استقبال طلاب 9 كليات التربية النوعية للمشاركة بالملتقى السادس بجامعة بنها    محافظ المنيا يتفقد محطة رفع صرف صحى بردنوها لخدمة 30 ألف مواطن بمركز مطاى    محافظ البنك المركزى: الشمول المالى يمثل ركيزة أساسية لتحقيق نمو اقتصادى    كمين محكم في غزة.. إصابات في صفوف جيش الاحتلال ونقل المصابين بالمروحيات    صحيفة: العديد من رسومات ترامب بيعت فى مزادات رغم نفيه رسم صورة أبستين    قتيل وثلاثة مفقودين في انزلاق للتربة في كوريا الجنوبية    الاستهدافات مستمرة.. غزة تدخل مرحلة الموت جوعًا    لاعبو الأهلي يرتدون "البرنيطة" فى معسكر الفريق بتونس.. صور    ضبطته الأجهزة الأمنية.. ماذا قال السائق الذي قاد "ميكروباص" عكس الاتجاه ؟ | فيديو    كنترولات الثانوية.. مصادر: المؤشرات مطمئنة ومرتفعة عن العام الماضي    اندلاع حريق داخل مخزن فى البدرشين والأطفاء تحاول إخماده    "الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال 27 من مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة للمواطنين    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال الجيزة 2025 (الموعد والخطوات)    مسيرة إسرائيلية تقصف منطقة مطل الجبل في بلدة الخيام جنوب لبنان    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    وكيل "عربية النواب": مصر والسعودية حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    رفع نواتج تطهير الترع بقريتي الكوم الأحمر والنواورة بأسيوط    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    بعد فسخ عقده مع القادسية السعودي.. أوباميانج قريب من العودة لمارسيليا    ما جدوى مجلس الشيوخ؟    اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية لإنشاء مسار مشترك للبرامج    برنامج تدريبي لتأهيل طلاب الثانوية لاختبار قدرات التربية الموسيقية بجامعة السويس    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    عرض "طفل العسلية" على مستشفى المحلة لإعداد تقرير طبى بما فيه من إصابات    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    1072 فرصة عمل ب11 تخصصًا.. بيان من العمل بشأن وظائف الإمارات    بأطلالة متألقة وحضور جماهيري غير مسبوق .. أنغام تتصدر التريند بعد حفلها بمسرح U أرينا ضمن فعاليات مهرجان العلمين 2025    ختام أسبوع الثقافة الكوري 2025 بالمتحف القومي للحضارة المصرية    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    بينهم "إليسا والحلاني ونانسي".. نجوم الفن بحفل زفاف نجل إيلي صعب (صور)    أحدث ظهور ل ليلى أحمد زاهر.. والجمهور:"احلويتي بعد الجواز"    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الري يتابع إطلاق المرحلة الثانية من مشروع إدارة مياه دلتا النيل    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    طريقة عمل البليلة.. وجبة مغذية ولذيذة للفطار أو العشاء    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    اتحاد منتجي الدواجن: الاتفاق على توريد 2000 طن لصالح جهاز مستقبل مصر لضبط السوق وتشجيع التصدير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    ثورة يوليو 1952| نقاد الفن.. السينما.. أثرت في وعي المصريين    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر حاذق يكتب: طارق طلعت مصطفى.. خير الناس أنفعهم للناس!!
نشر في الدستور الأصلي يوم 09 - 12 - 2011

كنت أضحك كل صباح في الطريق إلى عملي حين أمر على عمارات الضباط بمنطقة رشدي على كورنيش الإسكندرية، وأشاهد لافتة مهولة بامتداد سور العمارات، مكتوبا عليها اسم طارق طلعت مصطفى وبعض شعاراته الانتخابية لمجلس الشعب القادم، وفي منتصف اللافتة هذا الحديث الشريف مكتوبا بالبنط العريض: "خير الناس أنفعهم للناس".
بالطبع هذا حديث جليل ذو مغزى رائع، خاصة في عصره حين لم يكن للمجتمع العربي الجاهلي هذا التفكير الاجتماعي الراقي، لكن المضحك أن يُكتب الحديث مقرونا باسم طارق طلعت مصطفى! كنت أقول لنفسي لو أن الرجل فاز في الانتخابات، ربما يكتب لنفسه في نهاية الدورة البرلمانية شعارا بأنه من المبشرين بالجنة بسبب جهوده وإعاناته للفقراء من أهل الدائرة. لكن الإسكندرانية الجدعان قالوا كلمتهم. كنت أضحك أيضا لأنني ظللتُ عدة أيام أرى كل صباح اللافتة الهائلة الفاخرة الطويلة جدا، وفي طريق عودتي من العمل في المغربية أجد اللافتة ممزقة. هذا يعني أن الإسكندرانية الجدعان كانوا يمزقونها في عز النهار.
هكذا ظللتُ عدة أيام أمر على اللافتة صباحا فأضحك ويسخر راكبو الميكروباص من الأمر، قائلين إنه من الأوفر لطارق أن يعيّن حراسا للافتة لأنها ستُمزق في عز النهار، بدلا من عمل لافتة كل يوم بمبلغ كبير جدا. بعد ذلك لاحظت أنه أصبح يعلق لافتتيْن هائلتين على ناحيتيْ السور الكبير للعمارات، فيرد الإسكندرانية بتمزيقهما أيضا!! تذكرت مظاهراتنا بعد قتل خالد سعيد رحمه الله. كنت أحس بفخر كبير لأنني إسكندراني. وقتها كانت ثقافة المظاهرات وتحدي الشرطة تتأسس في الإسكندرية، لأن المظاهرات السابقة عليها كانت قليلة ضئيلة في الغالب وتقمعها الشرطة بسرعة. الإسكندرانية جدعان فعلا. لذلك كنت أفكر أن هذه العلاقة الجديدة بين طارق والإسكندرانية ذات دلالة مهمة لأنها ترمز لعلاقة أشمل بين المصريين ورجال النظام السابق؛ وأيضا بين مصريين غلابة لا يعرفون الكثير عن السياسة، هدم نظام مبارك شخصياتهم ووعيهم بقيم الحياة المتحضرة، وسجنهم في سجن كبير من القهر والفقر والإذلال، بحيث يمكنهم ببساطة أن يبيعوا أصواتهم لمن يحسن إليهم، وبين مصريين شباب لم يعد أحد يقدر على خداعهم، هؤلاء يعرفون جيدا خطورة أن يكون مجلس الشعب القادم من فلول النظام السابق، حتى لو كان البديل هو حزب سياسي أختلف معه فكريا وأيديولوجيا (مثل الحرية والعدالة) لكنني أعرف أنه قادم من نطاق سياسي يختلف عن نطاق الحزب الوطني. كنت أتساءل بقلق: هل ستكون الغلبة لطارق بكل ما يرمز إليه أم للخضيري بكل ما يرمز إليه أيضا؟
لهذا السبب كنت أترقّب نتيجة الإعادة بين المستشار الفاضل الخضيري الذي أقدر نزاهته وإن اختلفتُ معه أحيانا، وبين طارق طلعت مصطفى الذي أشعر شعورا قويا أنه ينتمي للنظام الذي جهّل وأفقر وعذّب وقمع المصريين، رجال هذا النظام يدفعون ملاليم للغلابة لينالوا حصانة المجلس ويشتروا أراضي مثل أرض "مدينتي" بملاليم ويبيعوها بمليارات، ومن دقن الشعب وافتله.
هذه العلاقة الرمزية بين طارق والإسكندرانية كانت واضحة الدلالة في لعبة اللافتة: يدفع طارق مبالغ طائلة من أجل اللافتتين الهائلتين، مع مئات البانرات المكلفة التي تنتشر على أعمدة الإنارة على طريق الكورنيش، وآلاف البوسترات التي تملأ الحوائط بشكل قبيح ومشوه. وهذه ظاهرة عامة للكثير من المرشحين الذين يضعون على حائط واحد خمسين بوسترا متجاورين، مما يثير الاستغراب لأن المرشح ينبغي أن يكون المصدر الأول لرعاية وتطوير دائرته وليس توسيخها بلا داع. هذه الملايين التي يرميها طارق على الأرض تؤكد أنه لم يفكر جديا في خدمة منطقته لأن هذه الأموال كانت تكفي مثلا لتأسيس مشروعات صغيرة للأسر الفقيرة بمنطقته، بدلا من عمل لافتات بعضها بعرض يزيد عن المائة وخمسين مترا ومن البلاستيك الفاخر والألمنيوم الممتاز، بالإضافة لسماجة منظرها على كورنيش الإسكندرية الجميل. على الجهة الأخرى لا يملك المستشار الخضيري مليارات لينفق منها بعض الملايين في الدعاية الانتخابية، فهو يعتمد على رصيده في قلوب المصريين وتاريخه النضالي من أجل تحرير القضاء المصري. في يوم جولة الإعادة، سهرتُ حتى وقت متأخر ليلا حتى اطمئننت لفوز الخضيري. ولخسارة جميع الفلول في الإسكندرية.
هذه العلاقة الرمزية أيضا تمتد لبنية الخطاب السياسي نفسه، فخطاب طارق يتفق تماما مع خطاب نظام مبارك، حتى أنه لم ينتبه إلى أمر بديهي؛ وهو سوء استخدام الحديث الشريف الذي لا يصح أبدا أن يُقتبس في هذا السياق، ولا أدري حقا كيف لم ينتبه طارق ومعاونوه إلى أن هذا الحديث مرتبط في أذهان الناس بأعضاء مجالس شعب ال 99% من الحزب الوطني؟ الخطاب السياسي لنظام مبارك يفترض أن المواطنين أغبياء لا قيمة لهم. في أدبيات السياسة هناك ملامح لأي نظام، فالمسئول الحكومي في نظام مبارك يكذب على الناس دائما ولا يشعر أن لهم قيمة فهم لم يختاروه أساسا، ويقدس مصدر سلطته ويقمع كل مواطن تحت سلطته، يفكر في الاستغلال والانتفاع من عمله العام بدلا من أن يفكر في أنه خادم للشعب؛ لذلك لم يفكر أحد من الفلول في تغيير الحديث الشريف الذي استخدمه أسلافه من رجال مبارك، كما لم يفكر في إنفاق ملايينه فيما يفيد أهل دائرته، بل الأكثر من ذلك احتفل أنصار هشام سليمان المحسوب على الفلول بإطلاق الشماريخ حتى هددهم ضباط الجيش بالقبض عليهم إذا استمروا في إحداث الفوضى (بحسب اليوم السابع).
من هنا أطمئن أصدقائي المرعوبين من الإخوان بأن الإخوان (رغم أنني لم أنتخبهم) يمتلكون ميزة كبرى تجعلني أرحب جدا بدخولهم لاعبا رئيسيا في الساحة السياسية، هذه الميزة أنهم لم يجيئوا من دائرة الحزب الوطني، أي دائرة المسئولين الكذابين والمنتفعين الذين يحتقرون الشعب، لأن الإخوان جاءوا من داخل هذا الشعب أيا كان اختلافي معهم، ولهم الحق في أن يجربوا تمثيل الشعب بعد انتخابهم، رغم أنف اللواء مختار الملا الذي لا يجد أي حرج في ترديد مقولات مبارك، فيقول إن مجلس الشعب لا يمثل الشعب (!!!) لأنها أول تجربة ديمقراطية، ولذا لن يراقب ميزانية المجلس، الذي ستكون له الكلمة الأخيرة في وضع الدستور (لأن المجلس يمثل الشعب مثلا؟؟!). نفس هذا الخطاب نجده لدى اللواء ممدوح شاهين واللواء العيسوي اللذين أكدا أن الشرطة لم تطلق رصاصة واحدة في التحرير. ياربي... متى سيحكمنا رجال يحترمون عقولنا من خارج دائرة النظام السابق؟
أرجو أن تكون هذه الانتخابات أول خطوة على هذا الطريق. لذا أنتظر من المستشار الخضيري وغيره من أعضاء المجلس بالإسكندرية أن يساعدونا في تطهير بلدنا من الفساد. خذوا هذه المعلومة الصغيرة البسيطة يا أعضاء مجلس الشعب بالإسكندرية: في عملية شراء واحدة اشترت مكتبة الإسكندرية مائة قلم فاخر بسعر ألف جنيه للقلم (200 دولار تقريبا للقلم) وذلك لتقديمها كهدايا لكبار الضيوف، فاتورة الشراء بمبلغ يزيد عن 20 ألف دولار، يعني في حدود 110 آلاف جنيه والفاتورة موجودة. وهناك إهدارات أخرى بملايين الجنيهات في المكتبة، سوف أنشرها تباعا في مقالات قادمة، ليبدأ أعضاء مجلس الشعب الجدد بالإسكندرية مهمتهم التاريخية: تطهير مصر الفساد!
وارفع راسك فوق انت اسكندراني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.