ثمة حقائقا ممكن أن تتكشف أو تحقيقا ممكن أن يتم وخاصة من أعضاء المجلس الإستشارى الذى اتخذه العسكرى ستارا يمرر من ورائه سياساته فهو واهم وكيف يحدث هذا إذا كنا لم نر أو نسمع طوال حياتنا ولا فيما عرفنا أو قرأنا فى كتب التاريخ عن قاتل يحاكم روحه .. أو مجرم يأمر بالتحقيق مع نفسه .