بهدوء وبخطوات ثابتة، تمضى تونس على طريق تأسيس دولتها الديمقراطية الحديثة، وهي بهذا تبدو في مستوى آخر متقدم إلى حد بعيد عن باقي شقيقاتها في الربيع العربي. بينما لا تزال مصر تتخبط ما بين استفتاء على تعديلات على دستور فاقد للشرعية، إلى إعلان دستوري وغموض بشأن نقل السلطة من المجلس العسكري الحاكم، يبدو مسار العملية الانتقالية واضحا بالنسبة إلى أبناء تونس، حيث أقر المجلس الوطني التأسيسي أمس دستورا مؤقتا يمهد الطريق لإقامة سلطة تنفيذية شرعية في البلاد وإطلاق عمل المؤسسات، كما أعلن رئيس المجلس عن بدء قبول طلبات الترشح لرئاسة الجمهورية اليوم. أعضاء المجلس الوطنى التأسيسي ال217 ناقشوا مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلطات المكون من 26 فصلا قبل التصويت على النص بمجمله عقب 5 أيام من المناقشات التى اتسمت بالحدة في بعض الأحيان، وتم إقرار الدستور الجديد بموافقة 141 صوتا، مقابل رفض 37 صوتا، وامتناع 39 عضوا عن التصويت. ويحدد الدستور الجديد شروط وإجراءات ممارسة صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى حين إجراء الانتخابات العامة المتوقعة خلال عام، وإقرار دستور جديد نهائي لتونس في مرحلة ما بعد سقوط زين العابدين بن علي. «لحظة تاريخية، وبداية لتونسالجديدة»، هكذا وصف رئيس المجلس مصطفى بن جعفر إقرار الدستور المؤقت، في الوقت الذي تغني فيه نواب المجلس بالنشيد الوطنى وقام أعضاء حزب حركة النهضة –الأغلبية داخل المجلس- بتبادل التهاني. وأعلن بن جعفر عن بدء قبول طلبات الترشح لرئاسة الجمهورية، وتوقع أن ينتخب المجلس الرئيس المؤقت الذى سيقود تونس حتى إجراء الانتخابات العامة، بعد ظهر اليوم الاثنين. ومن المتوقع أن تؤول رئاسة تونس «مؤقتا» إلى منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (29 نائبا بالمجلس) الذى سيعين حمادى الجبالي الرجل الثاني فى حزب النهضة الإسلامي (89 نائبا) رئيسا للحكومة. ويأتي هذا السيناريو وفقا لاتفاق يضم ائتلافا بين حزب النهضة وحزبين يساريين، هما «المؤتمر من أجل الجمهورية» وحزب التكتل (20 نائبا) الذي يقوده مصطفى بن جعفر.