من رأى الدكتورة غادة كمال .. خريجة الصيدلة مع عبد الرحمن يوسف على قناة " سي بي سي " امس؟ .. رأيتها أنا وبكيت .. تخيّلتها ابنتي وحدث فيها ومعها ما حدث من أفراد القوات المسلحة ... وقبلاً ، عندما كنت أتحدث عن القوات المسلحة لابد وأن أسبقها بكلمة " رجال " .. غير أنني هذه المرة وربما المرات القادمة ، لن أقول إلا " أفراد " .. فما حدث مع غادة وغيرها من أطهر وأشرف بنات مصر ، يتنافى تماما مع الرجولة في أبسط معانيها. غادة كمال من ناشطي حركة 6 ابريل ، وكانت معتصمة طيلة الأيام الماضية أمام مجلس الوزراء ، وحين حدث ما حدث جرُوها من شعرها .. "وفين يوجعك " ب البيادة العسكرية في كل مكان بجسدها .. في الصدر والبطن وأماكن حساسة أخرى، وصفع على الوجه، وسباب من أقذر ما يمكن أن تسمعه أذن .. جاءت غادة كضيفة مع المحترم بحق عبد الرحمن يوسف وعيناها دامعة ، لكن هامتها عالية .. تبكي نعم ، لكن ليس على نفسها ، إنما على من كانت تظن أنهم رجال يحمون البلد وشرفها ، فإذا بهم يمرمطون بشرف بناتها الأرض .. ظهرت غادة وقد ضاعت ملامح وجهها الجميل وتناثرت الدماء فوق خدودها .. ورأسها ملفوفة بشاش وأربطة بعد عشر غرز من الضرب بالعصى والشوم .. نزلت دموعها دون إرادة منها حين اتصل واحد ممن اعتادوا الجلوس في البيت كالحريم .. يشرب الشاى الساخن ويشاهد فيلما عربيا " خايب زيه " وقال لها : واحدة زيك مالهاش أهل .. إيه اللي ينزّلك الشارع ويخليك تشاركي في الاعتصامات ..إتلمي واقعدي في بيتكم !! .. هذا ال " مقطف " بدلا من ان يختشي على دم أمه ويضرب نفسه بأوسخ جزمة قديمة عنده .. وهو قاعد في بيتهم ، وبنات زي الورد في الشارع من أجل كلمة ومبدأ ، وإصرار عجيب على الصمود في وقت تخلى الكثيرون عنهم جريا وراء مصالح قذرة .. لولا بنت زيّها كان زمانهم " لابدين " في جحورهم ، يخشون أمن الدولة وعصاهم المكهربة والنفخ بالخراطيم. أبكتني غادة ودمعة ساخنة تسيل فوق الخد الذي تغطي بالدماء ، وسيدة أخرى بميت راجل تتصل باكية ، تلوم بشدة مداخلة الاخ " النتن " الذي تحدث عن غادة وقال لها " إتلمي " وكأنها عاهرة ، وقالت لها : ليس لي إبنة ، لكن كم كان يشرفني أن تكون إبنتي مثلك .. واسفخس على اللي دخل واتصل ولم يقل لك : الف سلامة ليكي. والسؤال بعد هذه المقدمة الطويلة .. أين " رجالتنا " الحلوين المرشحين لرئاسة مصر؟ .. أتحدث عنهم ولا استثني أحداً منهم .. " من .. الى " ماذا فعلوا بعد الثورة إزاء كل هذه الانتهاكات البشعة من الشرطة والجيش .. ماذا فعلوا بعد أحداث البالون .. وماذا فعلوا بعد مجزرة ماسبيرو ومحمد محمود ، واخيرا شارع مجلس الوزراء ؟ .. شجب واستنكار كعهد العرب دائما مع اسرائيل " اشجب بشدة واستنكر بعنف " .. مكالمات تليفونية أمس وقبل أمس وقبله وقبله .. وبعد كل حدث يُقيم ثورة أخرى ، والبهوات يتحدثون في البرامج وهم جالسون في بيوتهم ، جنب عيالهم .. لابسين البيجامة والروب ليقيهم من برد الشتاء القارس ، غير عابئين بمن ينام في الشارع .. مش لاقي حتى بطانية تدفئه .. حمدين صباحي مثلا ، وقد تكلم أمس تحديدا في 3 قنوات .. ماذا قال : اللي حصل ده غلط والاعتصام السلمي لا يجب ان يُفض بهذه الطريقة ، ولابد من التحقيق فورا ، ولجنة تقصي حقائق لمعرفة أسباب وتداعيات الحدث ... " نوّرت المحكمة يا سيدنا .. اللي حصل غلط .. طيب ما احنا عارفين انه غلط .. والاعتصام السلمي لا يُقابل بالعنف .. شكرا .. ولابد من تقصي الحقائق.. عينينا الاتنين .. بس كده وحياتك لنعملها " .. وغير حمدين الصباحي ، وحسب ما سمعت من أيمن نور والبرادعي والعوا وعمرو موسي .. كله شجب واستنكار ... وبسسسسس .. مفيش " راجل " صرخ ، أو حتى تكلّم بعصبية الموجوع المحروق على بنات مصر والإهانات الرهيبة التي لحقت بهن ، من أول الثورة مروراً بكشف العذرية نهاية بمجلس الوزراء. واسأل : إذا كان هذا هو فقط موقف من يحلم برئاسة مصر، فعلى أى شيء وبأمارة إيه ننتخبه؟ .. أليس لكل واحد منهم مؤيدين ولجان ورجال دعاية على الأقل نصف مليون.. وكم واحد " النبي حارسهم " مترشحين للرئاسة ؟ 10- 15 أو أكتر .. لو أن كل هؤلاء جمعوا مريديهم ومؤيديهم ودعوا لمليونيات " مش مليونية واحدة " كي يتنحى المجلس العسكري ويسلم السلطة .. ألن يرضخ المجلس ويستجيب وقد استجاب قبله من هو أعتى منه وأكثر قوة وسطوة؟ .. وانت يا شيخ حازم صلاح أبو اسماعيل .. هل رأيت بعينك وجميع السلفيين اللي فلقوا دماغنا بالبكيني والخمور والسياح والعيب واللي مش عيب .. اسألك : هل رأيت أختك المنتقبة - وهى منكم - يتم سحلها في الشارع وتُضرب بقسوة بالغة ، وتُداس بالبيادات وعينها في الارض ؟ .. ألم تتحرك نخوتك يا شيخ حازم صلاح ابو اسماعيل ، يا للي نفسك تبقى رئيس جمهورية لأخذ حق هذه المرأة المسكينة وقد سقط نقابها ولامس وجهها الأرض؟ .. أم أنك أسد علينا وفي الحروب نعامة ؟ .. ألم تسمع ناشطة مع محمود سعد أمس تحكي عن منتقبة تم احتجازها في مبنى مجلس الوزراء ونُزع عنها نقابها ، وتم صفعها بالكفوف المدربة على الضرب وهى تتوسل إلى ضاربها وهاتك حرمتها أن يعطيها النقاب .. وأخرى كل ذنبها أنها كانت تتردد على المعتصمين تعطيهم ساندوتشات ، فأمسكوا بها واحتجزوها في نفس المكان ، وجاء ضابط جيش صغير السن وانهال عليها صفعا بطريقة هيستيرية ووحشية كي تعتذر له عن فعلتها النبيلة أنها كانت تُطعم هؤلاء الشباب .. والمؤسف والمبكي أنها اعتذرت مُرغمة كي تقي نفسها المزيد من الضرب والصفع وانتهاك كرامتها وإنسانيتها. وانتقل إلى قناة أخرى كي أرى مزيداً من المهازل ، فيصدمني صحفي من الأهرام " نكرة " يتحدث على النيل للأخبار بوقاحة ينطبق عليها المثل الذي يقول " كلم القحبة تلهيك .. واللي فيها تجيبه فيك " .. يصرخ بصوت عال .. مش عاجبه اللي بيحصل من الصيّع على حد قوله اللي عند مجلس الوزراء .. وحين سأله المذيع الخايب زيه : تفتكر لو قدم المجلس إعتذاراً عما حدث هل ستهدأ الأجواء .. فرد بوقاحة عاهرة: من يعتذر لمن .. الجاني أم المجني عليه .. يقصد أن القوات المسلحة هى المجني عليها .. واللي ماتوا واتسحلوا وطارت عيونهم هم الجناة. من أجل ذلك كله .. أقولها صراحة لكل افندي " مشمّع الفتلة " كي يصبح رئيسا لمصر .. اعتذروا من الآن - لو عندكم دم - عن هذا المنصب الرفيع المسؤول .. فنحن في أشد الحاجة لرجل .. وبالبلدي ل " راجل دكر" يحكم مصر .. فقد أثبتت التجربة المريرة للجميع أنكم غير جديرين بهذه المهمة.. فأريحونا من وجوهكم وارحمونا من كلامكم .. واحلموا بمكان تاني تحكموه بعيد عننا .. بعيد عن مصر.