رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة بشبرا    29 ديسمبر 2025.. 80 جنيها تراجعا في أسعار الذهب وعيار 21 يسجل 6020 جنيها    "الفلاحين" تكشف تفاصيل القافلة البيطرية لوزارة الزراعة وهيئة الطب البيطري بالأقصر    العمل: قرار وزاري لتنظيم قواعد قياس مستوى المهارة وترخيص مزاولة المهن والحرف    الأونروا: 235 ألف شخص تضرروا من منخفض بايرون الجوي في غزة    زيلينسكي: أمريكا تعرض ضمانات أمنية على أوكرانيا لمدة 15 عاما    لابيد ينتقد اعتراف حكومة نتنياهو بأرض الصومال: خطوة تفتقر إلى مبدأ منظم    الفلبين على موعد مع قادة السياحة الإقليميين والدوليين في منتدى الآسيان 2026    بعد حسم التأهل.. التشكيل المتوقع لمنتخب مصر لمواجهة أنجولا اليوم    جيلبرتو: أشجع منتخب مصر من كل قلبي وأتمناهم في النهائي    26 يناير.. الحكم على هدير عبدالرازق وأوتاكا في اتهامهما ببث فيديوهات خادشة    أمن القاهرة يضبط شخصا بتهمة البلطجة وإتلاف دراجة نارية بحلوان    رئيس المنطقة الأزهرية بكفر الشيخ يتابع امتحانات أولى وثانية ثانوى بمعاهد الرياض    التحقيق مع عنصر جنائي حاول غسل 200 مليون جنيه حصيلة تجارة مخدرات    حصاد الثقافة خلال 2025: افتتاح 37 موقعا جديدا وتنفيذ 165 ألف نشاط متنوع    مراد مكرم يطرح أغنية جديدة في 2026: التمثيل عشقي الأول والأخير    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    موقف أحمد سليمان من أزمة محمود بنتايج والزمالك    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    ماذا بعد انضمام أوكرانيا لتدريبات الدفاع الجماعي في الناتو؟    محافظ مطروح يهنئ الرئيس السيسى بحلول العام الميلادى الجديد    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    تايلاند وكمبوديا تتفقان على ترسيخ وقف إطلاق النار وإعادة بناء الثقة السياسية المتبادلة    مدبولي يُتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    وزير الخارجية يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة العام الميلادي الجديد    تعرف على موعد ومكان عزاء عازف العود هشام عصام    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في أفريقيا (صور)    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    عراقيل إسرائيل أمام الانتقال للمرحلة الثانية    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    ضبط 7 رجال و4 سيدات لاستغلالهم 19 طفلا في التسول بالقاهرة    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    انتشال جثتين من ضحايا حادث غرق 3 أشخاص بترعة المريوطية فى البدرشين    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    السينمات المصرية على موعد مع فيلم «الملحد» نهاية ديسمبر    مديرية الصحة فى كفر الشيخ تُصدر نشرة توعية بطرق الوقاية من الأنفلونزا    من المسرح القومي.. خالد محروس يعيد حكاية صلاح جاهين للأجيال الجديدة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد فى شارع فيصل.. صور    قضايا الدولة تنعى المستشارة سهام صبري الأنصاري    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    الصين تعلن بدء تدريبات بالذخيرة الحية حول جزيرة تايوان    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر حاذق يكتب: طارق طلعت مصطفى.. خير الناس أنفعهم للناس!!
نشر في الدستور الأصلي يوم 09 - 12 - 2011

كنت أضحك كل صباح في الطريق إلى عملي حين أمر على عمارات الضباط بمنطقة رشدي على كورنيش الإسكندرية، وأشاهد لافتة مهولة بامتداد سور العمارات، مكتوبا عليها اسم طارق طلعت مصطفى وبعض شعاراته الانتخابية لمجلس الشعب القادم، وفي منتصف اللافتة هذا الحديث الشريف مكتوبا بالبنط العريض: "خير الناس أنفعهم للناس".
بالطبع هذا حديث جليل ذو مغزى رائع، خاصة في عصره حين لم يكن للمجتمع العربي الجاهلي هذا التفكير الاجتماعي الراقي، لكن المضحك أن يُكتب الحديث مقرونا باسم طارق طلعت مصطفى! كنت أقول لنفسي لو أن الرجل فاز في الانتخابات، ربما يكتب لنفسه في نهاية الدورة البرلمانية شعارا بأنه من المبشرين بالجنة بسبب جهوده وإعاناته للفقراء من أهل الدائرة. لكن الإسكندرانية الجدعان قالوا كلمتهم. كنت أضحك أيضا لأنني ظللتُ عدة أيام أرى كل صباح اللافتة الهائلة الفاخرة الطويلة جدا، وفي طريق عودتي من العمل في المغربية أجد اللافتة ممزقة. هذا يعني أن الإسكندرانية الجدعان كانوا يمزقونها في عز النهار.
هكذا ظللتُ عدة أيام أمر على اللافتة صباحا فأضحك ويسخر راكبو الميكروباص من الأمر، قائلين إنه من الأوفر لطارق أن يعيّن حراسا للافتة لأنها ستُمزق في عز النهار، بدلا من عمل لافتة كل يوم بمبلغ كبير جدا. بعد ذلك لاحظت أنه أصبح يعلق لافتتيْن هائلتين على ناحيتيْ السور الكبير للعمارات، فيرد الإسكندرانية بتمزيقهما أيضا!! تذكرت مظاهراتنا بعد قتل خالد سعيد رحمه الله. كنت أحس بفخر كبير لأنني إسكندراني. وقتها كانت ثقافة المظاهرات وتحدي الشرطة تتأسس في الإسكندرية، لأن المظاهرات السابقة عليها كانت قليلة ضئيلة في الغالب وتقمعها الشرطة بسرعة. الإسكندرانية جدعان فعلا. لذلك كنت أفكر أن هذه العلاقة الجديدة بين طارق والإسكندرانية ذات دلالة مهمة لأنها ترمز لعلاقة أشمل بين المصريين ورجال النظام السابق؛ وأيضا بين مصريين غلابة لا يعرفون الكثير عن السياسة، هدم نظام مبارك شخصياتهم ووعيهم بقيم الحياة المتحضرة، وسجنهم في سجن كبير من القهر والفقر والإذلال، بحيث يمكنهم ببساطة أن يبيعوا أصواتهم لمن يحسن إليهم، وبين مصريين شباب لم يعد أحد يقدر على خداعهم، هؤلاء يعرفون جيدا خطورة أن يكون مجلس الشعب القادم من فلول النظام السابق، حتى لو كان البديل هو حزب سياسي أختلف معه فكريا وأيديولوجيا (مثل الحرية والعدالة) لكنني أعرف أنه قادم من نطاق سياسي يختلف عن نطاق الحزب الوطني. كنت أتساءل بقلق: هل ستكون الغلبة لطارق بكل ما يرمز إليه أم للخضيري بكل ما يرمز إليه أيضا؟
لهذا السبب كنت أترقّب نتيجة الإعادة بين المستشار الفاضل الخضيري الذي أقدر نزاهته وإن اختلفتُ معه أحيانا، وبين طارق طلعت مصطفى الذي أشعر شعورا قويا أنه ينتمي للنظام الذي جهّل وأفقر وعذّب وقمع المصريين، رجال هذا النظام يدفعون ملاليم للغلابة لينالوا حصانة المجلس ويشتروا أراضي مثل أرض "مدينتي" بملاليم ويبيعوها بمليارات، ومن دقن الشعب وافتله.
هذه العلاقة الرمزية بين طارق والإسكندرانية كانت واضحة الدلالة في لعبة اللافتة: يدفع طارق مبالغ طائلة من أجل اللافتتين الهائلتين، مع مئات البانرات المكلفة التي تنتشر على أعمدة الإنارة على طريق الكورنيش، وآلاف البوسترات التي تملأ الحوائط بشكل قبيح ومشوه. وهذه ظاهرة عامة للكثير من المرشحين الذين يضعون على حائط واحد خمسين بوسترا متجاورين، مما يثير الاستغراب لأن المرشح ينبغي أن يكون المصدر الأول لرعاية وتطوير دائرته وليس توسيخها بلا داع. هذه الملايين التي يرميها طارق على الأرض تؤكد أنه لم يفكر جديا في خدمة منطقته لأن هذه الأموال كانت تكفي مثلا لتأسيس مشروعات صغيرة للأسر الفقيرة بمنطقته، بدلا من عمل لافتات بعضها بعرض يزيد عن المائة وخمسين مترا ومن البلاستيك الفاخر والألمنيوم الممتاز، بالإضافة لسماجة منظرها على كورنيش الإسكندرية الجميل. على الجهة الأخرى لا يملك المستشار الخضيري مليارات لينفق منها بعض الملايين في الدعاية الانتخابية، فهو يعتمد على رصيده في قلوب المصريين وتاريخه النضالي من أجل تحرير القضاء المصري. في يوم جولة الإعادة، سهرتُ حتى وقت متأخر ليلا حتى اطمئننت لفوز الخضيري. ولخسارة جميع الفلول في الإسكندرية.
هذه العلاقة الرمزية أيضا تمتد لبنية الخطاب السياسي نفسه، فخطاب طارق يتفق تماما مع خطاب نظام مبارك، حتى أنه لم ينتبه إلى أمر بديهي؛ وهو سوء استخدام الحديث الشريف الذي لا يصح أبدا أن يُقتبس في هذا السياق، ولا أدري حقا كيف لم ينتبه طارق ومعاونوه إلى أن هذا الحديث مرتبط في أذهان الناس بأعضاء مجالس شعب ال 99% من الحزب الوطني؟ الخطاب السياسي لنظام مبارك يفترض أن المواطنين أغبياء لا قيمة لهم. في أدبيات السياسة هناك ملامح لأي نظام، فالمسئول الحكومي في نظام مبارك يكذب على الناس دائما ولا يشعر أن لهم قيمة فهم لم يختاروه أساسا، ويقدس مصدر سلطته ويقمع كل مواطن تحت سلطته، يفكر في الاستغلال والانتفاع من عمله العام بدلا من أن يفكر في أنه خادم للشعب؛ لذلك لم يفكر أحد من الفلول في تغيير الحديث الشريف الذي استخدمه أسلافه من رجال مبارك، كما لم يفكر في إنفاق ملايينه فيما يفيد أهل دائرته، بل الأكثر من ذلك احتفل أنصار هشام سليمان المحسوب على الفلول بإطلاق الشماريخ حتى هددهم ضباط الجيش بالقبض عليهم إذا استمروا في إحداث الفوضى (بحسب اليوم السابع).
من هنا أطمئن أصدقائي المرعوبين من الإخوان بأن الإخوان (رغم أنني لم أنتخبهم) يمتلكون ميزة كبرى تجعلني أرحب جدا بدخولهم لاعبا رئيسيا في الساحة السياسية، هذه الميزة أنهم لم يجيئوا من دائرة الحزب الوطني، أي دائرة المسئولين الكذابين والمنتفعين الذين يحتقرون الشعب، لأن الإخوان جاءوا من داخل هذا الشعب أيا كان اختلافي معهم، ولهم الحق في أن يجربوا تمثيل الشعب بعد انتخابهم، رغم أنف اللواء مختار الملا الذي لا يجد أي حرج في ترديد مقولات مبارك، فيقول إن مجلس الشعب لا يمثل الشعب (!!!) لأنها أول تجربة ديمقراطية، ولذا لن يراقب ميزانية المجلس، الذي ستكون له الكلمة الأخيرة في وضع الدستور (لأن المجلس يمثل الشعب مثلا؟؟!). نفس هذا الخطاب نجده لدى اللواء ممدوح شاهين واللواء العيسوي اللذين أكدا أن الشرطة لم تطلق رصاصة واحدة في التحرير. ياربي... متى سيحكمنا رجال يحترمون عقولنا من خارج دائرة النظام السابق؟
أرجو أن تكون هذه الانتخابات أول خطوة على هذا الطريق. لذا أنتظر من المستشار الخضيري وغيره من أعضاء المجلس بالإسكندرية أن يساعدونا في تطهير بلدنا من الفساد. خذوا هذه المعلومة الصغيرة البسيطة يا أعضاء مجلس الشعب بالإسكندرية: في عملية شراء واحدة اشترت مكتبة الإسكندرية مائة قلم فاخر بسعر ألف جنيه للقلم (200 دولار تقريبا للقلم) وذلك لتقديمها كهدايا لكبار الضيوف، فاتورة الشراء بمبلغ يزيد عن 20 ألف دولار، يعني في حدود 110 آلاف جنيه والفاتورة موجودة. وهناك إهدارات أخرى بملايين الجنيهات في المكتبة، سوف أنشرها تباعا في مقالات قادمة، ليبدأ أعضاء مجلس الشعب الجدد بالإسكندرية مهمتهم التاريخية: تطهير مصر الفساد!
وارفع راسك فوق انت اسكندراني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.